شرعت الحكومة السودانية في تحركات سياسية في أضابير الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي وأصدقائها على المستوى الإقليمي والدولي لمُحاصرة مسودة القرار التي وزعتها السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة سوزان رايس للصحافيين (الخميس) الماضي المُتعلقة بفرض عقوبات على دولتي السودان وجنوبه حال فشلهما في تنفيذ مطالب الاتحاد الأفريقي الخاصة بالوقف السريع للاشتباكات الحدودية وحل نزاعاتهما. وضمن تحركات الحكومة الدبلوماسية لإفشال مسودة القرار زيارة وزير الخارجية علي كرتي إلى موسكو (الاثنين المُقبل) التي سيلتقي خلالها نظيره الروسي سيرغي لافروف. وذكرت وزارة الخارجية الروسية في تعميم صحافي أن كرتي ولافروف سيبحثان التدابير الكفيلة بتفادي تصاعد حدة التوتر في العلاقات بين السودان وجنوب السودان، ونوَّهت إلى أن الزيارة تأتي على خلفية احتدام الوضع على الحدود بين السودان وجنوبه وتنشيط الجهود الإقليمية والدولية الهادفة إلى الحيلولة دون نشوء بؤرة جديدة خطيرة للمجابهة العسكرية التي تحمل الخطر على السلام والأمن في المنطقة. * عرقلة الاتحاد الأفريقي الحكومة أعلنت رفض السودان لكافة التحركات والمحاولات التي تسعى لتحريك مهمة تسوية القضايا والأوضاع بين السودان والجنوب من أيدي الاتحاد الأفريقي إلى مجلس الأمن أو أي جهات خارجية. وقال وزير الخارجية علي كرتي في تعميم صحافي حصلت عليه (الأهرام اليوم) أمس (السبت) إن السودان يتابع باهتمام مشروع القرار الأمريكي الذي يجري التداول حوله في مجلس الأمن بشأن الأوضاع في السودان وجنوب السوان، وأعلن رفض السودان لأية خطوة تسعى إلى عرقلة دور الاتحاد الأفريقي وإحالة الوضع بين دولتي السودان وجنوب السودان إلى مجلس الأمن، وأعلنت الخارجية رفض السودان للمحاولات الجارية في أروقة مجلس الأمن ل(طمس) دور الاتحاد الأفريقي، وإحالة الوضع بين جمهورية السودان وجنوب السودان إلى مجلس الأمن. وقال المتحدث الرسمي باسم الخارجية السفير العبيد أحمد مروح ل(الأهرام اليوم) أمس (السبت) إن تحركات مجلس الأمن (خطيرة) سيّما وأن الاتحاد الأفريقي لم يستنفد أغراضه، ولم يتلق ردود أطراف دولتي السودان وجنوبه بشأن خريطة الطريق، مبيناً أن زيارة كرتي إلى موسكو تصب في ذات الاتجاه لمحاصرة مسودة القرار في مجلس الأمن. * رايس في خط المواجهة الولاياتالمتحدة كانت قد وزعت مسودة قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تُهدِّد السودان وجنوب السودان بعقوبات حال فشلهما في تنفيذ مطالب الاتحاد الأفريقي لوقف سريع للاشتباكات الحدودية وحل نزاعاتهما الكثيرة. وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة سوزان رايس للصحافيين (الخميس الماضي) إن مجلس الأمن سيبدأ مناقشة مسودة القرار في وقت لاحق، وإن المحادثات بين الأعضاء ستستغرق بضعة أيام على الأرجح قبل تقديمه إلى اقتراع. ودعا مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي (الثلاثاء) الجانبين (الخرطوموجوبا) إلى وقف القتال خلال (48) ساعة والانسحاب غير المشروط للقوات من المناطق المتنازع عليها وحذَّر من إمكانية إصداره لقرارات ملزمة حال فشل الجانبين في الوصول إلى اتفاقيات بشأن سلسلة نزاعات بينهما خلال (3) أشهر. وقالت رايس إن مجلس الأمن مُصمم على اتخاذ إجراءات إضافية مناسبة وفقاً للمادة (41) من الميثاق في حالة عدم تقيد أحد الطرفين أو كليهما. وتسمح المادة (41) بالفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة لمجلس الأمن بإيقاع عقوبات لفرض التقيد بقراراته. وقالت رايس التي ترأس مجلس الأمن الذي يضم (15) دولة هذا الشهر إن الهدف من المسودة هو توفير دعم سريع وقوي لقرارات الاتحاد الأفريقي بالشكل الذي طلبه. وأشارت رايس إلى وجود أعضاء إما يحتاجون مزيداً من الوقت للحصول على توجيهات من عواصمهم أو أنهم يشككون في الحكمة من الذهاب مباشرة لإصدار قرار عاجل للغاية. وقال دبلوماسيون بالمجلس في أحاديثهم الخاصة إن الصين وروسيا أبدتا عزوفاً بشأن تهديد الخرطوموجوبا بإجراءات عقابية. بينما اعتبر سفير السودان لدى الأممالمتحدة دفع الله الحاج علي أن أي قرار للمجلس بشأن الصراع يجب أن يوجه تهديداته إلى جنوب السودان. وقال: (إننا الضحية في هذا الاعتداء الأخير)، ونوّه إلى أن أي إجراءات للأمم المتحدة يجب أن توجه إلى الجاني والمُعتدي، وليس إلى الضحية. * خريطة طريق الاتحاد الأفريقي الاتحاد الأفريقي طالب (الثلاثاء الماضي) السودان وجنوب السودان باستئناف المُحادثات خلال أسبوعين مُهدداً كليهما بأنه سيصدر أحكامه الملزمة الخاصة في حالة عدم توصلهما لاتفاق حول سلسلة من النزاعات خلال ثلاثة أشهر. وأصدر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي خريطة طريق من سبع نقاط في وقت متأخر من يوم الثلاثاء الماضي، ودعا كلا الجانبين لوقف القتال خلال (48) ساعة وإلى انسحاب غير مشروط للقوات من المناطق المتنازع عليها. وقاد الاتحاد الأفريقي جهود الوساطة بين البلدين في الماضي بدعم من الأممالمتحدةوالولاياتالمتحدة وقوى كبرى أخرى. ويؤكد مروح ل(الأهرام اليوم) أن مجلس الأمن قفز على القضية وساوى بين (الجاني والضحية) وخلط الأوراق، لافتاً إلى أن الحكومة لديها تحفظات كثيرة حول المسألة، ونوَّه إلى عمل ضخم شرعت فيه الحكومة مع الاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة في أكثر من مسار، ولن تقف مكتوفة الأيدي. وانهارت وساطة لجنة رفيعة المستوى للتنفيذ تابعة للاتحاد الأفريقي بقيادة رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو امبيكي الشهر الماضي بعد أن طلبت الخرطوم وقتاً للاطلاع على التوصيات قبل أن تسيطر جوبا لفترة قصيرة على حقل نفط (هجليج). وأمهل الاتحاد الأفريقي ومقره أديس أبابا البلدين أسبوعين لاستئناف المفاوضات حول مجموعة من النزاعات بما في ذلك النفط ووضع المناطق المتنازع عليها وترسيم حدودهما. وقال مفوض مجلس السلم والأمن رمضان العمامرة إن المجلس قرر ضرورة إكمال المفاوضات خلال ثلاثة أشهر من إصدار القرار، وأضاف أنه في حالة فشل المحادثات فإن مجلس السلم والأمن سيطلب من لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى للتنفيذ تقديم اقتراحات تفصيلية حول كل القضايا المعلقة حتى يمكن التصديق عليها باعتبارها حلولاً نهائية وملزمة بالنسبة للعلاقات بين الدولتين بعد انفصال الجنوب. * تحذيرات من إجهاض دور الاتحاد الأفريقي بيان وزير الخارجية علي كرتي اعتبر مشروع القرار الأمريكي الذي يجري التداول حوله في مجلس الأمن بشأن الأوضاع في الدولتين في الشمال والجنوب من شأنه أن يؤدي إلى تغليب الاعتبارات السياسية والمواقف المُسبقة على مقتضيات التسوية السلمية العادلة، وأكدت الخارجية ثقة السودان في الاتحاد الأفريقي وأجهزته ومجلس السلم والأمن الأفريقي والآلية الأفريقية رفيعة المستوى برئاسة رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو امبيكي، وفي الآليات التي ارتضى الاتحاد ومجلس السلم والأمن الأفريقيان العمل من خلالها لتسوية الخلافات بين دولتي السودان وجنوب السودان. وحذر كرتي في بيانه من مغبة أن يؤدي القفز على دور المنظمات والترتيبات الإقليمية الواردة في ميثاق الأممالمتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي التي ارتضاها السودان إلى إجهاض دور الاتحاد الأفريقي، وعدم إرساء دعائم السلم والأمن في السودان بصفة خاصة في الوقت الراهن، وفي القارة الأفريقية عموماً، وجدَّد السودان تمسكه بقرارات القادة الأفارقة الخاصة بتولي الاتحاد الأفريقي مهمة تسوية القضايا محل الخلاف بين جمهوريتي السودان وجنوب السودان خاصة القضايا الأمنية، وشدَّد على ضرورة إعطاء القضايا الأمنية والعسكرية الأولوية المُطلقة في التفاوض من قبل الآلية الأفريقية برئاسة أمبيكي للبحث والاتفاق حولها قبل الشروع في التفاوض حول القضايا الأخرى.