بما أن الانتخابات على الأبواب وممارسة الديمقراطية على أبوابها الأولى والاختيار الأمثل والرفيع لمن يجلس على سدة الحكم وشيك، فما علينا إلا أن نغوص بعيداً في ما سكت عنه الكثيرون ربما خوفاً أو استحياء أو مجاملة أولاً: ندلف إلى ممارسة الدعاية الانتخابية في بلادنا التي هي إحدى الوسائل التي يعتمد عليها المرشح للتنافس عبر الملصقات ومكبرات الصوت واستغلال الإعلام من إذاعات وقنوات تلفزيونية وصحف وغيرها، ويجب على المرشح أولاً قبل كل شيء أن يكون لديه ما يعرضه على الناخبين من برامج مستقبلية وأطروحات جديدة قد تفيد البلاد وشعبها مستقبلاً، وأن يكون قد سبق ترشيحه لنفسه عملٌ وطني أو إنجاز حقيقي أو تضحيات كبيرة قدمها للوطن، وأن لا يأتي المرشح خالي الوفاض من كل شيء إلا اسم الحزب من الأحزاب أو حركة من الحركات أو البيوت التي جثمت فوق صدورنا زمناً طويلاً، والتي حرمتنا من أن نتنفس هواءً نحمد الله بعده. وبما أنني لا أنتمي لأي حزب سياسي أو أي حركة من الحركات الكثيرة التي تعج بها الساحة، إلا أنني أحمل هم الوطن وأريد له أن يكون معافى سليماً يسير على درب قد ارتضيناه، وعندما أقول ذلك يجب على كل مواطن أن يتحسّس طريقه في الاختيار جيداً وأن يعلم أن اختياره هذا مسؤولية أمام الله عزّ وجل وأمام أسرته الكبيرة والصغيرة وأمام ضميره إن كان حياً. ثانياً: نتحدث عن المسكوت عنه كما ذكرنا قبلاً.. وأنا شخصياً وبعد تمحيص وتدقيق ودراسة خاصة بي قمت باختيار من أويده لقيادةالبلاد، وذلك عبر الإنجازات والتضحيات والعمل الدؤوب والمثابرة والتفاني في خدمة الوطن، ألا وهو سعادة الرئيس عمر حسن أحمد البشير، ابن البلد الأصيل كما يسميه أهل بلادي، سأعطيه صوتي رضي أم أبى لأن اختياري لمن يقودني اختيار لمن يفيدني ويفيد أمتي وأهلي وبيتي، ولأن دقائق الأمور في السلوك الشخصي والسيرة الذاتية معنيٌ بها المرشح القادم وليس الناخب، وسعادة الرئيس قائدنا جميعاً، الفقير منّا والغني، والضعيف منّا والقوي، والصالح منّا والطالح، فأنت أبوناً جميعنا طالما نحمل اسم السودان في جباهنا وقلوبنا، والواقع يقول هنا إن ما يدفعنا لأن نقول لا بديل للبشير وحكومته هي إنجازاته التي تحكي ذلك بوضوح، وما وصلت إليه البلاد من تقدم وازدهار وحضارة وجمال حتى أصبح قبلة للأجانب طالبي العمل أو المستثمرين، فأصبح السودان دولة المغتربين من الخارج بعد أن كان دولة طاردة لأهلها للخارج طلباً للقمة العيش وهدية متواضعة من الأقمشة لذويهم هنا، ولا ينكر ذلك إلا مكابر.. ولاينكر ذلك إلا إنسان تغطي أعينه غشاوة الكراهية والحنق والاستبداد. لا نريد أن تذهب أصواتنا هباءً لمن كانوا نائمين وتائهين عن الوطن ليصبحوا أسياد هذه الإنجازات الكبيرة، بعد أن أفاقوا اليوم من سباتهم، وبعد أن خرقت آذانهم أجراس الديمقراطية والحرية والانتخابات، وخرجوا علينا من بين ثنايا حياة الرفاهية والدعة منتصبين من فوق مراقد الحرير بخطى ثقيلة، متثائبين، وأعينهم على القصر الجمهورية دون استحياء أو خجل، ونسأل بعضهم كيف قدموا أنفسهم مترشحين لمواقع كانوا يشغلونها، وحينها انشغلوا عنا ونحن في صفوف الرغيف بزيارة معرض الزهور بقاعة الصداقة وزيارة شيوخ المباخر ورياضة (القولف).. والزبيب الذي تتغذى عليه الحيوانات حينها والإنسان يموت جوعاً يمتطي ظهر الفاقة والفقر والعوز، وكل تلك القيادات والرموز (الصنميّة) القديمة الفاترة لاتملك مثقال ذرة من عمل قدمته للوطن حتى يقولوا: ها نحن قد فعلنا، فالترشيح لرئاسة الجمهورية برامج ومنهجية وطرح وإنجاز قبل أن تكون جذوراً ضاربة في العقائد والأهل والنسب. ثالثاً: طالما نحن نقول لا بديل للبشير ابن البلد الأصيل، فنحن نقول إن الذي لايعمل لا يخطئ إطلاقاً، لأنه لا يعمل، ولكن يخطئ أحياناً من يعمل، لأنه يعمل.. ولذلك وبكل أدب نُجْمل بعض المآخذ التي نريد لها إصلاحاً في وقتنا الحاضر ومستقبلنا القادم بقيادة البشير ورجاله الأوفياء والصادقين، فحزب المؤتمر الوطني بقيادة البشير في حملته الانتخابية لايحتاج إلى أعمال غير شرعية أو مخالفة غير شريفة ليفوز بانتخابات رئاسة الجمهورية، وصفحات المؤتمر الوطني بقائدها تعبّر عن نفسها، والشعب السوداني يعرف ممّن اكتوى.. وممن تعافى ووقف على سوقه، أذكر ذلك وقد قرأت لأحد مشاهير الكتّاب الصحفيين والمرشح في إحدى الدوائر مستقلاً.. كتب حديثاً عن أعضاء المؤتمر الوطني المنافسين يندى له الجبين، هو أسماها فضائح حتى أثارت فينا الخوف من أن تتزعزع فينا الثقة وفي غيرنا، وأصابنا الحزن أيضاً عند سماعنا بأن أحد أعضاء المؤتمر الوطني بإحدى المحليات الشهيرة كان قد نوى أن يترشح في دائرته مستقلاً فقام البعض بتهديده حتى رجع وعدل عن ذلك، وما أحزننا أكثر أن وضع بعض المجهولين صور أحد المرشحين لرئاسة الجمهورية بجانب صندوق القمامة المليء بالنفايات وسط الخرطوم، وكثير .. كثير من النعوت والشتائم والرسائل المباشرة وغير المباشرة عبر رسالات الهاتف الجوال وغيرها. فادركوا بعض تصرفات المندسين وسط أعضاء المؤتمر الوطني الذي لا يحتاج إلى هكذا أعمال وأفعال، والأيام قد دنت وموعد الانتخابات قد اقترب، فإن لم يُحسم هؤلاء المحسوبين على المؤتمر الوطني ستكون المصيبة أكبر وأفدح، وستفقد الديمقراطية معناها الحقيقي وسيكون البعض سبباً في تشويه الصورة الجميلة لعملية الترشيح والانتخاب. ومن أفعال بعضهم عندما كنت جالساً في إحدى المقاهي البلدية بجوار الفلل الرئاسية بشارع النيل جاء خمسة أشخاص بعربة حكومية ونزلوا وجلسوا في نفس المكان، ووجدنا أكثر من شخص تحت تلك الشجرة التي أسميناها مقهى، فجعل أحدهم يصرخ بطريقة لاتخلو من عنجية ويقول هذه شجرتنا .. هذه شجرتنا، أصلها ثابت وفرعها في السماء .. ويردد «نحن ناس الشجرة»، وبدأ يحكي عن ما أسماه سرقة الرئيس نميري لأراضيهم، وذكر قائلاً: و«لكن حكومة البشير أعطتني ثمانية أراضي»، فقلت له: «هل تأتي الحكومات للأراضي فقط»؟ فرد قائلاً: «غير الأراضي في شنو»؟ فهذه بعض السلبيات من بعض الأعضاء المحسوبين على المؤتمر الوطني جزافاً، وهذه الأعمال صورة مصغرة من بعض صغار أعضاء المؤتمر الوطني.. نسوقها لبعض كبار المسؤولين من المؤتمر الوطني في مختلف مناحي الحياة، وهؤلاء الصغار هم مندسون بين أعضاء المؤتمر الوطني الصادقين والحادبين على مصلحة الوطن، يعتقد بعضهم أن الانتخابات لرئاسةالجمهورية وسيلة للاغتناء والوصول للمال والثروة وسبيل للعمارات والفارهات والجاه، معتقدين أنهم كلما ظهرت عروق أعناقهم انتفخت أوداجهم وسعت جيوبهم لتحمل الكثير. وكل ما نرجوه بعد فوز سعادة الرئيس البشير أن يقوم باجتثاث المتسلقين والعابثين والمندسين وسط الشرفاء والصادقين، فبعضهم سيدي الرئيس يعمل كل موبقات الدنيا خلف الجدران، ولكنهم يأتون إلى المساجد لأداء صلاة الصبح للتمام فقط، يلبسون الثياب البيضاء ويفوح منهم العطر وتحسبهم ملائكة، ولكنهم جاءوا بعد أن خلعوها حمراء داكنة. وعذراً للأغلبية والكثيرين الأتقياء والأنقياء والأصفياء من أعضاء المؤتمر الوطني، ونقول لهم ليس العسل وحده علاج للأمراض، فالحنظل أحياناً علاج والكي بالنار علاج والوخز بالإبر علاج أيضاً، وما علينا إلا الصبر على الألم. والله المستعان أولاً وأخيراً