عند اندلاع الثورة السورية في مارس 2011م ضد حكم الرئيس بشار الأسد كان الاعتقاد السائد داخل إسرائيل وخارجها هو أن سقوطه لن يكون في مصلحة إسرائيل، فالنظام السوري منذ حرب أكتوبر 1973م لم يصوب طلقة واحدة ناحية مرتفعات الجولان التي احتلتها إسرائيل في حرب يونيو 1967م ولا تزال خاضعة للاحتلال الإسرائيلي وكانت الجبهة السورية الإسرائيلية توصف بأنها الأهدأ. وظلت سوريا تعيش في ظل حكم الرئيس حافظ الأسد وابنه بشار منذ نوفمبر 1970م وكان الأسد الأب وصل إلى السلطة بانقلاب عسكري ذلك العام مطيحاً بأحد أجنحة حزب البعث العربي الاشتراكي وكان يتصدر ذلك الجناح الدكاترة الثلاثة نور الدين الأتاسي في رئاسة الجمهورية ويوسف زعين في رئاسة مجلس الوزراء وإبراهيم ماخوس في وزارة الخارجية، ومن وراء الستار كان هناك اللواء صلاح جديد الذي كان يوصف برجل النظام القوي. لقد كانت الجبهة السورية الإسرائيلية معظم هذه الفترة الطويلة التي كان يحكم فيها حزب البعث العربي الاشتراكي التي بدأت عام 1963م بانقلاب عسكري أيضاً هي الأكثر هدوءاً وفي حرب 67 كان الأداء السوري صفراً كبيراً وسقطت الجولان في تلك الحرب وسط ظروف مريبة، وتحسن الأداء العسكري السوري في حرب أكتوبر 1973م التي خاضتها سوريا إلى جانب مصر ضد إسرائيل، وبينما عبر المصريون قناة السويس من الغرب للشرق وعبر الإسرائيليون القناة من الشرق للغرب فإن السوريين لم يستردوا ولو متراً مربعاً واحداً من هضبة الجولان. ثم بعد مرور أكثر من عام على الثورة السورية أخذ الموقف الإسرائيلي الرسمي مما يجري في سوريا يتغير فقد قال وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان: إن القمع العنيف الذي يمارسه الرئيس بشار الأسد ضد شعبه جرده من أية شرعية تجيز له البقاء في الحكم. ويرى بعض الإسرائيليين أن سقوط الرئيس الأسد قد يضعف ما يسمونه محور الشر في المنطقة الذي يشكله التحالف المضاد لإسرائيل ويتكون من إيران وسوريا وحزب الله في لبنان وحركة حماس في غزة، وهناك احتمال ضعيف للغاية بأن يشن النظام السوري هجوماً عسكرياً على إسرائيل لصرف الأنظار عما يجري داخل سوريا من قمع عنيف للمتظاهرين. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك: إن سقوط الرئيس الأسد سوف يكون في مصلحة إسرائيل ذلك أن سقوطه سوف يكون ضربة كبيرة للمحور الراديكالي الذي يضم إيران وسوريا وحزب الله وحماس، وسوف يضعف إيران بالدرجة الأولى. وتقول مجلة تايم الأمريكية في عددها الصادر أمس الجمعة الموافق 27 أبريل إنه بالرغم من أن المسؤولين الإسرائيليين يرون الآن أن أيام الرئيس الأسد في الحكم باتت معدودة إلا أنهم ما زالوا حريصين على النأي عن أي من المعارضين السوريين فهم لا يريدون أن يتهموا بالتدخل في الشؤون السورية ولهذا السبب يقول المسؤولون إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كان حذراً جداً في تصريحاته حول الأوضاع في سوريا فقد أدان إراقة الدماء لكنه لم يقل شيئاً عن مستقبل سوريا. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية ييجال بالمور: إن إسرائيل مع ما يتخذه المجتمع الدولي من إجراءات إزاء سوريا لكنه لن يضغط لتحقيق تدخل عسكري فيها. وقال: نحن نعرف وضعنا ولسنا نحن المطالبين بإسداء النصح ولن نفعل أي شيء للتعجيل برحيل الأسد. وقال بالمور: ليست لإسرائيل أية فكرة عمن سيخلف الأسد لكن مسؤولي الأمن يعتقدون أنه إذا ما سقط الرئيس الأسد فهناك فرصة كبيرة بأن تخلفه حكومة سنية معتدلة ذات توجه غربي.