الآن انتهي الاقتراع وساد الهدوء العاصمة الخرطوم وبقية عواصمالولايات وأصقاعها النائية، وعاد كل مواطن إلى عمله إلا السياسيين، فعيونهم وقلوبهم تتحلق حول الصناديق التي يتم فرزها ليعرف كل منهم أين (مساره) الجديد إلى المجلس التشريعي أو الوطني أو إلى كرسي الرئاسة، أم أن آماله وتطلعاته تأجلت لأربع سنوات قادمة «يلوك» فيها الصبر ويبدأ بالمذاكرة لها منذ إعلان النتيجة، أم يحمل قوت شهره ويمتشق رشّاشاً ويقصد أقرب غابة أو صحراء، ويعلن تمرده ليعود إلى الحقل الحكومي عبر الترضيات والأجاويد، خواجات وأفارقة وعرب. غير أن (خلف الله) الذي فهم مغزى الانتخابات بعد مضي (25) عاماً منذ آخر انتخابات تعددية تشهدها البلاد، قال لنا إن السنوات التي تلت انقلاب الإنقاذ 1989 كلها كانت أرضاً خصبة لترضية (الزعلان) ورد خاطر (الحردان). وأضاف (خلف الله): واليوم بعد أن جرت الانتخابات مهما قيل عنها.. (مزورة) (مفبركة).. (صناعة أمريكية) أو أن صناديقها جاءت جاهزة، فإن الحكومة التي تعلنها المفوضية فائزة بأغلبية الدوائر وكرسي الرئاسة هي حكومة منتخبة ومفوّضة من الشعب. وسألنا (خلف الله): ماذا تود أن تقول؟ فقال: إن عهد الترضيات قد انتهى، وأنه بموجب الشرعية يحق لهذه الحكومة أن تقمع الثورات والتمرد حتى بالإبادة الجماعية التي يكررها «مورينو أوكامبو» كثيراً طوال عامين، ولكنها ستسمح بالتظاهر السلمي فهو حق مشروع في الحكم الديمقراطي في كل العالم. إذن فقد علم (خلف الله) حقه الدستوري، ولن يصيح فيه جمال حسن سعيد ولا محمد عبدالله مرة أخرى بالعبارة الشهيرة: (يا خلف الله عذبتنا). ولكننا ندلف إلى منحى انتخابي آخر حتى بعد نهاية الانتخابات بسؤال صعب نرجو الإجابة عليه وهو: ( من ينظف حوائط الخرطوموعواصمالولايات والأرياف من ملايين الملصقات التي شوهتها طوال شهرين)؟ ولعل «ناس البيئة» قد حذروا من قبل بأن هذه الملصقات وأحبارها والمواد اللاصقة التي ثُبتت بها إذا لم تُزل فوراً فإنها ستسبب السرطان خاصة للأطفال. إذن فلتخرج كل ولاية في يومي جمعة وسبت بكل منظمات العمل المدني فيها وتعمد إلى هذه الحوائط وتنظفها، وتتكفل كل محلية أو فرعية بالوجبات الثلاث مع (البارد) لجموع الشباب الذين سيعيدون لمدن السودان وجهها الجميل بعد أن شوهته انتخابات 2010م.