منذ متى أصبح المال سيداً للسعادة، وأصبحت السعادة تشترى بالمال؟ ومنذ متى أصبح الناس يحكمون على بعضهم بالقشور الخارجية فيفترضون أن شخصا ما سعيد أو تعيس بحكم مظاهر الثراء أو الفقر التي تبدو على ملابسه ومسكنه وسيارته؟ وما هي الضرورة الملحة التي تجعل الثراء مرتبطاً بتغيير جذري في نمط الحياة والاحساس بالآخرين وحتى في لهجة الانسان وطريقة حديثة فيبدأ في الكلام بلهجة تقارب المصرية أو الخليجية مع كثير من الكلمات الانجليزية، وواااسفاه على اللغة الأم بكل حميميتها. هل تذكرون أن الصحة والستر وضحكة صافية من القلب تساوي كنوز الدنيا؟ وهذا المال الملعون ما هو إلا عامل مساعد ووسيلة للحياة لا تشتري السعادة لأن السعادة غالية جداً تستحق منا كل التعب والمعاناة والكفاح حتى نتذوق طعمها ومتعتها، فما يأتي بسهولة يضيع دائماً بسهولة. فلماذا يصر البعض على الانغلاق في دائرة من الغرور والعجرفة والاستغناء عن الآخرين؟ وما معنى أن أخطط لنفسي وأرسم مستقبلي ومستقبل أسرتي بألوان باهتة وبمفردي دون الأصدقاء والأحباب والجيران؟ وماذا تساوي (العجرفة) أمام هؤلاء الاشخاص الذين يمثلون الثروة الحقيقية لتمويل مشروعاتك الناجحة وهم الذين يشكلون حلاوة الدنيا وأمانها ونكهتها دون نقاش أو تفكير؟ وما معنى أن أمتلك سيارة فارهة دون أن أرفع يدي من النافذة لأسلم على الآخرين وأتوقف لأسألهم عن وجهتهم واصطحب بعضهم معي في رحلتي أو اعتذر بلطف لأن وجهتي تختلف عن وجهتهم؟ هل جربتم أن تقارنوا بين الغرور والتعالي وبين التمتع بابتسامة وديعة لطفل فترد عليه بابتسامة؟ فإذا كنت انسانا طبيعيا فهو لعمري احساس كالبلسم الشافي، وما أجمل أن تمد يدك لتمسح على رأس يتيم أو تمنحه بعض حنانك واهتمامك بهذا المال؟، فلتعلم أيها (المتعجرف) المخدوع بالدنيا الزائلة أن الله قد وهبنا خلطات سحرية بأعماقنا سرها في غاية البساطة وسحرها عظيم في الداخل وأجرها أعظم عند الله. فتأكدوا بما لا يدع مجالاً للشك أن المهم ليس أن تلبسوا الجواهر والساعات والحرائر ولكن المهم أن تكون نفوسكم صافية وبالكم مرتاحا ومبادئكم أصيلة دون زيف لأن الدنيا لا تستحق أن نلهث وراءها ونُتعب أقدامنا بالركض خلفها. ولا تعزلوا أنفسكم في صوامع الثراء والأهمية والغرور لأن هذه العزلة تكون بداية النهاية لحياتنا.. فبعد أن نخسر الجميع ونخسر أنفسنا لا شيء يبقى سوى انتظار النهاية في وحدة وعذاب. تمتعوا بالصداقة والحب والأهل..، وعاونوا الآخرين في الشدائد وشاركوهم الأفراح لتشعروا بالقيمة الحقيقية لما بين أيديكم من نعم وثروات، فالسعادة الحقيقية تقوم على مبدأ المشاركة وتبنى على المحبة والصدق ونقاء القلوب، والقناعة هي سعادة الحياة الحقيقية. ودمتم. أ/ إيمان طلحة الياس تلفزيون النيل الأزرق { تلويح: فاجأتني الاستاذة الرقيقة، إيمان طلحة، بحسها الأدبي العالي، وأخشى ما أخشاه أن تقرر اعتزال العمل التلفزيوني والانتاج الذي برعت فيه لتمتهن الكتابة الصحفية فتسحب البساط من تحت أقدامنا.. فشكراً لإيمان على المساهمة العميقة وفي انتظار المزيد اذا كان لديها متسع بين زحام العمل.