ليلة المُولد يا سرّ الليالي وربيعاً فتن الأنفس بالسحر الحلال موطني المسلم في ظلك مشبوب الخيال طاف بالصاري الذي أثمر عنقوداً كالثريا ونضي عن فتنة الحسن الحجابا ومضى يخرجه زياً فزياً ٭٭٭ وزهى ميدان عبد المنعم ذلك المحسن حيّاه الغمام بجموع تلتقي في موسم والخيام قد تبرجن وأعلن الهيام ٭٭٭ تحتفل أمتنا الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها بعيد ميلاد نبي البشرية والإنسانية محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه خاتم الأنبياء والمرسلين نبي الشفاعة والهداية إلى السراط المستقيم ومُنقذ البشرية من الكفر والشرك إلى دين الحق المبين. ففي هذا الشهر العظيم ربيع الأول بل وفي الليلة الثانية عشرة منه أشرقت الأرض بنور ربها حيث وُلد المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب في أكرم بيت وأعز وأشرف قبيلة. فهو قرشي هاشمي. مات أبوه وتركه في بطن أمّه فنشأ يتيماً وفي السادسة من عمره فقد أمه فاحتضنه جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب. العناية الإلهية وحدها هي التي أشرفت على تربيته وما أعظمها من عناية ورعاية فنشأ بعيداً عن سفاسف الجاهلية لم يحفظ له أحد ما يُسيء لمكانته أو قدره السامي العلي. كان قومه يلقبونه وينادونه ويدعونه منذ نعومة أظفاره وصباه بالأمين ولا غرابة في ذلك فقد قال صلوات الله وسلامه عليه «أدّبني ربي فأحسن تأديبي» وأيّده الله تعالى بقوله :«وإنّك لعلى خُلُقٍ عظيم». وقصة الحجر الأسود تشهد بما كان له في نفوس قومه من مكانة سامية قبل أن يُبعث فيهم وقبل أن يرسله الله نبياً رسولاً. والعناية والرعاية الإلهية هي التي هيأته لأداء المهمة العظيمة والرسالة الكريمة قبل أن يأتيه الأمر بها، فكان دائم التفكير في ما عليه قومه من ضلال وتيه وجاهلية. ولما بلغ الأربعين من عمره أُلهم بالانقطاع للعبادة ومناجاة الله في غار حراء. وبينما هو في تعبُّده وفي مناجاته تلك .. إذا بالوحي يأتيه من عند الله بالعبء الثقيل والمسؤولية الكبيرة، فبدأ دعوته سراً ثم أُمر بالجهر بها عندما حان الوقت المناسب «فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين».. إلا أنه وجد ما وجد من قومه ، لكنه لم يعبأ بذلك، وجادلهم بالتي هي أحسن وبالحُجّة والمنطق المبين لترك ما يعبدون من أصنام لا تنفع ولا تضر والدخول في دين الإسلام، فهدى الله من هدى لدينه، وأبى من أبى. ومِن ثمّ أتى الناس أفواجاً من القبائل المتاخمة للدخول في دين الله الذي جعل منهم أمة واحدة بعد تفرُّق وتشتُّت ، وإخوة بعد عداء، وعلماء بعد جهل، ووجدوا الأمن والعدل والنظام والسلام، وشِريعة القانون كبديل لشريعة الغاب، حيث كان القوي يفتك بالضعيف والغني يسترق ويستعبد الفقير.. الخ. هكذا كانت رسالة المصطفى الدائمة والمستمرة. نبي البشرية وسيد ولد آدم ، رسول الناس كافة وخاتم الأنبياء والرسل أجمعين. وبعد أن وطدّ دولته وأمّن دعوته بعث أصحابه ورسله إلى الممالك فطهّروا النفوس من أرجاسها ، وأزالوا ظلم وطغيان الأباطرة والملوك والسلاطين والحكام، ونصروا كل الشعوب والرعايا المستضعفين، فأحسنوا السياسة والمعاملة ، واكتسبوا قلوب الناس ، دعوا إلي سبيل ربهم بالحكمة والموعظة الحسنة وبالتي هي أحسن وأقوَّم. لم يُكرِهوا أحداً على ترك معتقده أو دينه ولم يُدخلوا الناس في دين الإسلام عنوة أوبالإكراه أو بحد السيف كما يُصوِّر ذلك ويروِّج له أعداء الله ودين الإسلام. ولم يُرهبوا أحداً ولم يكن الإرهاب والتسلُّط وسيلة لنشر الدعوة المحمدية وإقبال الناس عليها، ولكنه المنطق والحُجّة والبرهان والحكمة وكل الصفات الحميدة حتى اشتهرت بلاد الإسلام بالتسامح الديني وحُرّية الأديان والشعائر، فهاجر اليهود من أوروبا إلى الأندلس وغيرهم فوجدوا الأمن والأمان وظلّتهم الحرية والسلام والحماية. وهكذا توالت الفتوحات وانتشر أصحاب ومبعوثو نبينا الكريم في المشارق والمغارب يبشِّرون الناس بالرسالة المحمدية ويدعون إلى الإسلام تسبقهم السُّمعة الطيّبة والصيت الحسن والخصال الحميدة والخُلُق الرضي القويم، ممّا جعلهم يتقبّلون الدعوة ويُقبلون على دين الله أفواجاً زمراً وشعوباً وقبائلاً (الفرس، الروم، الأندلس، الهند، والصين) ، وبالطبع الجزيرة العربية وما سواها من ديار وبلدان إفريقيا. ولنا أن نحتفي وأن نتأمّل جلال وقدر هذه المناسبة احتفاءً بالعقل والفكر والجوهر، قبل الحركي والصوري والمظهر. ولنا أن نُعبِّر عن هذه الفرحة بأهازيج البهجة وترانيم المسرة وأن نردّد مع كافة محبي رسولنا الكريم وكل الحُداة والمُنشدين وبتهنئة موصولة إلى كل المسلمين والمؤمنين: طلع البدرُ علينا من سنياتِ الوداع وجبَ الشُّكرُ علينا ما دعا للَّه داع أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المُطاع جئت شرّفت المدينة مرحباً يا خير داع ٭٭٭ صلي يا ربي على المدثِّر وتجاوز عن ذنوبي واغفر وأعني يا إلهي بمثابٍ أكبر فزماني ولِعٌ بالمنكر ٭٭٭ في حضرة من أهوى عبثت بيَ الأشواق حدّقتُ بلا وجه ورقصت بلا ساق وزحمت براياتي وطبولي الآفاق عشقي يغني عشقي وفنائي استغراق أتمرنغ في شجني أتوهج في بدني غيري أعمى مهما أصغى لن يبصرني