لا زلنا نقف على حدود العمل الاجتماعي لوزارة الشؤون الاجتماعية الولائية ومبادراتها لحل أزمة الانسان السوداني دون أن تفرق بين أحد، علماً بأن العديد من المشاريع النبيلة قيد الدراسة والتنفيذ وباستخدام أيد وتمويل سوداني خالص، فقد أشار الأخ الوالي في منبر الوزارة الأول للوقوف على واقع الحال بالنسبة للقضايا الاجتماعية، أشار الى أن تمويل البنوك السودانية في المرحلة القادمة سيكون واضحاً جداً، وشروطها أفضل كثيراً من شروط التمويل الاجنبي. وبما أن تمويل البنوك السودانية للحكومة مقيد بقبول بنك السودان فقد اطلع السيد محافظ بنك السودان «صابر محمد الحسن» على كافة المشاريع الفاضلة المقترحة وأعلن موافقته عليها معلقاً للأخ الوالي على أن المشاريع هذه بعد التنفيذ فستتحول الى مدينة جاذبة جداً مما يزيد معدلات الهجرة الى العاصمة. وهذا التطور الكبير والحضاري يتطلب ضرورة اختفاء العديد من الصور السالبة عن إنسان السودان والتي يقابلها ضيوف البلاد في كل الاتجاهات خصوصاً أولئك المشردين المتسخين بثيابهم المهلهلة، وهم يمارسون مختلف أنواع السلوك المنحرف وعلى استعداد دائم للعراك والمعاداة والإجرام في سبيل الحياة كما يتصورون وبحرية مطلقة. لأن القضية برمتها تقع تحت مظلة المسؤولية المباشرة لوزارة الشؤون الاجتماعية إتخذت الوزارة تدابير معينة فيما يتعلق بهؤلاء المشردين وتكرمت بإطلاع زمرة مقدرة من الاعلاميين على جلية الأمر وما تم بهذا الخصوص مما يمكن إيجازه في النقاط التالية: 1 - إنطلاقة مشروع المعالجة المتكاملة للمشردين أو ما يعرف ببرنامج لم الشمل وإعادة الإدماج بالشراكة مع شرطة أمن المجتمع والمنظمات الدولية والوطنية. 2 - إنزال حوالي 70 باحثاً اجتماعياً الى ثلاث محليات «بحري الخرطومأم درمان»، لمدة قد تصل 6 أشهر بحيث يتم فيها العمل الميداني من أجل إقناع المشردين بالعودة الطوعية الى ديارهم أو الى دور الإيواء والاصلاح التي أنشأتها لهم الوزارة خصيصاً على نحو يتوافق وحاجتهم. 3 - إنشاء مركز متخصص لاستقبال حالات الإدمان المستشرية بين المشردين وعلاجهم خصوصاً من (السلسيون). 4 - تأهيل دور الإيواء القديمة وتطوير الخدمات والبرامج المقدمة فيها لتكون أكثر ملاءمة وإيجابية وجذباً. والآن بدأ العمل الميداني لجمع هؤلاء المشردين من الطرقات، وكان السؤال الافتراضي هل ستجدي معهم سياسة الترغيب والمسايسة عبر الباحثين أم يجب أن يتم جمعهم بالقوة؟. ورغم إختلاف الآراء ما بين مؤيد ومعارض إلا أن الوزيرة أكدت لنا أن ما لا يقل عن 700 طفل قد تمت السيطرة عليهم سلمياً ولم ترد أية حالة آثرت الهروب والعودة الى التشرد. بالاضافة الى دور الإيواء أجرت اللجان المتخصصة عدة اتصالات مع أولياء الأمور الذين تمكنت من الوصول اليهم عبر جمع المعلومات والحكايات من أفواه الأطفال، العديد من الأسر رحبت بعودة الإبن الضال.. بعضها كانت في بحثٍ دائم عنه، والقليل جداً رفضت عودة الطفل مجدداً الى حضن الأسرة مستنكرة فعلته أو هرباً من مسؤوليته. وكانت الوزارة قد طرقت من قبل ما يعرف بمشروع الأسرة البديلة بحيث تتكفل كل أسرة قادرة بإيواء أحد الاطفال المشردين أو مجهولي الأبوين، والنتيجة لازالت متأرجحة ولكن الشاهد أن معظم الأسر التي بادرت لذلك اكتشفنا أنها تتخذ من هذا الطفل خادماً أو عاملاً في المنزل بكل ما في ذلك من إمتهان وإحساس بالدونية وقسوة. وقد لا يخفى على أحد الحد البعيد من الخطورة الذي وصله هؤلاء المشردون وهم يتكاثرون ويتزاوجون ويتوالدون وهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ويمارسون مختلف أنواع الرذيلة والفحشاء دون واعز أو ضمير أو تربية أو تقويم، ولكن ليس بإمكاننا أن نلقي عليهم كل اللوم والاستهجان لانهم ببساطة أبناء الخطيئة التي يرتكبها مجتمعنا بأسره بدافع الجهل وضعف الإيمان والفسوق، إنهم في الأخير ضحايا.. يستحقون الشفقة لأن كل ما تعلموه من جريمة تطالنا بطريقة ما تعلموه في الأساس من مجتمعنا هذا. تلويح: أهيم على وجهي.. لا مأوى ولا أم.. ماذا تنتظر مني سوى كراهيتي لك.. وضياعي؟!