شيء ما، في الطبيعة البشرية، يسمى مجازاً «كيمياء»، يؤلف القلوب، ويوحِّد خفقاتها، ويجمعنا معاً على دروب الميل والتوْق والانبهار، ويسبغ علينا بشاشة ولطافة وحناناً عظيماً، فإذا بنا ننضح بالشفافية، والشوق، والتوق والوله، والدفء الحميم. شيء ما، لا يمكن تمحيصه أو تعريفه أو جدولته أو تقنينه أو إخضاعه لمقاييس العقل والمنطق، يجيء على حين غرة؛ ليعصف بكل مخططاتنا للعشق والحياة، ويعبث بجميع أحلامنا وتفاصيلنا الصغيرة، ويقلب أولوياتنا رأساً على عقب، فنتحول بأمره إلى عبيد لسطوة الحب، ساعين بكل جدٍّ لنيل الرضا والقبول، ويتحول كل ما بأعماقنا من طموح وعنفوان وثقة بالنفس، أو حتى غرور، إلى.. «ألفة». (2) تستعر مشاعر متباينة بأعماقي، بعضها راضٍ عن هزيمتي أمام سطوتك، وبعضها ساخط على هذا الانكسار والضعف الذي يعتريني في حضرتك، وكلما نشبت الحرب بين نفسي اللوامة وتلك الأمارة بالسوء؛ تجدني للأسف أنحاز طوعاً لإرادة ضعفي الأنثوي، وأستجير برجولتك، لتحقق لي وجودي، إنني أرفض وبشدة، كل القوانين التي تم ابتداعها في كل العالم سعياً وراء ما يسمى حق المساواة بين الرجال والنساء، فأي مساواة تلك التي تحرمني من حقي الفطري في الاحتماء بك، والاعتماد عليك، وإرضاء غروري الإنساني بالمقابل عبر حاجتك الدائمة لي؟! عفواً.. لا أبحث عن أي مساواة تخرجني من دائرة اهتمامك، لتدخلني «المجلس الوطني»، فيتحوَّل ما بيننا من «إلفة» إلى مكابرة و«إباء». (3) أصدر القاضي فرماناً بالحجر على أفكاري وأقلامي، فقد اتهموني بالتحامل على الرجال، وأهدروا دمي، لم يفهموا أنني لا أعني شيئاً دون رجولتك، وأنني بعضك، وأن كلماتي عنك ملؤها الأمل والرجاء والعشم الأخضر. ها هو السيَّاف «مسرور» يطاردني عبر السطور؛ ليغتال حروفي، ويقطع رأس قلمي، أنا التي أدين لرجال عظماء بكل ما أنا فيه من نِعَم، أدين لهم بنجاحي وأمومتي ووجودي وإحساسي بالأمان والاستقرار. إنني لا أتطاول على رجل منحني اسمي، وفجّر مشاعري، وعلمني حرفاً، وأتاح لي فرصاً عدة للإبداع والعمل. كل الرجال لهم أفضال عليّ، ولستُ جاحدة ولكن طبيعتي بوصفي امرأة تبحث عن المزيد، أحتاج المزيد من الاحترام، والحنان، والثقة، وفي كل خطواتي يكون الرجل دائماً قدوتي، وأكون أنا «مُقتدى». تلويح: «إلفة».. «إباء».. «مقتدى».. و«محمد» أبنائي الأعزاء.. شكراً لأنكم تشاركوني في ميلاد أفكاري وتخففون تباريحي.