احتجت يومها لدقيقتين فقط لأعبر المسافة ما بين مقر الصحيفة وشارع المك نمر، بمعنى آخر، لم يمض على ارتكابي «جريمة» عدم ارتداء «حزام الأمان» أكثر من دقيقتين تقبض عليَّ شرطة المرور متلبساً بجريرتي ثم لتخرجني إلى جانب الطريق وتضعني تحت قبضتها تماماً ليكون ثمن جريرتي (ثلاثين ألف جنيه) بالقديم، وثلاثين جنيهاً حسب الجديد. والشرطة لا ذنب لها سوى أنها تطبِّق اللائحة. دفعت عن يدٍ صاغراً طائعاً وانصرفت وأنا أهمهم «شرطتنا بخير ما دامت قادرة على محاربة الجريمة حال وقوعها، ثم إنها بخير وهي تطبق اللائحة». مشهد ثانٍ: كنت يومها ألبي نداء الله حي الصلاة حي الفلاح.. وصوت نداء فريضة المغرب ينساب من مسجد مستشفى الأمل والذين شيدوا هذا المسجد جعلوه إلى جانب السور الخارجي حتى يستوعب المارة من أمثالي، لكنك تحتاج أن تدخل عبر البوابة الرئيسة المحروسة ببضع شباب مدججين بالصرامة، اقتربت منهم طالبوني بإبراز بطاقتي، فأخرجت لهم بطاقة الصحافة فقالوا إنها لا تؤهلني إلى الدخول ولو كان ذلك لأجل الصلاة، وفي المقابل أن هنالك رجالاً يعبرون لكنهم يمتلكون بطاقات تؤهلهم إلى الصلاة داخل المسجد. اضطررت في خاتمة المطاف إلى أن أذهب إلى صاحب «كنتين عتيق» قبالة المستشفى فبذل لي من المروءة ما يحرج ويجرح كل كبرياء تلك العمائر من ذوات الخمس نجوم، منحني أريحية وإبريقاً ومصلاة. فصليت وحيداً ورفعت يدي إلى السماء ودعوت ثم انصرفت وأنا أهمهم بأن القوم لم يفعلوا شيئاً سوى أنهم «طبقوا اللائحة»! ولكن ذلك لم يمنعني من أن أكتب مقالاً تحت عنوان «مساجد خمس نجوم». مشهد ثالث: اختاروني منذ فترة عضواً بلجنة إعلام اتحاد المصارف، وذلك لنمارس ثقافة تجميل وجه هذه المواعين المصرفية. وكنت أفهم أن «ممارسة النقد» هو أدب عربي أصيل ينزع إلى تجويد كل ضروب العطاء والفنون. فذهبت لأمارس هذه الثقافة عقب نقد وجهه السيد رئيس الجمهورية ولازال يمارسه الكثيرون بأن المصارف أعاقت كثيراً عبر «عقبة الضمانات ». أعاقت كثيراً تحويل الأسر المنتجة وصغار المنتجين. فلم يجف مداد ذلك المقال حتى لجأ اتحاد المصارف لتطبيق (اللائحة) في مواجهتي، فتم فصلي ولقد خرجت من هناك وأنا أهمهم أن القوم لم يفعلوا شيئاً سوى أنهم قد طبقوا لائحتهم بحذافيرها في مواجهتي. مشهد رابع: بالأمس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات يُعطِّل وظيفة منحتني إيَّاها صحيفتي ريثما تكتمل المستندات أو ريثما أستوفي الشروط على أن مستشار التحرير هو بذات مواصفات رئيس التحرير حسب لائحتهم، علماً بأن هنالك زملاء شرفاء عبروا منذ فترة هذا الجسر وهم يحملون ما أحمل من سيرة ومسيرة وهم يستحقون يومئذ هذه الدرجة. لكن ماذا أفعل أنا عن «لائحة الحكومة» التي ظلت تلاحقني في كل الأمكنة والأزمنة؟. مخرج: اهتفوا معي عاشت اللائحة .. الشعب يريد تنفيذ اللائحة.. والسلام