البرهان يصدر قراراً بتعيين مساعد أول للنائب العام لجمهورية السودان    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    قرار مثير في السودان    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    راشفورد يهدي الفوز لبرشلونة    ((سانت لوبوبو وذكريات التمهيدي يامريخاب))    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    دوري أبطال أفريقيا 2025/26 ينطلق رسميًا بمشاركة قياسية للأندية    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    إبراهيم جابر يطمئن على موقف الإمداد الدوائى بالبلاد    قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخارجية: رئيس الوزراء يعود للبلاد بعد تجاوز وعكة صحية خلال زيارته للسعودية    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذكرة دوغلاس حول هجليج.. ماذا وراءها؟
نشر في الأهرام اليوم يوم 08 - 05 - 2012

معارك من طراز آخر تدور بين الفرقاء، كلٌّ يبتغي تجيير التاريخ إلى صفّه.. فمن يكسب النزال
النفط، تغيير الأسماء
خلق اكتشاف النفط في أواخر العام 1970م توترات فورية بين الحكومة المركزية في الخرطوم والحكومة الإقليمية في جوبا. أعلن النفط موردا قوميا، وتكتمت الخرطوم حول مواقع حقول النفط الرئيسية في إعلاناتها الرسمية، مكتفية فقط بالإشارة إلى أنها تقع على بعد 500 كيلومتر جنوب الخرطوم. وأطلق على أول الحقول المكتشفة أسماء من قبيل (الوحدة) و(هجليج) وهي تسميات تخفي مواقع تلك الحقول. واتخذت شركة شيفرون الأمريكية مقرا في المجلد بدلا عن بانتيو.
في العام 1980 حاول مجلس الشعب (البرلمان) إعادة ترسيم حدود مديرية أعالي النيل مع تمرير تشريع جديد بإنشاء حكومات إقليمية جديدة في شمال السودان. وحوت الخريطة المرفقة تبعية حقول النفط إلى كردفان. وتم سحب هذه الخريطة بعد احتجاجات من الحكومة الإقليمية في الجنوب.
وكان من أوائل هذه الحقول التي يجري العمل عليها في هجليج (وتسمى بانثو وتعني مكان أو قرية الهجليج بلغة الدينكا). وقدم مقترح للرئيس النميري بتشكيل منطقة جديدة للوحدة بواسطة دمج مناطق غرب أعالي النيل، أبيي، وجزء من جنوب كردفان. ولكن في النهاية تم تغيير تسمية غرب أعالي النيل فقط للوحدة، عندما تم إلغاء المنطقة الجنوبية في 1983م وأعيدت أعالي النيل بإعادة توحيد أعالي النيل ومديرية جونقلي.
وكان هناك جدل أيضا حول تحديد موقع لمصفاة تكرير النفط القادم من الحقل، واتخذ قرار بأن يكون موقع المصفاة في كوستي بمديرية النيل الأبيض ويتم ربطها بحقول النفط بواسطة خط أنابيب. وفي العام 1983م وقبل وقت قصير من التمرد في بور واندلاع الحرب الأهلية صدرت خريطة رسمية جديدة لمسار خط الأنابيب، التي تبين أن الخط يبدأ من حقول النفط في غرب أعالي النيل لكنه يتجه مباشرة من أعالي النيل إلى كردفان في موازاة النيل الأبيض حتى يصل إلى كوستي.
ووضعت الحرب الأهلية حدا لعمليات التنقيب عن النفط في أعالي النيل حتى العام 1990م حيث تمكنت القوات المسلحة والمليشيات المتحالفة معها من إخلاء مناطق واسعة من سكانها. لتأسيس صناعة النفط في ولاية الوحدة تم نقل السكان الأصليين، خاصة على طول الخط الحدودي القديم للمديريات. أراضي «فانراو» بصفة خاصة جرى إعادة توطين قاطنيها لإفساح الطريق لتنمية وتوسيع صناعة النفط.
وصولا للعام 2003م كان المفهوم أن بانثو أو هجليج كانت جزءا من إدارة ولاية الوحدة، وهو ما وصفه بها والي الوحدة الذي عينه المؤتمر الوطني د. جوزيف مونيتويل في تقريره السنوي عام 2003م. قبل أن يتم إبلاغه بواسطة د. نافع علي نافع وزير الحكم الاتحادي حينذاك في مكتب الرئاسة بخطئه وأن هجليج لا تتبع لولاية الوحدة ولكنها تتبع لولاية غرب كردفان كما هو مبين في الخريطة المعتمدة من الهيئة القومية للمساحة. والخريطة المرفقة التي تحدد التصحيح لم تكن مفصلة بما فيه الكفاية لتحدد ما إذا كانت هجليج تقع في ما يتعلق بخط حدود المديريات للعام 1931م عند خط 29° 32' (وبعض الثواني) أم أن الخط قد جرى تحريكه ليضم هجليج في غرب كردفان.
* هجليج ولجنة حدود أبيي
لقد تم التأكيد بأن يشيع أن لجنة حدود أبيي 2005م التي كنت عضوا فيها- حددت موقع هجليج بالنسبة إلى أبيي، وأن حكم لجنة التحكيم الدولية حدد في نهاية المطاف أنها كانت جزءا من السودان، وهذا ما لم يؤكد بصورة قاطعة بعد.
كلفت لجنة التحكيم الدولية لتحديد أراضي نظارات دينكا نقوك التسع التي نقلت من بحر الغزال إلى كردفان في 1905م. وقد تم تنبيهنا من قبل أعضاء الوفد الحكومي لعدم الأخذ في الاعتبار أي تطورات في أوضاع المناطق ما قبل تاريخ 1905م. عمليا هذا يعني أن تطوير زراعة القطن في «نياما»، وتشييد خط السكة الحديد الذي يمر بالميرم، وحفر الآبار النفطية ليست ذات صلة بمداولاتنا ولم تكن عاملا في قرارنا.
وكذلك الخرائط التي كانت في حوزتنا التي فحصناها كأدلة طبوغرافية، ديموغرافية، وتاريخية لم تتضمن تفاصيل للإنشاءات النفطية الأخيرة وما حولها. وحين طلبنا الحصول على نسخ آخر إصدارة لخرائط 1:250,000 لمقارنتها مع الخرائط التاريخية التي راجعناها لم نحصل عليها.
إن فهمنا للشهادات الشفهية التي جمعناها من مجموعات من دينكا نقوك ودينكا روينق تفيد بأن أراضي نقوك وروينق كانت متجاورة، وهي في الواقع كما وصفت على خريطة قبائل جنوب السودان لهيئة المساحة السودانية 1:200,000 (الخريطة 1). كنا نعلم من السجلات التاريخية المشار إليها أعلاه، أن الروينق انتقلوا شيئا فشيئا، من جبال النوبة، بحر الغزال وكردفان إلى أعالي النيل، وأن حدود المديرية المرسومة على خريطة 1931 بعد آخر انتقال كانت تمثل تماما الخط الفاصل بين مناطق الروينق ودينكا نقوك. ورسمنا حدودنا وصولا إلى ذلك الخط، الذي كان أيضا خط حدود المديريات الموجود في العام 1956م.
لجنة تحكيم أبيي لم تدفع بخط الحدود شرقا من أجل إدراج هجليج في أبيي. وذكرت هجليج مرة واحدة لتمرير التقرير (كجزء من إذعان الحركة الشعبية الذي لم يُقبل بشكل كامل)، كما إنها لم تظهر على أي من الخرائط المرفقة للتقرير.
إذا كانت حدود هجليج ضمت إلى غرب كردفان من قبل الخرطوم أم لا؛ فهذا لم يؤثر على قرارنا بأي حال من الأحوال، بما أننا كنا نستخدم حدود العام 1933م كنقطة ثابتة بحيث يمكننا تثبيت خط حدود أبيي الشمالي، وليس الحدود الفاصلة بين غرب كردفان والوحدة كما كانت في 2005م. كان بالإمكان إدراج هجليج/بانثو في قرار لجنة التحكيم فقط إذا كانت تقع إلى الغرب من خط حدود 1931م. إذا كان موقعها في الواقع إلى الشرق من هذا الخط عندئذ لا يمكن إدراجها في حكم اللجنة.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط نفس الوزن للأدلة الشفهية والأدلة التاريخية كما فعلنا نحن عند مراجعة الحدود الشرقية لمنطقة أبيي. واستند القرار لضبط الحدود على تقييمهم بأننا لم نقدم سببا مقنعا في تقرير لجنة التحكيم لحدود أبيي من أجل تبني الحدود القديمة لكردفان- أعالي النيل كحدود شرقية لمنطقة دينكا نقوك.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط حكما حول بانثو/هجليج نفسها، أو عن أي جزء آخر من خط حدود العام 1956م. للقيام بذلك كان عليها تجاوز تفويضها، وإذا تجاوزت المحكمة تفويضها فلا شك أن حكومة السودان ستعترض.
حكومة جنوب السودان أكدت مطالبتها ببانثو/هجليج بعد فترة قصيرة من حكم لجنة تحكيم أبيي، مشيرة إلى أن قضية هجليج لا تزال بحاجة للحل خلال عملية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. وكررت ذلك في ما قدمته للجنة الفنية للحدود بين الشمال والجنوب، ولدى الآلية التنفيذية رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي.
* الحل
نظرا لتاريخ منطقة «فانراو» الموضح سابقا (راجع عدد السبت) فإن أية حكومة أو هيئة دولية تعلن أن هجليج «معترف بها دوليا» سيكون بأفضل الأحوال إعلانا سابقا لأوانه، أو مسيئا للقرار النهائي في أسوأ الأحوال.
السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه -وفقا لأحكام لجنة تحكيم أبيي- هو ما إذا كانت بانثو/هجليج في الشرق أو الغرب من خط حدود 1931م. فإذا كانت شرقا فإنها جزء من ولاية الوحدة، وإذا كانت غربا فهي جزء من جنوب كردفان. فإذا كانت جزءا من الوحدة فهي جزء من جنوب السودان، وإذا كانت جزءا من جنوب كردفان فهي جزء من السودان.
يجب أن نتذكر أن دليل الخريطة ليس سوى تمثيل للوضع على الأرض. الخرائط يمكن أن تكون غير دقيقة، خاطئة، أو تم التلاعب بها. الشهادة بالوثائق أو شفاهة عن كيف كانت تدار المنطقة منذ 1931م لا تقل أهمية، إن لم تكن أكثر أهمية في تحديد الحق الشرعي على هجليج/بانثو. وينبغي النظر في كل هذه الأدلة للتوصل إلى حل منصف وعادل لهذا النزاع.
خلق اكتشاف النفط في أواخر العام 1970م توترات فورية بين الحكومة المركزية في الخرطوم والحكومة الإقليمية في جوبا. أعلن النفط موردا قوميا، وتكتمت الخرطوم حول مواقع حقول النفط الرئيسية في إعلاناتها الرسمية، مكتفية فقط بالإشارة إلى أنها تقع على بعد 500 كيلومتر جنوب الخرطوم. وأطلق على أول الحقول المكتشفة أسماء من قبيل (الوحدة) و(هجليج) وهي تسميات تخفي مواقع تلك الحقول. واتخذت شركة شيفرون الأمريكية مقرا في المجلد بدلا عن بانتيو.
في العام 1980 حاول مجلس الشعب (البرلمان) إعادة ترسيم حدود مديرية أعالي النيل مع تمرير تشريع جديد بإنشاء حكومات إقليمية جديدة في شمال السودان. وحوت الخريطة المرفقة تبعية حقول النفط إلى كردفان. وتم سحب هذه الخريطة بعد احتجاجات من الحكومة الإقليمية في الجنوب.
وكان من أوائل هذه الحقول التي يجري العمل عليها في هجليج (وتسمى بانثو وتعني مكان أو قرية الهجليج بلغة الدينكا). وقدم مقترح للرئيس النميري بتشكيل منطقة جديدة للوحدة بواسطة دمج مناطق غرب أعالي النيل، أبيي، وجزء من جنوب كردفان. ولكن في النهاية تم تغيير تسمية غرب أعالي النيل فقط للوحدة، عندما تم إلغاء المنطقة الجنوبية في 1983م وأعيدت أعالي النيل بإعادة توحيد أعالي النيل ومديرية جونقلي.
وكان هناك جدل أيضا حول تحديد موقع لمصفاة تكرير النفط القادم من الحقل، واتخذ قرار بأن يكون موقع المصفاة في كوستي بمديرية النيل الأبيض ويتم ربطها بحقول النفط بواسطة خط أنابيب. وفي العام 1983م وقبل وقت قصير من التمرد في بور واندلاع الحرب الأهلية صدرت خريطة رسمية جديدة لمسار خط الأنابيب، التي تبين أن الخط يبدأ من حقول النفط في غرب أعالي النيل لكنه يتجه مباشرة من أعالي النيل إلى كردفان في موازاة النيل الأبيض حتى يصل إلى كوستي.
ووضعت الحرب الأهلية حدا لعمليات التنقيب عن النفط في أعالي النيل حتى العام 1990م حيث تمكنت القوات المسلحة والمليشيات المتحالفة معها من إخلاء مناطق واسعة من سكانها. لتأسيس صناعة النفط في ولاية الوحدة تم نقل السكان الأصليين، خاصة على طول الخط الحدودي القديم للمديريات. أراضي «فانراو» بصفة خاصة جرى إعادة توطين قاطنيها لإفساح الطريق لتنمية وتوسيع صناعة النفط.
وصولا للعام 2003م كان المفهوم أن بانثو أو هجليج كانت جزءا من إدارة ولاية الوحدة، وهو ما وصفه بها والي الوحدة الذي عينه المؤتمر الوطني د. جوزيف مونيتويل في تقريره السنوي عام 2003م. قبل أن يتم إبلاغه بواسطة د. نافع علي نافع وزير الحكم الاتحادي حينذاك في مكتب الرئاسة بخطئه وأن هجليج لا تتبع لولاية الوحدة ولكنها تتبع لولاية غرب كردفان كما هو مبين في الخريطة المعتمدة من الهيئة القومية للمساحة. والخريطة المرفقة التي تحدد التصحيح لم تكن مفصلة بما فيه الكفاية لتحدد ما إذا كانت هجليج تقع في ما يتعلق بخط حدود المديريات للعام 1931م عند خط 29° 32' (وبعض الثواني) أم أن الخط قد جرى تحريكه ليضم هجليج في غرب كردفان.
{ هجليج ولجنة حدود أبيي
لقد تم التأكيد بأن يشيع أن لجنة حدود أبيي 2005م التي كنت عضوا فيها- حددت موقع هجليج بالنسبة إلى أبيي، وأن حكم لجنة التحكيم الدولية حدد في نهاية المطاف أنها كانت جزءا من السودان، وهذا ما لم يؤكد بصورة قاطعة بعد.
كلفت لجنة التحكيم الدولية لتحديد أراضي نظارات دينكا نقوك التسع التي نقلت من بحر الغزال إلى كردفان في 1905م. وقد تم تنبيهنا من قبل أعضاء الوفد الحكومي لعدم الأخذ في الاعتبار أي تطورات في أوضاع المناطق ما قبل تاريخ 1905م. عمليا هذا يعني أن تطوير زراعة القطن في «نياما»، وتشييد خط السكة الحديد الذي يمر بالميرم، وحفر الآبار النفطية ليست ذات صلة بمداولاتنا ولم تكن عاملا في قرارنا.
وكذلك الخرائط التي كانت في حوزتنا التي فحصناها كأدلة طبوغرافية، ديموغرافية، وتاريخية لم تتضمن تفاصيل للإنشاءات النفطية الأخيرة وما حولها. وحين طلبنا الحصول على نسخ آخر إصدارة لخرائط 1:250,000 لمقارنتها مع الخرائط التاريخية التي راجعناها لم نحصل عليها.
إن فهمنا للشهادات الشفهية التي جمعناها من مجموعات من دينكا نقوك ودينكا روينق تفيد بأن أراضي نقوك وروينق كانت متجاورة، وهي في الواقع كما وصفت على خريطة قبائل جنوب السودان لهيئة المساحة السودانية 1:200,000 (الخريطة 1). كنا نعلم من السجلات التاريخية المشار إليها أعلاه، أن الروينق انتقلوا شيئا فشيئا، من جبال النوبة، بحر الغزال وكردفان إلى أعالي النيل، وأن حدود المديرية المرسومة على خريطة 1931 بعد آخر انتقال كانت تمثل تماما الخط الفاصل بين مناطق الروينق ودينكا نقوك. ورسمنا حدودنا وصولا إلى ذلك الخط، الذي كان أيضا خط حدود المديريات الموجود في العام 1956م.
لجنة تحكيم أبيي لم تدفع بخط الحدود شرقا من أجل إدراج هجليج في أبيي. وذكرت هجليج مرة واحدة لتمرير التقرير (كجزء من إذعان الحركة الشعبية الذي لم يُقبل بشكل كامل)، كما إنها لم تظهر على أي من الخرائط المرفقة للتقرير.
إذا كانت حدود هجليج ضمت إلى غرب كردفان من قبل الخرطوم أم لا؛ فهذا لم يؤثر على قرارنا بأي حال من الأحوال، بما أننا كنا نستخدم حدود العام 1933م كنقطة ثابتة بحيث يمكننا تثبيت خط حدود أبيي الشمالي، وليس الحدود الفاصلة بين غرب كردفان والوحدة كما كانت في 2005م. كان بالإمكان إدراج هجليج/بانثو في قرار لجنة التحكيم فقط إذا كانت تقع إلى الغرب من خط حدود 1931م. إذا كان موقعها في الواقع إلى الشرق من هذا الخط عندئذ لا يمكن إدراجها في حكم اللجنة.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط نفس الوزن للأدلة الشفهية والأدلة التاريخية كما فعلنا نحن عند مراجعة الحدود الشرقية لمنطقة أبيي. واستند القرار لضبط الحدود على تقييمهم بأننا لم نقدم سببا مقنعا في تقرير لجنة التحكيم لحدود أبيي من أجل تبني الحدود القديمة لكردفان- أعالي النيل كحدود شرقية لمنطقة دينكا نقوك.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط حكما حول بانثو/هجليج نفسها، أو عن أي جزء آخر من خط حدود العام 1956م. للقيام بذلك كان عليها تجاوز تفويضها، وإذا تجاوزت المحكمة تفويضها فلا شك أن حكومة السودان ستعترض.
حكومة جنوب السودان أكدت مطالبتها ببانثو/هجليج بعد فترة قصيرة من حكم لجنة تحكيم أبيي، مشيرة إلى أن قضية هجليج لا تزال بحاجة للحل خلال عملية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. وكررت ذلك في ما قدمته للجنة الفنية للحدود بين الشمال والجنوب، ولدى الآلية التنفيذية رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي.
{ الحل
نظرا لتاريخ منطقة «فانراو» الموضح سابقا (راجع عدد السبت) فإن أية حكومة أو هيئة دولية تعلن أن هجليج «معترف بها دوليا» سيكون بأفضل الأحوال إعلانا سابقا لأوانه، أو مسيئا للقرار النهائي في أسوأ الأحوال.
السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه -وفقا لأحكام لجنة تحكيم أبيي- هو ما إذا كانت بانثو/هجليج في الشرق أو الغرب من خط حدود 1931م. فإذا كانت شرقا فإنها جزء من ولاية الوحدة، وإذا كانت غربا فهي جزء من جنوب كردفان. فإذا كانت جزءا من الوحدة فهي جزء من جنوب السودان، وإذا كانت جزءا من جنوب كردفان فهي جزء من السودان.
يجب أن نتذكر أن دليل الخريطة ليس سوى تمثيل للوضع على الأرض. الخرائط يمكن أن تكون غير دقيقة، خاطئة، أو تم التلاعب بها. الشهادة بالوثائق أو شفاهة عن كيف كانت تدار المنطقة منذ 1931م لا تقل أهمية، إن لم تكن أكثر أهمية في تحديد الحق الشرعي على هجليج/بانثو. وينبغي النظر في كل هذه الأدلة للتوصل إلى حل منصف وعادل لهذا النزاع.
خلق اكتشاف النفط في أواخر العام 1970م توترات فورية بين الحكومة المركزية في الخرطوم والحكومة الإقليمية في جوبا. أعلن النفط موردا قوميا، وتكتمت الخرطوم حول مواقع حقول النفط الرئيسية في إعلاناتها الرسمية، مكتفية فقط بالإشارة إلى أنها تقع على بعد 500 كيلومتر جنوب الخرطوم. وأطلق على أول الحقول المكتشفة أسماء من قبيل (الوحدة) و(هجليج) وهي تسميات تخفي مواقع تلك الحقول. واتخذت شركة شيفرون الأمريكية مقرا في المجلد بدلا عن بانتيو.
في العام 1980 حاول مجلس الشعب (البرلمان) إعادة ترسيم حدود مديرية أعالي النيل مع تمرير تشريع جديد بإنشاء حكومات إقليمية جديدة في شمال السودان. وحوت الخريطة المرفقة تبعية حقول النفط إلى كردفان. وتم سحب هذه الخريطة بعد احتجاجات من الحكومة الإقليمية في الجنوب.
وكان من أوائل هذه الحقول التي يجري العمل عليها في هجليج (وتسمى بانثو وتعني مكان أو قرية الهجليج بلغة الدينكا). وقدم مقترح للرئيس النميري بتشكيل منطقة جديدة للوحدة بواسطة دمج مناطق غرب أعالي النيل، أبيي، وجزء من جنوب كردفان. ولكن في النهاية تم تغيير تسمية غرب أعالي النيل فقط للوحدة، عندما تم إلغاء المنطقة الجنوبية في 1983م وأعيدت أعالي النيل بإعادة توحيد أعالي النيل ومديرية جونقلي.
وكان هناك جدل أيضا حول تحديد موقع لمصفاة تكرير النفط القادم من الحقل، واتخذ قرار بأن يكون موقع المصفاة في كوستي بمديرية النيل الأبيض ويتم ربطها بحقول النفط بواسطة خط أنابيب. وفي العام 1983م وقبل وقت قصير من التمرد في بور واندلاع الحرب الأهلية صدرت خريطة رسمية جديدة لمسار خط الأنابيب، التي تبين أن الخط يبدأ من حقول النفط في غرب أعالي النيل لكنه يتجه مباشرة من أعالي النيل إلى كردفان في موازاة النيل الأبيض حتى يصل إلى كوستي.
ووضعت الحرب الأهلية حدا لعمليات التنقيب عن النفط في أعالي النيل حتى العام 1990م حيث تمكنت القوات المسلحة والمليشيات المتحالفة معها من إخلاء مناطق واسعة من سكانها. لتأسيس صناعة النفط في ولاية الوحدة تم نقل السكان الأصليين، خاصة على طول الخط الحدودي القديم للمديريات. أراضي «فانراو» بصفة خاصة جرى إعادة توطين قاطنيها لإفساح الطريق لتنمية وتوسيع صناعة النفط.
وصولا للعام 2003م كان المفهوم أن بانثو أو هجليج كانت جزءا من إدارة ولاية الوحدة، وهو ما وصفه بها والي الوحدة الذي عينه المؤتمر الوطني د. جوزيف مونيتويل في تقريره السنوي عام 2003م. قبل أن يتم إبلاغه بواسطة د. نافع علي نافع وزير الحكم الاتحادي حينذاك في مكتب الرئاسة بخطئه وأن هجليج لا تتبع لولاية الوحدة ولكنها تتبع لولاية غرب كردفان كما هو مبين في الخريطة المعتمدة من الهيئة القومية للمساحة. والخريطة المرفقة التي تحدد التصحيح لم تكن مفصلة بما فيه الكفاية لتحدد ما إذا كانت هجليج تقع في ما يتعلق بخط حدود المديريات للعام 1931م عند خط 29° 32' (وبعض الثواني) أم أن الخط قد جرى تحريكه ليضم هجليج في غرب كردفان.
{ هجليج ولجنة حدود أبيي
لقد تم التأكيد بأن يشيع أن لجنة حدود أبيي 2005م التي كنت عضوا فيها- حددت موقع هجليج بالنسبة إلى أبيي، وأن حكم لجنة التحكيم الدولية حدد في نهاية المطاف أنها كانت جزءا من السودان، وهذا ما لم يؤكد بصورة قاطعة بعد.
كلفت لجنة التحكيم الدولية لتحديد أراضي نظارات دينكا نقوك التسع التي نقلت من بحر الغزال إلى كردفان في 1905م. وقد تم تنبيهنا من قبل أعضاء الوفد الحكومي لعدم الأخذ في الاعتبار أي تطورات في أوضاع المناطق ما قبل تاريخ 1905م. عمليا هذا يعني أن تطوير زراعة القطن في «نياما»، وتشييد خط السكة الحديد الذي يمر بالميرم، وحفر الآبار النفطية ليست ذات صلة بمداولاتنا ولم تكن عاملا في قرارنا.
وكذلك الخرائط التي كانت في حوزتنا التي فحصناها كأدلة طبوغرافية، ديموغرافية، وتاريخية لم تتضمن تفاصيل للإنشاءات النفطية الأخيرة وما حولها. وحين طلبنا الحصول على نسخ آخر إصدارة لخرائط 1:250,000 لمقارنتها مع الخرائط التاريخية التي راجعناها لم نحصل عليها.
إن فهمنا للشهادات الشفهية التي جمعناها من مجموعات من دينكا نقوك ودينكا روينق تفيد بأن أراضي نقوك وروينق كانت متجاورة، وهي في الواقع كما وصفت على خريطة قبائل جنوب السودان لهيئة المساحة السودانية 1:200,000 (الخريطة 1). كنا نعلم من السجلات التاريخية المشار إليها أعلاه، أن الروينق انتقلوا شيئا فشيئا، من جبال النوبة، بحر الغزال وكردفان إلى أعالي النيل، وأن حدود المديرية المرسومة على خريطة 1931 بعد آخر انتقال كانت تمثل تماما الخط الفاصل بين مناطق الروينق ودينكا نقوك. ورسمنا حدودنا وصولا إلى ذلك الخط، الذي كان أيضا خط حدود المديريات الموجود في العام 1956م.
لجنة تحكيم أبيي لم تدفع بخط الحدود شرقا من أجل إدراج هجليج في أبيي. وذكرت هجليج مرة واحدة لتمرير التقرير (كجزء من إذعان الحركة الشعبية الذي لم يُقبل بشكل كامل)، كما إنها لم تظهر على أي من الخرائط المرفقة للتقرير.
إذا كانت حدود هجليج ضمت إلى غرب كردفان من قبل الخرطوم أم لا؛ فهذا لم يؤثر على قرارنا بأي حال من الأحوال، بما أننا كنا نستخدم حدود العام 1933م كنقطة ثابتة بحيث يمكننا تثبيت خط حدود أبيي الشمالي، وليس الحدود الفاصلة بين غرب كردفان والوحدة كما كانت في 2005م. كان بالإمكان إدراج هجليج/بانثو في قرار لجنة التحكيم فقط إذا كانت تقع إلى الغرب من خط حدود 1931م. إذا كان موقعها في الواقع إلى الشرق من هذا الخط عندئذ لا يمكن إدراجها في حكم اللجنة.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط نفس الوزن للأدلة الشفهية والأدلة التاريخية كما فعلنا نحن عند مراجعة الحدود الشرقية لمنطقة أبيي. واستند القرار لضبط الحدود على تقييمهم بأننا لم نقدم سببا مقنعا في تقرير لجنة التحكيم لحدود أبيي من أجل تبني الحدود القديمة لكردفان- أعالي النيل كحدود شرقية لمنطقة دينكا نقوك.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط حكما حول بانثو/هجليج نفسها، أو عن أي جزء آخر من خط حدود العام 1956م. للقيام بذلك كان عليها تجاوز تفويضها، وإذا تجاوزت المحكمة تفويضها فلا شك أن حكومة السودان ستعترض.
حكومة جنوب السودان أكدت مطالبتها ببانثو/هجليج بعد فترة قصيرة من حكم لجنة تحكيم أبيي، مشيرة إلى أن قضية هجليج لا تزال بحاجة للحل خلال عملية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. وكررت ذلك في ما قدمته للجنة الفنية للحدود بين الشمال والجنوب، ولدى الآلية التنفيذية رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي.
{ الحل
نظرا لتاريخ منطقة «فانراو» الموضح سابقا (راجع عدد السبت) فإن أية حكومة أو هيئة دولية تعلن أن هجليج «معترف بها دوليا» سيكون بأفضل الأحوال إعلانا سابقا لأوانه، أو مسيئا للقرار النهائي في أسوأ الأحوال.
السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه -وفقا لأحكام لجنة تحكيم أبيي- هو ما إذا كانت بانثو/هجليج في الشرق أو الغرب من خط حدود 1931م. فإذا كانت شرقا فإنها جزء من ولاية الوحدة، وإذا كانت غربا فهي جزء من جنوب كردفان. فإذا كانت جزءا من الوحدة فهي جزء من جنوب السودان، وإذا كانت جزءا من جنوب كردفان فهي جزء من السودان.
يجب أن نتذكر أن دليل الخريطة ليس سوى تمثيل للوضع على الأرض. الخرائط يمكن أن تكون غير دقيقة، خاطئة، أو تم التلاعب بها. الشهادة بالوثائق أو شفاهة عن كيف كانت تدار المنطقة منذ 1931م لا تقل أهمية، إن لم تكن أكثر أهمية في تحديد الحق الشرعي على هجليج/بانثو. وينبغي النظر في كل هذه الأدلة للتوصل إلى حل منصف وعادل لهذا النزاع.
خلق اكتشاف النفط في أواخر العام 1970م توترات فورية بين الحكومة المركزية في الخرطوم والحكومة الإقليمية في جوبا. أعلن النفط موردا قوميا، وتكتمت الخرطوم حول مواقع حقول النفط الرئيسية في إعلاناتها الرسمية، مكتفية فقط بالإشارة إلى أنها تقع على بعد 500 كيلومتر جنوب الخرطوم. وأطلق على أول الحقول المكتشفة أسماء من قبيل (الوحدة) و(هجليج) وهي تسميات تخفي مواقع تلك الحقول. واتخذت شركة شيفرون الأمريكية مقرا في المجلد بدلا عن بانتيو.
في العام 1980 حاول مجلس الشعب (البرلمان) إعادة ترسيم حدود مديرية أعالي النيل مع تمرير تشريع جديد بإنشاء حكومات إقليمية جديدة في شمال السودان. وحوت الخريطة المرفقة تبعية حقول النفط إلى كردفان. وتم سحب هذه الخريطة بعد احتجاجات من الحكومة الإقليمية في الجنوب.
وكان من أوائل هذه الحقول التي يجري العمل عليها في هجليج (وتسمى بانثو وتعني مكان أو قرية الهجليج بلغة الدينكا). وقدم مقترح للرئيس النميري بتشكيل منطقة جديدة للوحدة بواسطة دمج مناطق غرب أعالي النيل، أبيي، وجزء من جنوب كردفان. ولكن في النهاية تم تغيير تسمية غرب أعالي النيل فقط للوحدة، عندما تم إلغاء المنطقة الجنوبية في 1983م وأعيدت أعالي النيل بإعادة توحيد أعالي النيل ومديرية جونقلي.
وكان هناك جدل أيضا حول تحديد موقع لمصفاة تكرير النفط القادم من الحقل، واتخذ قرار بأن يكون موقع المصفاة في كوستي بمديرية النيل الأبيض ويتم ربطها بحقول النفط بواسطة خط أنابيب. وفي العام 1983م وقبل وقت قصير من التمرد في بور واندلاع الحرب الأهلية صدرت خريطة رسمية جديدة لمسار خط الأنابيب، التي تبين أن الخط يبدأ من حقول النفط في غرب أعالي النيل لكنه يتجه مباشرة من أعالي النيل إلى كردفان في موازاة النيل الأبيض حتى يصل إلى كوستي.
ووضعت الحرب الأهلية حدا لعمليات التنقيب عن النفط في أعالي النيل حتى العام 1990م حيث تمكنت القوات المسلحة والمليشيات المتحالفة معها من إخلاء مناطق واسعة من سكانها. لتأسيس صناعة النفط في ولاية الوحدة تم نقل السكان الأصليين، خاصة على طول الخط الحدودي القديم للمديريات. أراضي «فانراو» بصفة خاصة جرى إعادة توطين قاطنيها لإفساح الطريق لتنمية وتوسيع صناعة النفط.
وصولا للعام 2003م كان المفهوم أن بانثو أو هجليج كانت جزءا من إدارة ولاية الوحدة، وهو ما وصفه بها والي الوحدة الذي عينه المؤتمر الوطني د. جوزيف مونيتويل في تقريره السنوي عام 2003م. قبل أن يتم إبلاغه بواسطة د. نافع علي نافع وزير الحكم الاتحادي حينذاك في مكتب الرئاسة بخطئه وأن هجليج لا تتبع لولاية الوحدة ولكنها تتبع لولاية غرب كردفان كما هو مبين في الخريطة المعتمدة من الهيئة القومية للمساحة. والخريطة المرفقة التي تحدد التصحيح لم تكن مفصلة بما فيه الكفاية لتحدد ما إذا كانت هجليج تقع في ما يتعلق بخط حدود المديريات للعام 1931م عند خط 29° 32' (وبعض الثواني) أم أن الخط قد جرى تحريكه ليضم هجليج في غرب كردفان.
{ هجليج ولجنة حدود أبيي
لقد تم التأكيد بأن يشيع أن لجنة حدود أبيي 2005م التي كنت عضوا فيها- حددت موقع هجليج بالنسبة إلى أبيي، وأن حكم لجنة التحكيم الدولية حدد في نهاية المطاف أنها كانت جزءا من السودان، وهذا ما لم يؤكد بصورة قاطعة بعد.
كلفت لجنة التحكيم الدولية لتحديد أراضي نظارات دينكا نقوك التسع التي نقلت من بحر الغزال إلى كردفان في 1905م. وقد تم تنبيهنا من قبل أعضاء الوفد الحكومي لعدم الأخذ في الاعتبار أي تطورات في أوضاع المناطق ما قبل تاريخ 1905م. عمليا هذا يعني أن تطوير زراعة القطن في «نياما»، وتشييد خط السكة الحديد الذي يمر بالميرم، وحفر الآبار النفطية ليست ذات صلة بمداولاتنا ولم تكن عاملا في قرارنا.
وكذلك الخرائط التي كانت في حوزتنا التي فحصناها كأدلة طبوغرافية، ديموغرافية، وتاريخية لم تتضمن تفاصيل للإنشاءات النفطية الأخيرة وما حولها. وحين طلبنا الحصول على نسخ آخر إصدارة لخرائط 1:250,000 لمقارنتها مع الخرائط التاريخية التي راجعناها لم نحصل عليها.
إن فهمنا للشهادات الشفهية التي جمعناها من مجموعات من دينكا نقوك ودينكا روينق تفيد بأن أراضي نقوك وروينق كانت متجاورة، وهي في الواقع كما وصفت على خريطة قبائل جنوب السودان لهيئة المساحة السودانية 1:200,000 (الخريطة 1). كنا نعلم من السجلات التاريخية المشار إليها أعلاه، أن الروينق انتقلوا شيئا فشيئا، من جبال النوبة، بحر الغزال وكردفان إلى أعالي النيل، وأن حدود المديرية المرسومة على خريطة 1931 بعد آخر انتقال كانت تمثل تماما الخط الفاصل بين مناطق الروينق ودينكا نقوك. ورسمنا حدودنا وصولا إلى ذلك الخط، الذي كان أيضا خط حدود المديريات الموجود في العام 1956م.
لجنة تحكيم أبيي لم تدفع بخط الحدود شرقا من أجل إدراج هجليج في أبيي. وذكرت هجليج مرة واحدة لتمرير التقرير (كجزء من إذعان الحركة الشعبية الذي لم يُقبل بشكل كامل)، كما إنها لم تظهر على أي من الخرائط المرفقة للتقرير.
إذا كانت حدود هجليج ضمت إلى غرب كردفان من قبل الخرطوم أم لا؛ فهذا لم يؤثر على قرارنا بأي حال من الأحوال، بما أننا كنا نستخدم حدود العام 1933م كنقطة ثابتة بحيث يمكننا تثبيت خط حدود أبيي الشمالي، وليس الحدود الفاصلة بين غرب كردفان والوحدة كما كانت في 2005م. كان بالإمكان إدراج هجليج/بانثو في قرار لجنة التحكيم فقط إذا كانت تقع إلى الغرب من خط حدود 1931م. إذا كان موقعها في الواقع إلى الشرق من هذا الخط عندئذ لا يمكن إدراجها في حكم اللجنة.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط نفس الوزن للأدلة الشفهية والأدلة التاريخية كما فعلنا نحن عند مراجعة الحدود الشرقية لمنطقة أبيي. واستند القرار لضبط الحدود على تقييمهم بأننا لم نقدم سببا مقنعا في تقرير لجنة التحكيم لحدود أبيي من أجل تبني الحدود القديمة لكردفان- أعالي النيل كحدود شرقية لمنطقة دينكا نقوك.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط حكما حول بانثو/هجليج نفسها، أو عن أي جزء آخر من خط حدود العام 1956م. للقيام بذلك كان عليها تجاوز تفويضها، وإذا تجاوزت المحكمة تفويضها فلا شك أن حكومة السودان ستعترض.
حكومة جنوب السودان أكدت مطالبتها ببانثو/هجليج بعد فترة قصيرة من حكم لجنة تحكيم أبيي، مشيرة إلى أن قضية هجليج لا تزال بحاجة للحل خلال عملية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. وكررت ذلك في ما قدمته للجنة الفنية للحدود بين الشمال والجنوب، ولدى الآلية التنفيذية رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي.
{ الحل
نظرا لتاريخ منطقة «فانراو» الموضح سابقا (راجع عدد السبت) فإن أية حكومة أو هيئة دولية تعلن أن هجليج «معترف بها دوليا» سيكون بأفضل الأحوال إعلانا سابقا لأوانه، أو مسيئا للقرار النهائي في أسوأ الأحوال.
السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه -وفقا لأحكام لجنة تحكيم أبيي- هو ما إذا كانت بانثو/هجليج في الشرق أو الغرب من خط حدود 1931م. فإذا كانت شرقا فإنها جزء من ولاية الوحدة، وإذا كانت غربا فهي جزء من جنوب كردفان. فإذا كانت جزءا من الوحدة فهي جزء من جنوب السودان، وإذا كانت جزءا من جنوب كردفان فهي جزء من السودان.
يجب أن نتذكر أن دليل الخريطة ليس سوى تمثيل للوضع على الأرض. الخرائط يمكن أن تكون غير دقيقة، خاطئة، أو تم التلاعب بها. الشهادة بالوثائق أو شفاهة عن كيف كانت تدار المنطقة منذ 1931م لا تقل أهمية، إن لم تكن أكثر أهمية في تحديد الحق الشرعي على هجليج/بانثو. وينبغي النظر في كل هذه الأدلة للتوصل إلى حل منصف وعادل لهذا النزاع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.