لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذكرة دوغلاس حول هجليج.. ماذا وراءها؟
نشر في الأهرام اليوم يوم 08 - 05 - 2012

معارك من طراز آخر تدور بين الفرقاء، كلٌّ يبتغي تجيير التاريخ إلى صفّه.. فمن يكسب النزال
النفط، تغيير الأسماء
خلق اكتشاف النفط في أواخر العام 1970م توترات فورية بين الحكومة المركزية في الخرطوم والحكومة الإقليمية في جوبا. أعلن النفط موردا قوميا، وتكتمت الخرطوم حول مواقع حقول النفط الرئيسية في إعلاناتها الرسمية، مكتفية فقط بالإشارة إلى أنها تقع على بعد 500 كيلومتر جنوب الخرطوم. وأطلق على أول الحقول المكتشفة أسماء من قبيل (الوحدة) و(هجليج) وهي تسميات تخفي مواقع تلك الحقول. واتخذت شركة شيفرون الأمريكية مقرا في المجلد بدلا عن بانتيو.
في العام 1980 حاول مجلس الشعب (البرلمان) إعادة ترسيم حدود مديرية أعالي النيل مع تمرير تشريع جديد بإنشاء حكومات إقليمية جديدة في شمال السودان. وحوت الخريطة المرفقة تبعية حقول النفط إلى كردفان. وتم سحب هذه الخريطة بعد احتجاجات من الحكومة الإقليمية في الجنوب.
وكان من أوائل هذه الحقول التي يجري العمل عليها في هجليج (وتسمى بانثو وتعني مكان أو قرية الهجليج بلغة الدينكا). وقدم مقترح للرئيس النميري بتشكيل منطقة جديدة للوحدة بواسطة دمج مناطق غرب أعالي النيل، أبيي، وجزء من جنوب كردفان. ولكن في النهاية تم تغيير تسمية غرب أعالي النيل فقط للوحدة، عندما تم إلغاء المنطقة الجنوبية في 1983م وأعيدت أعالي النيل بإعادة توحيد أعالي النيل ومديرية جونقلي.
وكان هناك جدل أيضا حول تحديد موقع لمصفاة تكرير النفط القادم من الحقل، واتخذ قرار بأن يكون موقع المصفاة في كوستي بمديرية النيل الأبيض ويتم ربطها بحقول النفط بواسطة خط أنابيب. وفي العام 1983م وقبل وقت قصير من التمرد في بور واندلاع الحرب الأهلية صدرت خريطة رسمية جديدة لمسار خط الأنابيب، التي تبين أن الخط يبدأ من حقول النفط في غرب أعالي النيل لكنه يتجه مباشرة من أعالي النيل إلى كردفان في موازاة النيل الأبيض حتى يصل إلى كوستي.
ووضعت الحرب الأهلية حدا لعمليات التنقيب عن النفط في أعالي النيل حتى العام 1990م حيث تمكنت القوات المسلحة والمليشيات المتحالفة معها من إخلاء مناطق واسعة من سكانها. لتأسيس صناعة النفط في ولاية الوحدة تم نقل السكان الأصليين، خاصة على طول الخط الحدودي القديم للمديريات. أراضي «فانراو» بصفة خاصة جرى إعادة توطين قاطنيها لإفساح الطريق لتنمية وتوسيع صناعة النفط.
وصولا للعام 2003م كان المفهوم أن بانثو أو هجليج كانت جزءا من إدارة ولاية الوحدة، وهو ما وصفه بها والي الوحدة الذي عينه المؤتمر الوطني د. جوزيف مونيتويل في تقريره السنوي عام 2003م. قبل أن يتم إبلاغه بواسطة د. نافع علي نافع وزير الحكم الاتحادي حينذاك في مكتب الرئاسة بخطئه وأن هجليج لا تتبع لولاية الوحدة ولكنها تتبع لولاية غرب كردفان كما هو مبين في الخريطة المعتمدة من الهيئة القومية للمساحة. والخريطة المرفقة التي تحدد التصحيح لم تكن مفصلة بما فيه الكفاية لتحدد ما إذا كانت هجليج تقع في ما يتعلق بخط حدود المديريات للعام 1931م عند خط 29° 32' (وبعض الثواني) أم أن الخط قد جرى تحريكه ليضم هجليج في غرب كردفان.
* هجليج ولجنة حدود أبيي
لقد تم التأكيد بأن يشيع أن لجنة حدود أبيي 2005م التي كنت عضوا فيها- حددت موقع هجليج بالنسبة إلى أبيي، وأن حكم لجنة التحكيم الدولية حدد في نهاية المطاف أنها كانت جزءا من السودان، وهذا ما لم يؤكد بصورة قاطعة بعد.
كلفت لجنة التحكيم الدولية لتحديد أراضي نظارات دينكا نقوك التسع التي نقلت من بحر الغزال إلى كردفان في 1905م. وقد تم تنبيهنا من قبل أعضاء الوفد الحكومي لعدم الأخذ في الاعتبار أي تطورات في أوضاع المناطق ما قبل تاريخ 1905م. عمليا هذا يعني أن تطوير زراعة القطن في «نياما»، وتشييد خط السكة الحديد الذي يمر بالميرم، وحفر الآبار النفطية ليست ذات صلة بمداولاتنا ولم تكن عاملا في قرارنا.
وكذلك الخرائط التي كانت في حوزتنا التي فحصناها كأدلة طبوغرافية، ديموغرافية، وتاريخية لم تتضمن تفاصيل للإنشاءات النفطية الأخيرة وما حولها. وحين طلبنا الحصول على نسخ آخر إصدارة لخرائط 1:250,000 لمقارنتها مع الخرائط التاريخية التي راجعناها لم نحصل عليها.
إن فهمنا للشهادات الشفهية التي جمعناها من مجموعات من دينكا نقوك ودينكا روينق تفيد بأن أراضي نقوك وروينق كانت متجاورة، وهي في الواقع كما وصفت على خريطة قبائل جنوب السودان لهيئة المساحة السودانية 1:200,000 (الخريطة 1). كنا نعلم من السجلات التاريخية المشار إليها أعلاه، أن الروينق انتقلوا شيئا فشيئا، من جبال النوبة، بحر الغزال وكردفان إلى أعالي النيل، وأن حدود المديرية المرسومة على خريطة 1931 بعد آخر انتقال كانت تمثل تماما الخط الفاصل بين مناطق الروينق ودينكا نقوك. ورسمنا حدودنا وصولا إلى ذلك الخط، الذي كان أيضا خط حدود المديريات الموجود في العام 1956م.
لجنة تحكيم أبيي لم تدفع بخط الحدود شرقا من أجل إدراج هجليج في أبيي. وذكرت هجليج مرة واحدة لتمرير التقرير (كجزء من إذعان الحركة الشعبية الذي لم يُقبل بشكل كامل)، كما إنها لم تظهر على أي من الخرائط المرفقة للتقرير.
إذا كانت حدود هجليج ضمت إلى غرب كردفان من قبل الخرطوم أم لا؛ فهذا لم يؤثر على قرارنا بأي حال من الأحوال، بما أننا كنا نستخدم حدود العام 1933م كنقطة ثابتة بحيث يمكننا تثبيت خط حدود أبيي الشمالي، وليس الحدود الفاصلة بين غرب كردفان والوحدة كما كانت في 2005م. كان بالإمكان إدراج هجليج/بانثو في قرار لجنة التحكيم فقط إذا كانت تقع إلى الغرب من خط حدود 1931م. إذا كان موقعها في الواقع إلى الشرق من هذا الخط عندئذ لا يمكن إدراجها في حكم اللجنة.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط نفس الوزن للأدلة الشفهية والأدلة التاريخية كما فعلنا نحن عند مراجعة الحدود الشرقية لمنطقة أبيي. واستند القرار لضبط الحدود على تقييمهم بأننا لم نقدم سببا مقنعا في تقرير لجنة التحكيم لحدود أبيي من أجل تبني الحدود القديمة لكردفان- أعالي النيل كحدود شرقية لمنطقة دينكا نقوك.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط حكما حول بانثو/هجليج نفسها، أو عن أي جزء آخر من خط حدود العام 1956م. للقيام بذلك كان عليها تجاوز تفويضها، وإذا تجاوزت المحكمة تفويضها فلا شك أن حكومة السودان ستعترض.
حكومة جنوب السودان أكدت مطالبتها ببانثو/هجليج بعد فترة قصيرة من حكم لجنة تحكيم أبيي، مشيرة إلى أن قضية هجليج لا تزال بحاجة للحل خلال عملية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. وكررت ذلك في ما قدمته للجنة الفنية للحدود بين الشمال والجنوب، ولدى الآلية التنفيذية رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي.
* الحل
نظرا لتاريخ منطقة «فانراو» الموضح سابقا (راجع عدد السبت) فإن أية حكومة أو هيئة دولية تعلن أن هجليج «معترف بها دوليا» سيكون بأفضل الأحوال إعلانا سابقا لأوانه، أو مسيئا للقرار النهائي في أسوأ الأحوال.
السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه -وفقا لأحكام لجنة تحكيم أبيي- هو ما إذا كانت بانثو/هجليج في الشرق أو الغرب من خط حدود 1931م. فإذا كانت شرقا فإنها جزء من ولاية الوحدة، وإذا كانت غربا فهي جزء من جنوب كردفان. فإذا كانت جزءا من الوحدة فهي جزء من جنوب السودان، وإذا كانت جزءا من جنوب كردفان فهي جزء من السودان.
يجب أن نتذكر أن دليل الخريطة ليس سوى تمثيل للوضع على الأرض. الخرائط يمكن أن تكون غير دقيقة، خاطئة، أو تم التلاعب بها. الشهادة بالوثائق أو شفاهة عن كيف كانت تدار المنطقة منذ 1931م لا تقل أهمية، إن لم تكن أكثر أهمية في تحديد الحق الشرعي على هجليج/بانثو. وينبغي النظر في كل هذه الأدلة للتوصل إلى حل منصف وعادل لهذا النزاع.
خلق اكتشاف النفط في أواخر العام 1970م توترات فورية بين الحكومة المركزية في الخرطوم والحكومة الإقليمية في جوبا. أعلن النفط موردا قوميا، وتكتمت الخرطوم حول مواقع حقول النفط الرئيسية في إعلاناتها الرسمية، مكتفية فقط بالإشارة إلى أنها تقع على بعد 500 كيلومتر جنوب الخرطوم. وأطلق على أول الحقول المكتشفة أسماء من قبيل (الوحدة) و(هجليج) وهي تسميات تخفي مواقع تلك الحقول. واتخذت شركة شيفرون الأمريكية مقرا في المجلد بدلا عن بانتيو.
في العام 1980 حاول مجلس الشعب (البرلمان) إعادة ترسيم حدود مديرية أعالي النيل مع تمرير تشريع جديد بإنشاء حكومات إقليمية جديدة في شمال السودان. وحوت الخريطة المرفقة تبعية حقول النفط إلى كردفان. وتم سحب هذه الخريطة بعد احتجاجات من الحكومة الإقليمية في الجنوب.
وكان من أوائل هذه الحقول التي يجري العمل عليها في هجليج (وتسمى بانثو وتعني مكان أو قرية الهجليج بلغة الدينكا). وقدم مقترح للرئيس النميري بتشكيل منطقة جديدة للوحدة بواسطة دمج مناطق غرب أعالي النيل، أبيي، وجزء من جنوب كردفان. ولكن في النهاية تم تغيير تسمية غرب أعالي النيل فقط للوحدة، عندما تم إلغاء المنطقة الجنوبية في 1983م وأعيدت أعالي النيل بإعادة توحيد أعالي النيل ومديرية جونقلي.
وكان هناك جدل أيضا حول تحديد موقع لمصفاة تكرير النفط القادم من الحقل، واتخذ قرار بأن يكون موقع المصفاة في كوستي بمديرية النيل الأبيض ويتم ربطها بحقول النفط بواسطة خط أنابيب. وفي العام 1983م وقبل وقت قصير من التمرد في بور واندلاع الحرب الأهلية صدرت خريطة رسمية جديدة لمسار خط الأنابيب، التي تبين أن الخط يبدأ من حقول النفط في غرب أعالي النيل لكنه يتجه مباشرة من أعالي النيل إلى كردفان في موازاة النيل الأبيض حتى يصل إلى كوستي.
ووضعت الحرب الأهلية حدا لعمليات التنقيب عن النفط في أعالي النيل حتى العام 1990م حيث تمكنت القوات المسلحة والمليشيات المتحالفة معها من إخلاء مناطق واسعة من سكانها. لتأسيس صناعة النفط في ولاية الوحدة تم نقل السكان الأصليين، خاصة على طول الخط الحدودي القديم للمديريات. أراضي «فانراو» بصفة خاصة جرى إعادة توطين قاطنيها لإفساح الطريق لتنمية وتوسيع صناعة النفط.
وصولا للعام 2003م كان المفهوم أن بانثو أو هجليج كانت جزءا من إدارة ولاية الوحدة، وهو ما وصفه بها والي الوحدة الذي عينه المؤتمر الوطني د. جوزيف مونيتويل في تقريره السنوي عام 2003م. قبل أن يتم إبلاغه بواسطة د. نافع علي نافع وزير الحكم الاتحادي حينذاك في مكتب الرئاسة بخطئه وأن هجليج لا تتبع لولاية الوحدة ولكنها تتبع لولاية غرب كردفان كما هو مبين في الخريطة المعتمدة من الهيئة القومية للمساحة. والخريطة المرفقة التي تحدد التصحيح لم تكن مفصلة بما فيه الكفاية لتحدد ما إذا كانت هجليج تقع في ما يتعلق بخط حدود المديريات للعام 1931م عند خط 29° 32' (وبعض الثواني) أم أن الخط قد جرى تحريكه ليضم هجليج في غرب كردفان.
{ هجليج ولجنة حدود أبيي
لقد تم التأكيد بأن يشيع أن لجنة حدود أبيي 2005م التي كنت عضوا فيها- حددت موقع هجليج بالنسبة إلى أبيي، وأن حكم لجنة التحكيم الدولية حدد في نهاية المطاف أنها كانت جزءا من السودان، وهذا ما لم يؤكد بصورة قاطعة بعد.
كلفت لجنة التحكيم الدولية لتحديد أراضي نظارات دينكا نقوك التسع التي نقلت من بحر الغزال إلى كردفان في 1905م. وقد تم تنبيهنا من قبل أعضاء الوفد الحكومي لعدم الأخذ في الاعتبار أي تطورات في أوضاع المناطق ما قبل تاريخ 1905م. عمليا هذا يعني أن تطوير زراعة القطن في «نياما»، وتشييد خط السكة الحديد الذي يمر بالميرم، وحفر الآبار النفطية ليست ذات صلة بمداولاتنا ولم تكن عاملا في قرارنا.
وكذلك الخرائط التي كانت في حوزتنا التي فحصناها كأدلة طبوغرافية، ديموغرافية، وتاريخية لم تتضمن تفاصيل للإنشاءات النفطية الأخيرة وما حولها. وحين طلبنا الحصول على نسخ آخر إصدارة لخرائط 1:250,000 لمقارنتها مع الخرائط التاريخية التي راجعناها لم نحصل عليها.
إن فهمنا للشهادات الشفهية التي جمعناها من مجموعات من دينكا نقوك ودينكا روينق تفيد بأن أراضي نقوك وروينق كانت متجاورة، وهي في الواقع كما وصفت على خريطة قبائل جنوب السودان لهيئة المساحة السودانية 1:200,000 (الخريطة 1). كنا نعلم من السجلات التاريخية المشار إليها أعلاه، أن الروينق انتقلوا شيئا فشيئا، من جبال النوبة، بحر الغزال وكردفان إلى أعالي النيل، وأن حدود المديرية المرسومة على خريطة 1931 بعد آخر انتقال كانت تمثل تماما الخط الفاصل بين مناطق الروينق ودينكا نقوك. ورسمنا حدودنا وصولا إلى ذلك الخط، الذي كان أيضا خط حدود المديريات الموجود في العام 1956م.
لجنة تحكيم أبيي لم تدفع بخط الحدود شرقا من أجل إدراج هجليج في أبيي. وذكرت هجليج مرة واحدة لتمرير التقرير (كجزء من إذعان الحركة الشعبية الذي لم يُقبل بشكل كامل)، كما إنها لم تظهر على أي من الخرائط المرفقة للتقرير.
إذا كانت حدود هجليج ضمت إلى غرب كردفان من قبل الخرطوم أم لا؛ فهذا لم يؤثر على قرارنا بأي حال من الأحوال، بما أننا كنا نستخدم حدود العام 1933م كنقطة ثابتة بحيث يمكننا تثبيت خط حدود أبيي الشمالي، وليس الحدود الفاصلة بين غرب كردفان والوحدة كما كانت في 2005م. كان بالإمكان إدراج هجليج/بانثو في قرار لجنة التحكيم فقط إذا كانت تقع إلى الغرب من خط حدود 1931م. إذا كان موقعها في الواقع إلى الشرق من هذا الخط عندئذ لا يمكن إدراجها في حكم اللجنة.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط نفس الوزن للأدلة الشفهية والأدلة التاريخية كما فعلنا نحن عند مراجعة الحدود الشرقية لمنطقة أبيي. واستند القرار لضبط الحدود على تقييمهم بأننا لم نقدم سببا مقنعا في تقرير لجنة التحكيم لحدود أبيي من أجل تبني الحدود القديمة لكردفان- أعالي النيل كحدود شرقية لمنطقة دينكا نقوك.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط حكما حول بانثو/هجليج نفسها، أو عن أي جزء آخر من خط حدود العام 1956م. للقيام بذلك كان عليها تجاوز تفويضها، وإذا تجاوزت المحكمة تفويضها فلا شك أن حكومة السودان ستعترض.
حكومة جنوب السودان أكدت مطالبتها ببانثو/هجليج بعد فترة قصيرة من حكم لجنة تحكيم أبيي، مشيرة إلى أن قضية هجليج لا تزال بحاجة للحل خلال عملية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. وكررت ذلك في ما قدمته للجنة الفنية للحدود بين الشمال والجنوب، ولدى الآلية التنفيذية رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي.
{ الحل
نظرا لتاريخ منطقة «فانراو» الموضح سابقا (راجع عدد السبت) فإن أية حكومة أو هيئة دولية تعلن أن هجليج «معترف بها دوليا» سيكون بأفضل الأحوال إعلانا سابقا لأوانه، أو مسيئا للقرار النهائي في أسوأ الأحوال.
السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه -وفقا لأحكام لجنة تحكيم أبيي- هو ما إذا كانت بانثو/هجليج في الشرق أو الغرب من خط حدود 1931م. فإذا كانت شرقا فإنها جزء من ولاية الوحدة، وإذا كانت غربا فهي جزء من جنوب كردفان. فإذا كانت جزءا من الوحدة فهي جزء من جنوب السودان، وإذا كانت جزءا من جنوب كردفان فهي جزء من السودان.
يجب أن نتذكر أن دليل الخريطة ليس سوى تمثيل للوضع على الأرض. الخرائط يمكن أن تكون غير دقيقة، خاطئة، أو تم التلاعب بها. الشهادة بالوثائق أو شفاهة عن كيف كانت تدار المنطقة منذ 1931م لا تقل أهمية، إن لم تكن أكثر أهمية في تحديد الحق الشرعي على هجليج/بانثو. وينبغي النظر في كل هذه الأدلة للتوصل إلى حل منصف وعادل لهذا النزاع.
خلق اكتشاف النفط في أواخر العام 1970م توترات فورية بين الحكومة المركزية في الخرطوم والحكومة الإقليمية في جوبا. أعلن النفط موردا قوميا، وتكتمت الخرطوم حول مواقع حقول النفط الرئيسية في إعلاناتها الرسمية، مكتفية فقط بالإشارة إلى أنها تقع على بعد 500 كيلومتر جنوب الخرطوم. وأطلق على أول الحقول المكتشفة أسماء من قبيل (الوحدة) و(هجليج) وهي تسميات تخفي مواقع تلك الحقول. واتخذت شركة شيفرون الأمريكية مقرا في المجلد بدلا عن بانتيو.
في العام 1980 حاول مجلس الشعب (البرلمان) إعادة ترسيم حدود مديرية أعالي النيل مع تمرير تشريع جديد بإنشاء حكومات إقليمية جديدة في شمال السودان. وحوت الخريطة المرفقة تبعية حقول النفط إلى كردفان. وتم سحب هذه الخريطة بعد احتجاجات من الحكومة الإقليمية في الجنوب.
وكان من أوائل هذه الحقول التي يجري العمل عليها في هجليج (وتسمى بانثو وتعني مكان أو قرية الهجليج بلغة الدينكا). وقدم مقترح للرئيس النميري بتشكيل منطقة جديدة للوحدة بواسطة دمج مناطق غرب أعالي النيل، أبيي، وجزء من جنوب كردفان. ولكن في النهاية تم تغيير تسمية غرب أعالي النيل فقط للوحدة، عندما تم إلغاء المنطقة الجنوبية في 1983م وأعيدت أعالي النيل بإعادة توحيد أعالي النيل ومديرية جونقلي.
وكان هناك جدل أيضا حول تحديد موقع لمصفاة تكرير النفط القادم من الحقل، واتخذ قرار بأن يكون موقع المصفاة في كوستي بمديرية النيل الأبيض ويتم ربطها بحقول النفط بواسطة خط أنابيب. وفي العام 1983م وقبل وقت قصير من التمرد في بور واندلاع الحرب الأهلية صدرت خريطة رسمية جديدة لمسار خط الأنابيب، التي تبين أن الخط يبدأ من حقول النفط في غرب أعالي النيل لكنه يتجه مباشرة من أعالي النيل إلى كردفان في موازاة النيل الأبيض حتى يصل إلى كوستي.
ووضعت الحرب الأهلية حدا لعمليات التنقيب عن النفط في أعالي النيل حتى العام 1990م حيث تمكنت القوات المسلحة والمليشيات المتحالفة معها من إخلاء مناطق واسعة من سكانها. لتأسيس صناعة النفط في ولاية الوحدة تم نقل السكان الأصليين، خاصة على طول الخط الحدودي القديم للمديريات. أراضي «فانراو» بصفة خاصة جرى إعادة توطين قاطنيها لإفساح الطريق لتنمية وتوسيع صناعة النفط.
وصولا للعام 2003م كان المفهوم أن بانثو أو هجليج كانت جزءا من إدارة ولاية الوحدة، وهو ما وصفه بها والي الوحدة الذي عينه المؤتمر الوطني د. جوزيف مونيتويل في تقريره السنوي عام 2003م. قبل أن يتم إبلاغه بواسطة د. نافع علي نافع وزير الحكم الاتحادي حينذاك في مكتب الرئاسة بخطئه وأن هجليج لا تتبع لولاية الوحدة ولكنها تتبع لولاية غرب كردفان كما هو مبين في الخريطة المعتمدة من الهيئة القومية للمساحة. والخريطة المرفقة التي تحدد التصحيح لم تكن مفصلة بما فيه الكفاية لتحدد ما إذا كانت هجليج تقع في ما يتعلق بخط حدود المديريات للعام 1931م عند خط 29° 32' (وبعض الثواني) أم أن الخط قد جرى تحريكه ليضم هجليج في غرب كردفان.
{ هجليج ولجنة حدود أبيي
لقد تم التأكيد بأن يشيع أن لجنة حدود أبيي 2005م التي كنت عضوا فيها- حددت موقع هجليج بالنسبة إلى أبيي، وأن حكم لجنة التحكيم الدولية حدد في نهاية المطاف أنها كانت جزءا من السودان، وهذا ما لم يؤكد بصورة قاطعة بعد.
كلفت لجنة التحكيم الدولية لتحديد أراضي نظارات دينكا نقوك التسع التي نقلت من بحر الغزال إلى كردفان في 1905م. وقد تم تنبيهنا من قبل أعضاء الوفد الحكومي لعدم الأخذ في الاعتبار أي تطورات في أوضاع المناطق ما قبل تاريخ 1905م. عمليا هذا يعني أن تطوير زراعة القطن في «نياما»، وتشييد خط السكة الحديد الذي يمر بالميرم، وحفر الآبار النفطية ليست ذات صلة بمداولاتنا ولم تكن عاملا في قرارنا.
وكذلك الخرائط التي كانت في حوزتنا التي فحصناها كأدلة طبوغرافية، ديموغرافية، وتاريخية لم تتضمن تفاصيل للإنشاءات النفطية الأخيرة وما حولها. وحين طلبنا الحصول على نسخ آخر إصدارة لخرائط 1:250,000 لمقارنتها مع الخرائط التاريخية التي راجعناها لم نحصل عليها.
إن فهمنا للشهادات الشفهية التي جمعناها من مجموعات من دينكا نقوك ودينكا روينق تفيد بأن أراضي نقوك وروينق كانت متجاورة، وهي في الواقع كما وصفت على خريطة قبائل جنوب السودان لهيئة المساحة السودانية 1:200,000 (الخريطة 1). كنا نعلم من السجلات التاريخية المشار إليها أعلاه، أن الروينق انتقلوا شيئا فشيئا، من جبال النوبة، بحر الغزال وكردفان إلى أعالي النيل، وأن حدود المديرية المرسومة على خريطة 1931 بعد آخر انتقال كانت تمثل تماما الخط الفاصل بين مناطق الروينق ودينكا نقوك. ورسمنا حدودنا وصولا إلى ذلك الخط، الذي كان أيضا خط حدود المديريات الموجود في العام 1956م.
لجنة تحكيم أبيي لم تدفع بخط الحدود شرقا من أجل إدراج هجليج في أبيي. وذكرت هجليج مرة واحدة لتمرير التقرير (كجزء من إذعان الحركة الشعبية الذي لم يُقبل بشكل كامل)، كما إنها لم تظهر على أي من الخرائط المرفقة للتقرير.
إذا كانت حدود هجليج ضمت إلى غرب كردفان من قبل الخرطوم أم لا؛ فهذا لم يؤثر على قرارنا بأي حال من الأحوال، بما أننا كنا نستخدم حدود العام 1933م كنقطة ثابتة بحيث يمكننا تثبيت خط حدود أبيي الشمالي، وليس الحدود الفاصلة بين غرب كردفان والوحدة كما كانت في 2005م. كان بالإمكان إدراج هجليج/بانثو في قرار لجنة التحكيم فقط إذا كانت تقع إلى الغرب من خط حدود 1931م. إذا كان موقعها في الواقع إلى الشرق من هذا الخط عندئذ لا يمكن إدراجها في حكم اللجنة.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط نفس الوزن للأدلة الشفهية والأدلة التاريخية كما فعلنا نحن عند مراجعة الحدود الشرقية لمنطقة أبيي. واستند القرار لضبط الحدود على تقييمهم بأننا لم نقدم سببا مقنعا في تقرير لجنة التحكيم لحدود أبيي من أجل تبني الحدود القديمة لكردفان- أعالي النيل كحدود شرقية لمنطقة دينكا نقوك.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط حكما حول بانثو/هجليج نفسها، أو عن أي جزء آخر من خط حدود العام 1956م. للقيام بذلك كان عليها تجاوز تفويضها، وإذا تجاوزت المحكمة تفويضها فلا شك أن حكومة السودان ستعترض.
حكومة جنوب السودان أكدت مطالبتها ببانثو/هجليج بعد فترة قصيرة من حكم لجنة تحكيم أبيي، مشيرة إلى أن قضية هجليج لا تزال بحاجة للحل خلال عملية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. وكررت ذلك في ما قدمته للجنة الفنية للحدود بين الشمال والجنوب، ولدى الآلية التنفيذية رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي.
{ الحل
نظرا لتاريخ منطقة «فانراو» الموضح سابقا (راجع عدد السبت) فإن أية حكومة أو هيئة دولية تعلن أن هجليج «معترف بها دوليا» سيكون بأفضل الأحوال إعلانا سابقا لأوانه، أو مسيئا للقرار النهائي في أسوأ الأحوال.
السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه -وفقا لأحكام لجنة تحكيم أبيي- هو ما إذا كانت بانثو/هجليج في الشرق أو الغرب من خط حدود 1931م. فإذا كانت شرقا فإنها جزء من ولاية الوحدة، وإذا كانت غربا فهي جزء من جنوب كردفان. فإذا كانت جزءا من الوحدة فهي جزء من جنوب السودان، وإذا كانت جزءا من جنوب كردفان فهي جزء من السودان.
يجب أن نتذكر أن دليل الخريطة ليس سوى تمثيل للوضع على الأرض. الخرائط يمكن أن تكون غير دقيقة، خاطئة، أو تم التلاعب بها. الشهادة بالوثائق أو شفاهة عن كيف كانت تدار المنطقة منذ 1931م لا تقل أهمية، إن لم تكن أكثر أهمية في تحديد الحق الشرعي على هجليج/بانثو. وينبغي النظر في كل هذه الأدلة للتوصل إلى حل منصف وعادل لهذا النزاع.
خلق اكتشاف النفط في أواخر العام 1970م توترات فورية بين الحكومة المركزية في الخرطوم والحكومة الإقليمية في جوبا. أعلن النفط موردا قوميا، وتكتمت الخرطوم حول مواقع حقول النفط الرئيسية في إعلاناتها الرسمية، مكتفية فقط بالإشارة إلى أنها تقع على بعد 500 كيلومتر جنوب الخرطوم. وأطلق على أول الحقول المكتشفة أسماء من قبيل (الوحدة) و(هجليج) وهي تسميات تخفي مواقع تلك الحقول. واتخذت شركة شيفرون الأمريكية مقرا في المجلد بدلا عن بانتيو.
في العام 1980 حاول مجلس الشعب (البرلمان) إعادة ترسيم حدود مديرية أعالي النيل مع تمرير تشريع جديد بإنشاء حكومات إقليمية جديدة في شمال السودان. وحوت الخريطة المرفقة تبعية حقول النفط إلى كردفان. وتم سحب هذه الخريطة بعد احتجاجات من الحكومة الإقليمية في الجنوب.
وكان من أوائل هذه الحقول التي يجري العمل عليها في هجليج (وتسمى بانثو وتعني مكان أو قرية الهجليج بلغة الدينكا). وقدم مقترح للرئيس النميري بتشكيل منطقة جديدة للوحدة بواسطة دمج مناطق غرب أعالي النيل، أبيي، وجزء من جنوب كردفان. ولكن في النهاية تم تغيير تسمية غرب أعالي النيل فقط للوحدة، عندما تم إلغاء المنطقة الجنوبية في 1983م وأعيدت أعالي النيل بإعادة توحيد أعالي النيل ومديرية جونقلي.
وكان هناك جدل أيضا حول تحديد موقع لمصفاة تكرير النفط القادم من الحقل، واتخذ قرار بأن يكون موقع المصفاة في كوستي بمديرية النيل الأبيض ويتم ربطها بحقول النفط بواسطة خط أنابيب. وفي العام 1983م وقبل وقت قصير من التمرد في بور واندلاع الحرب الأهلية صدرت خريطة رسمية جديدة لمسار خط الأنابيب، التي تبين أن الخط يبدأ من حقول النفط في غرب أعالي النيل لكنه يتجه مباشرة من أعالي النيل إلى كردفان في موازاة النيل الأبيض حتى يصل إلى كوستي.
ووضعت الحرب الأهلية حدا لعمليات التنقيب عن النفط في أعالي النيل حتى العام 1990م حيث تمكنت القوات المسلحة والمليشيات المتحالفة معها من إخلاء مناطق واسعة من سكانها. لتأسيس صناعة النفط في ولاية الوحدة تم نقل السكان الأصليين، خاصة على طول الخط الحدودي القديم للمديريات. أراضي «فانراو» بصفة خاصة جرى إعادة توطين قاطنيها لإفساح الطريق لتنمية وتوسيع صناعة النفط.
وصولا للعام 2003م كان المفهوم أن بانثو أو هجليج كانت جزءا من إدارة ولاية الوحدة، وهو ما وصفه بها والي الوحدة الذي عينه المؤتمر الوطني د. جوزيف مونيتويل في تقريره السنوي عام 2003م. قبل أن يتم إبلاغه بواسطة د. نافع علي نافع وزير الحكم الاتحادي حينذاك في مكتب الرئاسة بخطئه وأن هجليج لا تتبع لولاية الوحدة ولكنها تتبع لولاية غرب كردفان كما هو مبين في الخريطة المعتمدة من الهيئة القومية للمساحة. والخريطة المرفقة التي تحدد التصحيح لم تكن مفصلة بما فيه الكفاية لتحدد ما إذا كانت هجليج تقع في ما يتعلق بخط حدود المديريات للعام 1931م عند خط 29° 32' (وبعض الثواني) أم أن الخط قد جرى تحريكه ليضم هجليج في غرب كردفان.
{ هجليج ولجنة حدود أبيي
لقد تم التأكيد بأن يشيع أن لجنة حدود أبيي 2005م التي كنت عضوا فيها- حددت موقع هجليج بالنسبة إلى أبيي، وأن حكم لجنة التحكيم الدولية حدد في نهاية المطاف أنها كانت جزءا من السودان، وهذا ما لم يؤكد بصورة قاطعة بعد.
كلفت لجنة التحكيم الدولية لتحديد أراضي نظارات دينكا نقوك التسع التي نقلت من بحر الغزال إلى كردفان في 1905م. وقد تم تنبيهنا من قبل أعضاء الوفد الحكومي لعدم الأخذ في الاعتبار أي تطورات في أوضاع المناطق ما قبل تاريخ 1905م. عمليا هذا يعني أن تطوير زراعة القطن في «نياما»، وتشييد خط السكة الحديد الذي يمر بالميرم، وحفر الآبار النفطية ليست ذات صلة بمداولاتنا ولم تكن عاملا في قرارنا.
وكذلك الخرائط التي كانت في حوزتنا التي فحصناها كأدلة طبوغرافية، ديموغرافية، وتاريخية لم تتضمن تفاصيل للإنشاءات النفطية الأخيرة وما حولها. وحين طلبنا الحصول على نسخ آخر إصدارة لخرائط 1:250,000 لمقارنتها مع الخرائط التاريخية التي راجعناها لم نحصل عليها.
إن فهمنا للشهادات الشفهية التي جمعناها من مجموعات من دينكا نقوك ودينكا روينق تفيد بأن أراضي نقوك وروينق كانت متجاورة، وهي في الواقع كما وصفت على خريطة قبائل جنوب السودان لهيئة المساحة السودانية 1:200,000 (الخريطة 1). كنا نعلم من السجلات التاريخية المشار إليها أعلاه، أن الروينق انتقلوا شيئا فشيئا، من جبال النوبة، بحر الغزال وكردفان إلى أعالي النيل، وأن حدود المديرية المرسومة على خريطة 1931 بعد آخر انتقال كانت تمثل تماما الخط الفاصل بين مناطق الروينق ودينكا نقوك. ورسمنا حدودنا وصولا إلى ذلك الخط، الذي كان أيضا خط حدود المديريات الموجود في العام 1956م.
لجنة تحكيم أبيي لم تدفع بخط الحدود شرقا من أجل إدراج هجليج في أبيي. وذكرت هجليج مرة واحدة لتمرير التقرير (كجزء من إذعان الحركة الشعبية الذي لم يُقبل بشكل كامل)، كما إنها لم تظهر على أي من الخرائط المرفقة للتقرير.
إذا كانت حدود هجليج ضمت إلى غرب كردفان من قبل الخرطوم أم لا؛ فهذا لم يؤثر على قرارنا بأي حال من الأحوال، بما أننا كنا نستخدم حدود العام 1933م كنقطة ثابتة بحيث يمكننا تثبيت خط حدود أبيي الشمالي، وليس الحدود الفاصلة بين غرب كردفان والوحدة كما كانت في 2005م. كان بالإمكان إدراج هجليج/بانثو في قرار لجنة التحكيم فقط إذا كانت تقع إلى الغرب من خط حدود 1931م. إذا كان موقعها في الواقع إلى الشرق من هذا الخط عندئذ لا يمكن إدراجها في حكم اللجنة.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط نفس الوزن للأدلة الشفهية والأدلة التاريخية كما فعلنا نحن عند مراجعة الحدود الشرقية لمنطقة أبيي. واستند القرار لضبط الحدود على تقييمهم بأننا لم نقدم سببا مقنعا في تقرير لجنة التحكيم لحدود أبيي من أجل تبني الحدود القديمة لكردفان- أعالي النيل كحدود شرقية لمنطقة دينكا نقوك.
لجنة تحكيم أبيي لم تعط حكما حول بانثو/هجليج نفسها، أو عن أي جزء آخر من خط حدود العام 1956م. للقيام بذلك كان عليها تجاوز تفويضها، وإذا تجاوزت المحكمة تفويضها فلا شك أن حكومة السودان ستعترض.
حكومة جنوب السودان أكدت مطالبتها ببانثو/هجليج بعد فترة قصيرة من حكم لجنة تحكيم أبيي، مشيرة إلى أن قضية هجليج لا تزال بحاجة للحل خلال عملية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. وكررت ذلك في ما قدمته للجنة الفنية للحدود بين الشمال والجنوب، ولدى الآلية التنفيذية رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي.
{ الحل
نظرا لتاريخ منطقة «فانراو» الموضح سابقا (راجع عدد السبت) فإن أية حكومة أو هيئة دولية تعلن أن هجليج «معترف بها دوليا» سيكون بأفضل الأحوال إعلانا سابقا لأوانه، أو مسيئا للقرار النهائي في أسوأ الأحوال.
السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه -وفقا لأحكام لجنة تحكيم أبيي- هو ما إذا كانت بانثو/هجليج في الشرق أو الغرب من خط حدود 1931م. فإذا كانت شرقا فإنها جزء من ولاية الوحدة، وإذا كانت غربا فهي جزء من جنوب كردفان. فإذا كانت جزءا من الوحدة فهي جزء من جنوب السودان، وإذا كانت جزءا من جنوب كردفان فهي جزء من السودان.
يجب أن نتذكر أن دليل الخريطة ليس سوى تمثيل للوضع على الأرض. الخرائط يمكن أن تكون غير دقيقة، خاطئة، أو تم التلاعب بها. الشهادة بالوثائق أو شفاهة عن كيف كانت تدار المنطقة منذ 1931م لا تقل أهمية، إن لم تكن أكثر أهمية في تحديد الحق الشرعي على هجليج/بانثو. وينبغي النظر في كل هذه الأدلة للتوصل إلى حل منصف وعادل لهذا النزاع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.