اخترتَ يومَ الهول يوم وداعِ ونعاكَ في عصف الرياح الناعي من مات في فزع القيامة لم يجد قدماً تشيِّع أو حفاوة ساعي وقائل هذه الأبيات هو أحمد شوقي أمير الشعراء الذي توفي عام 1932، وكان بويع بإمارة الشعر قبل ذلك في احتفال مشهود أقيم في القاهرة وألقى فيه منافسه حافظ إبراهيم شاعر النيل قصيدة استهلها بقوله: أمير القوافي قد أتيت مبايعاً وهذي وفود الشرق قد بايعت معي وكان شوقي نظم تلك الأبيات راثياً الأديب مصطفى لطفي المنفلوطي الذي مات في نفس اليوم الذي أطلق فيه الرصاص علي الزعيم المصري سعد زغلول في محطة مصر الشهيرة بباب الحديد وكان سعد وقتها هو محبوب الجماهير فهو أحد ألمع نجوم ثورة 1919م وأحد كبار مؤسسي حزب الوفد وبعد ذلك- أي بعد إطلاق الرصاص عليه في يوم وفاة المنفلوطي أول العشرينيات أو أواخر العقد الثاني للقرن العشرين رأس سعد الوزارة المصرية عام 24 ثم رأس مجلس النواب ومات عام 1927م. لقد غطى إطلاق الرصاص على سعد؛ على موت الأديب المنفلوطي الذي لم يحفل به أحد أو لم يجد الاهتمام المستحق فقد كانت مصر كلها مشغولة بزعيمها الكبير. ويتكرر المشهد الآن مع بعض الفوارق فقد اعتدنا في مثل هذه الأيام من كل عام أن نفيض ونسهب حديثاً وكتابة عن 6 أبريل 85 تاريخ الإطاحة بالنظام المايوي، فقد مرت ذكراه هذا العام وكأنها وفاة المنفلوطي، فالحدث الأهم هو الانتخابات التي إنشغل بها السودان والسودانيون والعالم الخارجي. وكان الاهتمام بها ولا يزال كبيراً وكان من المؤكد أن يزداد هذا الاهتمام الكبير لو اشترك في انتخابات الرئاسة قائد الحركة الشعبية سلفاكير ميارديت فهو رئيس أحد الحزبين الكبيرين الحاكمين. وأيضاً كان من المؤكد أن يزداد هذا الاهتمام الكبير بالانتخابات إذا ما اشترك فيها زعيما الحزبين الكبيرين التاريخيين السيدان محمد عثمان علي الميرغني والصادق الصديق عبد الرحمن المهدي. ورغم ذلك كما قلنا فإن الاهتمام بالانتخابات التي تبدأ اليوم ما زال كبيراً، ومثل كل الانتخابات السابقة هنا وخارج السودان كانت هناك خلال الحملة الانتخابية طرائف ومبالغات وقد لا تخلو النتائج من بعض المفاجآت. والراجح أن المفاجآت لن تكون رئاسية وإنما تشريعية وربما تشمل هذه المفاجآت نتائج انتخابات الولاة. وكانت هناك مغالطات أبرزها ادعاء أحد مرشحي الرئاسة أن حزبه بنى القصر الجمهوري، ونقول له بطريقة الإذاعي محمد سليمان.. يا راجل!