منع قناة تلفزيونية شهيرة في السودان    وزارة الصحة تلتقي الشركة المصرية السودانية لترتيب مشروعات صحية مشتركة    ماذا قال ياسر العطا لجنود المدرعات ومتحركات العمليات؟! شاهد الفيديو    تم مراجعة حسابات (398) وحدة حكومية، و (18) بنكاً.. رئيس مجلس السيادة يلتقي المراجع العام    انطلاق مناورات التمرين البحري المختلط «الموج الأحمر 8» في قاعدة الملك فيصل البحرية بالأسطول الغربي    شاهد بالصور.. ما هي حقيقة ظهور المذيعة تسابيح خاطر في أحضان إعلامي الدعم السريع "ود ملاح".. تعرف على القصة كاملة!!    تقارير صادمة عن أوضاع المدنيين المحتجزين داخل الفاشر بعد سيطرة الدعم السريع    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    د.ابراهيم الصديق على يكتب:اللقاء: انتقالات جديدة..    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذكرة دوغلاس حول هجليج.. ماذا وراءها؟
نشر في الأهرام اليوم يوم 08 - 05 - 2012

معارك من طراز آخر تدور بين الفرقاء، كلٌّ يبتغي تجيير التاريخ إلى صفّه.. فمن يكسب النزال
النفط، تغيير الأسماء
خلق اكتشاف النفط في أواخر العام 1970م توترات فورية بين الحكومة المركزية في الخرطوم والحكومة الإقليمية في جوبا. أعلن النفط موردا قوميا، وتكتمت الخرطوم حول مواقع حقول النفط الرئيسية في إعلاناتها الرسمية، مكتفية فقط بالإشارة إلى أنها تقع على بعد 500 كيلومتر جنوب الخرطوم. وأطلق على أول الحقول المكتشفة أسماء من قبيل (الوحدة) و(هجليج) وهي تسميات تخفي مواقع تلك الحقول. واتخذت شركة شيفرون الأمريكية مقرا في المجلد بدلا عن بانتيو.
في العام 1980 حاول مجلس الشعب (البرلمان) إعادة ترسيم حدود مديرية أعالي النيل مع تمرير تشريع جديد بإنشاء حكومات إقليمية جديدة في شمال السودان. وحوت الخريطة المرفقة تبعية حقول النفط إلى كردفان. وتم سحب هذه الخريطة بعد احتجاجات من الحكومة الإقليمية في الجنوب.
وكان من أوائل هذه الحقول التي يجري العمل عليها في هجليج (وتسمى بانثو وتعني مكان أو قرية الهجليج بلغة الدينكا). وقدم مقترح للرئيس النميري بتشكيل منطقة جديدة للوحدة بواسطة دمج مناطق غرب أعالي النيل، أبيي، وجزء من جنوب كردفان. ولكن في النهاية تم تغيير تسمية غرب أعالي النيل فقط للوحدة، عندما تم إلغاء المنطقة الجنوبية في 1983م وأعيدت أعالي النيل بإعادة توحيد أعالي النيل ومديرية جونقلي.
وكان هناك جدل أيضا حول تحديد موقع لمصفاة تكرير النفط القادم من الحقل، واتخذ قرار بأن يكون موقع المصفاة في كوستي بمديرية النيل الأبيض ويتم ربطها بحقول النفط بواسطة خط أنابيب. وفي العام 1983م وقبل وقت قصير من التمرد في بور واندلاع الحرب الأهلية صدرت خريطة رسمية جديدة لمسار خط الأنابيب، التي تبين أن الخط يبدأ من حقول النفط في غرب أعالي النيل لكنه يتجه مباشرة من أعالي النيل إلى كردفان في موازاة النيل الأبيض حتى يصل إلى كوستي.
ووضعت الحرب الأهلية حدا لعمليات التنقيب عن النفط في أعالي النيل حتى العام 1990م حيث تمكنت القوات المسلحة والمليشيات المتحالفة معها من إخلاء مناطق واسعة من سكانها. لتأسيس صناعة النفط في ولاية الوحدة تم نقل السكان الأصليين، خاصة على طول الخط الحدودي القديم للمديريات. أراضي «فانراو» بصفة خاصة جرى إعادة توطين قاطنيها لإفساح الطريق لتنمية وتوسيع صناعة النفط.
وصولا للعام 2003م كان المفهوم أن بانثو أو هجليج كانت جزءا من إدارة ولاية الوحدة، وهو ما وصفه بها والي الوحدة الذي عينه المؤتمر الوطني د. جوزيف مونيتويل في تقريره السنوي عام 2003م. قبل أن يتم إبلاغه بواسطة د. نافع علي نافع وزير الحكم الاتحادي حينذاك في مكتب الرئاسة بخطئه وأن هجليج لا تتبع لولاية الوحدة ولكنها تتبع لولاية غرب كردفان كما هو مبين في الخريطة المعتمدة من الهيئة القومية للمساحة. والخريطة المرفقة التي تحدد التصحيح لم تكن مفصلة بما فيه الكفاية لتحدد ما إذا كانت هجليج تقع في ما يتعلق بخط حدود المديريات للعام 1931م عند خط 29° 32' (وبعض الثواني) أم أن الخط قد جرى تحريكه ليضم هجليج في غرب كردفان.
* هجليج ولجنة حدود أبيي
لقد تم التأكيد بأن يشيع أن لجنة حدود أبيي 2005م التي كنت عضوا فيها- حددت موقع هجليج بالنسبة إلى أبيي، وأن حكم لجنة التحكيم الدولية حدد في نهاية المطاف أنها كانت جزءا من السودان، وهذا ما لم يؤكد بصورة قاطعة بعد.
كلفت لجنة التحكيم الدولية لتحديد أراضي نظارات دينكا نقوك التسع التي نقلت من بحر الغزال إلى كردفان في 1905م. وقد تم تنبيهنا من قبل أعضاء الوفد الحكومي لعدم الأخذ في الاعتبار أي تطورات في أوضاع المناطق ما قبل تاريخ 1905م. عمليا هذا يعني أن تطوير زراعة القطن في «نياما»، وتشييد خط السكة الحديد الذي يمر بالميرم، وحفر الآبار النفطية ليست ذات صلة بمداولاتنا ولم تكن عاملا في قرارنا.
وكذلك الخرائط التي كانت في حوزتنا التي فحصناها كأدلة طبوغرافية، ديموغرافية، وتاريخية لم تتضمن تفاصيل للإنشاءات النفطية الأخيرة وما حولها. وحين طلبنا الحصول على نسخ آخر إصدارة لخرائط 1:250,000 لمقارنتها مع الخرائط التاريخية التي راجعناها لم نحصل عليها.
إن فهمنا للشهادات الشفهية التي جمعناها من مجموعات من دينكا نقوك ودينكا روينق تفيد بأن أراضي نقوك وروينق كانت متجاورة، وهي في الواقع كما وصفت على خريطة قبائل جنوب السودان لهيئة المساحة السودانية 1:200,000 (الخريطة 1). كنا نعلم من السجلات التاريخية المشار إليها أعلاه، أن الروينق انتقلوا شيئا فشيئا، من جبال النوبة، بحر الغزال وكردفان إلى أعالي النيل، وأن حدود المديرية المرسومة على خريطة 1931 بعد آخر انتقال كانت تمثل تماما الخط الفاصل بين مناطق الروينق ودينكا نقوك. ورسمنا حدودنا وصولا إلى ذلك الخط، الذي كان أيضا خط حدود المديريات الموجود في العام 1956م.
لجنة تحكيم أبيي لم تدفع بخط الحدود شرقا من أجل إدراج هجليج في أبيي. وذكرت هجليج مرة واحدة لتمرير التقرير (كجزء من إذعان الحركة الشعبية الذي لم يُقبل بشكل كامل)، كما إنها لم تظهر على أي من الخرائط المرفقة للتقرير.
إذا كانت حدود هجليج ضمت إلى غرب كردفان من قبل الخرطوم أم لا؛ فهذا لم يؤثر على قرارنا بأي حال من الأحوال، بما أننا كنا نستخدم حدود العام 1933م كنقطة ثابتة بحيث يمكننا تثبيت خط حدود أبيي الشمالي، وليس الحدود الفاصلة بين غرب كردفان والوحدة كما كانت في 2005م. كان بالإمكان إدراج هجليج/بانثو في قرار لجنة التحكيم فقط إذا كانت تقع إلى الغرب من خط حدود 1931م. إذا كان موقعها في الواقع إلى الشرق من هذا الخط عندئذ لا يمكن إدراجها في حكم اللجنة.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط نفس الوزن للأدلة الشفهية والأدلة التاريخية كما فعلنا نحن عند مراجعة الحدود الشرقية لمنطقة أبيي. واستند القرار لضبط الحدود على تقييمهم بأننا لم نقدم سببا مقنعا في تقرير لجنة التحكيم لحدود أبيي من أجل تبني الحدود القديمة لكردفان- أعالي النيل كحدود شرقية لمنطقة دينكا نقوك.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط حكما حول بانثو/هجليج نفسها، أو عن أي جزء آخر من خط حدود العام 1956م. للقيام بذلك كان عليها تجاوز تفويضها، وإذا تجاوزت المحكمة تفويضها فلا شك أن حكومة السودان ستعترض.
حكومة جنوب السودان أكدت مطالبتها ببانثو/هجليج بعد فترة قصيرة من حكم لجنة تحكيم أبيي، مشيرة إلى أن قضية هجليج لا تزال بحاجة للحل خلال عملية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. وكررت ذلك في ما قدمته للجنة الفنية للحدود بين الشمال والجنوب، ولدى الآلية التنفيذية رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي.
* الحل
نظرا لتاريخ منطقة «فانراو» الموضح سابقا (راجع عدد السبت) فإن أية حكومة أو هيئة دولية تعلن أن هجليج «معترف بها دوليا» سيكون بأفضل الأحوال إعلانا سابقا لأوانه، أو مسيئا للقرار النهائي في أسوأ الأحوال.
السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه -وفقا لأحكام لجنة تحكيم أبيي- هو ما إذا كانت بانثو/هجليج في الشرق أو الغرب من خط حدود 1931م. فإذا كانت شرقا فإنها جزء من ولاية الوحدة، وإذا كانت غربا فهي جزء من جنوب كردفان. فإذا كانت جزءا من الوحدة فهي جزء من جنوب السودان، وإذا كانت جزءا من جنوب كردفان فهي جزء من السودان.
يجب أن نتذكر أن دليل الخريطة ليس سوى تمثيل للوضع على الأرض. الخرائط يمكن أن تكون غير دقيقة، خاطئة، أو تم التلاعب بها. الشهادة بالوثائق أو شفاهة عن كيف كانت تدار المنطقة منذ 1931م لا تقل أهمية، إن لم تكن أكثر أهمية في تحديد الحق الشرعي على هجليج/بانثو. وينبغي النظر في كل هذه الأدلة للتوصل إلى حل منصف وعادل لهذا النزاع.
خلق اكتشاف النفط في أواخر العام 1970م توترات فورية بين الحكومة المركزية في الخرطوم والحكومة الإقليمية في جوبا. أعلن النفط موردا قوميا، وتكتمت الخرطوم حول مواقع حقول النفط الرئيسية في إعلاناتها الرسمية، مكتفية فقط بالإشارة إلى أنها تقع على بعد 500 كيلومتر جنوب الخرطوم. وأطلق على أول الحقول المكتشفة أسماء من قبيل (الوحدة) و(هجليج) وهي تسميات تخفي مواقع تلك الحقول. واتخذت شركة شيفرون الأمريكية مقرا في المجلد بدلا عن بانتيو.
في العام 1980 حاول مجلس الشعب (البرلمان) إعادة ترسيم حدود مديرية أعالي النيل مع تمرير تشريع جديد بإنشاء حكومات إقليمية جديدة في شمال السودان. وحوت الخريطة المرفقة تبعية حقول النفط إلى كردفان. وتم سحب هذه الخريطة بعد احتجاجات من الحكومة الإقليمية في الجنوب.
وكان من أوائل هذه الحقول التي يجري العمل عليها في هجليج (وتسمى بانثو وتعني مكان أو قرية الهجليج بلغة الدينكا). وقدم مقترح للرئيس النميري بتشكيل منطقة جديدة للوحدة بواسطة دمج مناطق غرب أعالي النيل، أبيي، وجزء من جنوب كردفان. ولكن في النهاية تم تغيير تسمية غرب أعالي النيل فقط للوحدة، عندما تم إلغاء المنطقة الجنوبية في 1983م وأعيدت أعالي النيل بإعادة توحيد أعالي النيل ومديرية جونقلي.
وكان هناك جدل أيضا حول تحديد موقع لمصفاة تكرير النفط القادم من الحقل، واتخذ قرار بأن يكون موقع المصفاة في كوستي بمديرية النيل الأبيض ويتم ربطها بحقول النفط بواسطة خط أنابيب. وفي العام 1983م وقبل وقت قصير من التمرد في بور واندلاع الحرب الأهلية صدرت خريطة رسمية جديدة لمسار خط الأنابيب، التي تبين أن الخط يبدأ من حقول النفط في غرب أعالي النيل لكنه يتجه مباشرة من أعالي النيل إلى كردفان في موازاة النيل الأبيض حتى يصل إلى كوستي.
ووضعت الحرب الأهلية حدا لعمليات التنقيب عن النفط في أعالي النيل حتى العام 1990م حيث تمكنت القوات المسلحة والمليشيات المتحالفة معها من إخلاء مناطق واسعة من سكانها. لتأسيس صناعة النفط في ولاية الوحدة تم نقل السكان الأصليين، خاصة على طول الخط الحدودي القديم للمديريات. أراضي «فانراو» بصفة خاصة جرى إعادة توطين قاطنيها لإفساح الطريق لتنمية وتوسيع صناعة النفط.
وصولا للعام 2003م كان المفهوم أن بانثو أو هجليج كانت جزءا من إدارة ولاية الوحدة، وهو ما وصفه بها والي الوحدة الذي عينه المؤتمر الوطني د. جوزيف مونيتويل في تقريره السنوي عام 2003م. قبل أن يتم إبلاغه بواسطة د. نافع علي نافع وزير الحكم الاتحادي حينذاك في مكتب الرئاسة بخطئه وأن هجليج لا تتبع لولاية الوحدة ولكنها تتبع لولاية غرب كردفان كما هو مبين في الخريطة المعتمدة من الهيئة القومية للمساحة. والخريطة المرفقة التي تحدد التصحيح لم تكن مفصلة بما فيه الكفاية لتحدد ما إذا كانت هجليج تقع في ما يتعلق بخط حدود المديريات للعام 1931م عند خط 29° 32' (وبعض الثواني) أم أن الخط قد جرى تحريكه ليضم هجليج في غرب كردفان.
{ هجليج ولجنة حدود أبيي
لقد تم التأكيد بأن يشيع أن لجنة حدود أبيي 2005م التي كنت عضوا فيها- حددت موقع هجليج بالنسبة إلى أبيي، وأن حكم لجنة التحكيم الدولية حدد في نهاية المطاف أنها كانت جزءا من السودان، وهذا ما لم يؤكد بصورة قاطعة بعد.
كلفت لجنة التحكيم الدولية لتحديد أراضي نظارات دينكا نقوك التسع التي نقلت من بحر الغزال إلى كردفان في 1905م. وقد تم تنبيهنا من قبل أعضاء الوفد الحكومي لعدم الأخذ في الاعتبار أي تطورات في أوضاع المناطق ما قبل تاريخ 1905م. عمليا هذا يعني أن تطوير زراعة القطن في «نياما»، وتشييد خط السكة الحديد الذي يمر بالميرم، وحفر الآبار النفطية ليست ذات صلة بمداولاتنا ولم تكن عاملا في قرارنا.
وكذلك الخرائط التي كانت في حوزتنا التي فحصناها كأدلة طبوغرافية، ديموغرافية، وتاريخية لم تتضمن تفاصيل للإنشاءات النفطية الأخيرة وما حولها. وحين طلبنا الحصول على نسخ آخر إصدارة لخرائط 1:250,000 لمقارنتها مع الخرائط التاريخية التي راجعناها لم نحصل عليها.
إن فهمنا للشهادات الشفهية التي جمعناها من مجموعات من دينكا نقوك ودينكا روينق تفيد بأن أراضي نقوك وروينق كانت متجاورة، وهي في الواقع كما وصفت على خريطة قبائل جنوب السودان لهيئة المساحة السودانية 1:200,000 (الخريطة 1). كنا نعلم من السجلات التاريخية المشار إليها أعلاه، أن الروينق انتقلوا شيئا فشيئا، من جبال النوبة، بحر الغزال وكردفان إلى أعالي النيل، وأن حدود المديرية المرسومة على خريطة 1931 بعد آخر انتقال كانت تمثل تماما الخط الفاصل بين مناطق الروينق ودينكا نقوك. ورسمنا حدودنا وصولا إلى ذلك الخط، الذي كان أيضا خط حدود المديريات الموجود في العام 1956م.
لجنة تحكيم أبيي لم تدفع بخط الحدود شرقا من أجل إدراج هجليج في أبيي. وذكرت هجليج مرة واحدة لتمرير التقرير (كجزء من إذعان الحركة الشعبية الذي لم يُقبل بشكل كامل)، كما إنها لم تظهر على أي من الخرائط المرفقة للتقرير.
إذا كانت حدود هجليج ضمت إلى غرب كردفان من قبل الخرطوم أم لا؛ فهذا لم يؤثر على قرارنا بأي حال من الأحوال، بما أننا كنا نستخدم حدود العام 1933م كنقطة ثابتة بحيث يمكننا تثبيت خط حدود أبيي الشمالي، وليس الحدود الفاصلة بين غرب كردفان والوحدة كما كانت في 2005م. كان بالإمكان إدراج هجليج/بانثو في قرار لجنة التحكيم فقط إذا كانت تقع إلى الغرب من خط حدود 1931م. إذا كان موقعها في الواقع إلى الشرق من هذا الخط عندئذ لا يمكن إدراجها في حكم اللجنة.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط نفس الوزن للأدلة الشفهية والأدلة التاريخية كما فعلنا نحن عند مراجعة الحدود الشرقية لمنطقة أبيي. واستند القرار لضبط الحدود على تقييمهم بأننا لم نقدم سببا مقنعا في تقرير لجنة التحكيم لحدود أبيي من أجل تبني الحدود القديمة لكردفان- أعالي النيل كحدود شرقية لمنطقة دينكا نقوك.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط حكما حول بانثو/هجليج نفسها، أو عن أي جزء آخر من خط حدود العام 1956م. للقيام بذلك كان عليها تجاوز تفويضها، وإذا تجاوزت المحكمة تفويضها فلا شك أن حكومة السودان ستعترض.
حكومة جنوب السودان أكدت مطالبتها ببانثو/هجليج بعد فترة قصيرة من حكم لجنة تحكيم أبيي، مشيرة إلى أن قضية هجليج لا تزال بحاجة للحل خلال عملية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. وكررت ذلك في ما قدمته للجنة الفنية للحدود بين الشمال والجنوب، ولدى الآلية التنفيذية رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي.
{ الحل
نظرا لتاريخ منطقة «فانراو» الموضح سابقا (راجع عدد السبت) فإن أية حكومة أو هيئة دولية تعلن أن هجليج «معترف بها دوليا» سيكون بأفضل الأحوال إعلانا سابقا لأوانه، أو مسيئا للقرار النهائي في أسوأ الأحوال.
السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه -وفقا لأحكام لجنة تحكيم أبيي- هو ما إذا كانت بانثو/هجليج في الشرق أو الغرب من خط حدود 1931م. فإذا كانت شرقا فإنها جزء من ولاية الوحدة، وإذا كانت غربا فهي جزء من جنوب كردفان. فإذا كانت جزءا من الوحدة فهي جزء من جنوب السودان، وإذا كانت جزءا من جنوب كردفان فهي جزء من السودان.
يجب أن نتذكر أن دليل الخريطة ليس سوى تمثيل للوضع على الأرض. الخرائط يمكن أن تكون غير دقيقة، خاطئة، أو تم التلاعب بها. الشهادة بالوثائق أو شفاهة عن كيف كانت تدار المنطقة منذ 1931م لا تقل أهمية، إن لم تكن أكثر أهمية في تحديد الحق الشرعي على هجليج/بانثو. وينبغي النظر في كل هذه الأدلة للتوصل إلى حل منصف وعادل لهذا النزاع.
خلق اكتشاف النفط في أواخر العام 1970م توترات فورية بين الحكومة المركزية في الخرطوم والحكومة الإقليمية في جوبا. أعلن النفط موردا قوميا، وتكتمت الخرطوم حول مواقع حقول النفط الرئيسية في إعلاناتها الرسمية، مكتفية فقط بالإشارة إلى أنها تقع على بعد 500 كيلومتر جنوب الخرطوم. وأطلق على أول الحقول المكتشفة أسماء من قبيل (الوحدة) و(هجليج) وهي تسميات تخفي مواقع تلك الحقول. واتخذت شركة شيفرون الأمريكية مقرا في المجلد بدلا عن بانتيو.
في العام 1980 حاول مجلس الشعب (البرلمان) إعادة ترسيم حدود مديرية أعالي النيل مع تمرير تشريع جديد بإنشاء حكومات إقليمية جديدة في شمال السودان. وحوت الخريطة المرفقة تبعية حقول النفط إلى كردفان. وتم سحب هذه الخريطة بعد احتجاجات من الحكومة الإقليمية في الجنوب.
وكان من أوائل هذه الحقول التي يجري العمل عليها في هجليج (وتسمى بانثو وتعني مكان أو قرية الهجليج بلغة الدينكا). وقدم مقترح للرئيس النميري بتشكيل منطقة جديدة للوحدة بواسطة دمج مناطق غرب أعالي النيل، أبيي، وجزء من جنوب كردفان. ولكن في النهاية تم تغيير تسمية غرب أعالي النيل فقط للوحدة، عندما تم إلغاء المنطقة الجنوبية في 1983م وأعيدت أعالي النيل بإعادة توحيد أعالي النيل ومديرية جونقلي.
وكان هناك جدل أيضا حول تحديد موقع لمصفاة تكرير النفط القادم من الحقل، واتخذ قرار بأن يكون موقع المصفاة في كوستي بمديرية النيل الأبيض ويتم ربطها بحقول النفط بواسطة خط أنابيب. وفي العام 1983م وقبل وقت قصير من التمرد في بور واندلاع الحرب الأهلية صدرت خريطة رسمية جديدة لمسار خط الأنابيب، التي تبين أن الخط يبدأ من حقول النفط في غرب أعالي النيل لكنه يتجه مباشرة من أعالي النيل إلى كردفان في موازاة النيل الأبيض حتى يصل إلى كوستي.
ووضعت الحرب الأهلية حدا لعمليات التنقيب عن النفط في أعالي النيل حتى العام 1990م حيث تمكنت القوات المسلحة والمليشيات المتحالفة معها من إخلاء مناطق واسعة من سكانها. لتأسيس صناعة النفط في ولاية الوحدة تم نقل السكان الأصليين، خاصة على طول الخط الحدودي القديم للمديريات. أراضي «فانراو» بصفة خاصة جرى إعادة توطين قاطنيها لإفساح الطريق لتنمية وتوسيع صناعة النفط.
وصولا للعام 2003م كان المفهوم أن بانثو أو هجليج كانت جزءا من إدارة ولاية الوحدة، وهو ما وصفه بها والي الوحدة الذي عينه المؤتمر الوطني د. جوزيف مونيتويل في تقريره السنوي عام 2003م. قبل أن يتم إبلاغه بواسطة د. نافع علي نافع وزير الحكم الاتحادي حينذاك في مكتب الرئاسة بخطئه وأن هجليج لا تتبع لولاية الوحدة ولكنها تتبع لولاية غرب كردفان كما هو مبين في الخريطة المعتمدة من الهيئة القومية للمساحة. والخريطة المرفقة التي تحدد التصحيح لم تكن مفصلة بما فيه الكفاية لتحدد ما إذا كانت هجليج تقع في ما يتعلق بخط حدود المديريات للعام 1931م عند خط 29° 32' (وبعض الثواني) أم أن الخط قد جرى تحريكه ليضم هجليج في غرب كردفان.
{ هجليج ولجنة حدود أبيي
لقد تم التأكيد بأن يشيع أن لجنة حدود أبيي 2005م التي كنت عضوا فيها- حددت موقع هجليج بالنسبة إلى أبيي، وأن حكم لجنة التحكيم الدولية حدد في نهاية المطاف أنها كانت جزءا من السودان، وهذا ما لم يؤكد بصورة قاطعة بعد.
كلفت لجنة التحكيم الدولية لتحديد أراضي نظارات دينكا نقوك التسع التي نقلت من بحر الغزال إلى كردفان في 1905م. وقد تم تنبيهنا من قبل أعضاء الوفد الحكومي لعدم الأخذ في الاعتبار أي تطورات في أوضاع المناطق ما قبل تاريخ 1905م. عمليا هذا يعني أن تطوير زراعة القطن في «نياما»، وتشييد خط السكة الحديد الذي يمر بالميرم، وحفر الآبار النفطية ليست ذات صلة بمداولاتنا ولم تكن عاملا في قرارنا.
وكذلك الخرائط التي كانت في حوزتنا التي فحصناها كأدلة طبوغرافية، ديموغرافية، وتاريخية لم تتضمن تفاصيل للإنشاءات النفطية الأخيرة وما حولها. وحين طلبنا الحصول على نسخ آخر إصدارة لخرائط 1:250,000 لمقارنتها مع الخرائط التاريخية التي راجعناها لم نحصل عليها.
إن فهمنا للشهادات الشفهية التي جمعناها من مجموعات من دينكا نقوك ودينكا روينق تفيد بأن أراضي نقوك وروينق كانت متجاورة، وهي في الواقع كما وصفت على خريطة قبائل جنوب السودان لهيئة المساحة السودانية 1:200,000 (الخريطة 1). كنا نعلم من السجلات التاريخية المشار إليها أعلاه، أن الروينق انتقلوا شيئا فشيئا، من جبال النوبة، بحر الغزال وكردفان إلى أعالي النيل، وأن حدود المديرية المرسومة على خريطة 1931 بعد آخر انتقال كانت تمثل تماما الخط الفاصل بين مناطق الروينق ودينكا نقوك. ورسمنا حدودنا وصولا إلى ذلك الخط، الذي كان أيضا خط حدود المديريات الموجود في العام 1956م.
لجنة تحكيم أبيي لم تدفع بخط الحدود شرقا من أجل إدراج هجليج في أبيي. وذكرت هجليج مرة واحدة لتمرير التقرير (كجزء من إذعان الحركة الشعبية الذي لم يُقبل بشكل كامل)، كما إنها لم تظهر على أي من الخرائط المرفقة للتقرير.
إذا كانت حدود هجليج ضمت إلى غرب كردفان من قبل الخرطوم أم لا؛ فهذا لم يؤثر على قرارنا بأي حال من الأحوال، بما أننا كنا نستخدم حدود العام 1933م كنقطة ثابتة بحيث يمكننا تثبيت خط حدود أبيي الشمالي، وليس الحدود الفاصلة بين غرب كردفان والوحدة كما كانت في 2005م. كان بالإمكان إدراج هجليج/بانثو في قرار لجنة التحكيم فقط إذا كانت تقع إلى الغرب من خط حدود 1931م. إذا كان موقعها في الواقع إلى الشرق من هذا الخط عندئذ لا يمكن إدراجها في حكم اللجنة.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط نفس الوزن للأدلة الشفهية والأدلة التاريخية كما فعلنا نحن عند مراجعة الحدود الشرقية لمنطقة أبيي. واستند القرار لضبط الحدود على تقييمهم بأننا لم نقدم سببا مقنعا في تقرير لجنة التحكيم لحدود أبيي من أجل تبني الحدود القديمة لكردفان- أعالي النيل كحدود شرقية لمنطقة دينكا نقوك.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط حكما حول بانثو/هجليج نفسها، أو عن أي جزء آخر من خط حدود العام 1956م. للقيام بذلك كان عليها تجاوز تفويضها، وإذا تجاوزت المحكمة تفويضها فلا شك أن حكومة السودان ستعترض.
حكومة جنوب السودان أكدت مطالبتها ببانثو/هجليج بعد فترة قصيرة من حكم لجنة تحكيم أبيي، مشيرة إلى أن قضية هجليج لا تزال بحاجة للحل خلال عملية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. وكررت ذلك في ما قدمته للجنة الفنية للحدود بين الشمال والجنوب، ولدى الآلية التنفيذية رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي.
{ الحل
نظرا لتاريخ منطقة «فانراو» الموضح سابقا (راجع عدد السبت) فإن أية حكومة أو هيئة دولية تعلن أن هجليج «معترف بها دوليا» سيكون بأفضل الأحوال إعلانا سابقا لأوانه، أو مسيئا للقرار النهائي في أسوأ الأحوال.
السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه -وفقا لأحكام لجنة تحكيم أبيي- هو ما إذا كانت بانثو/هجليج في الشرق أو الغرب من خط حدود 1931م. فإذا كانت شرقا فإنها جزء من ولاية الوحدة، وإذا كانت غربا فهي جزء من جنوب كردفان. فإذا كانت جزءا من الوحدة فهي جزء من جنوب السودان، وإذا كانت جزءا من جنوب كردفان فهي جزء من السودان.
يجب أن نتذكر أن دليل الخريطة ليس سوى تمثيل للوضع على الأرض. الخرائط يمكن أن تكون غير دقيقة، خاطئة، أو تم التلاعب بها. الشهادة بالوثائق أو شفاهة عن كيف كانت تدار المنطقة منذ 1931م لا تقل أهمية، إن لم تكن أكثر أهمية في تحديد الحق الشرعي على هجليج/بانثو. وينبغي النظر في كل هذه الأدلة للتوصل إلى حل منصف وعادل لهذا النزاع.
خلق اكتشاف النفط في أواخر العام 1970م توترات فورية بين الحكومة المركزية في الخرطوم والحكومة الإقليمية في جوبا. أعلن النفط موردا قوميا، وتكتمت الخرطوم حول مواقع حقول النفط الرئيسية في إعلاناتها الرسمية، مكتفية فقط بالإشارة إلى أنها تقع على بعد 500 كيلومتر جنوب الخرطوم. وأطلق على أول الحقول المكتشفة أسماء من قبيل (الوحدة) و(هجليج) وهي تسميات تخفي مواقع تلك الحقول. واتخذت شركة شيفرون الأمريكية مقرا في المجلد بدلا عن بانتيو.
في العام 1980 حاول مجلس الشعب (البرلمان) إعادة ترسيم حدود مديرية أعالي النيل مع تمرير تشريع جديد بإنشاء حكومات إقليمية جديدة في شمال السودان. وحوت الخريطة المرفقة تبعية حقول النفط إلى كردفان. وتم سحب هذه الخريطة بعد احتجاجات من الحكومة الإقليمية في الجنوب.
وكان من أوائل هذه الحقول التي يجري العمل عليها في هجليج (وتسمى بانثو وتعني مكان أو قرية الهجليج بلغة الدينكا). وقدم مقترح للرئيس النميري بتشكيل منطقة جديدة للوحدة بواسطة دمج مناطق غرب أعالي النيل، أبيي، وجزء من جنوب كردفان. ولكن في النهاية تم تغيير تسمية غرب أعالي النيل فقط للوحدة، عندما تم إلغاء المنطقة الجنوبية في 1983م وأعيدت أعالي النيل بإعادة توحيد أعالي النيل ومديرية جونقلي.
وكان هناك جدل أيضا حول تحديد موقع لمصفاة تكرير النفط القادم من الحقل، واتخذ قرار بأن يكون موقع المصفاة في كوستي بمديرية النيل الأبيض ويتم ربطها بحقول النفط بواسطة خط أنابيب. وفي العام 1983م وقبل وقت قصير من التمرد في بور واندلاع الحرب الأهلية صدرت خريطة رسمية جديدة لمسار خط الأنابيب، التي تبين أن الخط يبدأ من حقول النفط في غرب أعالي النيل لكنه يتجه مباشرة من أعالي النيل إلى كردفان في موازاة النيل الأبيض حتى يصل إلى كوستي.
ووضعت الحرب الأهلية حدا لعمليات التنقيب عن النفط في أعالي النيل حتى العام 1990م حيث تمكنت القوات المسلحة والمليشيات المتحالفة معها من إخلاء مناطق واسعة من سكانها. لتأسيس صناعة النفط في ولاية الوحدة تم نقل السكان الأصليين، خاصة على طول الخط الحدودي القديم للمديريات. أراضي «فانراو» بصفة خاصة جرى إعادة توطين قاطنيها لإفساح الطريق لتنمية وتوسيع صناعة النفط.
وصولا للعام 2003م كان المفهوم أن بانثو أو هجليج كانت جزءا من إدارة ولاية الوحدة، وهو ما وصفه بها والي الوحدة الذي عينه المؤتمر الوطني د. جوزيف مونيتويل في تقريره السنوي عام 2003م. قبل أن يتم إبلاغه بواسطة د. نافع علي نافع وزير الحكم الاتحادي حينذاك في مكتب الرئاسة بخطئه وأن هجليج لا تتبع لولاية الوحدة ولكنها تتبع لولاية غرب كردفان كما هو مبين في الخريطة المعتمدة من الهيئة القومية للمساحة. والخريطة المرفقة التي تحدد التصحيح لم تكن مفصلة بما فيه الكفاية لتحدد ما إذا كانت هجليج تقع في ما يتعلق بخط حدود المديريات للعام 1931م عند خط 29° 32' (وبعض الثواني) أم أن الخط قد جرى تحريكه ليضم هجليج في غرب كردفان.
{ هجليج ولجنة حدود أبيي
لقد تم التأكيد بأن يشيع أن لجنة حدود أبيي 2005م التي كنت عضوا فيها- حددت موقع هجليج بالنسبة إلى أبيي، وأن حكم لجنة التحكيم الدولية حدد في نهاية المطاف أنها كانت جزءا من السودان، وهذا ما لم يؤكد بصورة قاطعة بعد.
كلفت لجنة التحكيم الدولية لتحديد أراضي نظارات دينكا نقوك التسع التي نقلت من بحر الغزال إلى كردفان في 1905م. وقد تم تنبيهنا من قبل أعضاء الوفد الحكومي لعدم الأخذ في الاعتبار أي تطورات في أوضاع المناطق ما قبل تاريخ 1905م. عمليا هذا يعني أن تطوير زراعة القطن في «نياما»، وتشييد خط السكة الحديد الذي يمر بالميرم، وحفر الآبار النفطية ليست ذات صلة بمداولاتنا ولم تكن عاملا في قرارنا.
وكذلك الخرائط التي كانت في حوزتنا التي فحصناها كأدلة طبوغرافية، ديموغرافية، وتاريخية لم تتضمن تفاصيل للإنشاءات النفطية الأخيرة وما حولها. وحين طلبنا الحصول على نسخ آخر إصدارة لخرائط 1:250,000 لمقارنتها مع الخرائط التاريخية التي راجعناها لم نحصل عليها.
إن فهمنا للشهادات الشفهية التي جمعناها من مجموعات من دينكا نقوك ودينكا روينق تفيد بأن أراضي نقوك وروينق كانت متجاورة، وهي في الواقع كما وصفت على خريطة قبائل جنوب السودان لهيئة المساحة السودانية 1:200,000 (الخريطة 1). كنا نعلم من السجلات التاريخية المشار إليها أعلاه، أن الروينق انتقلوا شيئا فشيئا، من جبال النوبة، بحر الغزال وكردفان إلى أعالي النيل، وأن حدود المديرية المرسومة على خريطة 1931 بعد آخر انتقال كانت تمثل تماما الخط الفاصل بين مناطق الروينق ودينكا نقوك. ورسمنا حدودنا وصولا إلى ذلك الخط، الذي كان أيضا خط حدود المديريات الموجود في العام 1956م.
لجنة تحكيم أبيي لم تدفع بخط الحدود شرقا من أجل إدراج هجليج في أبيي. وذكرت هجليج مرة واحدة لتمرير التقرير (كجزء من إذعان الحركة الشعبية الذي لم يُقبل بشكل كامل)، كما إنها لم تظهر على أي من الخرائط المرفقة للتقرير.
إذا كانت حدود هجليج ضمت إلى غرب كردفان من قبل الخرطوم أم لا؛ فهذا لم يؤثر على قرارنا بأي حال من الأحوال، بما أننا كنا نستخدم حدود العام 1933م كنقطة ثابتة بحيث يمكننا تثبيت خط حدود أبيي الشمالي، وليس الحدود الفاصلة بين غرب كردفان والوحدة كما كانت في 2005م. كان بالإمكان إدراج هجليج/بانثو في قرار لجنة التحكيم فقط إذا كانت تقع إلى الغرب من خط حدود 1931م. إذا كان موقعها في الواقع إلى الشرق من هذا الخط عندئذ لا يمكن إدراجها في حكم اللجنة.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط نفس الوزن للأدلة الشفهية والأدلة التاريخية كما فعلنا نحن عند مراجعة الحدود الشرقية لمنطقة أبيي. واستند القرار لضبط الحدود على تقييمهم بأننا لم نقدم سببا مقنعا في تقرير لجنة التحكيم لحدود أبيي من أجل تبني الحدود القديمة لكردفان- أعالي النيل كحدود شرقية لمنطقة دينكا نقوك.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط حكما حول بانثو/هجليج نفسها، أو عن أي جزء آخر من خط حدود العام 1956م. للقيام بذلك كان عليها تجاوز تفويضها، وإذا تجاوزت المحكمة تفويضها فلا شك أن حكومة السودان ستعترض.
حكومة جنوب السودان أكدت مطالبتها ببانثو/هجليج بعد فترة قصيرة من حكم لجنة تحكيم أبيي، مشيرة إلى أن قضية هجليج لا تزال بحاجة للحل خلال عملية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. وكررت ذلك في ما قدمته للجنة الفنية للحدود بين الشمال والجنوب، ولدى الآلية التنفيذية رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي.
{ الحل
نظرا لتاريخ منطقة «فانراو» الموضح سابقا (راجع عدد السبت) فإن أية حكومة أو هيئة دولية تعلن أن هجليج «معترف بها دوليا» سيكون بأفضل الأحوال إعلانا سابقا لأوانه، أو مسيئا للقرار النهائي في أسوأ الأحوال.
السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه -وفقا لأحكام لجنة تحكيم أبيي- هو ما إذا كانت بانثو/هجليج في الشرق أو الغرب من خط حدود 1931م. فإذا كانت شرقا فإنها جزء من ولاية الوحدة، وإذا كانت غربا فهي جزء من جنوب كردفان. فإذا كانت جزءا من الوحدة فهي جزء من جنوب السودان، وإذا كانت جزءا من جنوب كردفان فهي جزء من السودان.
يجب أن نتذكر أن دليل الخريطة ليس سوى تمثيل للوضع على الأرض. الخرائط يمكن أن تكون غير دقيقة، خاطئة، أو تم التلاعب بها. الشهادة بالوثائق أو شفاهة عن كيف كانت تدار المنطقة منذ 1931م لا تقل أهمية، إن لم تكن أكثر أهمية في تحديد الحق الشرعي على هجليج/بانثو. وينبغي النظر في كل هذه الأدلة للتوصل إلى حل منصف وعادل لهذا النزاع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.