* مطر الاستقالات يهطل على الحوش الإعلامي المسقوف بقش الواسطة والعلاقات الخاصة والمصالح، فتجري منهمرة سيول الأحبار على الحوش المحفّر بالمكائد والدسائس والرغبات الدنيا أو الدنيئة! ودنا لسمعنا همسٌ جهير باستقالة المذيعة (نسرين سوركتي) التي اشتهرت في تمام العاشرة مساءً ببرنامج (المحطة الوسطى) بقناة (الشروق) الفضائية. وقبلها استقالة (مي الخطيب) مذيعة أستديو الأخبار بدبي - تحت.. تحت معها آخرون تتكتم الأنباء عن أسمائهم حالياً لكن بكرة مجاني! - والاستقالات أسبابها المعلنة للناس أنها للصحة أو الدراسة أو التفرغ للمسؤولية المنزلية أو التجارة أو حتى لأداء صلاة العصر جماعة! المهم هناك سبب ما يخادعون به الناس ليكون بكرة أحلى. * وحلاوة ردود الفعل الجمعي تجاه الشخص المستقيل، بأنه ذو كرامة وشهامة وعلامة وصاحب موقف، بغض النظر عن السبب المكتوب تحت عنوان الموضوع. هي حلاوة تجعل جين (المحاكاة) الموجود في كل خلية سودانية، ينهض ليبللَ كل متململ أو معصور رأسه بالاستقالة حتى لا تتم حلاقته بالرفت أو الفصل أو الإعفاء أو النقل! * فما نقلته الألسن للآذان في الفترة السابقة أن هناك صراعات محتدمة في قناة (الشروق) - وهي للعلم فقط ، تقدّم عرضاً مالياً ومهنياً يفوق كل القنوات الموجودة في السودان الخاصة والعامة-وأنها صراعات قائمة على أعمدة رخامية، للأسماء التي تساند كما هو معروف في كافة المنافذ الإعلامية في السودان الجميل. * والقبيح في القول الإعلامي للحقائق يرمى داخل حلبة الصراع اليوناني القديم، وهو هنا تمثله بيوت أسرار الصحف وصفحات أو أعمدة النميمة المدفوعة الأجر، فإما أكله الأسد الذي يكون هو الرأي العام والناس، وإما إذا نجح في الخروج من الحلبة والأسد تلقفته سهام (الرمّاة) الموجودين في كل مرفق إعلامي ينيشون أصحاب المواهب في مقتل.. ليرقصوا رقصة النصر على أشلائهم! * التلاشي السرمدي - وده وصف ساي - الذي تهيم فيه قناة (الشروق) أحد أوجه الاستثمار الإعلامي للقطاع الاقتصادي بالمؤتمر الوطني، يعزز الفكرة الشعبية القديمة (بيقع الفقوس للناس التّرم!) حاشية: الفقوس هو اسم الدلع للتبش.. والناس الترُّم التانيين! فالتقنيات الإنتاجية للصورة والبث وكافة علميات التلفزة متوافرة وبكثرة تصيب بالغثيان! والمقدرة على إنتاج أعمال مؤسسة على المهنية والجودة العالمية لا نظير لها أمام الهواة والتجريبيين من رؤساء القنوات الأخرى! لكن المنتج يقارب أن يكون مرفوضاً لدى جمهور المشاهدين. * والمشاهد العادي لا تهمه الصراعات الإدارية العنيفة التي تديرها العلاقات الخاصة. أو من جاء ليجلس فوق رأس من؟ أو من ذهبت لتأتي كيف على كرسي أين؟ إنما يهمه أن يجد الخدمة الإعلامية للجهاز المعني، من ترفيه وتثقيف وتعليم - أو الإخبار - بمختلف مستوياته الثقافية والعلمية، كان طالباً، تاجراً، أديباً، ربة منزل، مراهقاً أو متصلاً (عشان يهدي!) * لتهديه القنوات الخدمة بشفافية ونقاء في العقل والصوت والصورة وبالضرورة المعنى! لكن أن تبث لنا الصراعات والاستقالات والقفزات النوعية والبطولات الوهمية على الترددات المشوشة للرسالة الإعلامية، فهذا أمر يسوق الظن إلى سكك يفتح فيها (إبليس) الصغير، خيالاته الواسعة ليحلق السبب المنطقي لتلك الغستقالات بدون بلْ!