جمهور ليلة (الشعر والحرية) الذي انتظم عقده في (بيت الفنون) ببحري على شرف تدشين ثلاث مجموعات للشاعر هاشم صديق الأسبوع الماضي كان مشغولاً بالتساؤل حول غياب الشاعر محمد الحسن سالم حميد عن المشاركة في تلك الليلة ، وسرعان ما بددت الاجابة عتمة الغياب .. حميد مشغول بسبب حملته الانتخابية للمجلس التشريعي بدائرة مروي وهى الدائرة التى تحتضن (10) مرشحين منهم (5) مستقلين و(5) من بقية الأحزاب ، واختار حميد الدخول من نافذة المستقلين مقتبسا شعاره من أحد لافتات قصيدة (ست الدار).. (شوق وسلام ) من أجل الغبش والغلابى والحرية ، وإختار (المايكرفون) رمزا له في ذكاء لا يخلو من دلالة كونه عطّر المنابر بالقصائد. وفي ذات الدائرة قام المؤتمر الوطني بترشيح محمد صالح شيخ (الحيران) وعمل الحزب الإتحادي على دعم مرشحه ود الفكي ابراهيم بينما الحركة الشعبية دفعت بسليمان أحمد خالد والذي كشف ل(الأهرام اليوم ) أن تحالف أحزاب جوبا لن يكون خصما على حميد. وعبر سليمان عن سعادته كون حميد اختار خدمة أهله من داخل الدائرة الجغرافية والتى تزينت به في عيون الناس. وأضاف أن حميد في المقام (جده) وأستاذه وهو على استعداد لدعمه وخلق وحدة بين المرشحين مستدركا بمدخل قصيدة حميد نفسها : ( تأكل قناديلك تفوت ، وإتكاتلوا في حزمة قصب ). وأضاف سليمان أن هذه الدائرة بالنسبة لهم أهم من رئاسة الجمهورية. وقال إن الدائرة الكبرى من وادي حلفا وحتى أمري تضم فقط (670) ألف صوت، وقال إن أمري بها (6) آلاف صوت .. دشن مرشح الدائرة ( 28) مروي المرشح المستقل محمد الحسن حميد حملته الانتخابية الأسبوع الماضي (بالعربات) و(الكوارو) التى تحمل مكبرات الصوت وهى تنادي بانتخاب ابن الدائرة ونصير الغلابة والمهمشين في الهامش المظلوم بينما كانت هنالك مجموعة أخرى من الشباب تهتف لحميد ( دائرة مروي تحي الثورة .. دايرين بوسطة ومدرسة وسطى ، والشفخانة وسوق منضبطة ) وكان حميد يداري دموعه بالابتسام. وردا على أسئلة (الأهرام اليوم) كشف الشاعر محمد الحسن حميد عن ملامح برنامجه وقال إنه ينتمي للفقراء في قطاعاتهم الواسعة وعبر عن سعادته بالرجعة (للبيت القديم) والإسهام في إزالة غبش المعاناة والظلم عن كاهل أبناء الشمال ، ورسم صورة حزينة لحال المنطقة بالقول لو قارنت الأطفال هنا وفي بقية دول العالم تكاد تشعر بأن هذه البلد غير حية وهنالك من يدعونك لزيارة مسجدهم والتبرع له وعندما تذهب تجد المسجد مجرد (خلوة) مبنية بالطين و(القش) ، وتحزن على حال المساجد. وأضاف حميد أن الديمقراطية محاطة بسياج من أهلنا (الطيبين). وعن كمية الأسئلة التى تدور في أذهان الناس (لماذا قرر حميد الدخول لملعب السياسة؟، ولماذا إختار الترشح كمستقل؟ وهل أراد أن يدفع بالشعارات على أرض الواقع؟ قال حميد إن الأسئلة في طياتها تحمل الأجوبة لأننا نريد أن نترجم بعض أحلامنا لأرض الواقع ونعمل على تحقيق الشعارات حتى تنداح. وأعرب عن إندهاشه كيف أن حملته الإنتخابية يدفع بها الغبش والبسطاء وهم لا يملكون مالا وبالرغم من ذلك يدفعون من الذي لا يملكونه. وقال إن الجولات التى قام بها عرَّفتهم على واقع أكثر قتامة مما كانوا يتخيلونه في القصيدة ووصفهم بأنهم (ناس فصيحين لو جاء زول حايم عليهم سيتعرف على مطالبهم دون أن ينطقوا بها) ، وقال إنه ليس نبي الله الخضر ليحقق كل أحلام الناس وأن ذلك الإنسان لا نائب تشريعي ولا وزير يستطيع أن يحييه. وأضاف أن هولاء أكثر صبرا من الآخرين وقد لا يصدق العالم أن هذا الإنسان على بؤسه ومعاناته موجود تحت سد مروي مباشرة ، وأضاف أن السد يخفي تحته الكثير من المآسي والظلم وابسط مقومات الحياة غير موجودة ، وكشف حميد كيف أن أهم مشروع حيوي في مروي هو (المقابر) نسبة للزوار الذين يتوافدون عليها كل ساعة ، ضحايا أمراض التخلف. وعن ولاية الشمالية واستئثارها بالنصيب الأكبر من الحكومات قال حميد : (صحيح الشمالية قدمت للسودان ما قدمت من الحكام والحكومات ولكن الأحياء منهم اليوم يختشون على ما أصاب الأهالي)، وأضاف أن مروي اليوم هاجرت للخرطوم ولدول الخليج وأراضيها صودرت لصالح السد دون أن ينوبهم ثواب ، وقال إن مروي اليوم جغرافيا واحدة ولكنه يسعى بأن يجعلها جغرافيتين حتى يعود الغائب إلى جذوره. وأردف أنهم خدعوا الناس(بغناهم)عندما ذكروا أن مروي والقرير (جنة) وفي النهاية اكتشفنا أننا في واقع أشد ضراوة من الجحيم ، وطالب بأن لا يفسر حديثه هذا كأنه حملة إنتخابية وإنما تلك هى الحقيقة ، وطالب حميد أيضا بأن يكون النائب الفائز بلا مخصصات وبدون إمتيازات حتى لا يتزاحم الناس على الترشح هكذا وحتى يعمل الرجل المتجاسر على خدمة أهله بصدق وشفافية. وختم حديثه بأن أغلبية المترشحين لم يسمع بهم الأهالي ، وحول رغبته في الانسحاب من الترشح، أكد الشاعر محمد الحسن سالم حميد أن موقفه من خوض الانتخابات مازال راسخاً ولم ولن يتغير وانه سيخوض الانتخابات كمرشح مستقل عن الدائرة واوضح بالقول : أخوض الانتخابات ليس لاني قررت ذلك وانما لان أهلي إعتبروني لسانهم ودفعوا بي نحو المسئولية العظيمة. ونفى أن يكون قد تنكر للادبيات الثورية الانسانية التي أرسي لها عبر العديد من قصائده وأبان: قلت الشعر في يوم ما لأجل أهلي وللناس كلهم والآن إضاءة لمبة واحدة في البيت أعظم من مليون قصيدة، واوضح حميد أن المرحلة القادمة هي مرحلة الفنان مطالباً الفنانين بتجاوز محطة الحلم والامنيات الى فعل أكثر واقعية وخدمية، وشكر حميد الفنانين على وقفتهم الكبيرة معه في حملته الانتخابية خصوصاً وان رمزه الانتخابي هو (المكرفون) كما شكر الصحفيين على هذه الوقفة الصلبة. وبذلك يدخل الرجل غمار التنافس وفي خياله (يوتوبيا) قابلة للتنفيذ ، وبعض الأشواق حبيسة القصائد والصدور بعد أن تفاعل معه الأهالي هناك ورسموا صورته في الشوارع والبيوت وضل (البرندات القديمة )، فهل سيبرز الرجل في ثوب آخر أكثر اشراقا ويرفع يده البيضاء في حالة النصر مستكملا مسيرة النضال؟ ، وهل طلق حميد الماضي بمجرد أن وضع نفسه في ذلك المقام الجديد؟ ، كلها أسئلة تتقاطع في متاهة المشهد السياسي والثقافي في الوطن .