زيارة نائب رئيس الجمهورية الدكتور الحاج آدم إلى ولاية النيل الأزرق جاءت في وقت تمر فيه البلاد بمنعطف خطير بسبب الحروب التي تقودها في مختلف الجبهات، وعقب الانتصار الذي تحقق في هجليج، وكانت بغرض حضوره التوقيع على عدد من مشاريع التنمية وتفقدة سير العمل بتعلية خزان الروصيرص بالولاية. الزيارة حملت بين طياتها عددا من الرسائل والمضامين السياسية التي يبدو أن الحكومة أرادت إرسالها للعالم في هذا التوقيت بالذات، ومفادها أن الدولة عازمة على المضي قدما في طريق التنمية رغما عن الكيد والاعتداءات والحروب التي تفرض عليها، الأمر الذي شدد عليه نائب الرئيس بحديثه حول وجوب عدم إفراغ المشاريع التنموية عن مغزاها السياسي. نائب الرئيس شن هجوما على والي النيل الأزرق السابق مالك عقار رغم مقام التنمية الذي كان يتحدث فيه وهو يخاطب احتفال توقيع عقود 30 مشروعا بتكلفة كلية تقارب المائتي مليون جنيه، مفندا حديث عقار عن تهميش الولاية وظلمها وهو يستدعي من ذاكرته صورة مدينتي الدمازين والروصيرص وحالهما الذي كانتا عليه إبان فترة زيارته لهما وهو طالب بجامعة الخرطوم، مقارنا تلك الصورة بثوب العمار الذي تدثرتا به الآن ما يدحض ما ساقه عقار من افتراءات، متسائلا عن ما فعله عقار لتنمية الولاية طيلة فترته واليا عليها سوى أنه وقف عائقا أمام نهضتها وتنميتها وتدميرها وظلم الناس وأكل الأموال مشيرا إلى أنه كان متابعا لما يقوم به مالك عقار من تعنت يحول دون تنفيذ المشاريع، ولم ينس نائب الرئيس أن يقدم الدعوة لكل أبناء النيل الأزرق المتمردين مع عقار بالعودة وترك السلاح للإسهام في نماء وإعمار الولاية بدلا عن اتباع العملاء، مستغربا وقوف من وصفهم بالمؤمنين إلى جانب عقار ونصرته، داعيا إياهم للتوبة إلى الله والرجوع عن درب الهلاك الذي يسيرون فيه، ودعا الحاج آدم إلى وضوح المواقف بقوله: من أراد التمرد فليذهب وليلحق بهم ولا نريد شخصا بين بين، ولن نسمح لأي فرد بمناصرة التمرد. واعتبر كل من يدعمه خائنا وقال: سنرفع السلاح عليه. لافتا إلى أن النصر لن يتحقق إلا بعد تنقية الصفوف وتمايزها، وأردف أن الحكومة لن تسمح لأي كائن من كان بتمجيد التمرد ومشايعته أو مناصرته ولو بمجرد مقال في صحيفة أو حديث في ندوة، ولا حتى في أركان النقاش بالجامعات، مضيفا أن الحرية لا تعني بتاتا تمجيد التمرد ومناصرته، وأضاف: لن نقبل من الأحزاب أن تطعن القوات المسلحة والوطن في الظهر، مؤكدا أن القانون والدستور يكفلان لنا ذلك، وجدد الحاج عدم السماح بممارسة أي نشاط لما يسمى بقطاع الشمال وقال إن مجرد ذكر اسمه يعتبر جريمة، وقال: إننا سنتعامل مع المتمردين على أنهم غزاة لأن الفرقتين التاسعة والعاشرة تستمدان الدعم من دولة جنوب السودان وبالتالي فإن التعامل سيكون وفقا لمعيار وقوانين التعامل مع الأجانب. وأعلن عزمهم على مواصلة وإكمال المشورة الشعبية بالتعاون مع حزب الحركة القومية للسلام والتنمية الذي قام على أنقاض الحركة الشعبية برئاسة وزير الدولة بالإرشاد والأوقاف سراج الدين حامد، وتعهد بقبول آراء المواطنين والالتزام بها، مطالبا مواطني الولاية بعدم وضع السلاح وحماية المشاريع التنموية والتصدي لكل من يريد تخريبها وقال (سنستمر في التنمية وليموتوا بغيظهم)، وتعهد الحاج آدم بمواصلة مشاريع التنمية وتحقيق العدل فيها بين الولايات المختلفة، مشيرا إلى أن ال30 مشروعا هذه تعتبر بداية في طريق طويل يتطلب تكاتف الجميع من أجل الاستثمار الأمثل للموارد الطبيعية التي تتمتع بها النيل الأزرق من معادن وزراعة وغابات وغيرها، ودعا نائب الرئيس قيادات الأحزاب والإدارات الأهلية للتبشير بالمشاريع وسط القواعد وقال إنها ليست ملكا لأحد فهي لفائدة الجميع بمختلف توجهاتهم، مبينا أنها تساعد على وحدة الصفوف ورفع الروح الوطنية والتماسك الاجتماعي. ولدى مخاطبته تجمعا للقوات النظامية داخل قيادة الفرقة الرابعة مشاة بالدمازين طالب الحاج آدم بكنس التمرد إلى ما وراء الحدود قبل حلول فصل الخريف وقال إنه بعد تحرير هجليج سنواصل السير حتى القضاء على التمرد في كل البؤر والبقاع، مؤكدا مواصلة العمليات في جنوب كردفان لدحر المتمردين مردفا بالقول: نريد نفيرا في النيل الأزرق حتى الانتهاء من أي تمرد والقضاء عليه في كل بؤرة. وفي السياق ذاته أعلن والي الولاية اللواء الهادي بشرى جاهزية مواطنيها للذود عن الوطن وحماية أراضيه والوقوف سدا منيعا في وجه كل من يريد تخريبه لا سيما وأنهم ورثة لأعظم دولة إسلامية في السودان، منبها إلى أنهم لن يشترطوا على المركز شيئا وأن ما جاءهم من مشاريع مثّل خيرا لهم، وكشف الهادي بشرى عن انسلاخ ألف من المنتمين للحركة الشعبية عنها وانضمامهم للقوات المسلحة وقاتلوا معها في الصفوف الأمامية إبان (الكعة) الأخيرة بحسب تعبيره. وبدوره قال وزير الكهرباء والسدود أسامة عبدالله إن المشاريع تمثل خيرا إضافيا للخيرات التي ستحققها تعلية خزان الروصيرص بالنسبة للبلاد كلها ولا سيما الولاية، حيث تمثل التعلية نقلة كبيرة في مجال توفير المياه وتساعد على استغلال السودان لحصته من مياه النيل وقيام ترعتي الرهد وكنانة بجانب النقلة النوعية التي ستحدث للمتأثرين في شكل القرى التي سينتقلون إليها والخدمات إلى جانب مشاريع الدعم التي تم التوقيع عليها في عدد من القطاعات الحيوية كالطرق والتعليم والصحة والمياه والكهرباء وغيرها من الخدمات الأساسية للمواطنين، متعهدا بإكمال المشاريع بحسب جدولها الزمني المحدد. إلى ذلك كشف نائب والي النيل الأزرق ووزير التخطيط العمراني محمد سليمان جودابي عن تخوفهم من انتهاء التعلية دون قيام أي مشاريع تنموية مصاحبة ولكن تبدد الخوف بعد التوقيع على العقودات ل30 مشروعا مبينا أنها تمثل فرحة لمواطني الولاية الذين ظلوا ل7 أشهر يتصدون للتمرد ودحره ولن يفرطوا في شبر من الأرض. ويذكر أن الشركات التي وقعت هي الدار الاستشارية وشركة الدالي والمزموم لتنفيذ الطرق الداخلية بالدمازين والروصيرص والشركة الوطنية لمعدات المياه لإنشاء محطات المياه والشبكات بالمدينتين وشركة الداودي لتشييد أسوار مدارس بكل من فازوغلي وقيسان والياس وقنيص، وتم التوقيع مع شركة توماك الهندسية وأعمال الطيب الماحي لتشييد أسوار (20) مدرسة والمجلس التشريعي بالروصيرص كما وقع مع شركة دارما الهندسية لتوريد معدات الإذاعة والتلفزيون ووحدة الأعمال الترابية لتشييد حفائر بسعة (500) ألف متر مكعب وشركة هواكان الصينية لإنشاء (8) سدود وشركة التوليد الحراري لإنشاء 4 محطات للكهرباء بكل من قيسان وبوط وقلي والكرمك.