* أوردت (الأهرام اليوم) خبراً يفيد أن الدكتور عبد الرحمن الخضر والي ولاية الخرطوم عنّف شباب إعلام ولاية الخرطوم لتعاملهم (الغريب) مع ملف بوليمر مياه هيئة ولاية الخرطوم، على خلفية تعجلهم في الرد على التقرير المفصل الذي نشرته الصحيفة، ورصدت عبره مخالفات خطيرة تمت في استيراد مادة مسرطنة، ومخالفة للمواصفات، أريد لها أن تستخدم في (ترويق) مياه الخرطوم! * باستثناء الرد المتعجل الذي أثار غضب السيد الوالي، والتعنيف الموجّه لمسؤولي إعلام الهيئة، لم يصدر عن حكومة ولاية الخرطوم أي رد فعل إزاء واحدة من أكبر وأخطر قضايا الفساد في تاريخ الولاية. * قدمت (الأهرام اليوم) قضية مكتملة الأركان، ودعمتها بنشر تقرير لجنة التحقيق، وأوردت معلومات موجعة، أوضحت بها أن المال العام فقد حرمته، وانتهكت كرامته، وصار هيناً وليناً ومستباحاً إلى درجة (لهف) المليارات في وضح النهار، دونما خوف من محاسبة أو عقاب. * رفعت لجنة التحقيق (التي قادها بكل نزاهة وتجرد وأمانة وشرف البروف عبد الله عبد السلام أحمد) تقريرها لمجلس إدارة هيئة مياه الخرطوم في شهر سبتمبر من العام الماضي، أي قبل ثمانية أشهر من الآن. * ثمانية أشهر مرت ولا يزال المتورطون في الفضيحة بمنأى عن المساءلة، ولم تتخذ ضدهم أي إجراءات، ولم تتحرك سلطات ولاية الخرطوم لتسريع الإجراءات القانونية في مواجهتهم. * تعنيف مسؤولي الإعلام التابعين لهيئة مياه الخرطوم على ردهم المتعجل لا يكفي! * صحيح أن ردهم جاء مضطرباً، وأوضح مقدار الإزعاج الذي سببه النشر لهيئة مياه ولاية الخرطوم، لكن من أعدوه ما كانوا ليغيروا شيئاً في الحقيقة المرة، ولو تريثوا ألف عام. * أكد تقرير لجنة تقصي الحقائق أن التعاقد مع الشركة المستوردة تم بطرق ملتوية، ابتداءً من مرحلة تقديم العطاءات، وانتهاءً بفرزها. * وأوضح أن الشركة المستوردة لم تكن من بين الشركات التي تقدمت لنيل العطاء أصلاً، وأنها لا تمتلك أي سابق خبرة في التعامل مع مواد ترويق وتنقية المياه! * واتهم التقرير إدارة الهيئة بإخفاء معلومات خطيرة عن (والي الخرطوم)، تتعلق بعدم مطابقة المادة للمواصفات، وذكر أنها لم تبلغ هيئة المواصفات بعدم صلاحية المادة إلا بطلب من لجنة تقصي الحقائق! * سيدي الوالي أنت موصوم في تقرير رسمي بأنك (شاهد ما شافش حاجة)، ومدموغ بأنك (حاكم مُغّيب) عمداً عما دار في واحدة من أهم هيئات حكومتك، بخصوص مادة كيميائية استوردت بالمليارات واتضح لاحقاً أنها (مضروبة)، وتسبب السرطان. * ونهدي إلى الخضر حقيقة أخرى أكثر خطورة، مفادها أن الشركة التي استوردت المادة المسرطنة كوفئت لاحقاً برفع سعر الطن بما نسبته 16.5 (بزعم تغطية فارق ارتفاع الدولار)، ليبلغ المبلغ المضاف إلى عقد الشراء (المموسر) أكثر من مليارين وسبعمائة مليون جنيه (بالقديم)، وتبعاً لذلك ارتفعت قيمة العقد الكلي من أحد عشر ملياراً وسبعمائة مليون جنيه إلى ثلاثة عشر ملياراً وستمائة وستين مليون جنيه (بالقديم أيضاً)! * وننبه الوالي إلى حقيقة مهمة، مفادها أن هيئة مياه الخرطوم خاطبت هيئة المواصفات والمقاييس، وطلبت الإفراج عن المادة على الرغم من علمها التام بأنها غير مطابقة للمواصفات، وسعت إلى إيجاد مخرج يمكنها من استخدامها في أغراض أخرى! * كما إن تخزين المادة المذكورة كلف الهيئة أكثر من مليار جنيه بالقديم! * ألا يغضبك ذلك سيدي الوالي، بقدر ما يزعجك رد متعجل؟ * إذا كان تغييبك وإخفاء الحقائق عنك في قضية فساد كلفت حكومتك خسائر بقيمة خمسة عشر ملياراً (بالقديم) لا يزعجك ولا يغضبك كما يفعل (رد متعجل)، ولا يدفعك إلى التعجل في محاسبة المتورطين في هذه الفضيحة المجلجلة فمتى يا سيدي تغضب؟ * آخر ما نهديه للدكتور عبد الرحمن الخضر حقائق جديدة تكشفت لنا خلال الأيام الماضية، مفادها أن شركة (التلة الخضراء) التي رسا عليها العطاء لا علاقة لها باستيراد البودرة المسرطنة، وأن اسمها استخدم زوراً وبهتاناً وإفكاً! * لا استوردتها، ولا رحلتها، ولا خزّنتها، ولا صلة لها بها! * فمن الذي استورد السرطان إلى السودان؟ * المستندات الجديدة في طريقها إلى النشر، فانتظروها، مثلما سننتظر نحن رد فعل الوالي حول مساعي (سرطنة) مياه الخرطوم، مع أن (الفيها مكفيها