الآن فقط.. ندعو كل منظمات المجتمع المدني للتحوُّل لدارفور من أجل الإعمار والبناء وترميم ما دمرته الحرب لينعم إنسانها بالإستقرار. فعندما ينعدم الأمن ينعدم كل شيء وتتدهور صحتك وأنت تذهب بحثاً عن الإستقرار لتصبح نازحاً حيث لا مأوى، ولا صحة، ولا تعليم. أبناؤك يفوتهم قطار التعليم وذلك بفعل حركة التجوال بحثاً عن الأمن والإستقرار. فنتمنى أن يعم السلام دارفور بعد الإتفاق الإطاري الذي تمّ مؤخراً بالدوحة كما نتمنى أن تبدأ الجهات المسؤولة من الآن في إنشاء بنك دارفور حتى يُساهم هذا البنك في الإعمار والبناء لنعيد لدارفور تاريخها ومجدها التليد، ولينتعش سوق نيالا والذي كان في الماضي ملجأً لكل التجار من الشمال والشرق والجنوب. ينتعش سوق نيالا المعروف بعطوره الباريسية الأصليّة ومواشيه التي تربّت في مراعٍ طبيعية بعيدة عن الجينات التي تساهم في زيادة وزن المواشي .. تنتعش دارفور بصورة عامة ويعود إليها ألقها وهي تحتضن أكبر مجمع سياحي (جبل مرة) هذا المرفق السياحي كان ينبغي أن يُساهم في دعم البلاد بالإيرادات السياحية. ولو شُفت مرّة جبل مرّة يعاودك حنين طول السنين وتتمنى تاني تشوفو مرّة نتمنى أن نسمع قريباً بعودة قطار نيالا مُحمّلاً بالبضائع ونتمنى أن تُغني حقولها طرباً وهي تستقبل الخريف وتفتح المدارس أبوابها لتحتضن الأطفال. تقول طفلة حلوة بين أديها كتابها والحبوبة تمسح بالحنين أكوابا القمرية تصدح تستريح دبابة والقطر القبيل يمشي ويشق الغابة أشجار التبلدي العامرة بترحابا والنقارة ديك وكيكي والربابة فعلينا أن نلتزم جميعاً بالإتفاق الذي وقّعناه وأن نضع السلاح وأن نودّع الحركات المسلحة بغير رجعة وأن نبدأ مسيرة التنمية والإعمار وأن نبحث عن مراكز الإيرادات المعروفة بدارفور وتنشيطها وتفعيلها. فالتمرُّد لايجدي بل يؤدي إلى الدمار وعدم الإستقرار والأمية والجهل. فلماذا التمرد ونحن نتمتع بأرض القرآن .. أرض سلطان الفاشر .. الأرض الواعدة الخصبة الودود الولود. أذكر هنا حديث للراحل (أروك طون أروك) وهو يزور الولاية الشمالية لأول مرة بعد توقيع السلام الذي تمّ بالقصر الجمهوري والذي حضره الشهيد المشير الزبير محمد صالح، أروك طون كان يبشِّر بهذه الإتفاقية وكان من ضمن الولايات التي بشِّر الإتفاقية بها كانت الولاية الشمالية، قال ربنا يرحمه (أنا ما عارف ليه ناس الولاية الشمالية ما اتمردوا ليه؟ رغم أن كل مقومات التمرد والدخول للغابة متوفرة) وأضاف (الولاية الشمالية بالنهار سخانة وكتّاحة وبالعصر في حاجة أسمها (النمتِّي) النمتِّي دا يمزق حتى ملابسك ويلتهمك من جميع الإتجاهات) انتهى. فالنمتِّي هذه حشرة صغيرة جداً جداً قريبة من الحشرات التي لا تُرى بالعين المجرّدة رغم ذلك معروفه بأذاها الشديد لسعتها كلسعة الثعبان .. هذه الحشرة معروفة بقضائها على محصول القمح كذلك. نعم رغم كل ذلك لم يتمرد إنسان الشمال فالحياة هنالك شبه معدومة فالكهرباء لم تنعم بها الشمالية إلا وقت قريب جداً كانوا يرددون دائماً قول الله تعالى «واصبر وما صبرك إلا بالله» «واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين» صدق الله العظيم. فالنمتِّي وانعدام التنمية لم يخلق منهم أُناس متمردون كانوا راضون كل الرضا الأمر الذي ولّد فيهم الإبداع إلى أن جاء سد مروي والذي كان بمثابة فتح مبين لهم حيث استوعب أبناءهم من مختلف التخصصات وتغيّر شكل المدينة وهي تحتضن أجمل وأحدث مطار في العالم الإفريقي والعربي بدأت مظاهر النعمة عليهم وازدحمت صالة الحج والعمرة وهي تستقبل المتأثرين من قيام السد من أهلنا المناصير وأمري والحمداب. بلداً هيلي أنا دموعا دموعي أنا ..أساها أساي أنا ضميرا ضميري أنا .. كل آمالي أنا السلام يغشاها يطلع من هنا .. الحمام يتشابا التحية للشاعر طارق الأمين وهو يجسِّد معاني السلام والإستقرار والوحدة في قصيدته (بلداً هيلي أنا). البلد الحنين سميتو يمّة ويابا لا أطفال حزانا .. نازحين وغلابا في العصرية شُفّع جارية لي ألعابا والشاي في المغيرب ذكريات وصبابا وناس من كل لون اتعمرت أنسابا