{ عنت ومشقة كبيرين حفّا عمل الوساطة التي يقودها رئيس جنوب أفريقيا السابق ثامبو أمبيكي بغية الدفع بدولتي السودان وجنوب السودان للجلوس في العاصمة الإثيوبية ومناقشة القضايا العالقة، ومحاولة إيجاد حلول عمليّة لربّما تفلح في عودة الصفاء بين الجارين. { المفاوضات في أعقاب الجولة الأخيرة مضت نحو وجهة إيجابيّة وتمّ التوقيع بالأحرف الأولى على ما عرف ب(اتفاق الحريات الأربع) والمنوط به بناء الثقة بين الطرفين، فيما تمّ الدفع بمقترح عقد قمة بين البشير وسلفاكير كان مقرّراً لها أن تلتئم بحاضرة الجنوب غداً (الثلاثاء). ردود الفعل في الخرطوم إزاء التوقيع تباينت ما بين رافض لاتفاق (إدريس – باقان) المشار إليه، وتبارى المؤيدون والمناوئون في سجال ما زال صداه حاضراً أعلى المنابر وفي مجالس الخرطوم وندواتها، بينما استغرقت الصحف في عرض وتفنيد ما تمخّضت عنه الجولة. في الأثناء - وبما يشبه (العربون) للقاء القمة الرئاسيّة – عجمت جوبا كنانتها واختارت منها أشرس قيادات وفدها المفاوض للذهاب إلى الخرطوم وتوجيه دعوة رسميّة للقمّة. هذه الزيارة اعتبرها المراقبون قد أفلحت في تغيير مسار التفاوض تلقاء مسار إيجابي، لتنتعش الآمال في عاصمتي البلدين بزوال غمامة الحرب الجاثمة فوق سمائهما منذ الانفصال. { والآذان تهيئ نفسها لتلقّف ما تجود به الوكالات مطلع أبريل حول بشريات لقاء (البشير - سلفا)، في تلك الأثناء انطلق دويّ المدافع معلناً عودة الحرب مجدداً إثر اعتداء قوات الجيش الشعبي على منطقة (هجليج) النفطيّة، الأمر الذي جعل القوات المسلّحة السّودانية تردّ بقوّة وتستعيد زمام السيطرة. { رويداً رويداً عادت من جديد الأمور لطريق التفاوض. برعاية الآلية الأفريقيّة رفيعة المستوى. انتصبت من جديد طاولة (أديس) والتأم بها خلال اليومين الماضيين شمل اللجنة الأمنية المشتركة على مستوى الخبراء. { أمس الأول (السبت) انعقدت اجتماعات غير رسميّة بلقاء وفد السودان للوسيط الأفريقي ثابو أمبيكي ولجنة الخبراء، وفي خضم الأجواء الحواريّة وصل إلى (أديس أبابا) وزير الدفاع الفريق أول عبدالرحيم محمد حسين ووزير الداخليّة المهندس إبراهيم محمود حامد ومدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق أول محمد عطا. الوفد ضمّ كذلك – حسبما أعلنه في تصريحات صحفية المتحدّث الرسمي باسم الخارجية السفير العبيد أحمد مروح - نائب رئيس هيئة الأركان الفريق محجوب شرفي ووزير الدولة بالخارجية صلاح ونسي إلى جانب وزير الدولة برئاسة الجمهورية إدريس محمد عبدالقادر ومطرف صديق. { وفد السودان أبلغ الوسيط أمبيكي بهجوم دولة الجنوب على منطقتي (هجليج) و(تلودي)، ومن المتوقع أن يكون الطرفان قد اجتمعا أمس في محادثات رسمية. { في الأثناء حثّت الأمم المتّحدة والاتحاد الأفريقي رئيسي دولتي السودان وجنوب السودان على عقد اجتماع في أقرب وقت ممكن في أعقاب الاشتباكات الأخيرة، فيما اعتبر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لحفظ السلام هيرفي لادوسوس أنّ المجتمع الدولي "فقد صبره" حيال التصلّب الذي يسود مواقف دولتي شمال وجنوب السودان في المفاوضات - بحسب قوله - وأضاف قائلاً: (المجتمع الدولي الذي وقف لجانبهما لوقت طويل لن يظل صامتا لاعتبار أن مستقبل البلدين والمنطقة أصبح على المحك). وشدّد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لحفظ السلام على انعقاد قمّة الرئيسين، معرباً عن قلقه إزاء انعدام الثقة بين الخرطوموجوبا، وقال: (نأمل أنّ لا تؤدي الظروف السيئة إلى فشل انعقاد القمة المقترحة). وفي ذات الاتجاه دعا مبعوث بريطانيا إلى السودان (ميشيل ريدر) لكسر جمود المحادثات بأسرع ما يمكن لاعتبار أنّ الدّولتين تعانيان من حالة اقتصادية صعبة، بينما قال رئيس مفوضيّة السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي رمضان العمامرة: ثمة دعوة عامّة وتأييد لعقد القمّة في أقرب وقت ممكن، (إن لم يكن في موعدها المقرر)..!! وأضاف في اجتماع حضره مسؤولون في الأممالمتحدة ونائبا وزيري الخارجية في البلدين: (الكلّ يقرّ بالأهمية الحاسمة للقاء الرئيسين في الظروف الراهنة). { عطفاً على عاليه فإنّ الآمال ما زالت تحدو الكثيرين بانعقاد القمّة الرئاسيّة التي عصفت بها تداعيات الأحداث، ويظلّ التعويل عليها كبيراً لكسر جمود المحادثات والعبور بالقضايا العالقة بين الدولتين إلى بر الأمان في أوساط المراقبين والمهتمين وأطراف الوساطة وبقيّة أركان المجتمع الدولي لحلحلة تشابكات الأزمة في مساراتها البائنة، لا ينقص من مخرجاتها المأمولة مقترح انعقادها في مكان آخر - بخلاف جوبا - حسبما نضت به بعض التكهّنات خلال اليومين الماضيين