في واشنطن أمس الأول قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إن بلاده في الماضي ساعدت الولاياتالمتحدةالأمريكية في احتواء الاتحاد السوفيتي وهي الآن تساعدها في مكافحة التطرف الإسلامي. وهو كلام صحيح في بعض جوانبه وغير صحيح في جوانبه الأخرى.. والمقارنة بين الاتحاد السوفيتي والتطرف الإسلامي مقارنة بين قوتين غير متكافئتين.. فقد كان الاتحاد السوفيتي امبراطورية تشغل وتتحكم في مساحات واسعة من الكرة الأرضية، وكانت هذه الإمبراطورية توصف بأنها القوة العظمى والثانية في العالم، وقد ارتادت الفضاء منذ أواخر خمسينات القرن الماضي وكان لها جيش مقتدر رهيب، وكانت بالفعل تشكل خطراً ماثلاً ماحقاً للولايات المتحدةالأمريكية وللمعسكر الرأسمالي الذي كانت تقوده. لكنها، أي الإمبراطورية السوفيتية، انهارت وما أغرب أسباب انهيارها مطلع تسعينات القرن العشرين، وخلا المجال للولايات المتحدة تصول وتجول وتعربد وتفعل ما تشاء ولم تتعرض ممارساتها للرفض ولا ممتلكاتها داخل أمريكا وخارجها للاعتداء إلا من بعض المسلمين.. نعم بعض المسلمين وليس كل المسلمين، وأبرز الأمثلة تنظيم القاعدة. ومعظم الدول المسلمة الغنية المؤثرة ترتبط بأمتن العلاقات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، ومن هذه الدول المملكة العربية السعودية ومصر ودول الخليج العربي وباكستان وتركيا.. وقد خضع العراق، الذي هو دولة غنية مؤثرة، للاحتلال الأمريكي منذ أبريل 2003م. وبقيت إيران.. وهي دولة غنية مؤثرة عريقة تطمح وتسعى لامتلاك السلاح النووي، ومع افتراض أنها سوف تمتلكه في المستقبل المتطور فإنها تحتاج إلى زمن طويل ليصبح في مقدورها أن تشكل خطراً على الولاياتالمتحدةالأمريكية بمستوى ذلك الخطر الذي كان يشكله الاتحاد السوفيتي خاصة في فترة الحرب الباردة التي امتدت من عام 1945م تاريخ انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى عام 1991م، تاريخ انهيار الاتحاد السوفيتي، وقد انحصر التنافس العسكري السياسي الاقتصادي القضائي، خلال تلك الفترة، بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد السوفيتي. إن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في واشنطن وفي كل مكان يلعب (لصالح ورقه) وهي لعبة يتقنها كل السياسيين الإسرائيليين منذ بن جوريون. فتكريه الأمريكيين في الإسلام والمسلمين المتطرفين منهم والمعتدلين، وتخويفهم منه ومنهم يؤدي لا محالة إلى تكريههم وتخويفهم من العرب والفلسطينيين وبالتالي استمرار تأييدهم المطلق ومحبتهم الراسخة لإسرائيل.