نتنياهو مستمر فى رفح .. إلا إذا...!    كيف اشتعلت نار الحرب "الكامنة" في الفاشر؟    عراقي يصطحب أسداً في شوارع بغداد ويُغضب رواد منصات التواصل    حسن الذي عرّف كويلو بمصر    ليلى علوى توشك على الانتهاء من "المستريحة" وتواصل "جوازة توكسيك"    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    محمد خليفة، كادر حزب البعث والقحاتي السابق، يتكلم عن الحقيقة هذه الأيام وكأنه أفلاطون    الدوري الخيار الامثل    عائشة الماجدي تكتب: (جودات)    الهلال يحسم لقب الدوري السعودي    اشادة من وزارة الخارجية بتقرير منظمة هيومان رايتس ووتش    أهلي جدة يكسر عقدة الشباب بريمونتادا مثيرة    الجيش السوداني يتصدى لهجوم شنته قوات الدعم السريع على الفاشر    المريخ يعود للتدريبات وابراهومة يركز على التهديف    برباعية نظيفة.. مانشستر سيتي يستعيد صدارة الدوري الإنكليزي مؤقتًا    يوكوهاما يقلب خسارته أمام العين إلى فوز في ذهاب نهائي "آسيا"    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    سألت كل الكان معاك…قالو من ديك ما ظهر!!!    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    مخرجو السينما المصرية    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: امنحوا الحرب فرصة في السودان    كلام مريم ما مفاجئ لناس متابعين الحاصل داخل حزب الأمة وفي قحت وتقدم وغيرهم    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمين التعبئة السياسية بالمؤتمر الوطني «حاج ماجد سوار» في حوار عاصف (1-2)
نشر في الأهرام اليوم يوم 15 - 03 - 2010


حوار: عزمي عبدج الرازق - تصوير : علم الهدى
على حين غفلة وجد أمين التعبئة السياسية بالمؤتمر الوطني «حاج ماجد سوار» نفسه في مواجهة الأسئلة الصامتة بُعيْد انتقاله لخط الدفاع عن المؤتمر الوطني وعباراته الدواية التي أطلقها في بورتسودان وفتحت عليه النيران من حيث لا يحتسب، وهو أحد قيادات الحزب الممسكين بأكثر من ملف في وقت واحد، وبما أن المؤتمر الوطني هو الوحيد المتحكم هذه الأيام في مجريات الأحداث وأسرار «الطبيخ» السياسي تظل الرغبة متصلة لمعرفة ما ينوي فعله ويسعى لترجمته عبر قادته وإماطة اللثام عن تلك المواقف والتقاطعات.. في هذا الحوار حاولنا الاقتراب أكثر من أمين التعبئة بالوطني وحاصرناه بالعديد من الاتهامات والأسئلة ونحن نتعقب ذلك الهاجس الجنوني، هاجس التحول السياسي المربك في المواقف، والانفلات من المرئي إلى اللا مرئي، ومن أين للمؤتمر الوطني بتلك الثقة باكتساح الانتخابات، وأين أخفى الحركة الإسلامية، وهل صحيح أنه يدير حرباً سرية على الحركة الشعبية عبر منابر وأحزاب أخرى، وكيف يرد على الاتهامات المتناسلة بأن وجوده ضعيف في المراكز والولايات وما تردّده المعارضة عن تسخيره لإمكانيات الدولة في حملته الإنتخابية، كل هذه الأسئلة وغيرها واجهنا بها أمين التعبئة السياسية «حاج ماجد سوار» فماذا قال:
{ من الاتهامات الموجهة للمؤتمر الوطني وإفرازات تجربته في الحكم تنامي الروح الجهوية والعصبية، وقد برزت بشكل لافت في الترشيحات الانتخابية الأخيرة، فلماذا يعزف الحزب على ذلك الوتر القبلي؟
- المؤتمر الوطني لا يتعامل على أساس القبيلة أو الجهة، ولكن هذا واقع يعيشه السودان الآن لا ينكره إلا مكابر، هناك تنامي للروح العصبية والقبلية، ولعل هذا كان نتاجاً طبيعياً لغياب الأحزاب في السنوات الماضية وضعفها، فالإنسان بطبيعته يبحث عن كيان يحتمي به، وإذا لم يكن ذلك الكيان حزبيا أو فكرياًً قطعاً سيلجأ للقبيلة، وهي فطرة طبيعية، ولكن تطور الحياة السياسية وتطور الأحزاب يمكن أن يعالج هذه الظاهرة، ولعل أيضاً من أسباب بروزها الحكم الفيدرالي، ومعروف أنه يستجيب لمطالب الإقليم ولمطالب الجهات المختلفة، والمؤتمر الوطني ليس بمعزل عن هذا الذي يجري في السودان وكذلك بقية الأحزاب، ونلاحظ أن الأحزاب تعاني من صراعات كبيرة سببها الأساسي تنامي تلك الروح، ولكن المؤتمر الوطني من حيث بنائه الفكري والمؤسسي هو الأقدر على مواجهة تلك الظاهرة والتقليل من آثارها على سياساته العامة وبرامجه وتوجهاته في الحكم.
{ ولكن المؤتمر على وجه الخصوص رعى تلك الظاهرة بصورة مباشرة وارتدى قناع القبيلة، وكثير من الترضيات الداخلية عزفت على هذا الوتر؟
- أبدا الانتخابات الداخلية التي جرت في المؤتمر الوطني عبر الكليات الشورية أصلاً لم يكن واحداً من معايير اختيار المرشحين فيها القبيلة، صحيح أن المؤتمر الوطني يراعي توازنات عامة من بينها المجموعات ذات الثقل الكبير في الدوائر وغيرها، ولكن هذا لم يكن معياراً أساسياً في اختيار المرشحين، ومعلوم أن اختيار المرشحين تم وفق آليات وكيفية حددتها لائحة أجيزت في المكتب القيادي والمجلس القيادي ثم أجيزت في المؤتمر العام، وهذه اللائحة تعتبر تطوراً كبيراً جداً داخل الحزب ولم يحدث أي تدخل في شؤون هذه الكليات الشورية التي اختارت المرشحين من قبل المركز، فكانت العملية في مجملها جيدة، وصحيح أنه حدثت بعض الإشكالات هنا وهناك ولكن هذا لا يقدح في التجربة ولا يقدح في نتائج الشورى الواسعة التى أجريت في عملية اختيار المرشحين .
{ المؤتمر الوطني وجوده ضعيف في المراكز وعلى مستوى الدوائر الجغرافية، ألا يهدّد هذا فرص فوز مرشحيه في الانتخابات؟
- أولا المؤتمر الوطني بالنسبة له الانتخابات لم تكن مفاجئة وهى ذات أجل معلوم ومضروب منذ توقيع اتفاقية السلام ومنذ إجازة الدستور، وظل يعمل لهذه الانتخابات منذ أكثر من سنتين، كانت ترتيبات المؤتمر الوطني وأجهزته ولوائحه كلها ترتب على أساس هذا الاستحقاق الانتخابي، ولذلك أوكد لك أن المؤتمر الوطني موجود في كافة الدوائر في الشمال وفي الجنوب، وله مؤسسات تعمل بهمة عالية، وجزء كبير من هذا العمل كان داخلياًً تحضيرياً ربما لا يظهر للأعين، يتمثل في الكليات الشورية التى اجتمعت وتحريك العضوية وتبصيرها بالخطط العامة وترتيبها ترتيباً تنظيمياً دقيقاً يمكن من الإحاطة بكل الناخبين والاتصال بهم استعداداً لمرحلة الاقتراع، ولذلك فإن المؤتمر الوطني موجود وحاضر في كافة المستويات ولديه فاعلية مقدرة جداً ستمكنه من تحقيق الفوز.
{ لكنه فشل في السيطرة على المتفلتين من عضويته، وبعضهم اختار الترشح مستقلاً على كافة المستويات؟
- ظاهرة المستقلين أو ما أصطلح عليه بالمتفلتين ليست ظاهرة جديدة في الحياة السياسية السودانية، في كثير من الانتخابات السابقة خرج بعض المرشحين عن إمرة أحزابهم وترشحوا مستقلين، فالظاهرة طبيعية، لكن في حزب منظم ومرتب وله مبادئ وأهداف، تعتبر غير طبيعية وتحتاج منا جميعاً للتوقف والدراسة، وأوكد لك بأن مؤسسات المؤتمر الوطني ظلت وستظل تبذل مجهوداً كبيراً حتى الوصول إلى مرحلة الاقتراع لإقناع هؤلاء الاخوة الذين خرجوا على الإمرة التنظيمية بضرورة الالتزام بما خرجت به المؤسسات والالتزام بالحاكمية.
{ ولكن الوقت تأخر لإقناع هؤلاء بالعودة لأحضان الحزب؟
- نحن سنظل نعمل حتى أوان الاقتراع لإقناعهم بسحب ترشيحاتهم، وقد نجحنا إلى حد ما في إقناع أعداد مقدرة في كثير من الولايات، وتبقت ولايات محدودة يجري العمل فيها، ونتوقع أن يكون عدد المستقلين حتى ميعاد الاقتراع قليلاً قياساً بما كان في بداية فترة الترشيح .
{ ملاحظ أن الحركة الإسلامية بأدبياتها وشعاراتها ومؤسساتها المعروفة غائبة عن حملة المؤتمر الوطني، فهل هى مرحلة ولت تماما؟
- أبداً المؤتمر الوطني هو كيان أوسع من الحركة الإسلامية، يضم في عضويته أعضاء الحركة الاسلامية وآخرين من تيارات مختلفة من المجتمع السوداني، ويضم حتى غير المسلمين، فالحركة الإسلامية برموزها موجودة الآن في المؤتمر الوطني بفاعلية وجزء كبير من قيادات المؤتمر الوطني ينتمون للحركة الإسلامية على مستوى المؤسسات، سواء كانت مؤسسات اتحادية أو ولائية، وليست هناك مقابلة بين المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية، ومعلوم على ضوء اللوائح والنظم أن الحركة الاسلامية لها واجبات وأهداف ومجالات عمل، والمؤتمر الوطني كذلك له أهداف ومجالات عمل، ولا يوجد أي تعارض بين الدورين، هذا مع التأكيد بأن هنالك بعض أعضاء الحركة الاسلامية إلى حد ما بعيدون عن مؤسسات المؤتمر الوطني، وهذا ليس مقصوداً، ولكنه واقع أفرزته تجربة بناء مؤسسات الوطني وممارسة الشورى بداخله، وطبيعي أن يخرج بعض الناس ويدخل بعضهم.
{ ولكننا لم نعد نسمع بشعار «الإسلام هو الحل» .. ««العودة للشريعة».. و«المشروع الحضاري».. لم نعد نسمعها في الحملة الدعائية للحزب؟
- المؤتمر الوطني ليس بعيداً من التزاماته الفكرية والأخلاقية، لذلك من أهم مرجعيات خطابه المرجعية الاسلامية، وهى محقّقة في خطتنا وفي موجهات خطابنا، والمؤتمر الوطني في برنامجه الانتخابي وفي حملاته السياسية التعبوية يعلن باستمرار تمسكه بالمبادئ والقيم الإسلامية وحرصه على الاستمرار في نهج الشريعة الإسلامية ممارسة وتطبيقاً وحرصه على مراعاة القيم الاسلامية في كل معاملاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا يمثل الشرعية للمؤتمر الوطني، الذي لو فقد تلك القيم والمبادئ يكون قد فقد شرعيته ومشروعيته التى نشأ من أجلها.
{ دعنا نعيد صياغة السؤال بشكل صحيح: الآن هناك كثير من التيارات الإسلامية تبنت الخطاب الديني في حين أن المؤتمر الوطني أصبح مشغولاًً بالفوز في الانتخابات وقضية الوحدة في الجنوب، فهل تغير نهجه القديم؟
- المقاصد والقيم الإسلامية معبر عنها بوضوح دون لبس، كما أن المؤتمر الوطني يعبر عن تلك القيم التى تعود في أصولها للفكر الاسلامي الصحيح، ومن تأثير المؤتمر الوطني أن تتبنى القوى الإسلامية شعاراته وبرامجه، فهذا مؤشر جيد على أن المؤتمر الوطني له تأثير معقول في الساحة السياسية، وأنا أؤكد لك أن هذه القوى الاسلامية التي تتحدث عنها تقف تماماً في صف المؤتمر الوطني بمختلف تياراتها، المجموعات الصوفية أو جماعة أنصار السنة المحمدية، وهى تعمل جنباً إلى جنب مع المؤتمر الوطني في معركة الحفاظ على هوية السودان وعلى توجهه واستمراره على نهج الشريعة الإسلامية وتعبئة الطاقات السودانية في هذا الاتجاه .
{ «مقاطعاً»: ولكنكم متهمون بأنكم مولود غير أصيل للحركة الاسلامية، فالمؤتمر الشعبي لا يعترف لكم بذلك التمثيل ولهذا أعلنتم زهدكم في رفع شعارتها، أليس هذا صحيحاً؟
- هذا غير صحيح، فالحركة الاسلامية في السودان واحدة من ميزاتها أنها حركة مرنة ولا تتقيد بقالب واحد، ومنذ نشأتها لم تلتزم بقالب الأخوان المسلمين الذين يمثلون المرجعية للعديد من الحركات الإسلامية في العالم، وإنما ظلت لها خصوصيتها وظلت لها مرونتها التي تستوعب الواقع السوداني وتتعامل معه بانفتاح شديد، والمؤتمر الوطني هو تطور طبيعي لفكر الحركة الإسلامية ولكنه أكثر انفتاحاً وأكثر نضجاً وأكثر تعاملاً مع مشكلات الواقع السوداني والمجتمع من حولنا خارج حدود السودان.
{ حسناً، هل مازال يساوركم شعور بأن حركة العدل والمساواة هى الجناح العسكري للمؤتمر الشعبي؟
- هذا لم أقل به أنا فقط بل قال به الكثيرون من قبلي، جزء كبير من قيادات حركة العدل والمساواة كانوا في الأصل ينتمون للشعبي، وكثير من رسائل المؤتمر الشعبي في ذلك الوقت كانت تشير إلى هذا، ولكن ربما تكون الأيام والسنوات فعلت فعلها وخطّت حركة العدل والمساواة لنفسها نهجاً ربما يقرب أو يبعد من المؤتمر الشعبي .
{ معنى هذا الكلام أنكم وقّعتم اتفاقاًً مع المؤتمر الشعبي بطريقة غير مباشرة؟
- يمكن أن يقال ذلك .
{ هل هنالك إمكانية للتحالف مع الترابي لخوض الانتخابات القادمة بعد توقيع الاتفاق الإطاري مع العدل والمساواة؟
- العمل السياسي عموماً لا توجد فيه خصومات دائمة، فتطور الأحداث والافكار ربما يولّد شكلا من أشكال التعامل بين المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي، كما ولّد الآن شكلاً من أشكال التعامل بين الوطني والحركة الشعبية اللذين يمثلان خطين كان يظن كثير من الناس أنهما لن يلتقيا أبداًً، فتطورات الواقع والممارسة السياسية ربما تفرز شكلاً من أشكال التعاون لا أستطيع أن أسميه تحالفاً، ربما تعايشاً، أو حوار من ضمن الحوارات التى لم تنقطع أصلاً.
{ المؤتمر الشعبي قال بأنه لا يرفض الحوار مع الوطني ولكن ثمة مطالب يدفع بها دائماً ومنها المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين من عضويته، فهل سيتم إطلاقهم؟
- كذلك المؤتمر الوطني لا يرفض الحوار مع أي حزب سياسي أو قوى موجودة بحثاً عن معادلات للاستقرار في البلد وبحثاً عن أجندة تخدم الوطن، حتى مع المؤتمر الشعبي هنالك استعداد لمثل هذا العمل، ولا أعتقد أن أي شخص عاقل يرفض مبدأ الحوار، والتذرع ببعض القضايا كموضوعات تحول دون الحوار بين الحزبين، وأعتقد أن هذه القضايا نفسها يمكن أن تحل بالحوار، ولكن الحديث عن مجموعة موجودة في السجن يخص القضاة، ولا يستطيع المؤتمر الوطني أن يفتي فيه، فكل المعتقلين لأسباب سياسية يمكن أن تعالج أوضاعهم من خلال الحوار ومن خلال الاتفاقات التى تتم، أما ملف المحكومين فهو ملف متروك للقضاة ومتروك لرئاسة الجمهورية بما لديها من صلاحيات، وربما الانفراج الذي حدث في ملف دارفور يؤدي إلى معالجة ما لأمر هذه المجموعة خاصة الذين ينتمون لدارفور وكانت الأسباب التى أدت إلى اعتقالهم مربوطة بملف دارفور.
{ الآن الحديث أصبح يتصاعد عن تأجيل الانتخابات والقوى السياسية ترى أن الوقت غير مناسب وأن المؤتمر الوطني هو الأكثر جاهزية.. بعد الانفراج الذي حدث في أزمة دارفور، هل ذلك الخيار مطروق ؟
- الانتخابات لم تأتِ فجأة بل لديها وقت معلوم منذ اتفاقية السلام، وهذه الأحزاب كانت تعلم بهذه الحقيقة وأنه سيأتي يوم وتجرى فيه الانتخابات، ولذلك أي حديث عن التأجيل غير مسؤول وفيه مخالفة للدستور ولاتفاقية السلام وإضرار برغبة الشعب السوداني الذي سجل بأعداد كبيرة لممارسة حقه واختيار من يحكمه، وبالنسبة لنا ليس هنالك أي احتمال لتأجيل الانتخابات ولا يستطيع المؤتمر الوطني أو أي كيان أن يؤجل الانتخابات .
{ في حالة أن القوى السياسية قاطعت الانتخابات فما الذي سيحدث؟
- نحن نأمل أن تشارك القوى السياسية بصورة جادة، ونلحظ إلى حد ما أن هناك تطوراً في مواقف القوى السياسية، وإعلاناتها واهتمامها تدل على أنها ستشارك في الانتخابات حتى آخر مرحلة، وأمر المقاطعة أو المشاركة طبعاً يخص الأحزاب ولا يخص الوطني، والمؤتمر الوطني سيمضي في الانتخابات حتى نهاياتها.
{ في جانب آخر هنالك اتهام موجه للحكومة بأنها تخلت عن حلايب للمصريين وقدمت تنازلات كبيرة في سبيل ملف حادثة أديس أبابا، فإلى متى سيظل ملف حلايب مغلقاً؟
- الحكومة لم تتخلّ عن حلايب البتة، وظلت حلايب حاضرة في أجندة أي حوار بين الحكومة السودانية والحكومة المصرية، وهنالك كثير من الاقتراحات دفع بها الجانب السوداني والجانب المصري في أمر حلايب، ولكن ما هو مؤكد أن الحكومة لن تجعل من حلايب سبباً لمواجهات بينها والاشقاء في مصر، بل تظل حريصة على أن يعالج هذا الملف بالحوار والاقتراحات العملية والايجابية التى تحفظ للسودان حقوقه ونؤكد تمسكنا بسودانية حلايب تماما.
{ هذا من جانب السودان، لكن من جانب الحكومة المصرية فإن ملف حلايب محسوم عبر الخدمات والوجود المصري الكثيف، ألا يعتبر ذلك احتلالاً؟
- هذا معلوم، فالواقع يقول إن الوجود المصري في حلايب أمر واقع، ولكن لم تنقطع الصلة بحلايب كملف للنقاش والتعاطي بيننا والأشقاء في مصر، وأعتقد أن حرص الجانبين على أن لا تؤثر هذه القضية على العلاقة بين البلدين .. وأن يبحث الطرفان عن حلول لهذه الأزمة، أعتقد أن هذا يمكن أن يجعلنا نتجنب كثيراًً من الاشكالات التى يمكن أن تحدث بسبب أية مواجهات بين البلدين في منطقة حلايب، والأمر كله الآن رهن الحوار والنقاش، وهنالك كثير من المقترحات دُفع بها ونأمل أن نصل إلى تسويه بخصوص هذا الملف .
{ في حالة قيام الانتخابات، هل ستستثنى حلايب أم أنها ستدخل فيها؟
- طبعا منطقة حلايب التى تتواجد فيها قوات مصرية ومؤسسات مصرية لم يشملها التعداد السكاني، وبالتالي هذا الجزء تحديداً هو جزء من دائرة وليس دائرة منفصلة، ولهذه الاسباب عملياً لا يمكن أن تقوم الانتخابات في تلك المنطقة، ولكن الافتاء النهائي في هذا الأمر متروك لمفوضية الانتخابات باعتبارها المرجعية في أي ملف يتعلق بإجراء الانتخابات في أي موقع من مواقع السودان.
{ الحركة الشعبية ذكرت أنها ستختار الانفصال في حالة فوز البشير بالرئاسة، بماذا تعلقون على ذلك الكلام؟
- الحديث عن الانفصال هو بلا شك مخالف لنص وروح اتفاقية نيقاشا، ولكن طبعاً الحديث عن اختيار الحركة الشعبية للانفصال غير دقيق، لأن هذا تعبير بعض قيادات الحركة.
{ عرمان أيضا طالب البشير بالتخلي عن الرئاسة لضمان الوحدة، فهل المؤتمر الوطني على استعداد أن يضحي بدورة ثانية في الحكم في سبيل الوحدة؟
- المطلوب أن يتنازل عرمان لأجل الحفاظ على الوحدة، لأن الرئيس البشير يمثل رمزاًً لوحدة الوطن، وكذلك هو ضامن أساسي للاستمرار في تنفيذ الاتفاقية، ولعل جولات الرئيس في الجنوب تكشف مدى التأييد والشعبية الكبيرة التى يتمتع بها في جنوب السودان، والمؤتمر الوطني حريص جداً على وحدة الوطن وسيعمل بكل ما أوتي من جهد وقوة لأن تكون نتيجة الاستفتاء إيجابية، وعلى بعض قادة الحركة الشعبية الذين يكثرون من الحديث عن خيار الانفصال أن يحترموا الاتفاق وأن يحترموا رغبة الجنوبيين، ونحن كذلك سنحترم رغبة الجنوبيين في الاستفتاء إذا اختاروا الاستمرار في الوحدة أو الانفصال، وسنلتزم بما جاء في الاتفاقية بجعل الوحدة خياراً جاذباً.
{ في حالة فوز مرشح الحركة الشعبية ياسر عرمان هل ستسلمونه الحكم؟
- المؤتمر الوطني بما أنه اختار الانتخابات وسيلةً للتداول السلمي للسلطة على استعداد بأن يسلم السلطة لمن يختاره الشعب، ياسر عرمان أو غيره، ونحن سنسلم السلطة بكل شفافية وبكل مسؤولية ونحتفظ لنفسنا بموقع المعارضة المسؤولة من أجل الوطن ومن أجل ضمان الاستقرار.
{ ولكن المؤتمر الوطني متهم بأنه يعمل للانفصال ويدير حرباً نفسية على قادة الحركة الشعبية ويدعم بصورة غير مباشرة منبر السلام العادل؟
- هذا الحديث غير صحيح، المؤتمر الوطني قولاً وعملاً والتزاماً هو مع الوحدة وسيظل يعمل لأجلها، ومنبر السلام العادل لا يعبر عن رأي المؤتمر الوطني، ومعلوم أن بعض القائمين على أمر هذا المنبر كانوا في المؤتمر الوطني ولكنهم اختاروا الخروج على المؤتمر الوطني وأسسوا لهم حزباً، كما فعل بعض الذين خرجوا على الحركة الشعبية، وهذا المنبر لا يعبر عن رأي المؤتمر الوطني ولا رؤيته في ملف الوحدة والسلام.
{ في نفس الاتجاه يدور الحديث بأن الدكتور لأم أكول صنيعة المؤتمر الوطني ويحظى منه بدعم كبير لإسقاط سلفاكير؟
- هذا الحديث غير صحيح، فليس هناك علاقة عضوية بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية التغيير الديمقراطي بقيادة الدكتور لام أكول، ولام أكول اختار بمنطق وبمسوغات ذكرها في أحاديثه الخروج عن الحركة الشعبية لأنها تراجعت عن القيم والمبادئ التى أسست من أجلها، وهو يتمتع الأن بتأييد من العديد من الجنوبيين والعديد من الأحزاب الجنوبية، والمؤتمر الوطني لو كان يدعم لام أكول لما وجّه عضويته بأن تصوت للفريق سلفاكير.
{ ربما كان ذلك التوجيه للتمويه؟
- ليس هنالك حاجة أصلاًً للتمويه، والمؤتمر الوطني لا يدعم لام أكول، ولكن ليس من حق أي أحد أن يعترض على العلاقات السياسية للمؤتمر الوطني، فكما تنشئ الحركة الشعبية علاقات مع القوى السياسية الشمالية كذلك المؤتمر الوطني من حقه أن ينشئ علاقات سياسية مع حزب لام أكول والأحزاب السياسية الأخرى في جنوب السودان.
{ أنتم أوصيتم بالتصويت لسلفاكير في الجنوب في انتظار قرار الحركة بدعوة الجنوبيين للتصويت للبشير في الشمال، ولكن هذا لم يحدث؟
- موقفنا من دعم الفريق سلفاكير في الجنوب لم يكن بمقابل، هذه قناعات المؤتمر الوطني بأن الاستمرار في تنفيذ ما تبقى من الاتفاقية والحفاظ على استقرار الجنوب وأمنه يتطلب أن يفوز الفريق سلفاكير برئاسة حكومة الجنوب، والحركة الشعبية حرة في أن ترشّح عرمان أو غيره لرئاسة الجمهورية، ونحن لن نطلب مقابلاً لهذا الموقف الذي أعلناه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.