يوم أن فتح رواد تلفزة الصحافة أو الصحافة المتلفزة، باب التقديم التلفزيوني على مصراعيه؛ لتعويض الخسارة الفادحة في ميزانية المحاورة لدى المذيعين التلفزيونيين، دخل كثيرون ممن آنسوا في أنفسهم الكفاءة من وجاهة وسماحة وحسن شوف وسلوك، كما هو عرف العمل التلفزيوني السوداني، ينشرون الأخبار والمقالات والتقارير والحوارات على الهواء - بدون حيادية في الأداء كما هو مطلوب-. والطلب متزايدٌ للي عنق الصحفي تجاه الكاميرا والإضاءة ليكون مذيعاً أو مقدماً حيث تخدم ألف غرض، يبدأ من استلام قلمه حيث لا يمكن أن (يقعد في الفروة ويملط صوفها) وينتهي بضمان ارتفاع نسبة المشاهدة المتدنية للقنوات ذات البنات المتفتحة ألوانهنّ وعيونهنّ دون عقولهنّ - ومذيعات التلفزيون القومي الفي عز الجوطة والحرب والدنيا المقلوبة لابسات الكريستال وماشات عرس الأخبار! - ناهيك عن مصادر الصحفي التي بأي حال أفضل من مصادر مُعدِّي التلفزيون. تلفزة الصحافة كبدعة حسنة، منحت الجمهور وجه الصحفي بصحيفة (ألوان) (عماد البشرى) الأديب، الذي لا تُملُّ مؤانسته من فرط ما يدهش بحمله لروائع ومعلومات وأنباء وطرائف، فبعد أن دلف معداً مجتهداً لبرنامج (مساء الخير يا أمير) بفضائية أم درمان الخاصة بالأستاذ (حسين خوجلي). تقدمه مذيعات مختلفات كل مرة، تقدم شخصيات مختلفة لم يكن الانتباه الإعلامي يوليها حقها في الظهور. ظهر (عماد) - ومنذ حلقات مضت - مذيعاً مجيداً، بلون وطعم ورائحة سودانية تقترب من الفكرة (الحسين خوجلية) للسودان الأسمر، لولا متطلبات الفضاء التي جعلته يميل تجاه ما يملك - ولن يلومنّه أحد! - فقدم عماد وضعاً قد يراه الذين تعودوا على مذاق المذيع السوداني العادي الذي يبدأ ب(آآآآ..وممم) الخ أصوات الهمهمة التي تساعده على تحفيز عقله لتذكر كلمة إنشائية يدخلها في صميم الإعداد! - حسناً؛ تمايز جميل الأخلاق والتنوع والثقافة يكون لسعد الدين حسن /زهير بانقا/ وربما عبدالله محمد الحسن نسخة التسعينيات/وبعض من د.حمزة عوض الله - يطراه بالخير! - وضعٌ قد يكون إلى حدٍ ما نخبوياً، لكن بالتعود عليه تراه ما يجب أن يكون عليه المذيع. إذاعة حلقة - الأسبوع قبل الماضي - الأستاذة، الشاعرة (روضة الحاج) - تحديداً - بكل خبرتها الإذاعية المتميزة وتواضعها الجميل وشعرها الذي يليق بمربدٍ وغيره، لم يجعله مبهوراً بها ليفغر فاهه بالأسئلة وينتظر الإجابات، مترنحاً على نعاس الانبهار نائماً على كراسي الاستديوهات الوثيرة، أخبرنا معها كيف يكون الإعداد ومذاكرة العمل قبل نشره. منشورة على الفضاء بلاهاتنا ومراهقاتنا وونساتنا البسيطة، تؤسس أن العمل التلفزيوني السوداني ما زال طفلاً يحبو - رجاءً لا تذكروا حديث سيدي (علي شمّو)، إنه كم سنة سبقنا الناس زمان، فنحن الآن خلفهم بكثير! - ولم يرقَ لمستوى العمل الذي يقف خلفه عقل ولو كان أمامه وجهٌ حسن - فلم يعد الجمال يفرق! - هذه البلاهات تجعل رغم التحفظات المهنية للأدب الصحفي المعروف أن يكون حق النشر خاصاً بواحدٍ من إخوان الصفا استطاع أن ينقل لنا (عسل صافي) لبرنامج عليه ختم (أم درمان)المدينة وليس القناة! يشفي جراحات الشوف وطقطقة مروق الروح، من ناس سمحين، لكن عقولهم وحلوقهم تصيبنا بالقروح!