مجرد التفكير في إنشاء مستشفى تخصصي لعلاج أمراض بعينها هو تحد كبير بالنسبة لأي جهة تريد الدخول في هذا المجال الشائك نتيجة كل الظروف الاقتصادية المعروفة لدى الجميع، لكن عند ذهابنا إلى مستشفى الدوحة التخصصي للأذن والأنف والحنجرة بامتداد الدرجة الثالثة لإجراء حوارنا الشامل مع الدكتور شرفي عبد القادر عمر اختصاصي الأذن والأنف والحنجرة؛ تأكدنا تماماً أن بلادنا تزخر بالكفاءات الماهرة، وبقليل من الجهد يمكن توطين العلاج هنا، فماذا قال الرجل ل«الأهرام اليوم»؟ ٭ أولاً نريد معرفة الرابط بين الأذن والأنف والحنجرة؟ العلاقة التشريحية الخلقية أوقعتهم جميعاً في الرأس والثلاثة تجمعهم فتحات عضوية متصلة ببعضها البعض فنجد أن قناة الأذن الداخلية (تفتح) في البلعوم الأنفي، وفتحات الأذنين اليمنى واليسرى تتصلان بالبلعوم الأنفي، وهذا البلعوم هو الجزء العلوي للحلق، ولأنهم جميعاً يرتبطون بفتحات مشتركة؛ فالمرض الواحد يكون أيضاً مشتركاً ويؤثر دائماً على العضو الآخر، لكن نجد أن الأذن هي العضو السالب دائماً، ولها قابلية كبيرة لاستقبال الأمراض مع عدم قدرتها على إرسالها، وفي هذا الإطار يجب أن نأخذ في الاعتبار أن البلعوم الأنفي والحلق يؤثران مرضياً على الأذن. ٭ ما هي أسباب تفشي أمراض الأنف لا سيما الحساسية والجيوب الأنفية؟ الأسباب الرئيسية تتمثل في التغيرات البيئية والمناخية، وللأسف أكثر من (80%) من السودانيين يعانون الإصابة بحساسية الأنف والجيوب الأنفية المزمنة، ويوجد فرق كبير بين هذه وتلك، فحساسية الأنف يمكن أن تحدث بسبب مهيجات بيئية، ومن الممكن علاجها، بينما الجيوب الأنفية المزمنة و(المعاودة) لا يوجد لها أي علاج جذري. ٭ لكن ماذا عن الكي والنظافة؟ هذه معالجات انقرضت تماماً ولا توجد فائدة منها، وإذا حدث وتعالج الشخص بواسطة الكي أو النظافة فمن الممكن جداً عودة المرض بنسبة 100% والعلاج الحديث يتمثل في ضرورة استعمال البخاخات الأنفية. ٭ وهل تعتبر البخاخات علاجاً فعالاً أم هي مهدئة لا أكثر؟ البخاخات علاج جيد، لكن طبيعة المرض المعاودة. والعمليات الجراحية نلجأ إليها فقط لإزالة اللحميات التي تصيب الأنف والجيوب الأنفية، وأسبابها تنحصر في الفطريات والحساسية، والعلاج كما أسلفنا يكون بإزالة هذه اللحميات بمناظير الأنف الضوئية، وهي طريقة حديثة وناجحة للغاية، مع ملاحظة أن الفطريات تحتاج إلى بخاخات لمدة عام على الأقل. ٭ ما هي أكثر الأمراض التي تصيب الحنجرة؟ أمراض الحلق كثيرة، ومنها الالتهابات التي تحدث دائماً للكبار، وأيضاً التهاب اللوزتين واللوزة الثالثة، وهذه تحدث فقط عند الأطفال لأنه لا توجد لوزة ثالثة لدى الكبار، وأسباب التهابات الحلق عند الكبار تتمثل في الالتهاب المباشر للحلق بالبكتيريا أو الفيروسات والأمر الثاني هو التهابات الأنف والجيوب الأنفية المفرزة للمخاط في سقف الحلق، ثم إفرازات المعدة الحمضية الراجعة، أما التهابات الحلق عند الأطفال فهي تحدث دائماً عقب التهاب اللوزتين، وهو التهاب فيروسي يتحول تلقائياً إلى التهاب بكتيري، والعلاج المناسب يتم بالعقاقير والأدوية، ونسبة بسيطة تحتاج للتدخل الجراحي. ٭ لكن أليس من الأفضل أن يكون ذلك بالليزر؟ لا يوجد جهاز ليزر في كل السودان لإزالة اللوز، وهناك جهاز واحد فقط بمعهد الليزر بجامعة السودان وهو مخصص لبعض الأمراض الأنفية البسيطة. ٭ هل يمكن توضيح أسباب عدم توافر هذا الجهاز؟ تكاليفه باهظة إلى حد ما، إضافة لإيماننا التام بنجاح وفائدة العمليات الجراحية التي ليست أقل شأناً من العمليات بالليزر، وحتى في أمريكا وإنجلترا يفضلون التدخل جراحياً رغم وجود الليزر هناك. ٭ حدثنا عن أمراض الحنجرة وسط الرجال والنساء على حد سواء؟ الإصابة بأمراض الحنجرة نجدها عند الرجال أكثر من النساء، وتتفشى بصورة خطيرة وسط المدخنين، والتدخين كما هو معلوم يعتبر عنصراً أساسياً في حدوث أورام الحنجرة، وأقول لكل رجل مدخن إذا تغير صوتك لمدة شهر أو أكثر بقليل ولم يتحسن بالأدوية والعقاقير فأنت مصاب بورم في الحنجرة وعلى الأرجح غير حميد، وتحتاج لمراجعة الاختصاصي في أسرع وقت! ٭ ماذا عن التدخين السلبي؟ أنصح بالابتعاد تماماً عن المدخنين سواء أكانوا يتعاطون السجائر أو الشيشة لأن الدخان المتصاعد منهما يتسبب في الإصابة بالحساسية. ٭ ننتقل إلى الأذن ونود معرفة كيفية التعامل مع الأجسام الصغيرة التي تدخلها، وهل يفيد استعمال الزيت لإخراجها؟ الأجسام المتحركة التي تدخل الأذن يمكن مكافحتها بالزيت لأنه يقلل ضرر حركة الجسم الغريب، لكن الشخص الذي يعاني من أمراض مزمنة يحظر عليه وضع الزيت أو المياه ولا بد من عرض نفسه على الاختصاصي، ويحظر أيضاً استعمال الآلات والمواد الحادة. ٭ إذن من الممكن استعمال أعواد القطن؟ أكثر الأمراض الشائعة هي أمراض الأذن المزمنة مثل الصديد بالذات عند الأطفال، واستعمال حامل القطن الطبي خطأ كبير، ولا ننصح باستعماله، وتجب مراجعة الطبيب المختص، وطبعاً هذه الأمراض حساسة للغاية ومضاعفات العلاج الخاطئ كثيرة وخطيرة جداً، كما أن أمراض الأذن تحتاج أحياناً لوقت طويل مثل الالتهابات المفرزة للصديد المصحوبة بضعف في السمع. ٭ متى يحتاج المريض إلى سماعة الأذن؟ ضعف السمع ينقسم إلى نوعين، الأول ضعف حسي عصبي وهو الذي يحتاج إلى سماعة يتم تحديدها حسب درجة السمع، وشدة الصمم، ويوجد أيضاً صمم حسي عصبي لا يمكن علاجه بالسماعة وهو الذي ينتج عن عيب خلقي أو وراثي، وهو أكثرها شدة ويعرف (بالخرس)، ولكن يمكن علاجه بزراعة القوقعة الإلكترونية، أما ضعف السمع الآخر فهو (الضعف التوصيلي) ومسبباته تكون بأمراض الشمع والأجسام الغريبة وتصلب عظيمات الأذن والتهاب الأذن الوسطى، والضعف التوصيلي يحتاج غالباً إلى السماعات. ٭ هل يمكن علاج «الشخير»؟ نعم يمكن ذلك عن طريق التدخل الجراحي بشد اللهاة التي ربما تكون أحياناً مترهلة. ٭ البعض يشكو من وجود رائحة كريهة بالفم؟ هذه الرائحة تحدث دائماً بسبب اضطرابات الحلق المنبعثة من (المعدة) أو الأنف وكذلك الجيوب الأنفية المفرزة، وكلما تم تحديد الأسباب سهل العلاج. ٭ وأخيراً د. شرفي، هل توجد أي محاذير طبية من إجراء عمليات استئصال اللوز للأطفال؟ لا توجد أي آثار جانبية عند إجراء العملية الجراحية لمن هم فوق الثالثة من العمر.