* والمالية عبر وزيرها تنطق بطلبه لرفع الدعم عن المحروقات؛ فينتفض البرلمان بإجابته الحارقة (لا)، وكذا المواطنون! والمحروقات ما هي إلا استثمار ناجح في جيوب شركات خاصة مملوكة في الغالب الأعظم للمستثمرين الوطنيين - يعني ناس المؤتمر الوطني -. * وطنية القول أم الفعل؟ هي الصراع الذي يحكم به الآن السودان، فحينما تمسك (مينو) قائمة المشتروات اليومية الاستهلاكية ستجد أن كل سعر مشطوب ومكتوب أمامه السعر الجديد! وإذا نطقت بمعارضة ذلك تكون غير وطني! - في هذا الوقت الحرج - وقبل أيام معدودات دخل السكر مرة أخرى النفق المظلم. وهجليج في صراعها المحتدم بين حرق وضخ وسحب وانسحاب، تفعل ما تستطيعه من قدرتها القديمة ذاتها. * والذات الدنيا للحكومة تنصح تجارها بأن يقوموا بتوفير السلع، وعلى كيفهم تمام الكيف أن يضعوا السعر الذي يناسبهم - والما قادر على عيشة الخرطوم يمرق برة! - فينفذ التجار بحذافير الطلب تلك النصيحة فيرتفع فستان السلع بفعل هواء الجشع وتبين عورة السوق! ويكف الناس عن النظر حتى لسلع بعينها لا يمكن أن تطولها أيديهم، والمصلحة العليا للوطن تقتضي أن يسكت الناس ويبلعوا أصواتهم وحريقهم وجفاف مصادرهم مقابل أن يغتني أثرياء التمكين. * الممكن من الحياة فقط هو ما يريده الشعب؛ أن يجدوا المطالب الأولية لحياة الإنسان، وبدون أن يتغلغلوا في عميق الأمور السياسية، فهي كما أثبتت التجارب التي أسهمت في (تغطيس حجر البلد) لكن المؤسف أن الحكومة والمعارضة تستخدمان عاطفة الرغبات تلك لمصالحهم الخاصة، ما ينطق به كل مرة وزير المالية حول رفع الدعم عن المحروقات لوضعه لسلع أخرى تشكل فارقاً حيوياً بالنسبة للمواطنين، ليتها لو كانت دواء، * دواء الغلاء يعرفه المحللون بمختلف خبراتهم الاقتصادية والسياسية والمحاسبية، ويعرفه المواطنون بما يمكن أن تفعله لهم الحكومة، فالتحرير الاقتصادي (بهل) السلع غير الضرورية في الأسواق، كل شيء متاح وفي متناول الرفوف! لكن بالمقابل ورغم الفكرة المزدوجة لما أطلق عليه (منحة الرئيس) - أفكار الكتاب الأخضر - فإن معدل دخل الفرد أقل من استهلاكه الشهري! وهذه معادلة لم تستطع حتى الآن حسابات وزارة المالية تغطية عجزها. * العجز الواضح في السياسات الاقتصادية التي تحرر وبالمقابل يزيد التضخم، ويثرى أفراد ومؤسسات بعينها، عجزٌ جعل معظم السودانيين متسوقين للدكوة و(الإندومي) - حيث صارت وجبة سودانية خالصة ولا عزاء لارتفاع معدل ارتفاع السكر أو الفشل الكلوي! - ويتساءلون (الحكومة دي سايقانا لي وين؟) والإجابة ليست ضرورية بالنسبة للناس والحكومة والسواقة! * السياق العام لفكرة رفع الدعم عن المحروقات؛ تحمل في ظاهرها ارتفاع لجالون البنزين والجاز، مما يرفع مباشرة سعر تذكرة المواصلات بالنسبة للمواطنين، لكنها بالمقابل تقلل من إدخال العملة السهلة في جيوب المستثمرين الوطنيين - القبيل ديلاك - والسياق الخاص لارتفاع سعر كيلو العدس - نيفا.. نيفا! - وسعر كيلو الأرز - أبو نمّة! - والصلصة والصابون والبصل وال.....، يرفع بالمقابل حلة الملاح عن النار ويجعل زيتنا طالع مع البترول في تمام ضخه