* سعدنا للأنباء التي تواترت وأشارت إلى البدء في محاسبة بعض المسؤولين عن فضيحة الفشل في افتتاح مصنع سكر النيل الأبيض. * تواترت الأنباء لتفيد أن إدارة المشروع بادرت بإقالة مدير المصنع ومدير الكهرباء، عقب اكتشافها عدة أخطاء مؤثرة في التجهيزات الداخلية للمصنع. * ونتوقع أن تستمر حملة تطاير الرؤوس المتهمة بالفشل والتقصير مع بدء إجراءات لجنة التحقيق التي أمر السيد رئيس الجمهورية بتكوينها في أعقاب رفضه استقالة الوزير عبد الوهاب محمد عثمان. * وخلال الأيام الماضية تواترت أنباء تشير إلى أن المواطنين المتأثرين بإنشاء المصنع والمشروع قدموا مذكرة عاجلة لسعادة العقيد عبد الرحمن الصادق المهدي مساعد رئيس الجمهورية، حوت أحد عشر مطلباً من أبرزها تحديد موعد زمني لتسلم بقية المساحة المخصصة لمشاريع محاربة الفقر، وتسوية ملف أراضي المِلك الحُر، وتشكيل آلية للمتابعة والتنفيذ يتم تكوينها من أبناء المنطقة، وحسم الملف الجنائي المتعلق (بالضحايا الأربعة والمصابين) إضافةً إلى مطالب أخرى، ويقال إن المواطنين لوحوا بالتظاهر لإعاقة افتتاح المصنع ما لم تجد مطالبهم الاستجابة. * والأمر – كما هو واضح من متن خبر الإقالة- يتعلق بأخطاء في التركيب (ولن نقول التصنيع)، إذ لا علاقة لبرنامج التشغيل (الكمبيوتري) بتوصيلات الكهرباء وبقية التفاصيل التقنية التي أدت إلى الإطاحة برأسي مدير المصنع ومدير الكهرياء. * كما أن خبر إقالة مدير المصنع والمهندس المسؤول عن الكهرباء يشير بوضوح إلى أن تأجيل الافتتاح لم يحدث بسبب غياب (السوفت وير) فحسب، كما زعم الوزير في الاستقالة التي رفضتها الرئاسة. * وإذا انعطفنا نحو ما ذكر عن تلويح أهالي المنطقة بالتظاهر في ليلة الافتتاح سيسهل علينا حينها إدراك حقيقة أن الأمر لا يتعلق بالإهمال والفشل في فك شفرة برمجة التشغيل وحدها، بل يمتد إلى تفاصيل أخرى، حُجبت عن الناس لحاجةٍ في نفس يعقوب. * ونحن لا ندي إلى متى يواصل بعض أولي الأمر العمل بمنهج (التعتيم) في زمن العولمة الذي سادت فيه الشفافية، وسهُل فيه على الناس الحصول على أية معلومة بكبسة زر؟ * ما الذي منع وزارة الصناعة وإدارة المشروع من مكاشفة الرأي العام بالأسباب الحقيقية للفشل بدلاً من التستر خلف أعذارٍ واهية لا يقبلها عقل ولا يسندها منطق؟ * تُرى هل حدث ذلك سعياً إلى تخفيف ردة فعل الإعلام والرأي العام إزاء الفضيحة المجلجلة؟ * نسأل وفي البال حقيقة مهمة مفادها أن استخدام فقه (التخفيف) لم يجد فتيلاً عندما بادرت الشرطة بإصدار بيان متسرع حوى معلومات غير حقيقية حول ملابسات وفاة قتيلة الديم (المرحومة عوضية)، أغفلت فيه ذكر حقيقة ما دار في تلك الليلة السوداء، وزعمت أن المرحومة تُوفيت برصاصة انطلقت سهواً، الشيء الذي أدى إلى اضطرار السيد والي الخرطوم للاعتذار لذوي الفقيدة لاحقاً، بعد أن اطلع الناس على حقيقة ما حدث في فضاء الإنترنت الرحيب، وتمت إحالة المتهمين في الواقعة إلى المحاكمة. * من حق الشعب أن يعرف جملة الأسباب التي أدت إلى تعطيل العمل في مشروع تنموي مهم بلغت كلفة إنشائه أكثر من مليار دولار، وتحول بين عشيةٍ وضحاها إلى مادة سخرية وتندر في كل المجالس، وأدخل الدولة في حرجٍ بالغ مع الجهة الممولة (البنك الإسلامي للتنمية في جدة)، ووفود 56 دولة كان من المفروض أن تشهد احتفالية افتتاح مصنع سكر النيل الأبيض المتجمد الشمالي! * إن الاجتهاد لرمي كل تبعات الإخفاق الكبير في سلة (العقوبات الاقتصادية الأمريكية) يحوي استخفافاً غير مقبول بعقول الناس، وسعياً غير منطقي للتستر على المسببات الحقيقية للفضيحة التي يفترض أن تعالج تداعياتها تحت وهج الشمس، وعلى الملأ، أو تحت قبة البرلمان على أقل تقدير كي نضمن عدم تكرار فصولها مستقبلاً. * قاطعت أمريكا السودان وأوقعت عليه جملة عقوبات اقتصادية تنفيذاً لما يسمى (قانون الطوارئ الوطني المفروض على السودان) قبل خمسة عشر عاماً من الآن، وبالتحديد في العام 1997، ولم يكتشف المسؤولون عن إنشاء مصنع سكر النيل الأبيض حقيقة تلك المقاطعة إلا قبل 48 ساعة فقط من التوقيت المحدد للافتتاح، فزعموا أنها تسببت في تعطيل افتتاح المصنع! * فتأمل!