ما نعانيه اليوم من فوضى اجتماعية عارمة وصراعات لا تنتهي سببها الثقافات التي تلقن للناس وتجعل بعضهم اعداء بعض ويمكر بعضهم ببعض ويستعلى بعضهم على بعض وكل ذلك بسبب إبعاد الحوار وثقافة الحوار عن المجتمع ولذا لا بد لنا أن نغرس في اطفالنا وشبابنا ونساءنا ثقافة الحوار لأنها هي الحل الأمثل لكل المشكلات التي تعترض حياتنا. كل المشاكل التي تحدث الآن وحدثت على الأقل في الاسابيع الماضية واكبرها جرائم القتل من مرحلة الأساس إلى الجامعة إلى الأسر الى المجتمع عامة اصبح القتل كأنه جزءا من نشاطنا اليومي دون وازع أو ضمير وكأنهم لم يعلموا أن الله سبحانه وتعالى قال «إنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً»، المائدة 32. وبذلك اختل الامن لا تكاد تمر دقيقة إلا وحادث قتل او سرقة او جريمة تحدث في مدينة من المدن ويعيش الانسان خائفاً على نفسه وأهله وماله وعرضه. كل ذلك بسب تعطل لغة الحوار وثقافة الحوار بين الناس جميعاً فلو تعلمنا ثقافة الحوار لبعدنا عن ثقافة الصراع وتعلمنا ثقافة المحبة بدلاً عن الكراهية وثقافة التسامح بدلاً عن ثقافة التعصب وثقافة التعايش بدلاً عن ثقافة القتال نحتاج ان نعلم هذه الثقافة لأطفالنا في مدارس الأساس والثانوي والجامعة للآباء والأمهات في المساجد والأندية لشيوخ السياسة في برامج اذاعية وتلفزيونية حتى يتعلم الجميع انه بالحوار الجاد والبناء نستطيع أن نتجاوز كافة مشاكلنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. اذا كان الله سبحانه وتعالى خالق الكون والمسيطر عليه يأمرنا حتى في الدعوة إليه الحوار والدعوة الحسنة في قوله تعالى «أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن» «النحل 125» وحتى أهل الكتاب أمرنا أن نجادلهم بالتي هي أحسن في قوله تعالى «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم» «العنكبوت 46». وهو بذلك لا يقبل الاكراه ولا يعترف بنتائجه لو حدث كما قال تعالى «أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين». «يونس 99». «لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي» «البقرة 256». بالاضافة للجدال بالحسنى والحوار بالتي هي أحسن لا بد أن نغرس في قلوب الناس ثقافة السلام والمحبة وعلى الجميع أن يعلموا أنهم من نفس واحدة وأخوة في الدين وفي الوطن لأننا كلنا لآدم وحواء وتفرعت الذرية هنا وهناك وهي من رحم مشترك وكما قال الشاعر: انا كان اصلي من تراب كلها بلادي وكل العالمين أقاربي ولقد بدأت الخليقة بالحوار عندما حاورت الملائكة الله جل وعلا في خلق آدم وانه سيفسد في الارض وقال لهم المولى عز وجل «إني أعلم ما لا تعلمون» ثم حاور إبليس وهو ملعون ومطرود من رحمة ربه حاور المولى عز وجل في خطابه بأن يمنحه الله الفرصة ويبقيه على الأرض الى يوم يبعثون. ثم حوار ابراهيم لأبيه وحوار ابراهيم وابنه الذبيح اسماعيل الذي قال له يا ابت افعل ما تؤمر وحوار موسى لفرعون وحوار سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لقريش وأهل الطائف واهل العقبة الأولى والثانية وحياته كلها كانت تعلمنا الحوار حتى في أدق الأشياء فما بال الناس اليوم تقودهم هذه الثقافة الشيطانية ثقافة افسدت عليهم مفاهيمهم أفسدت عليهم سلوكهم افسدت عليهم ضمائرهم وأفسدت عليهم علاقاتهم بل أفسدت عليهم حياتهم كلها كل ذلك ما كان ليحدث لو أنهم اتبعوا منهج القرآن وسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وهم الذين يطلبون الهدى من الله في اليوم على الأقل سبع عشر مرة في قولهم «إهدنا الصراط المستقيم» اي الذي لا عوج فيه ولا انحراف هذه الصراط الذي يحيى الضمائر ويصلح الفساد وينور العقول ويهدي الناس إلى طريق الحق لا طريق الباطل.