السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عضو القيادة القومية؛ أمين سر قطر السودان بحزب البعث العربي الاشتراكي علي الريح السنهوري ل(الأهرام اليوم) (2)

جوانب شخصيّة وأخرى تنظيمية مثّلت أبرز محطّات هذا الحوار. عن مستقبل البعث في ظل التحولات التي أفرزتها ثورات الربيع العربي كانت لنا وقفات. رؤيته لصعود التيارات الإسلامية للسلطة في المنطقة العربية، وموقف حزبه من القضايا السودانية القومية والثورات في المنطقة كانت حاضرة في حوارنا معه، كما سألناه عن علاقة البعث بالجيش السوداني، والانقلابات وفشله في دخول البرلمان، اتّهام البعث بالضلوع في انفصال الجنوب وتطابق مواقفه مع مواقف النظام وغيرها من الأسئلة كانت حاضرة في حوارنا معه. الرجل معروف بشخصيته القومية وأشواقه لوحدة الأمّة العربية، وكذا رفضه للتدخلات الأجنبية والوصاية الدولية. عضو القيادة القومية وأمين سر قطر السودان بحزب البعث العربي الاشتراكي؛ علي الريح السنهوري استمع لجميع أسئلة (الأهرام اليوم) ورَد عليها بكل وضوح وشفافية وكانت حصيلة ردوده هذا الحوار.
* العلاقة بين البعث والاتحادي الديمقراطي.. تحديداً نتساءل حول علاقة صدام حسين مع الاتحاديين؟
- علاقة الشهيد صدام حسين بالاتحاديين علاقة قديمة. في الستينيات توجّه عدد من البعثيين إلى مركزي الحزب الاتحادي (الوطني الاتحادي وحزب الشعب) بهدف تقريب الشقّة بينهما وإعادة لحمة الوحدة لهذا الحزب، وقد نجحوا في دفع الحزبين إلى التوحّد. وفي عهد نميري بعد خروج الصادق المهدي على الجبهة الوطنيّة وانفراط عقدها اتّجه الشريف حسين الهندي إلى التّحالف مع البعث، وقتها كان موجوداً خارج القطر ولذلك أقام علاقات مع الرفيق المرحوم بدر الدين مدثر في بغداد وعبره أقام علاقات مع العراق. وبعد وفاة الشريف حسين تشكّل تجمّع الشّعب السّوداني؛ وكان يضم البعث العربي الاشتراكي والاتحادي والأمّة جناح الهادي وحزب سانو، بقيادة صمويل أرو، وتضامن غرب السودان. الاتّحاديّون يومها كانوا أقساماً متعددة؛ قسم يقوده الأستاذ علي محمود حسنين - كان أكثر فعالية في علاقته بالبعث - وتجمّع الشّعب السوداني، وقسم يقوده المرحوم الحاج مضوّي وآخر بقيادة المرحوم أحمد عثمان عبد النّبي المرتبط بالسيد محمّد عثمان الميرغني، وقسم يقوده المرحوم مبارك الفاضل شدّاد، والأخير كان يسعى مع البعثيين لتوحيد فئات الاتحاديين في حزب واحد. ومن ثم التقينا مرّة أخرى في التجمع الوطني في فترة ما بعد الانتفاضة ثمّ افترقنا بعد أن صار الحزب الاتّحادي في الحكم ثمّ التقينا مرّة أخرى في بدايات عَهد الإنقاذ في التجمّع الوطني قبل أن نفترق بخروج قيادة التجمّع إلى الخارج. هذه باختصار هي العلاقة بيننا والاتحاديين.
* هل هناك دعم كان يقدّمه حزبكم للاتحادي الديمقراطي؟
- أهم أنواع الدعم تمثّلت في الدّعم السياسي والمعنوي لأنّنا كنّا في حلف قوي إبّان فترة نميري الأخيرة، ولعب تجمّع الشعب السوداني بكل أجنحته النقابيّة والشعبيّة والعسكريّة دوراً أساسيّاً في إسقاط مايو، وفي انحياز القوّات المسلّحة للانتفاضة في أبريل. يومها شكّل الأستاذ علي محمود حسنين العنصر الأكثر فاعليّة في هذا التحالف.
* في سياق الحديث عن الدّعم ثمّة ما مفاده أنّ صدّام حسين قدّم عدداً من العربات كهدايا.. كيف تعلّق على هذا الحديث؟
- لا.. لا توجد عربات قدّمت. حتّى لو كانت موجودة لظهرت، هذه مسألة من الصّعب إخفاؤها. ولكن عند زيارة محمد عثمان الميرغني إلى العراق إبّان احتلال الحركة بدعم إثيوبي لمدينة «الكرمك» كان العراق المشغول بحرب وصدّ العدوان الإيراني مهموماً أيضاً بوحدة السّودان، وقرّر دعمه عسكرياً، وقد طُرِح الأمر للأستاذ المرحوم بدر الدّين مدّثر الذي كان حينها موجوداً في بغداد، لكنّ الأخير آثر أن يتم الدّعم عبر السّيد محمد عثمان الميرغني الذي كان يخطّط لزيارة مُرتَقبة بعد عدة أيّام للعراق، وجاء الدّعم عن طريقه وأدّى إلى تحرير «الكرمك».
{ ...
- الدّعم كان للسودان ولشعب السّودان، ولم يكُن لشّخص بعينه، حزب البعث لم يكن مشاركاً في السّلطة وآثر أن يأتي الدعم عن طريق محمّد عثمان الميرغني كشريك في السلطة السياسيّة في البلد.
* حسناً؛ بَعض أعضاء التجمّع الوطني الدّيمقراطي اعترفوا بأنّ صدّام قدّم لهم دعماً عسكريّاً؟
- في فترة مُعارضَة الإنقاذ العراق لم يقدّم دعماً للمعارضة، وأؤكّد لك أنّ العراق لم يدعم أيّة معارضة لأيّ قطر بالسلاح. الدّعم الوحيد الذي كان هو للفصائل الفلسطينيّة من مال وسلاح. نحن لم نكن حتّى جزءاً من التّجمّع الوطني الديمقراطي المعارض عندما كان يقيم في القاهرة وأسمرا، ولم نَكن مع العمليّات العسكريّة التي كانت تُدار من إريتريا. كنّا نعلم أنّ الدّعم الأساسي لهذه العمليات دعم أمريكي ومعلن من قبل الكونغرس الأمريكي بهدف الضغط على النّظام في السودان، لتحقيق أهداف ضارّة بالسودان كبلد وليس بالنظام السياسي، لذلك حزب البعث كان ضدّ المعارضة من الخارج، وضدّ العمليّات المسلّحة من الخارج والتي بالضّرورة يتطلّب نشاطها دعماً بالسلاح والمؤن وبالذخيرة والمال وقوى الدعم لا بدّ أن تؤثّر على قرارك السياسي. نحن اعتبرنا هذه المسألة تقود إلى التبعيّة ورهن القرار السياسي لإرادة خارجيّة ليست بالضرورة منسجمة مع مصالح هذا البلد، بل تعبّر عن مصالح القوى الداعمة وعلى رأسها الولايات المتّحدة الأمريكيّة. وإذا كان هذا موقف حزب البعث فلا يمكن للعراق أن يقدّم دعماً عسكرياً للمعارضة بالخارج.
* ما هو مستقبل حزب البعث في ظلّ التحوّلات التي أفرزتها ثورات الربيع العربي؟
- حزب البعث يعتبر ما يحدث الآن من انتفاضات في الوطن العربي نتيجة طبيعية لما بشّر به حزبنا منذ سبعة عقود بأنّ شباب هذه الأمّة سوف يلعبون دوراً تاريخياً مهماً في الانقلاب على هذا الواقع، والانتفاضات أثبتت أنّ هذه الأمة أمّة واحدة، وأنّها تتفاعل وتتجاوب مع بعضها البعض، من أقصى الخليج إلى أقصى المحيط، وهذه حقيقة يؤكّدها حزب البعث على الدوام بأنّ هذه الأمّة يربطها وجدان ومصير ومستقبل ومصالح واحدة، ولكن الأنظمة المتحكّمة هي التي تُقعِد بها عن تحقيق مشروعها الحضاري النهضوي. الانتفاضة الشعبيّة هي بالتأكيد عفويّة؛ لا يقودها حزب بعينه، بل بالعكس - كما حدث في السودان في أكتوبر وأبريل - لكنّها بالضرورة لا بدّ أن تُفضي إلى إسقاط الدّيكتاتوريّة وبناء نظام تعدّدي، وفي ظل التعددية ليس بالضرورة أن تظهر القوى الحيّة التي أسقطت النّظام القديم وأن تتحوّل هذه القوى الحيّة إلى بديل للنظام القديم. نحن الآن في السودان نُناضل ضد نظام الإنقاذ ولكن القوى الحيّة التي ناضلت في أكتوبر وأبريل والتي تُناضل ليس بالضرورة أن تكون بديلاً للنظام القائم. البديل الذي يأتي عن طريق صناديق الانتخابات يأتي كانعكاس لواقع التّخلّف من ناحية وكانعكاس لقوى التّخلّف في المنطقة التي تسند هذه القوى في السودان، وأيضاً للقوى الخارجيّة والأجنبيّة التي تسعى لتعزيز قوى التخلّف منعاً من تحقيق هذه الانتفاضات لتغيير جذري في البنية القائمة. وتحرّر هذه الأمة مواجه بعقبات كثيرة، ولذلك التّحرّر لم يتم بضربة معلّم، والانتفاضة الشّعبية العربيّة هي خطوة مهمّة جداً في الطّريق، وهي التي جعلت الشعب العربي يقف في الشارع لعام كامل في اليمن ويطالب بتحقيق الديمقراطية الحقيقيّة وتحديث الدولة وآلياتها وأساليبها، وهذا الشعب لن يعود ثانية إلى ثكناته ويترك الأمور كما كانت تجري في السّابق بواسطة أفراد يتحكّمون في مصائر البلد. هذا الشعب انعتق من الوصاية والتسلّط، والطّريق أصبح مفتوحاً أمام حركة التقدّم، وهذا الطريق يحتاج إلى صبر وأنّ تعمل القوى الطليعيّة لتنظيم هذه الجماهير التي انتفضت عفوياً حتّى تصل إلى أهدافها البعيدة. كثيرٌ من النّاس الآن في الوطن العربي يشعرون بالإحباط لعدم تحقيق أهدافهم ولاعتبار أنّ هناك قوى أخرى جاءت وتربّعت في السلطة، سواءً عن طريق تسوية أو عن طريق الانتفاضة، وهذا شيء طبيعي، ولكن هذا الأمر يحتاج لمواصلة قوى الثورة لنشاطها وتنظيمها حتى تستطيع أن تنتزع السّلطة وتؤثّر في القرار السياسي لمصلحة حركة النهضة والتقدّم في الوطن العربي.
* ما هي آفاق الفكر القومي العربي في ظلّ الصّعود الكاسح للتيّارات الإسلاميّة في المنطقة العربيّة؟
- هذا صعود مؤقّت وهو انعكاس للواقع القائم الآن؛ واقع التّخلّف الموروث من الأنظمة الديكتاتوريّة التي أشاعت الفتن والطائفيّة والجهويّة والقبليّة وفتّت المجتمعات ومزّقت نسيجها، ولم تكن هناك حركات قادرة على النّشاط والعمل إلا الحركات المُتصالِحة مع هذا الواقع والتي تعمل في المساجد أو في البُيوت، وترفع شعاراً عاماً هو الإسلام دون أن تستخلص من هذا الإسلام برنامجاً محدّداً، وأكثريّة الأمّة العربيّة وأكثريّة السّودانيين هُم مُسلِمون بالفطرة وبالوراثة وبالهويّة، وهؤلاء يستغِلّون الواقع القائم وهذه ليست حركات تغيير للواقع وليست حركات انقلاب على واقع متخلّف لا ينفع معه الترقيع ولا الإصلاح، بل واقع يحتاج إلى تغيير وهذه الحركات ليست حركات تغيير، لذلك من الطبيعي بعد الانتفاضة أن تحكمنا ذات القوى التي يفرزها الواقع المتخلّف. وحتى في السودان اليوم إذا انتصرت الانتفاضة على نظام الإنقاذ لا نتوقّع أن يأتي بديل حقيقي لنظام الإنقاذ، بل ستأتي نفس القوى التقليديّة التي يفرزها واقع التخلّف والتبعيّة وهذه القوى هي التي تصل عن طريق صناديق الانتخاب للسلطة. نحن مهمتنا في الوطن العربي عموماً أننا نحافظ على حيوية الشباب وقوى الانتفاضة والثورة ونوفر لها الأطر التنظيمية والسياسية التي تدفعها في اتجاه إنجاز تغيير حقيقي في هذه المجتمعات، والآن الحركات الإسلامية التي صعدت - ونموذجها مصر - هي قبل أن تتمكّن تماماً من السلطة بدأت تواجه معارضة واسعة جداً من الجماهير، وهذه الحركات الإسلامية جميعها اعتمدت نظرية التمكين وتحوّلت لقوى رأسمالية لديها مصلحة مع فئات موروثة من الأنظمة السابقة وهي بالضرورة متناقضة مع مصالح الجماهير الكادحة في البلد، وهي عملية صراع سيستمر.
* في الفكر القومي؛ ما هو الفرق بين دعوة جمال عبد الناصر للوحدة العربية ودعوة البعثيين وهل هناك انقسام بين القوميين العرب؟
- القوميّون العرب تيّار واسع ويتضمّن في داخله اتّجاهات أهمّها «البعثيّون والناصريّون» ودار حوار عميق منذ ثلاث سنوات بين البعثيين والناصريين لأجل بناء جبهة شعبية قومية تضم كل القومية في الوطن العربي، وكان يقود هذا الحوار الأستاذ عبد الله الحوراني من قطاع غزة والحوار لا يزال جارياً بين التيارين الرئيسيين في الوطن العربي؛ (البعثيين والناصريين) ونأمل أن يفضي إلى قيام جبهة قومية عريضة تضم كل القوى القومية الوطنية ذات الأفق القومي في الوطن العربي لمواجهة التحديات والمخاطر المحدقة به.
* ما هو موقف حزبكم من القضايا القوميّة والوطنيّة الرّاهنة التي يمُر بها السودان حاليّاً؟
- القضايا الوطنية كثيرة لكن مركز هذه القضايا هو وجود نظام لحزب واحد متفرّد بالسّلطة يرفض إجراء تحوّل ديمقراطي حقيقي، أدّت سياساته إلى التفريط في وحدة البلاد وتجزئتها وإلى إثارة نزعات قبليّة وجهويّة وعنصريّة وإلى إفقار أوْسع جماهير الشّعب وإلى تراجع مستوى الخدمات الصحيّة والتعليميّة في البلاد، وأدّت إلى الخراب الاجتماعي والتّدهوُر الاقتصادي. هذا النظام لم يعد قادراً على إدارة دفّة الحُكم في البلاد وأعتقد هو نظام منهار، وتفشّت الخلافات داخله، والصّراعات بين أركانه، ولم يعُد قادراً حتّى على انتهاج سياسة واحدة تجاه أيّة قضيّة من القضايا، وفي كلّ القضايا نجد أنّ هناك سياسات متعددة، ووصل الأمر ببعض أطرافه حتّى للمطالبة بالتطبيع مع الكيان الصّهيوني رغم ادّعاءاتهم أنّهم يحملون لواء الإسلام والجهاد وغيره..!! هذا هو واقع النظام القائم تواجهه معارضة يجمع بينها ما دون الحدّ الأدنى، معارضة العلاقات بين أطرافها لا تزال علاقات ضعيفة متوحّدة في منبر قوى الإجماع الوطني يمارس دوره في التعبئة السياسية ولكن بحكم طبيعة القوى المشكلة لهذا المنبر لم يتحول إلى جبهة أو إلى تحالف حقيقي، وهناك حركات أخرى خارج إطار التجمع الوطني انتهجت أسلوب الكفاح المسلح وهو أسلوب مؤذٍ للبلد ووحدته ومن شأنه أن يشوّه علائق الإخاء الوطني بين أبناء القطر الواحد، مع وجود شعب واعٍ صابر متحفّز للنضال ومستعد للتضحية في سبيل تحقيق أهدافه. المتوقّع أن هذا الشعب يقود انتفاضة عفوية تسقط هذا النظام كما حدث في أبريل وأكتوبر وكما يحدث في الوطن العربي، ولكن هذه الانتفاضة ستفرز قوى جديدة في المجتمع السوداني هي ليست الأحزاب القائمة الآن. هذه القوى ستتطور من خلال الصراع السياسي والاجتماعي إلى أن تستطيع أن تحقق ما هو أعلى من إسقاط النظام الذي ليس هو الحل في حدّ ذاته. الطريق لبناء ديمقراطية تتناسب مع أوضاع السودان وبناء حركة لتطور البلد وإخراجها من أزمتها لا زال طريقاً طويلاً وعلى الشباب أن يتعاملوا معه بنفس طويل والمسألة ليست مسألة ضربة واحدة ويسقط النظام وتحلّ المشاكل جميعها. المشاكل ستظلّ موجودة ولكنّ حلّها يحتاج إلى جُهدٍ كبير. ما يهمّنا نحن في هذه المرحلة ومرحلة ما بعد إسقاط النظام هو تعميق علائق الوحدة الوطنية.
* لكنّ أحزاب المُعارضة نفسها غير متّفقة على وسائل وأهداف إسقاط النظام ومنقسمة على نفسها، وهناك من يدعو إلى إسقاط النظام بالطرق السلميّة وهناك من يحمل السلاح.. في ظلّ هذه المعادلة كيف يتمّ التغيير؟
- حمل السلاح ليس طريقاً لإسقاط النظام، والذين يحملون السلاح الآن جميعهم دخلوا في حوار مع النظام ولم يختلفوا حول طبيعة النظام، بل اختلافهم كان حول مواقعهم وحصّتهم في السلطة، جرياً وراء شعارات تقسيم السّلطة والثروة..!! وهذه الشعارات شعارات مضللة. كأنّما القضية هي أنّ هناك ظلماً يحيق بنخب المجتمع السوداني في مختلف مناطقه وعلينا أن نرضي هذه النخب؛ من يرضيها النظام تتفق معه ومن لا يرضيها تحمل السلاح ضدّه..!! بينما الشعب السوداني من أقصى شرقه إلى أقصى غربه يعاني الأمرين في ظل هذا النظام والقضية بالنسبة له ليست قضية تقاسم سلطة وثروة بل هي قضية تغيير كامل في النهج الاقتصادي وقضية عدالة اجتماعية وتنمية متوازنة وقضية تعددية ثقافية في إطار الثقافة العامة، ولديه قضايا متعددة يناضل من أجلها، والملاحظ أن النخب تناضل من أجل قضايا تعبر عن مصالحها وليس عن مصالح جماهير الشعب، ونحن نؤمن بالنضال السلمي الديمقراطي وليس بحمل السلاح ونعتقد ونثق في شعبنا ونؤمن بأن شعبنا قادر على أن يمسك بزمام أموره وقادر على أن يتخلص من الديكتاتورية والتسلط والوصاية وقادر على أن يشق طريقه نحو المستقبل ولن يرتهن لأي قوى سياسية من القوى التقليدية أو قوى التخلف وسيتجاوز كل هذه القوى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.