عطفاً على خطاب وزارة التجارة بتاريخ 15 أبريل 2012، والخاص بإلغاء حظر تصدير إناث الحيوانات، أصدر بنك السودان أمس (الأربعاء) منشوراً سمح للمصارف بموجبه بالدخول في الترتيبات المصرفية المتعلقة بصادر الثروة الحيوانية، (الإبل، الضأن، الماعز، الأبقار)، إناثاً كانت أم ذكوراً، على أن يسري العمل بالمنشور الذي تحصلت (الأهرام اليوم) على المنشور أثار ردود فعل واسعة، ففي وقت اعتبره البعض يمثل أكبر مهدّد لمستقبل الثروة الحيوانية، علمت (الأهرام اليوم) أنّ القرار أثار خلافاً حاداً بين وزير الثروة الحيوانية د. فيصل إبراهيم الرافض لتطبيق القرار - كونه يشكّل مهدّداً خطيراً للثروة الحيوانية - ووزير التجارة عثمان عمر الشريف القادم لكرسي الوزارة منذ فترة وجيزة في التشكيل الأخير. القرار أثار أيضاً ردود فعل غاضبة في قطاع المصدرين وخبراء الاقتصاد والعاملين في حقل الثروة الحيوانية من رعاة ومنتجين، بوصفه يشكل كارثة خطيرة تهدد الاقتصاد القومي لأنه يقلص حجم الصادر، ويفقد البلاد مورداً هاماً من حصيلة النقد الأجنبي. بالنسبة للأمين العام لشعبة مصدري الماشية صديق حيدوب فإن القرار يمثل كارثة للثروة الحيوانية، ويفقد البلاد مزيداً من موارد النقد الأجنبي. حيدوب بدأ حديثه مع (الأهرام اليوم) مسترجعاً ما حدث في السابق عام 2008، حينما كان يتولى أبو كلابيش مقاليد الثروة الحيوانية، وصدر قرار من مجلس الوزارء يومها. الحديث عن صادر الأنعام - بحسب حيدوب - كان المقصود به الإبل، وبرر الوزير وقتها الأضرار الناجمة من تكاثر إناث الإبل غير المنتجة والتي تهدد المرعى وتأثير ذلك على الاقتصاد، وتمت مناقشة الآثار السالبة والإيجابية ومن ثم صدر قرار بالسماح بتصدير إناث الإبل وبنسبة مئوية محددة.. مضيفاً بالقول: فوجئنا حينما صدر القرار الرئاسي أنه كان يشمل صادر الثروة الحيوانية بمختلف أنواعها (ضأن وماعز وإبل وأبقار)، وحتى بعد صدور القرار كانت هناك حالات تقديرية واستثناءات من الوزير ووكيل الثروة الحيوانية، تحسباً للمخاطر التي يمكن أن تنجم، وكانت النسبة المسموح بها في حدود ضيقة جداً. أمين شعبة مصدري الماشية مضى بالقول: إن هناك (جوكية) ودخلاء على صادرات الماشية دخلوا الأسواق وضغطوا على بعض الجهات المعنية لإصدار تراخيص لإناث الإبل، وتم دفع المبالغ مقدماً وهذه هي الشماعة التي يتلاعب بها هؤلاء، لأن تصدير النعاج أسعاره مغرية تفوق ال2 ألف ريال سعودي، ويدعي هؤلاء الدخلاء أنهم منتجون وأنهم يمتلكون كميات كبيرة من الإناث، مضيفاً أن تراخيص إناث الإبل المصدقة من وزارة التجارة كانت تباع علناً من أناس غير مصدرين، ويشير أن القرار الصادر من مجلس الوزراء كان يتضمن الأنعام أي الإبل فقط، ولكن هناك من استغله بصورة خاطئه. حيدوب يرى أن صادرات الماشية يمكن أن تحقق موارد نقد أجنبي تفوق مليار دولار، ولكن الجوكية والمتلاعبين بموارد النقد الأجنبي يتاجرون بها في السوق الأسود ولا يقومون بتوريدها للخزينة العامة. أما عضو اللجنة الزراعية والثروة الحيوانية بالبرلمان ونائب رئيس شعبة مصدري الماشية دكتور حبيب مختوم، فقد رفض الحديث مشيراً لاجتماع ستعقده اللجنة يوم الأحد القادم لدراسة وتقييم الأمر مع اللجنة، بعد أن تسلمت القرار الصادر في هذا الشأن. من جهتها تقول دوائر وزارة التجارة إن قرار تصدير إناث الإبل مستمر منذ فترة طويلة وليس بجديد، وحسب مدير إدارة الصادر معتصم مكاوي فإن وزارة التجارة تنفذ تصاديق الصادر الواردة من وزارة الثروة الحيوانية، باعتبارها الجهة المعنية بمنح التصاديق، مشيراً أن وزارته رفعت مذكرة لمجلس الوزراء لإعادة النظر في القرار. أما الخبير المصرفي د. محمد سر الختم فقد اعتبر القرار يمثل تهديداً لمستقبل الثروة الحيوانية، لأنه يفقدها الميزة النسبية مثلما هو الحال مع تصدير الضان الحمري، فماذا سنصدر لأسواق الخليج بعد خروج السلالات المميزة؟ مسمياً الأمر بالكارثة على الاقتصاد القومي، ويرى أن الصادرات السودانية تحتاج لمراجعة شاملة لتفعيل دورها في الاقتصاد، قبل أن يضيف: القرارات التي تصدر هي في مصلحة أشخاص معينين محتكرين للصادر. سر الختم اعتبر أن صادرات الماشية تعد في طليعة مكونات موارد البلاد من النقد الأجنبي، ولكن الدخلاء والمتلاعبين في سوق الماشية أضروا بالصادر الذي كان منوطاً به أن يدعم الخزانة ويرفد الاقتصاد القومي بالعملة الصعبة، ويسهم في الدورة الاقتصادية التي عانت شيئاً من التكلس في أعقاب الانفصال.