اذا كان ما يزال يوجد من يتسلى بفكرة الهجوم على ايران بغير موافقة الادارة الامريكية، فانه يجدر به ان يقرأ التقرير الذي نشره قبل ثلاثة اسابيع سي.آر.اس وهو جسم البحث التابع لمجلس النواب الامريكي وفُصلت فيه المساعدة الامريكية التي أُعطيت لاسرائيل على مدى السنين. ان تعلق اسرائيل بالولاياتالمتحدة كبير جدا، كما تُبين معطيات التقرير، حتى ان كل قرار للهجوم قد يُعرض استمرار المساعدة للخطر، ويبلغ حد عدم المسؤولية الآثم. ان تجميع المعطيات التي تظهر في التقرير لا يقل عن كونه مدهشا. فعلى مر السنين حولت الولاياتالمتحدة الى اسرائيل مساعدة تزيد على 431 مليار شيكل (أكثر من 115 مليار دولار). ومن اجل وضع هذه الاشياء في تناسب نقول ان اسرائيل حصلت من الولاياتالمتحدة على مساعدة أكبر من التي حصلت عليها 15 دولة في اوروبا معا في اطار خطة مارشال لعلاج القارة المدمرة بعد الحرب العالمية الثانية. نُقل جزء كبير من المساعدة الامريكية الى اسرائيل بصفة هبات عسكرية لا تقل عن 253 مليار شيكل (أكثر من 67 مليار دولار). وهذا العام مثلا تبلغ الهبة العسكرية مباشرة 3.1 مليار دولار (نحوا من 12 مليار شيكل) هي خُمس ميزانية الدفاع. واستقر الرأي في 2007 على ان يُمنح الجيش الاسرائيلي هذا المبلغ كل سنة الى سنة 2018. وتدعو اصوات غير قليلة في مجلس النواب في واشنطن الى تقليص المساعدة العسكرية لاسرائيل أخذا في الحساب لوضع الولاياتالمتحدة الاقتصادي الصعب. والهجوم على ايران بغير موافقة امريكية سيعزز موقفهم بما يشبه اليقين. لكن التعلق في المجال الأمني لا يتلخص بمقدار الهبة العسكرية السنوية. فمنذ 2006 حولت الولاياتالمتحدة الى اسرائيل أكثر من 1.5 مليار دولار (نحو من 6 مليارات شيكل) من اجل خططها المختلفة للحماية من الصواريخ ومنها القبة الحديدية و'حيتس 2' و'حيتس 3' و'الصولجان السحري'. ويُمكّن الامريكيون الجيش الاسرائيلي ايضا من استخدام مجموع سلاحهم للطوارىء المخزن في اسرائيل. وقيمة السلاح الموجود في مخازن الطوارىء الامريكية في اسرائيل 1.2 مليار دولار. ان واحدا من افضالات المساعدة الأهم في المجال العسكري هو نصب رادار بذبذبة إكس في النقب قادر على تحديد مواقع صواريخ مهاجمة في مدى يزيد على 900 كم (قياسا بقدرة الرادار الاسرائيلي الأكثر تقدما على الكشف والتي تبلغ الى مدى 160كم). ومنذ 2001 تجري اسرائيل والولاياتالمتحدة تدريبات كل سنتين هي 'جوبيتر كوبرا'، يتم فيها التأليف والفحص عن نظم اسرائيلية وامريكية للحماية من الصواريخ. وقد أجازت الادارة ان تُباع اسرائيل 75 طائرة اف 35 بكلفة تبلغ 11 مليار دولار يُنفق عليها كلها من المساعدة العسكرية. واذا لم'يكن كل ذلك كافيا، فان الولاياتالمتحدة منحت اسرائيل مساعدة اقتصادية بلغت 31 مليار دولار (حتى سنة 2007)، وهبات لاستيعاب الهجرة بلغت 1.66 مليار دولار. وفوق كل ذلك توجد الضمانات التي منحتها الادارة الامريكية لاسرائيل للحصول على قروض بفائدة منخفضة. وفي 2003 تمت الموافقة لاسرائيل على ضمانات تبلغ 9 مليارات دولار لثلاث سنين و1 مليار دولار آخر بصفة هبة عسكرية. وبعد حرب لبنان الثانية أُطيل أمد الضمانات الى 2011 وتجري الآن مباحثات في إطالة اخرى. وبين الفينة والاخرى ايضا تمنح الولاياتالمتحدة اسرائيل 'مساعدة طواريء'. هذا ما كان في 1991 حينما وافق مجلس النواب الامريكي على تحويل 650 مليون دولار لتغطية الأضرار والنفقات الاسرائيلية في حرب الخليج الاولى. وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي أُجيز لاسرائيل ضمانات لقروض تبلغ 10 مليارات دولار مساعدة على استيعاب المهاجرين. وفي التسعينيات حصلت اسرائيل على 1.2 مليار دولار لاعداد قوات الجيش الاسرائيلي التي خرجت من الضفة الغربية من جديد. ويفصل التقرير مساعدات ودعما آخر ايضا. يجدر ببنيامين نتنياهو واهود باراك قبل ان يُجمعا على مهاجمة ايران ان يستمعا للمعارضة الامريكية للهجوم الاسرائيلي وان يقرءا هذه الوثيقة الآسرة وان يفهما عمق تعلق اسرائيل بالولاياتالمتحدة والمعنى المدمر لاضرار محتمل بالمساعدة الامريكية. هآرتس 4/4/2012