{ توطئة: شكّك صحافيون استطلعتهم (الأهرام اليوم) في أداء المؤسسات التي يحاول مديروها تعطيل العمل الصحافي بالهروب حيناً، ورفض تمليك المعلومة حيناً آخر .. وأكدوا أن المسؤول الذي يثق في أدائه داخل مؤسسته لا تخيفه الصحافة ولا يخصم أو ينقص النشر الصحافي منه شيئاً. ورفضوا بعض الأساليب التي تتعامل بها مكاتب العلاقات العامة داخل تلك المؤسسات، وطالبوا عبر صحيفة (الأهرام اليوم) رئاسة مجلس الوزراء بحسم الأمر داخل المؤسسات التنفيذية تسهيلاً لمهمة الصحافي. { مشهد يتكرر: (عفواً.. أحضر خطاب من الصحيفة معنون إلى قسم العلاقات العامة ثم الجهة التي تريدها)! هكذا يرد عليك موظفو العلاقات العامة بالمؤسسات التنفيذية بالدولة وتحديداً المؤسسات الخدمية التي يرغب الصحافيين في إجراء تحقيق بخصوصها أو تكون هي طرف فيه يهدف إلى تقديم عمل يفيد المواطن والدولة معاً، إما عن طريقه كشف مكامن الإخفاق فيها أو التنبيه لجوانب بعض السياسات غير الموفّقة، أو بعض أوجه القصور فيها مما يجعلنا نتساءل ماذا تعني البطاقة الصحافية؟، ولماذا لا تكفي عن كتابة الخطابات حتى تساعد في تسهيل مهامنا؟ في قانون الصحافة والمطبوعات لسنة 2009م المادة (25-1) نصت على تمتُّع الصحافي بالحقوق والحصانات وهي عدم تعريضه لأي فعل يؤدي للتأثير على أدائه أو يشكك في نزاهته أو التزامه بواجباته المهنية. كما يحق للصحافي الحصول على المعلومات من المصادر الرسمية وفقاً للقانون وعلى المجلس إتخاذ الإجراءات المناسبة لكفالة حقوق الصحافي وحصانته وحماية مصادر المعلومات الصحافية. (الأهرام اليوم) استطلعت أهل الشأن وجهات الإختصاص في قضية باتت تؤرّق الصحافيين. { بطاقة ضعيفة: مدير تحرير صحيفة الأحداث عثمان فضل الله أكد ل(الأهرام اليوم) أن ضعف البطاقة الصحافية هو من ضعف الجسم الصحافي ذاته، رغم أن قيمتها قد نصّ عليها القانون. والمؤسف أن قوانين الصحافة منذ عام 1986 ظلت كما هي ليست معنية بأمر الصحافي وإنما معنية فقط بحماية الدولة من الصحافي! وظل الساسة بمختلف مشاربهم في عهود ديمقراطية أو شمولية أو ديمقوشمولية معنيين بهذه القضية. وأكد فضل الله أن الصحافة جسم مهترئ يفتقد إلى تكتُّل يضع قانون يعطي البطاقة الصحافية اعتبارها واحترامها وهيبتها. لذلك ستظل البطاقة ضعيفة. ويكفي إذا أردت أن تعرف مدى قوة أو ضعف بلد ما ومدى تماسكه الإجتماعي، انظر إلى صحافته. نحن صحافتنا تحكي واقعنا بشكل جلي. صحافة ضعيفة وصحف غالبيتها غير محترمة. بعض الصحف عبارة عن (كناتين) -على حد قوله - وكل شخص يأتي بمجموعة من الصحافيين ويستخدمهم. وأكد فضل الله ل(الأهرام اليوم) على أهمية أن تكون شخصية الصحافي لها قيمة قبل البحث عن بطاقة لها (قيمة)! وللأسف يطالب الصحافي عند إجراء بعض المهام الصحافية بخطاب لتمليكه المعلومات المطلوبة من المؤسسات الحكومية وصحفنا تقبل بذلك. لذا نجد أن صحافتنا (جارية) وراء الدولة وظِل المسؤولين.. إن الصحافي لا يحتاج لبطاقته إلا فيما يتعلق بقضايا الدولة لأن الشارع لا يحتاج لبطاقة. إن الأمر برُمّته يحتاج إلى موقف قوي من الإتحاد ومن قادة العمل الإعلامي ورموزه ومن الناشرين أيضاً ومالكي الصحف. وعلينا احترام أنفسنا أولاً كصحافيين. نحن لدينا ما ليس عند الدولة .. نحن نمتلك حب الناس وتعاطفهم معنا و(الرأي العام) يقف إلى جانبنا وهذا لا يوجد لدى الدولة، إذ هي التي تحتاج ونحن لا نحتاج إليها. لذلك يفترض أن تأتي إلينا هي. { تهرُّب : مدير تحرير صحيفة (الرأي العام) ضياء الدين بلال أكد ل(الأهرام اليوم) أن المهنة تسلّل إليها بعض عديمي الموهبة ودخلها البعض مؤخراً كوسيلة للتسوُّل، الأمر الذي جعل العديد من المسؤولين والسياسيين لا ينظرون إلى الصحافي باحترام، ولا أعتقد أن للبطاقة الصحافية علاقة بمسألة احترام الصحافي أو عدمه. فهي مستند إثبات فقط. وأكد بلال أن بعض المسؤولين يهربون من الإعلام ويهابون الصحافيين ويقومون بحجب المعلومات عنهم ويبتعدون عن عيون الكاميرا بسبب ضعفهم. إذا كان المسؤول جرئ في طرحه ومعلوماته وجرئ في تمليك الحقائق والمعلومات المتعلقة بمؤسسته للجمهور والقراء والمتابعين، فذلك يؤكد قوة موقفه وقوة شخصيته وسلامة المؤسسة التي هو على رأسها .. ويقول بلال إن أي مسؤول يهاب الصحافة ويحاول الهروب منها نجده يعاني مشاكل في شخصيته أو في مؤسسته. { ظرف عصيب : ويقول مدير تحرير صحيفة (أجراس الحرية) عبد الله الشيخ إن الظرف الذي تمر به صحافتنا هو ظرف عصيب جداً. والواقع السياسي والقانوني ينعكس بالضرورة على وضع المهنة. فالحكومة وضعت كثير من العراقيل أمام الصحافيين وهذا جعل البطاقة الصحافية غير محترمة لدى كثير من المؤسسات، ومؤسسات الدولة نفسها تُطالب وفق توجيهات المؤسسات الصحافية بخطابات داعمة للبطاقة! وهذا يُعزز في دواخل الصحافيين ويعطي إشارة بأن البطاقة نفسها غير معترف بها وهذا ناتج من الظروف العامة التي تعيشها البلاد. الصحافة لا تجد موقعها كسلطة رابعة وهنالك عدم اعتراف واضح بذلك، رغم أن القانون رسّخ له من خلال الإجراءات التي اتخذت من جانب الدولة نفسها. لذلك أرى أن تُعاد للبطاقة الصحافية مكانتها حتى لا يتعرّض الصحافي إلى مضايقات ومعاكسات أمام أي باب من الأبواب سواءً كانت بوابة تنفيذية أو بوابة مؤسسة عادية. ويُلاحظ أن البطاقة في العديد من دول العالم وفي الخليج ومصر وبريطانيا وغيرها محترمة ولها موقعها ولا تقل عن بطاقة التنفيذي. { بيروقراطية : صحافي يعمل في المجال الاقتصادي قال ل(الأهرام اليوم) طلبت إجراء مقابلة صحافية مع أحد المسؤولين بإحدى الوزارات، فطلب مكتب الإعلام مني خطاباً يحوي محاور الحوار مطبوعة إذا رغبت في إجرائه مما دفعني إلى صرف النظر عنه. ولا أدري مغزى هذه الإجراءات الغريبة وهل يعلم المسؤولون بها في تلك المؤسسات أم هي بيروقراطية فقط يستخدمها موظفو العلاقات العامة بقصد وضع عراقيل في طريقنا تحول دون الحصول على المعلومة التي ينبغى أن تكون في متناول أيدينا كصحافيين؟ نحن نتساءل إذا كان ليس لدى تلك المؤسسات ما تخفيه لماذا تتخوّف من إجراء المقابلات الصحافية إذن؟!! ويقول مسؤول الحريات الصحافية وحقوق الإنسان بالإتحاد العام للصحافيين مكي المغربي إذا تعرّض أي صحافي لأي من الإهانات يتقدم فوراً بشكوى للإتحاد العام. البطاقة الصحافية تّمكِّن من إجراء أي عمل صحافي عدا السفارات أو اللقاءات مع الدبلوماسيين والقوات النظامية، وهذا يمكن أن نتجاوزه. نحن ونعتبر إقصاء البطاقة الصحافية جريمة. ويضيف المغربي فتحنا سجلاً لرصد الاختراقات ضد المهنة وسنحيل المخالفات إلى البرلمان. { عدم وعي : الأمين العام لإتحاد الصحافيين السودانيين محي الدين تيتاوي أكد ل(الأهرام اليوم) أن كل من يحمل البطاقة الصحافية يتوجّب على كل الجهات تسهيل مهامه. إلا أن عدم الوعي بالدور الذي تؤديه الصحافة لأهمية تسهيل مهام حامل البطاقة الصحافية هو الذي يؤدي إلى نوع من التمنُّع وعدم السماح للصحافيين القيام بمهامهم. ومن هذا المنطلق أعددنا مشروع لائحة تحويل البطاقة الصحافية إلى بطاقة وثائقية مثل جواز السفر أو البطاقة الشخصية بحيث تصبح لها قوة قانونية أكثر فعالية والآن أجيز هذا المشروع من مجلس الوزراء وتوقّف عند ديوان النائب العام. نحن نتابعه من خلال هذه الدورة لإعادة حقوق الصحافي كاملة. { بالقانون : أكد رئيس مجلس الصحافة والمطبوعات البروفيسور علي شمو أن القانون يُعطي الصحافي الحق في الحصول على المعلومة، وقال إن المعلومة هي حق من حقوق المواطن. لذلك فإن امتناع المسؤولين عن تمليك المعلومة للصحافي هو أمر غير مقبول. وأكد شمو أن القانون يؤكد هذا الحق. وأن تداول المعلومة ينقسم إلى قسمين. الأول يُسمى بالمعلومة العادية والآخر بالمعلومة المصنّفة. وهذه تحكمها معايير خاصة تمنع من تداولها وهنا لا يحق للصحافي السؤال عنها. أما المعلومات العادية أو العامة والخاصة بديوان العمل فإذا امتنع المسؤول عن تمليكها للصحافي يصبح من حق الصحافي اللجوء لقانون الصحافة والمطبوعات. ويقول شمو سبق وأن مُنع أحد الصحافيين من معلومات من قِبل أحد الوزراء فكتبنا للوزير ونبهناه لقانون الصحافة والمادة التي تفرض عليه إعطاء الصحافيين المعلومة.. وأكد شمو أن المسؤول هو الخسران إذا منع الصحافي المعلومة حيث لا يعلم الرأي العام شيئاً عن مؤسسته.. نحن تجاوزنا هذا المفهوم القديم في إعطاء المعلومة وتداولها بين الناس حيث كان الفهم السائد عدم تداول المعلومة. أما الآن كما تشاهدون ليس لدينا سلطة القبض على المسؤولين فقمنا بتنظيم لقاءات مع وزير شؤون مجلس الوزراء كمال عبد اللطيف وهو رجل يتفهم دور الصحافة وتحاورنا جيداً في الصلة ما بين الصحافة والجهاز التنفيذي واستخرجنا منشور البطاقة الصحافية الذي يسمح للصحافي الدخول ببطاقته إلى أي موقع وزارة أم مستشفى .. الخ.. قلنا إن المعضلة الحقيقية داخل تلك المؤسسات تتلخص في عبارة (أكتب خطاب وحدّد محاورك)! ويرددها عادة موظفو العلاقات العامة بالمؤسسات الخدمية تحددياً!! أكد تيتاوي أن موظفو العلاقات العامة بيروقراطيين وسوء حظ الصحافي يوقعه في مثل هؤلاء. إذا كنت مديراً لمؤسسة ما، لأصدرت قراراً بفصل موظف العلاقات العامة الذي يحرم صحافي من الدخول لأنه أثبت فشله ومهمة رجل العلاقات العامة هي تحسين العلاقة ما بين المؤسسة وجمهورها، وعلى الصحافي تجاهل الوزارات التي تُقحم هذه المعضلات في طريق عمله..