اللاعبين الأعلى دخلًا بالعالم.. من جاء في القائمة؟    جبريل : مرحباً بأموال الإستثمار الاجنبي في قطاع الصناعة بالسودان    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    بعد رحلة شاقة "بورتسودان.. الدوحة ثم الرباط ونهاية بالخميسات"..بعثة منتخب الشباب تحط رحالها في منتجع ضاية الرومي بالخميسات    على هامش مشاركته في عمومية الفيفا ببانكوك..وفد الاتحاد السوداني ينخرط في اجتماعات متواصلة مع مكاتب الفيفا    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    شاهد بالفيديو.. الرجل السودني الذي ظهر في مقطع مع الراقصة آية أفرو وهو يتغزل فيها يشكو من سخرية الجمهور : (ما تعرضت له من هجوم لم يتعرض له أهل بغداد في زمن التتار)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان أحمد محمد عوض يتغزل في الحسناء المصرية العاشقة للفن السوداني (زولتنا وحبيبتنا وبنحبها جداً) وساخرون: (انبراش قدام النور والجمهور)    الخارجية تنفي تصريحا بعدم منحها تأشيرة للمبعوث    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    مطار دنقلا.. مناشدة عاجلة إلى رئيس مجلس السيادة    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    بعد حريق.. هبوط اضطراري لطائرة ركاب متجهة إلى السعودية    نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    رسميا.. كأس العرب في قطر    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذكرة دوغلاس حول هجليج.. ماذا وراءها؟
نشر في الأهرام اليوم يوم 08 - 05 - 2012

معارك من طراز آخر تدور بين الفرقاء، كلٌّ يبتغي تجيير التاريخ إلى صفّه.. فمن يكسب النزال
النفط، تغيير الأسماء
خلق اكتشاف النفط في أواخر العام 1970م توترات فورية بين الحكومة المركزية في الخرطوم والحكومة الإقليمية في جوبا. أعلن النفط موردا قوميا، وتكتمت الخرطوم حول مواقع حقول النفط الرئيسية في إعلاناتها الرسمية، مكتفية فقط بالإشارة إلى أنها تقع على بعد 500 كيلومتر جنوب الخرطوم. وأطلق على أول الحقول المكتشفة أسماء من قبيل (الوحدة) و(هجليج) وهي تسميات تخفي مواقع تلك الحقول. واتخذت شركة شيفرون الأمريكية مقرا في المجلد بدلا عن بانتيو.
في العام 1980 حاول مجلس الشعب (البرلمان) إعادة ترسيم حدود مديرية أعالي النيل مع تمرير تشريع جديد بإنشاء حكومات إقليمية جديدة في شمال السودان. وحوت الخريطة المرفقة تبعية حقول النفط إلى كردفان. وتم سحب هذه الخريطة بعد احتجاجات من الحكومة الإقليمية في الجنوب.
وكان من أوائل هذه الحقول التي يجري العمل عليها في هجليج (وتسمى بانثو وتعني مكان أو قرية الهجليج بلغة الدينكا). وقدم مقترح للرئيس النميري بتشكيل منطقة جديدة للوحدة بواسطة دمج مناطق غرب أعالي النيل، أبيي، وجزء من جنوب كردفان. ولكن في النهاية تم تغيير تسمية غرب أعالي النيل فقط للوحدة، عندما تم إلغاء المنطقة الجنوبية في 1983م وأعيدت أعالي النيل بإعادة توحيد أعالي النيل ومديرية جونقلي.
وكان هناك جدل أيضا حول تحديد موقع لمصفاة تكرير النفط القادم من الحقل، واتخذ قرار بأن يكون موقع المصفاة في كوستي بمديرية النيل الأبيض ويتم ربطها بحقول النفط بواسطة خط أنابيب. وفي العام 1983م وقبل وقت قصير من التمرد في بور واندلاع الحرب الأهلية صدرت خريطة رسمية جديدة لمسار خط الأنابيب، التي تبين أن الخط يبدأ من حقول النفط في غرب أعالي النيل لكنه يتجه مباشرة من أعالي النيل إلى كردفان في موازاة النيل الأبيض حتى يصل إلى كوستي.
ووضعت الحرب الأهلية حدا لعمليات التنقيب عن النفط في أعالي النيل حتى العام 1990م حيث تمكنت القوات المسلحة والمليشيات المتحالفة معها من إخلاء مناطق واسعة من سكانها. لتأسيس صناعة النفط في ولاية الوحدة تم نقل السكان الأصليين، خاصة على طول الخط الحدودي القديم للمديريات. أراضي «فانراو» بصفة خاصة جرى إعادة توطين قاطنيها لإفساح الطريق لتنمية وتوسيع صناعة النفط.
وصولا للعام 2003م كان المفهوم أن بانثو أو هجليج كانت جزءا من إدارة ولاية الوحدة، وهو ما وصفه بها والي الوحدة الذي عينه المؤتمر الوطني د. جوزيف مونيتويل في تقريره السنوي عام 2003م. قبل أن يتم إبلاغه بواسطة د. نافع علي نافع وزير الحكم الاتحادي حينذاك في مكتب الرئاسة بخطئه وأن هجليج لا تتبع لولاية الوحدة ولكنها تتبع لولاية غرب كردفان كما هو مبين في الخريطة المعتمدة من الهيئة القومية للمساحة. والخريطة المرفقة التي تحدد التصحيح لم تكن مفصلة بما فيه الكفاية لتحدد ما إذا كانت هجليج تقع في ما يتعلق بخط حدود المديريات للعام 1931م عند خط 29° 32' (وبعض الثواني) أم أن الخط قد جرى تحريكه ليضم هجليج في غرب كردفان.
* هجليج ولجنة حدود أبيي
لقد تم التأكيد بأن يشيع أن لجنة حدود أبيي 2005م التي كنت عضوا فيها- حددت موقع هجليج بالنسبة إلى أبيي، وأن حكم لجنة التحكيم الدولية حدد في نهاية المطاف أنها كانت جزءا من السودان، وهذا ما لم يؤكد بصورة قاطعة بعد.
كلفت لجنة التحكيم الدولية لتحديد أراضي نظارات دينكا نقوك التسع التي نقلت من بحر الغزال إلى كردفان في 1905م. وقد تم تنبيهنا من قبل أعضاء الوفد الحكومي لعدم الأخذ في الاعتبار أي تطورات في أوضاع المناطق ما قبل تاريخ 1905م. عمليا هذا يعني أن تطوير زراعة القطن في «نياما»، وتشييد خط السكة الحديد الذي يمر بالميرم، وحفر الآبار النفطية ليست ذات صلة بمداولاتنا ولم تكن عاملا في قرارنا.
وكذلك الخرائط التي كانت في حوزتنا التي فحصناها كأدلة طبوغرافية، ديموغرافية، وتاريخية لم تتضمن تفاصيل للإنشاءات النفطية الأخيرة وما حولها. وحين طلبنا الحصول على نسخ آخر إصدارة لخرائط 1:250,000 لمقارنتها مع الخرائط التاريخية التي راجعناها لم نحصل عليها.
إن فهمنا للشهادات الشفهية التي جمعناها من مجموعات من دينكا نقوك ودينكا روينق تفيد بأن أراضي نقوك وروينق كانت متجاورة، وهي في الواقع كما وصفت على خريطة قبائل جنوب السودان لهيئة المساحة السودانية 1:200,000 (الخريطة 1). كنا نعلم من السجلات التاريخية المشار إليها أعلاه، أن الروينق انتقلوا شيئا فشيئا، من جبال النوبة، بحر الغزال وكردفان إلى أعالي النيل، وأن حدود المديرية المرسومة على خريطة 1931 بعد آخر انتقال كانت تمثل تماما الخط الفاصل بين مناطق الروينق ودينكا نقوك. ورسمنا حدودنا وصولا إلى ذلك الخط، الذي كان أيضا خط حدود المديريات الموجود في العام 1956م.
لجنة تحكيم أبيي لم تدفع بخط الحدود شرقا من أجل إدراج هجليج في أبيي. وذكرت هجليج مرة واحدة لتمرير التقرير (كجزء من إذعان الحركة الشعبية الذي لم يُقبل بشكل كامل)، كما إنها لم تظهر على أي من الخرائط المرفقة للتقرير.
إذا كانت حدود هجليج ضمت إلى غرب كردفان من قبل الخرطوم أم لا؛ فهذا لم يؤثر على قرارنا بأي حال من الأحوال، بما أننا كنا نستخدم حدود العام 1933م كنقطة ثابتة بحيث يمكننا تثبيت خط حدود أبيي الشمالي، وليس الحدود الفاصلة بين غرب كردفان والوحدة كما كانت في 2005م. كان بالإمكان إدراج هجليج/بانثو في قرار لجنة التحكيم فقط إذا كانت تقع إلى الغرب من خط حدود 1931م. إذا كان موقعها في الواقع إلى الشرق من هذا الخط عندئذ لا يمكن إدراجها في حكم اللجنة.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط نفس الوزن للأدلة الشفهية والأدلة التاريخية كما فعلنا نحن عند مراجعة الحدود الشرقية لمنطقة أبيي. واستند القرار لضبط الحدود على تقييمهم بأننا لم نقدم سببا مقنعا في تقرير لجنة التحكيم لحدود أبيي من أجل تبني الحدود القديمة لكردفان- أعالي النيل كحدود شرقية لمنطقة دينكا نقوك.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط حكما حول بانثو/هجليج نفسها، أو عن أي جزء آخر من خط حدود العام 1956م. للقيام بذلك كان عليها تجاوز تفويضها، وإذا تجاوزت المحكمة تفويضها فلا شك أن حكومة السودان ستعترض.
حكومة جنوب السودان أكدت مطالبتها ببانثو/هجليج بعد فترة قصيرة من حكم لجنة تحكيم أبيي، مشيرة إلى أن قضية هجليج لا تزال بحاجة للحل خلال عملية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. وكررت ذلك في ما قدمته للجنة الفنية للحدود بين الشمال والجنوب، ولدى الآلية التنفيذية رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي.
* الحل
نظرا لتاريخ منطقة «فانراو» الموضح سابقا (راجع عدد السبت) فإن أية حكومة أو هيئة دولية تعلن أن هجليج «معترف بها دوليا» سيكون بأفضل الأحوال إعلانا سابقا لأوانه، أو مسيئا للقرار النهائي في أسوأ الأحوال.
السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه -وفقا لأحكام لجنة تحكيم أبيي- هو ما إذا كانت بانثو/هجليج في الشرق أو الغرب من خط حدود 1931م. فإذا كانت شرقا فإنها جزء من ولاية الوحدة، وإذا كانت غربا فهي جزء من جنوب كردفان. فإذا كانت جزءا من الوحدة فهي جزء من جنوب السودان، وإذا كانت جزءا من جنوب كردفان فهي جزء من السودان.
يجب أن نتذكر أن دليل الخريطة ليس سوى تمثيل للوضع على الأرض. الخرائط يمكن أن تكون غير دقيقة، خاطئة، أو تم التلاعب بها. الشهادة بالوثائق أو شفاهة عن كيف كانت تدار المنطقة منذ 1931م لا تقل أهمية، إن لم تكن أكثر أهمية في تحديد الحق الشرعي على هجليج/بانثو. وينبغي النظر في كل هذه الأدلة للتوصل إلى حل منصف وعادل لهذا النزاع.
خلق اكتشاف النفط في أواخر العام 1970م توترات فورية بين الحكومة المركزية في الخرطوم والحكومة الإقليمية في جوبا. أعلن النفط موردا قوميا، وتكتمت الخرطوم حول مواقع حقول النفط الرئيسية في إعلاناتها الرسمية، مكتفية فقط بالإشارة إلى أنها تقع على بعد 500 كيلومتر جنوب الخرطوم. وأطلق على أول الحقول المكتشفة أسماء من قبيل (الوحدة) و(هجليج) وهي تسميات تخفي مواقع تلك الحقول. واتخذت شركة شيفرون الأمريكية مقرا في المجلد بدلا عن بانتيو.
في العام 1980 حاول مجلس الشعب (البرلمان) إعادة ترسيم حدود مديرية أعالي النيل مع تمرير تشريع جديد بإنشاء حكومات إقليمية جديدة في شمال السودان. وحوت الخريطة المرفقة تبعية حقول النفط إلى كردفان. وتم سحب هذه الخريطة بعد احتجاجات من الحكومة الإقليمية في الجنوب.
وكان من أوائل هذه الحقول التي يجري العمل عليها في هجليج (وتسمى بانثو وتعني مكان أو قرية الهجليج بلغة الدينكا). وقدم مقترح للرئيس النميري بتشكيل منطقة جديدة للوحدة بواسطة دمج مناطق غرب أعالي النيل، أبيي، وجزء من جنوب كردفان. ولكن في النهاية تم تغيير تسمية غرب أعالي النيل فقط للوحدة، عندما تم إلغاء المنطقة الجنوبية في 1983م وأعيدت أعالي النيل بإعادة توحيد أعالي النيل ومديرية جونقلي.
وكان هناك جدل أيضا حول تحديد موقع لمصفاة تكرير النفط القادم من الحقل، واتخذ قرار بأن يكون موقع المصفاة في كوستي بمديرية النيل الأبيض ويتم ربطها بحقول النفط بواسطة خط أنابيب. وفي العام 1983م وقبل وقت قصير من التمرد في بور واندلاع الحرب الأهلية صدرت خريطة رسمية جديدة لمسار خط الأنابيب، التي تبين أن الخط يبدأ من حقول النفط في غرب أعالي النيل لكنه يتجه مباشرة من أعالي النيل إلى كردفان في موازاة النيل الأبيض حتى يصل إلى كوستي.
ووضعت الحرب الأهلية حدا لعمليات التنقيب عن النفط في أعالي النيل حتى العام 1990م حيث تمكنت القوات المسلحة والمليشيات المتحالفة معها من إخلاء مناطق واسعة من سكانها. لتأسيس صناعة النفط في ولاية الوحدة تم نقل السكان الأصليين، خاصة على طول الخط الحدودي القديم للمديريات. أراضي «فانراو» بصفة خاصة جرى إعادة توطين قاطنيها لإفساح الطريق لتنمية وتوسيع صناعة النفط.
وصولا للعام 2003م كان المفهوم أن بانثو أو هجليج كانت جزءا من إدارة ولاية الوحدة، وهو ما وصفه بها والي الوحدة الذي عينه المؤتمر الوطني د. جوزيف مونيتويل في تقريره السنوي عام 2003م. قبل أن يتم إبلاغه بواسطة د. نافع علي نافع وزير الحكم الاتحادي حينذاك في مكتب الرئاسة بخطئه وأن هجليج لا تتبع لولاية الوحدة ولكنها تتبع لولاية غرب كردفان كما هو مبين في الخريطة المعتمدة من الهيئة القومية للمساحة. والخريطة المرفقة التي تحدد التصحيح لم تكن مفصلة بما فيه الكفاية لتحدد ما إذا كانت هجليج تقع في ما يتعلق بخط حدود المديريات للعام 1931م عند خط 29° 32' (وبعض الثواني) أم أن الخط قد جرى تحريكه ليضم هجليج في غرب كردفان.
{ هجليج ولجنة حدود أبيي
لقد تم التأكيد بأن يشيع أن لجنة حدود أبيي 2005م التي كنت عضوا فيها- حددت موقع هجليج بالنسبة إلى أبيي، وأن حكم لجنة التحكيم الدولية حدد في نهاية المطاف أنها كانت جزءا من السودان، وهذا ما لم يؤكد بصورة قاطعة بعد.
كلفت لجنة التحكيم الدولية لتحديد أراضي نظارات دينكا نقوك التسع التي نقلت من بحر الغزال إلى كردفان في 1905م. وقد تم تنبيهنا من قبل أعضاء الوفد الحكومي لعدم الأخذ في الاعتبار أي تطورات في أوضاع المناطق ما قبل تاريخ 1905م. عمليا هذا يعني أن تطوير زراعة القطن في «نياما»، وتشييد خط السكة الحديد الذي يمر بالميرم، وحفر الآبار النفطية ليست ذات صلة بمداولاتنا ولم تكن عاملا في قرارنا.
وكذلك الخرائط التي كانت في حوزتنا التي فحصناها كأدلة طبوغرافية، ديموغرافية، وتاريخية لم تتضمن تفاصيل للإنشاءات النفطية الأخيرة وما حولها. وحين طلبنا الحصول على نسخ آخر إصدارة لخرائط 1:250,000 لمقارنتها مع الخرائط التاريخية التي راجعناها لم نحصل عليها.
إن فهمنا للشهادات الشفهية التي جمعناها من مجموعات من دينكا نقوك ودينكا روينق تفيد بأن أراضي نقوك وروينق كانت متجاورة، وهي في الواقع كما وصفت على خريطة قبائل جنوب السودان لهيئة المساحة السودانية 1:200,000 (الخريطة 1). كنا نعلم من السجلات التاريخية المشار إليها أعلاه، أن الروينق انتقلوا شيئا فشيئا، من جبال النوبة، بحر الغزال وكردفان إلى أعالي النيل، وأن حدود المديرية المرسومة على خريطة 1931 بعد آخر انتقال كانت تمثل تماما الخط الفاصل بين مناطق الروينق ودينكا نقوك. ورسمنا حدودنا وصولا إلى ذلك الخط، الذي كان أيضا خط حدود المديريات الموجود في العام 1956م.
لجنة تحكيم أبيي لم تدفع بخط الحدود شرقا من أجل إدراج هجليج في أبيي. وذكرت هجليج مرة واحدة لتمرير التقرير (كجزء من إذعان الحركة الشعبية الذي لم يُقبل بشكل كامل)، كما إنها لم تظهر على أي من الخرائط المرفقة للتقرير.
إذا كانت حدود هجليج ضمت إلى غرب كردفان من قبل الخرطوم أم لا؛ فهذا لم يؤثر على قرارنا بأي حال من الأحوال، بما أننا كنا نستخدم حدود العام 1933م كنقطة ثابتة بحيث يمكننا تثبيت خط حدود أبيي الشمالي، وليس الحدود الفاصلة بين غرب كردفان والوحدة كما كانت في 2005م. كان بالإمكان إدراج هجليج/بانثو في قرار لجنة التحكيم فقط إذا كانت تقع إلى الغرب من خط حدود 1931م. إذا كان موقعها في الواقع إلى الشرق من هذا الخط عندئذ لا يمكن إدراجها في حكم اللجنة.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط نفس الوزن للأدلة الشفهية والأدلة التاريخية كما فعلنا نحن عند مراجعة الحدود الشرقية لمنطقة أبيي. واستند القرار لضبط الحدود على تقييمهم بأننا لم نقدم سببا مقنعا في تقرير لجنة التحكيم لحدود أبيي من أجل تبني الحدود القديمة لكردفان- أعالي النيل كحدود شرقية لمنطقة دينكا نقوك.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط حكما حول بانثو/هجليج نفسها، أو عن أي جزء آخر من خط حدود العام 1956م. للقيام بذلك كان عليها تجاوز تفويضها، وإذا تجاوزت المحكمة تفويضها فلا شك أن حكومة السودان ستعترض.
حكومة جنوب السودان أكدت مطالبتها ببانثو/هجليج بعد فترة قصيرة من حكم لجنة تحكيم أبيي، مشيرة إلى أن قضية هجليج لا تزال بحاجة للحل خلال عملية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. وكررت ذلك في ما قدمته للجنة الفنية للحدود بين الشمال والجنوب، ولدى الآلية التنفيذية رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي.
{ الحل
نظرا لتاريخ منطقة «فانراو» الموضح سابقا (راجع عدد السبت) فإن أية حكومة أو هيئة دولية تعلن أن هجليج «معترف بها دوليا» سيكون بأفضل الأحوال إعلانا سابقا لأوانه، أو مسيئا للقرار النهائي في أسوأ الأحوال.
السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه -وفقا لأحكام لجنة تحكيم أبيي- هو ما إذا كانت بانثو/هجليج في الشرق أو الغرب من خط حدود 1931م. فإذا كانت شرقا فإنها جزء من ولاية الوحدة، وإذا كانت غربا فهي جزء من جنوب كردفان. فإذا كانت جزءا من الوحدة فهي جزء من جنوب السودان، وإذا كانت جزءا من جنوب كردفان فهي جزء من السودان.
يجب أن نتذكر أن دليل الخريطة ليس سوى تمثيل للوضع على الأرض. الخرائط يمكن أن تكون غير دقيقة، خاطئة، أو تم التلاعب بها. الشهادة بالوثائق أو شفاهة عن كيف كانت تدار المنطقة منذ 1931م لا تقل أهمية، إن لم تكن أكثر أهمية في تحديد الحق الشرعي على هجليج/بانثو. وينبغي النظر في كل هذه الأدلة للتوصل إلى حل منصف وعادل لهذا النزاع.
خلق اكتشاف النفط في أواخر العام 1970م توترات فورية بين الحكومة المركزية في الخرطوم والحكومة الإقليمية في جوبا. أعلن النفط موردا قوميا، وتكتمت الخرطوم حول مواقع حقول النفط الرئيسية في إعلاناتها الرسمية، مكتفية فقط بالإشارة إلى أنها تقع على بعد 500 كيلومتر جنوب الخرطوم. وأطلق على أول الحقول المكتشفة أسماء من قبيل (الوحدة) و(هجليج) وهي تسميات تخفي مواقع تلك الحقول. واتخذت شركة شيفرون الأمريكية مقرا في المجلد بدلا عن بانتيو.
في العام 1980 حاول مجلس الشعب (البرلمان) إعادة ترسيم حدود مديرية أعالي النيل مع تمرير تشريع جديد بإنشاء حكومات إقليمية جديدة في شمال السودان. وحوت الخريطة المرفقة تبعية حقول النفط إلى كردفان. وتم سحب هذه الخريطة بعد احتجاجات من الحكومة الإقليمية في الجنوب.
وكان من أوائل هذه الحقول التي يجري العمل عليها في هجليج (وتسمى بانثو وتعني مكان أو قرية الهجليج بلغة الدينكا). وقدم مقترح للرئيس النميري بتشكيل منطقة جديدة للوحدة بواسطة دمج مناطق غرب أعالي النيل، أبيي، وجزء من جنوب كردفان. ولكن في النهاية تم تغيير تسمية غرب أعالي النيل فقط للوحدة، عندما تم إلغاء المنطقة الجنوبية في 1983م وأعيدت أعالي النيل بإعادة توحيد أعالي النيل ومديرية جونقلي.
وكان هناك جدل أيضا حول تحديد موقع لمصفاة تكرير النفط القادم من الحقل، واتخذ قرار بأن يكون موقع المصفاة في كوستي بمديرية النيل الأبيض ويتم ربطها بحقول النفط بواسطة خط أنابيب. وفي العام 1983م وقبل وقت قصير من التمرد في بور واندلاع الحرب الأهلية صدرت خريطة رسمية جديدة لمسار خط الأنابيب، التي تبين أن الخط يبدأ من حقول النفط في غرب أعالي النيل لكنه يتجه مباشرة من أعالي النيل إلى كردفان في موازاة النيل الأبيض حتى يصل إلى كوستي.
ووضعت الحرب الأهلية حدا لعمليات التنقيب عن النفط في أعالي النيل حتى العام 1990م حيث تمكنت القوات المسلحة والمليشيات المتحالفة معها من إخلاء مناطق واسعة من سكانها. لتأسيس صناعة النفط في ولاية الوحدة تم نقل السكان الأصليين، خاصة على طول الخط الحدودي القديم للمديريات. أراضي «فانراو» بصفة خاصة جرى إعادة توطين قاطنيها لإفساح الطريق لتنمية وتوسيع صناعة النفط.
وصولا للعام 2003م كان المفهوم أن بانثو أو هجليج كانت جزءا من إدارة ولاية الوحدة، وهو ما وصفه بها والي الوحدة الذي عينه المؤتمر الوطني د. جوزيف مونيتويل في تقريره السنوي عام 2003م. قبل أن يتم إبلاغه بواسطة د. نافع علي نافع وزير الحكم الاتحادي حينذاك في مكتب الرئاسة بخطئه وأن هجليج لا تتبع لولاية الوحدة ولكنها تتبع لولاية غرب كردفان كما هو مبين في الخريطة المعتمدة من الهيئة القومية للمساحة. والخريطة المرفقة التي تحدد التصحيح لم تكن مفصلة بما فيه الكفاية لتحدد ما إذا كانت هجليج تقع في ما يتعلق بخط حدود المديريات للعام 1931م عند خط 29° 32' (وبعض الثواني) أم أن الخط قد جرى تحريكه ليضم هجليج في غرب كردفان.
{ هجليج ولجنة حدود أبيي
لقد تم التأكيد بأن يشيع أن لجنة حدود أبيي 2005م التي كنت عضوا فيها- حددت موقع هجليج بالنسبة إلى أبيي، وأن حكم لجنة التحكيم الدولية حدد في نهاية المطاف أنها كانت جزءا من السودان، وهذا ما لم يؤكد بصورة قاطعة بعد.
كلفت لجنة التحكيم الدولية لتحديد أراضي نظارات دينكا نقوك التسع التي نقلت من بحر الغزال إلى كردفان في 1905م. وقد تم تنبيهنا من قبل أعضاء الوفد الحكومي لعدم الأخذ في الاعتبار أي تطورات في أوضاع المناطق ما قبل تاريخ 1905م. عمليا هذا يعني أن تطوير زراعة القطن في «نياما»، وتشييد خط السكة الحديد الذي يمر بالميرم، وحفر الآبار النفطية ليست ذات صلة بمداولاتنا ولم تكن عاملا في قرارنا.
وكذلك الخرائط التي كانت في حوزتنا التي فحصناها كأدلة طبوغرافية، ديموغرافية، وتاريخية لم تتضمن تفاصيل للإنشاءات النفطية الأخيرة وما حولها. وحين طلبنا الحصول على نسخ آخر إصدارة لخرائط 1:250,000 لمقارنتها مع الخرائط التاريخية التي راجعناها لم نحصل عليها.
إن فهمنا للشهادات الشفهية التي جمعناها من مجموعات من دينكا نقوك ودينكا روينق تفيد بأن أراضي نقوك وروينق كانت متجاورة، وهي في الواقع كما وصفت على خريطة قبائل جنوب السودان لهيئة المساحة السودانية 1:200,000 (الخريطة 1). كنا نعلم من السجلات التاريخية المشار إليها أعلاه، أن الروينق انتقلوا شيئا فشيئا، من جبال النوبة، بحر الغزال وكردفان إلى أعالي النيل، وأن حدود المديرية المرسومة على خريطة 1931 بعد آخر انتقال كانت تمثل تماما الخط الفاصل بين مناطق الروينق ودينكا نقوك. ورسمنا حدودنا وصولا إلى ذلك الخط، الذي كان أيضا خط حدود المديريات الموجود في العام 1956م.
لجنة تحكيم أبيي لم تدفع بخط الحدود شرقا من أجل إدراج هجليج في أبيي. وذكرت هجليج مرة واحدة لتمرير التقرير (كجزء من إذعان الحركة الشعبية الذي لم يُقبل بشكل كامل)، كما إنها لم تظهر على أي من الخرائط المرفقة للتقرير.
إذا كانت حدود هجليج ضمت إلى غرب كردفان من قبل الخرطوم أم لا؛ فهذا لم يؤثر على قرارنا بأي حال من الأحوال، بما أننا كنا نستخدم حدود العام 1933م كنقطة ثابتة بحيث يمكننا تثبيت خط حدود أبيي الشمالي، وليس الحدود الفاصلة بين غرب كردفان والوحدة كما كانت في 2005م. كان بالإمكان إدراج هجليج/بانثو في قرار لجنة التحكيم فقط إذا كانت تقع إلى الغرب من خط حدود 1931م. إذا كان موقعها في الواقع إلى الشرق من هذا الخط عندئذ لا يمكن إدراجها في حكم اللجنة.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط نفس الوزن للأدلة الشفهية والأدلة التاريخية كما فعلنا نحن عند مراجعة الحدود الشرقية لمنطقة أبيي. واستند القرار لضبط الحدود على تقييمهم بأننا لم نقدم سببا مقنعا في تقرير لجنة التحكيم لحدود أبيي من أجل تبني الحدود القديمة لكردفان- أعالي النيل كحدود شرقية لمنطقة دينكا نقوك.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط حكما حول بانثو/هجليج نفسها، أو عن أي جزء آخر من خط حدود العام 1956م. للقيام بذلك كان عليها تجاوز تفويضها، وإذا تجاوزت المحكمة تفويضها فلا شك أن حكومة السودان ستعترض.
حكومة جنوب السودان أكدت مطالبتها ببانثو/هجليج بعد فترة قصيرة من حكم لجنة تحكيم أبيي، مشيرة إلى أن قضية هجليج لا تزال بحاجة للحل خلال عملية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. وكررت ذلك في ما قدمته للجنة الفنية للحدود بين الشمال والجنوب، ولدى الآلية التنفيذية رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي.
{ الحل
نظرا لتاريخ منطقة «فانراو» الموضح سابقا (راجع عدد السبت) فإن أية حكومة أو هيئة دولية تعلن أن هجليج «معترف بها دوليا» سيكون بأفضل الأحوال إعلانا سابقا لأوانه، أو مسيئا للقرار النهائي في أسوأ الأحوال.
السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه -وفقا لأحكام لجنة تحكيم أبيي- هو ما إذا كانت بانثو/هجليج في الشرق أو الغرب من خط حدود 1931م. فإذا كانت شرقا فإنها جزء من ولاية الوحدة، وإذا كانت غربا فهي جزء من جنوب كردفان. فإذا كانت جزءا من الوحدة فهي جزء من جنوب السودان، وإذا كانت جزءا من جنوب كردفان فهي جزء من السودان.
يجب أن نتذكر أن دليل الخريطة ليس سوى تمثيل للوضع على الأرض. الخرائط يمكن أن تكون غير دقيقة، خاطئة، أو تم التلاعب بها. الشهادة بالوثائق أو شفاهة عن كيف كانت تدار المنطقة منذ 1931م لا تقل أهمية، إن لم تكن أكثر أهمية في تحديد الحق الشرعي على هجليج/بانثو. وينبغي النظر في كل هذه الأدلة للتوصل إلى حل منصف وعادل لهذا النزاع.
خلق اكتشاف النفط في أواخر العام 1970م توترات فورية بين الحكومة المركزية في الخرطوم والحكومة الإقليمية في جوبا. أعلن النفط موردا قوميا، وتكتمت الخرطوم حول مواقع حقول النفط الرئيسية في إعلاناتها الرسمية، مكتفية فقط بالإشارة إلى أنها تقع على بعد 500 كيلومتر جنوب الخرطوم. وأطلق على أول الحقول المكتشفة أسماء من قبيل (الوحدة) و(هجليج) وهي تسميات تخفي مواقع تلك الحقول. واتخذت شركة شيفرون الأمريكية مقرا في المجلد بدلا عن بانتيو.
في العام 1980 حاول مجلس الشعب (البرلمان) إعادة ترسيم حدود مديرية أعالي النيل مع تمرير تشريع جديد بإنشاء حكومات إقليمية جديدة في شمال السودان. وحوت الخريطة المرفقة تبعية حقول النفط إلى كردفان. وتم سحب هذه الخريطة بعد احتجاجات من الحكومة الإقليمية في الجنوب.
وكان من أوائل هذه الحقول التي يجري العمل عليها في هجليج (وتسمى بانثو وتعني مكان أو قرية الهجليج بلغة الدينكا). وقدم مقترح للرئيس النميري بتشكيل منطقة جديدة للوحدة بواسطة دمج مناطق غرب أعالي النيل، أبيي، وجزء من جنوب كردفان. ولكن في النهاية تم تغيير تسمية غرب أعالي النيل فقط للوحدة، عندما تم إلغاء المنطقة الجنوبية في 1983م وأعيدت أعالي النيل بإعادة توحيد أعالي النيل ومديرية جونقلي.
وكان هناك جدل أيضا حول تحديد موقع لمصفاة تكرير النفط القادم من الحقل، واتخذ قرار بأن يكون موقع المصفاة في كوستي بمديرية النيل الأبيض ويتم ربطها بحقول النفط بواسطة خط أنابيب. وفي العام 1983م وقبل وقت قصير من التمرد في بور واندلاع الحرب الأهلية صدرت خريطة رسمية جديدة لمسار خط الأنابيب، التي تبين أن الخط يبدأ من حقول النفط في غرب أعالي النيل لكنه يتجه مباشرة من أعالي النيل إلى كردفان في موازاة النيل الأبيض حتى يصل إلى كوستي.
ووضعت الحرب الأهلية حدا لعمليات التنقيب عن النفط في أعالي النيل حتى العام 1990م حيث تمكنت القوات المسلحة والمليشيات المتحالفة معها من إخلاء مناطق واسعة من سكانها. لتأسيس صناعة النفط في ولاية الوحدة تم نقل السكان الأصليين، خاصة على طول الخط الحدودي القديم للمديريات. أراضي «فانراو» بصفة خاصة جرى إعادة توطين قاطنيها لإفساح الطريق لتنمية وتوسيع صناعة النفط.
وصولا للعام 2003م كان المفهوم أن بانثو أو هجليج كانت جزءا من إدارة ولاية الوحدة، وهو ما وصفه بها والي الوحدة الذي عينه المؤتمر الوطني د. جوزيف مونيتويل في تقريره السنوي عام 2003م. قبل أن يتم إبلاغه بواسطة د. نافع علي نافع وزير الحكم الاتحادي حينذاك في مكتب الرئاسة بخطئه وأن هجليج لا تتبع لولاية الوحدة ولكنها تتبع لولاية غرب كردفان كما هو مبين في الخريطة المعتمدة من الهيئة القومية للمساحة. والخريطة المرفقة التي تحدد التصحيح لم تكن مفصلة بما فيه الكفاية لتحدد ما إذا كانت هجليج تقع في ما يتعلق بخط حدود المديريات للعام 1931م عند خط 29° 32' (وبعض الثواني) أم أن الخط قد جرى تحريكه ليضم هجليج في غرب كردفان.
{ هجليج ولجنة حدود أبيي
لقد تم التأكيد بأن يشيع أن لجنة حدود أبيي 2005م التي كنت عضوا فيها- حددت موقع هجليج بالنسبة إلى أبيي، وأن حكم لجنة التحكيم الدولية حدد في نهاية المطاف أنها كانت جزءا من السودان، وهذا ما لم يؤكد بصورة قاطعة بعد.
كلفت لجنة التحكيم الدولية لتحديد أراضي نظارات دينكا نقوك التسع التي نقلت من بحر الغزال إلى كردفان في 1905م. وقد تم تنبيهنا من قبل أعضاء الوفد الحكومي لعدم الأخذ في الاعتبار أي تطورات في أوضاع المناطق ما قبل تاريخ 1905م. عمليا هذا يعني أن تطوير زراعة القطن في «نياما»، وتشييد خط السكة الحديد الذي يمر بالميرم، وحفر الآبار النفطية ليست ذات صلة بمداولاتنا ولم تكن عاملا في قرارنا.
وكذلك الخرائط التي كانت في حوزتنا التي فحصناها كأدلة طبوغرافية، ديموغرافية، وتاريخية لم تتضمن تفاصيل للإنشاءات النفطية الأخيرة وما حولها. وحين طلبنا الحصول على نسخ آخر إصدارة لخرائط 1:250,000 لمقارنتها مع الخرائط التاريخية التي راجعناها لم نحصل عليها.
إن فهمنا للشهادات الشفهية التي جمعناها من مجموعات من دينكا نقوك ودينكا روينق تفيد بأن أراضي نقوك وروينق كانت متجاورة، وهي في الواقع كما وصفت على خريطة قبائل جنوب السودان لهيئة المساحة السودانية 1:200,000 (الخريطة 1). كنا نعلم من السجلات التاريخية المشار إليها أعلاه، أن الروينق انتقلوا شيئا فشيئا، من جبال النوبة، بحر الغزال وكردفان إلى أعالي النيل، وأن حدود المديرية المرسومة على خريطة 1931 بعد آخر انتقال كانت تمثل تماما الخط الفاصل بين مناطق الروينق ودينكا نقوك. ورسمنا حدودنا وصولا إلى ذلك الخط، الذي كان أيضا خط حدود المديريات الموجود في العام 1956م.
لجنة تحكيم أبيي لم تدفع بخط الحدود شرقا من أجل إدراج هجليج في أبيي. وذكرت هجليج مرة واحدة لتمرير التقرير (كجزء من إذعان الحركة الشعبية الذي لم يُقبل بشكل كامل)، كما إنها لم تظهر على أي من الخرائط المرفقة للتقرير.
إذا كانت حدود هجليج ضمت إلى غرب كردفان من قبل الخرطوم أم لا؛ فهذا لم يؤثر على قرارنا بأي حال من الأحوال، بما أننا كنا نستخدم حدود العام 1933م كنقطة ثابتة بحيث يمكننا تثبيت خط حدود أبيي الشمالي، وليس الحدود الفاصلة بين غرب كردفان والوحدة كما كانت في 2005م. كان بالإمكان إدراج هجليج/بانثو في قرار لجنة التحكيم فقط إذا كانت تقع إلى الغرب من خط حدود 1931م. إذا كان موقعها في الواقع إلى الشرق من هذا الخط عندئذ لا يمكن إدراجها في حكم اللجنة.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط نفس الوزن للأدلة الشفهية والأدلة التاريخية كما فعلنا نحن عند مراجعة الحدود الشرقية لمنطقة أبيي. واستند القرار لضبط الحدود على تقييمهم بأننا لم نقدم سببا مقنعا في تقرير لجنة التحكيم لحدود أبيي من أجل تبني الحدود القديمة لكردفان- أعالي النيل كحدود شرقية لمنطقة دينكا نقوك.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط حكما حول بانثو/هجليج نفسها، أو عن أي جزء آخر من خط حدود العام 1956م. للقيام بذلك كان عليها تجاوز تفويضها، وإذا تجاوزت المحكمة تفويضها فلا شك أن حكومة السودان ستعترض.
حكومة جنوب السودان أكدت مطالبتها ببانثو/هجليج بعد فترة قصيرة من حكم لجنة تحكيم أبيي، مشيرة إلى أن قضية هجليج لا تزال بحاجة للحل خلال عملية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. وكررت ذلك في ما قدمته للجنة الفنية للحدود بين الشمال والجنوب، ولدى الآلية التنفيذية رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي.
{ الحل
نظرا لتاريخ منطقة «فانراو» الموضح سابقا (راجع عدد السبت) فإن أية حكومة أو هيئة دولية تعلن أن هجليج «معترف بها دوليا» سيكون بأفضل الأحوال إعلانا سابقا لأوانه، أو مسيئا للقرار النهائي في أسوأ الأحوال.
السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه -وفقا لأحكام لجنة تحكيم أبيي- هو ما إذا كانت بانثو/هجليج في الشرق أو الغرب من خط حدود 1931م. فإذا كانت شرقا فإنها جزء من ولاية الوحدة، وإذا كانت غربا فهي جزء من جنوب كردفان. فإذا كانت جزءا من الوحدة فهي جزء من جنوب السودان، وإذا كانت جزءا من جنوب كردفان فهي جزء من السودان.
يجب أن نتذكر أن دليل الخريطة ليس سوى تمثيل للوضع على الأرض. الخرائط يمكن أن تكون غير دقيقة، خاطئة، أو تم التلاعب بها. الشهادة بالوثائق أو شفاهة عن كيف كانت تدار المنطقة منذ 1931م لا تقل أهمية، إن لم تكن أكثر أهمية في تحديد الحق الشرعي على هجليج/بانثو. وينبغي النظر في كل هذه الأدلة للتوصل إلى حل منصف وعادل لهذا النزاع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.