إن (قُدُور) الفول بجميع أحجامها، المنصوبة في الأزقة والحواري والساحات وهي (تغلي) - من الغضب على الحكومة والمعارضة - على حفنة فول ونصف برميل ماء! يعتقد الذين يمرون بها من الممتطين لأحدث السيارات، بدءاً بالهمر ومروراً ب (برادو).. وراحت عليك ياليلي علوي!! يعتقدون أن ما يغلي بتلك (القدور) ماهو إلا فراخ وحمام مضاف إليه تين وزبيب، من ثم فإن الفقراء في هذا الوطن - على حد خيالهم - لايشكلون قاعدة كبيرة لأن عددهم لن يتجاوز 94% من سكان المعمورة السودانية، ومن ثم فهم الذين يتمتعون ب (السَلَطة) وليس (السُلْطة)!! بالرغم من (التواء) مصارينهم. أمّا أصحاب المصارين البيض المتمتعين بالسُلطة، بالحكومة أو المعارضة، والموالين والمتوالين، الممتطين للعربات الفارهة، الساكنين الناطحات الفارهة، الشاربين المياه المعدنية النقية العذبة، الخالية من التلوث و(البولمر) .. فيأكلون ما لذّ وطاب مما طار بأجنحة أو (ركّ) بأربعة أرجل.. وجوهٌ ندية.. إذا مرضت كان علاجها في المستوصفات الخاصة أو في أرقى المستشفيات خارج الوطن.. يتوفر العلم لأبنائهم في المدارس الخاصة بالداخل والخارج.. يأكلون أربع وجبات في اليوم والتحلية مفتوح بابها طوال اليوم.. يتعطرون بالعطور الباريسية واللندنية ويدهنون خدودهم بالكريمات، وأرصدتهم في البنوك حدِّث ولا حرج. { الثورة بالنص فيها (شقلبان) والثورة بالإنقاذ فيها شقلبان.. فأي شقلبان شقلبان؟ { بيوت تأكل وجبة واحدة في اليوم ولاتجد ثمن دواء الملاريا.. رجال ونساء أطفال يتسولون صباح مساء.. تدنّي في الأخلاقيات والسلوكيات.. و.. و.. مع أنهم لايعشقون (الواوا).. إن لم يكن كل هذا هو الفقر فما هي أوصاف الفقر؟ هل ننتظر حتى يصبح الفقر (رجلاً) بكامل أوصافه ومن ثم نقوم بقتله؟ ويكمن عجبنا واستغرابنا من الذين يؤكدون أن الفقر ليس بالحجم الذي يصوره الآخرون.. يعني شنو تكون نسبة الفقر 94%؟! من المفترض أن تصبح 99.9%.. ويظل الفقراء يحملون الوطن في جوانحهم، مانحين أصواتهم المبحوحة لتلك الصناديق.. لعل وعسى، وهم يردّدون مع مصطفي سيد أحمد في زمان الآهة هذا: «ياما شايلك فيني حايم لا الليالي المخملية لا العمارات السوامق لا الأسامي الأجنبية تمحي من عيني ملامحك وإنت جايِ المغربية دايشي .. داقسي المغربية» { تنويه واجب: إن أية مهنة من المهن فيها الصالح والطالح.. فيها النماذج المشرقة وبها أيضاً النماذج غير المشرّفة، بل تسيء إلى المهنة في سموها ورفعتها. ما حدا بنا إلى ذكر ذلك، أنه قد وصلتنا مكالمات هاتفية من بعض الأساتذة الأجلاء يستنكرون فيها ما ورد في (الطرفة) بعمود الأمس. من جانبنا نؤكد لهم أننا لم نقصد (التعريض) أو (الاستهانة) بمهنة التعليم التي هي محل كل احترامنا وتقديرنا، ولنا فيها أخوة وآباء وأصدقاء أجلاء، ويكفي أن المعلم كاد أن يكون رسولاً، فلهم العتبى حتى يرضوا. { شافعة بتسأل أمها: هو أبوي بعرف يعوم؟ قالت ليها أمها بتسألي ليه؟! ردت الشافعة: أصلي سمعت أبوي بقول لبت الجيران (أنا غرقان في حبك)!!