لم تعد هناك حدود جغرافية بين الدول بمعناها القديم، وأصبحت الحدود الأن هي حدود الإحساس بالانتماء الإنساني والمسؤولية البشرية.. ولهذا الانفتاح المهم انطلقت حملة التوعية العالمية لركل مرض (شلل الأطفال ) خارج أفريقيا، التي ابتدرها المناضل الأفريقي رئيس جنوب أفريقيا السابق (نيلسون مانديلا) في تقريره للعام 1996 في منظمة الوحدة الأفريقية، حيث أعلن دعوته لتحقيق شعار (ركلة شلل الأطفال خارج القارة السمراء) ضمن فعاليات مونديال كأس العالم 2010 حيث أن كرة القدم تعتبر من أكثر الرياضات شعبية، بل وتحسب الأولى على مستوى العالم أجمعه، لأنها لا تختص بجمهور معين أو شعب دون آخر. تلك اللعبة الشعبية الأولى بلا منازع، التي تخطف ألباب الجماهير ولا تختص بنوع أو شريحة معينة من المشاهدين والجماهير، فهي يتابعها الأغنياء كما الفقراء والبسطاء وكذلك الساسة والزعماء، لأنها ببساطة لغة عالمية تفهمها كل الشعوب وتبلغ الذروة في المونديال الذي يحظى بملياري مشاهد بحسب مراكز البحوث الإعلامية (مقتطف من خطاب السيدة د. تابيتا بطرس شوكاي) وزيرة الصحة الاتحادية. باهتمام بالغ تابعت الاحتفال باستلام الكرة القادمة من أثيوبيا فالسودان.. الدولة السابعة في ترتيب قدوم الكرة بالنسبة للدول.. حيث أنها ستمر بحوالى (23) دولة من جنوب أفريقيا حتى كندا في رمزية عالية لركل المرض خارج أفريقيا.. وهو اهتمام تمليه علىّ ضرورة العمل ثم الضرورة الإنسانية.. بجانب أن رمزية الركلة تعلوها ضرورة عملية بتعبئة الرأي العام وتوحيد الجهود الفردية والحكومية لإيقاف انتشار المرض.. وما يعنينا داخلياً هو حقيقة أن المرض قد توقف في السودان منذ 1999 الماضي إلا أن الدخول المستمر للوافدين من دول الجوار ونيجيريا تعد من الأربع دول التي مازال الشلل يقبع داخلها هو ما يشكل خطراً حقيقياً على الأطفال بما أنهم مستهدفون أوليون من الفيروس ما دون الخامسة بجانب صعوبة السيطرة على نظافة أيديهم دائماً من خطر التلوث، السبب الرئيس لمعظم الأمراض والشلل أخطرها. وسيبدو لنا تكرار حملات التطعيم ضد الشلل أمراً مملاً جداً، لكنه في الحقيقة أيضاً مرهق ومكلف جداً جداً لكوادر العمل ولميزانية الوزارة والشركاء الأصليين من منظمة الصحة العالمية واليونيسيف ونادي الروتاري وDHL في حملة الركلة الأفريقية كما أن التطعيم يمثل خط دفاع ومعزز لمناعة الطفل تقيه من الإصابة الخطرة بشلل الأطفال الذي لا علاج له أبداًَ ! الاهتمام العالمي بهذا المرض يوضح الإلغاء الجغرافي للحدود بين الدول والبقاء على حدود العطاء والاهتمامات المشتركة، فالعمل الكبير للقضاء على شلل الأطفال في أفريقيا وآسيا أفغانستان.. الهند وباكستان بقية الدول الأربعة المتواجد بها المرض لأن خطر المرض يتمثل في إلغائه للحدود، فهو يستطيع أن يسافر كمرافق خفي لدولة انتهت من أزعاجه لها من سنوات.. ويقبع فيها بلا تأشيرات وإقامات ما لم تأخذ احتياطها منه بالتطعيم المستمر، وهو ما تكابد إدارة برنامج التحصين الموّسع بإدارة صحة الأم والطفل في فعله وضمانه لأطفال السودان. وأطفال فرقة (أنا السودان) الراقصة قلبت كيان الاحتفال والحضور منذ البداية بوجوههم الباسمة وإيقاعاتهم الشعبية ورقصاتهم الصاخبة وللسيدة الوزيرة توقيعها المميز على ورقة مشاركتهم ولّما كان قد أعلن عن قيام مؤتمر صحفي مصاحب للحملة الإعلامية لكنه لم يتم داخل الوزارة، فبعد كلمات الشركاء ووزيرة الصحة ومديرة برنامج التحصين ومدير نادي الروتاري العالمي في السودان.. انتصبت الرقصات مرة أخرى في فضاء المكان وغلبت مرة أخرى فرقة (أنا السودان) التحضير المميز للحملة وختمت المؤتمر الصحفي قبل بدايته! إن الشلل يشكل تحدياً كبيراً للدولة والجهد المبذول لذلك بمساعدة مقدّرة من الشركاء لاشك يعطي نتائجه المرجوة ما لم تتدخل الحدود المفتوحة بنشر متلصص لفيروس ما.. لهذا فإن تشابك أيدينا وعملنا رياضياً وطبياً لحماية أطفالنا جميعاً يمثل واحداً من حدود الانتماء الإنساني.. وقدماً كبيرة وعملاقة (تشوت) كل الأوبئة خارج السودان وأفريقيا.