كنت قد نشرت أقصوصة عن معاناة حمار مع صاحبه، وكيف استطاع الحمار أن يفك أسر حنجرته و«يهنِّق» بعد صمت طال أمده، حينما دهست صاحبه سيارة. هذه الأقصوصة كانت آخر ما كتبت في هذا المجال منذ عقد من الزمان، بالرغم من أن اهتمامي وشغفي ب «الحمير» لم يكن وليد لحظات كتابة تلك القصة، إذ بدأ مع وصف أستاذ لنا في المدرسة «الأولية» التي تسمى الآن «الابتدائية» - عاشت الأسامي- لجميع التلاميذ بالفصل، فالتلميذ أمام ذاك الأستاذ لم يكن سوى «جحش» وكان لا يفرِّق بين جحش بليد وجحش شاطر، فجميعهم «جحوش» !! كل ما في الأمر أنه يميزهم فقط بأحجامهم وألوانهم أو بعلامات بارزة في وجوههم أو أيديهم، ومنذ دخولنا سنة أولى «أولية» وحتى انتقالنا منها إلى المرحلة «المتوسطة» لم يستطع أحد منا أن يرتقي إلى مقام أو رتبة «حمار» عند ذاك الأستاذ. بعد ذلك انطلق عشقي لكتابات الأديب الساخر البخيل توفيق الحكيم، وأصبح كاتبي المفضل لأنه اهتم «بالحمير» ولم يقصِّر في حقها. وكان أول عمل مسرحي أقوم بإعداده وسودنته وإخراجه مسرحية قصيرة بعنوان «حصحص الحبّوب» - و«حصحص» هو الحمار- لمؤلفها توفيق الحكيم، وقامت بتمثيلها مجموعة المسرح برابطة سنار الأدبية في السبعينات من القرن الماضي، بل شارك بتلك المسرحية طلاب سنار الثانوية في إحدى نهائيات دورة مدرسية، وكنت مخرجاً أيضاً للعمل الذي وصل إلى النهائيات بالخرطوم ليدخل في منافسة شرسة مع مدارس أخرى، حتى أن الأستاذ الصحفي الساخر طلحة الشفيع متعه الله بالعافية، الذي كان وقتها رئيس قسم المنوعات بجريدة الصحافة، كتب قائلاً: «نبيل غالي يأتي بالحمير إلى الخرطوم» وكما تلاحظون فإن عنوان الخبر فيه خبث ولكنه الخبث الذكي المحبب!! أذكر أن أول مرة ركبت فيها «عجلة» وانطلقت بها في أحد الأزقة غير مبال بما هو أمامي، فكان أن «صدمت» حماراً وكان الجزاء من صاحبه صفعة!! «حليل زمن الصبا» { ضحكة صفراء: أتيحت لي فرصة مع بعض الأصدقاء لمشاهدة فيلم «همّام في أمستردام» لمخرجنا السوداني سعيد حامد، ويلعب بطولته النجم الشهير محمد هنيدي. طوال الفيلم لاحظت أن هنيدي لم يستطع انتزاع ضحكة أو حتى ابتسامة من شفاهنا. أما أغنيات الفيلم فحدث ثم حدث، ويكفي عناوينها «أييه» و«ياطاطا يا ننا». لقد عشنا وشفنا زمن الكوميديا الجميل وعمالقته، نجيب الريحاني وفؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي ومحمد رضا، وصاحب البصمة الفنية المتفردة في الكوميديا الزعيم عادل عادل، والكوميدي الذي ينتزع الضحكة من «بيت كلاويك» أحمد حلمي.. جمعيهم أضحكونا من القلب ولم يضحكوا علينا. من حق الآخرين أن يستمتعوا بالأداء الكوميدي للفنان محمد هنيدي، ولكنّه بالنسبة لنا أصحاب تلك الجلسة كان سمكاً عسير الهضم. { واحد اسمه «بله» شين شناة شديدة.. جاهو رباطابي يبارك ليهو مولوده الجديد، شاف المولود شين زي أبوهو، فقام الرباطابي قال ل «بله»: حقو تسميهو «زاد الطين»!!