{ إنه زمنٌ لا مجال فيه للإنكار، فكل شيء موثّق، شئت أم أبيت، وبكبسة زر واحدة يمكن لأيٍّ كان إيجاد أية معلومة وفي أي زمان وعن كل شخصية عامة! { أنت مسؤول عمّا تقول، ولمّا يُسجّل حديثك لا مجال (للفرفرة) وإنكار صوتك ولا مجال لخلع عباءة وارتداء أخرى دون أن يعرفك فيها أحد! { والصور - لو درت برضو - تنطق الحقائق وبشكل أبلغ من الحديث.. وبالصورة والصوت نشاهد ونسمع كمية الفنانين الجالسين على مقاعد المؤتمر الوطني والشعبي والحركة الشعبية «لم يحفل الحزب الاتحادي ولا حزب الأمة بإعصار الغناء الهابط على السياسة هذا في تسيير برنامجهم الانتخابي» ! { ونتعجب للديمقراطية التي تحولت بقدرة مدراء الحملات الانتخابية وإعلامييها إلى حفلات (أوفر لايت) يعلو صوتها فوق صوت البرنامج الانتخابي ومشاريعه وأحلامه.. ونأسف لبرلمان يسعى إليه المرشحون عبر بساط أحمر لصيوان حفلة، ونحزن لرئاسة يتنافس عليها صاحب الرصيد الأعلى في مبيعات الكاسيت وحفلات الجامعات! { (جمال فرفور) يحشد طاقاته الصوتية لمايكرفون المؤتمر الوطني، وتحدث جانبياً أنه والرئيس أولاد منطقة واحدة ! فلا عجب أن يكونا من حزب واحد! { والفنانات يقدمنّ نماذج المرأة التي تقف خلف كل رجل عظيم بالغناء له! ويعزّزن لذلك بنموذج (مهيرة بت عبود) دون أدنى معرفة بالسبب الحقيقي الذي دفع (مهيرة) للشكر والمرثيات وشعر الذم! أو على أسوأ الفروض معرفة من هي بذاتها! كل هذا للّحاق (بالسيرة) التي تغني للمرشحين ولتأكيد انتماءات لمناطق بعيدة عن المتاعب وتضيف لرصيدك الوطني.. مجرد كلام وقتي يخدم المصلحة الآنية للفنان والمرشّح ولا أحد يهتم بالغد! { سوى (د. حسن عبدالله الترابي) لّما أعلن عن برنامج حزبه الانتخابي بغناء الشاب (شول منوت) نجم برنامج (نجوم الغد) مؤكداً بذلك على قوميته - بحسب رأيه السياسي - ومعزّزا اختياره للمرشح (عبد الله دينق)..! { المفاوضات وحفلات السلام كذلك لم تسلم من المد الفني السياسي هذا، فسافر (عمر احساس) و(أحمد شارف) و(ترنين) - العازف - وآخرون لدولة قطر للغناء في الدوحة للحركات الموقعة والمسالمة الآن.. ولتأكيد (دارفور بلدنا أرضاً سلاحنا)! { وكلٌ يغني للّيلاه التي تشبهه في الملامح والسمات والتضاريس الجغرافية للمنطقة الواحدة! { ولّما تستدعي الاعتداءات الدولية أن تكون المنطقة الواحدة السودان ينتفض الجميع للبحث عن (العبادي) في الذاكرة الغنائية لتبدأ البروفات وتتوزع (الكوبليهات) ليغنوا: (جعلي .. دنقلاوي وشايقي أيه فايداني غير خلقت خلاف خلت أخوي عاداني! خلو لبنا يسري للبعيد والداني يكفي النيل أبونا والجنس سوداني) { ويقفز السودان كله راقصاً على نغم الوحدة العبادية! { سيحتشد كثيرون مناهضين للتلميحات الخفية المخبأة بين السطور، لكن هل سيعفينا ذلك من رؤية وسماع اللمحات الواضحة للمناصرات الحزبية الفنية الغارقة في طين لازب من تأييد نظرة قديمة كانت وما زالت هي المسؤول الأول والمباشر لكل هذا الرهق والخلاف والمعاداة !! { وإذا كانت هذه الانتخابات تمثل نقطة تحول في سير الحكم في السودان بتجربة الديمقراطية الناضجة كخيار أجمل للشعوب والحكام معاً أليس من باب الدهاء السياسي أن تعاد صياغة الوصفة السحرية لكيكة الحملات الانتخابية بإضافة مقادير جديدة، وقلب أخرى لتسع التنوع الكبير الذي يميز السودان عن كل الدول الأفريقية والعربية؟ { لماذا لم يتجرأ فنان أو فنانة بالنزول إلى ساحة الانتخابات كمرشح (مستقل) كما فعل الصحفيون والصحفيات الشجعان.. ليعكسوا وجهة نظرهم السياسية بدلاً من وقوفهم كجوقة (شيالين) خلف السياسين؟ هذا اذا كان الأمر انتماءً وجغرافيا كما يصرّحون.. { لماذا لا تخلط أوراق الفن والسياسة لصالح أوبريت (الحلم السوداني) بلا خلافات عرقية!! نعيد نشر العمود لتصحيح بعض المعلومات الخاطئة. وشكراً لمن صوبوني