(الخاسر الأول والأخير سيكون الفتاة؛ فضيحة بالدنيا وعقاب في الآخرة، وللأسف الذئاب البشرية كثيرة والنعاج الغبية موجودة). { بهذا الوعظ الأخلاقي قدّمت الكاتبة الصحفية المقيمة بالولايات المتحدّة الأمريكية (سارة منصور) روايتها التي أثارت ومازالت الكثير من الجدل حول تسميتها (بنات الخرطوم) بإطلاق عمومي ترك انطباعاً سيئاً منذ بداية الترويج لها لتناولها قصصاً وفضائح أخلاقية كما أوضحت في تقدمتها ترصد سقوط البنات السودانيات في القاهرة وباريس ولندن وأمريكا. { وقبل أن يستقر الكتاب في رفوف المكتبات السودانية والعربية تمّت مصادرته من قبل شرطة المصنفات الأدبية لمخالفته قوانين النشر السودانية، بل قد تمّ منعه كذلك في ثلاث دول عربية أخرى لما يحتويه من إشارات واضحة بتيسير البغاء فيها، وهذا ما لا تسمح به كل القوانين الشرعية والوضعية في كل البلدان الإسلامية. { المؤسف أن الضجة الإعلامية الضخمة التي صاحبت نزول ثم سحب الكتاب من الأسواق وحتى المواقع الإلكترونية، صنعت للكتاب والكاتبة شعبية كبيرة جداً قد لا تكون بأي حال من الأحوال مستحقة أو متناسبة مع ما يحتويه من تناقض في الوقائع والأحداث لا يحتاج لعدسة مكبرة أن تراه أو تلتقطه.. ويبدأ من العرض الذي حاولت به الكاتبة أن تجذب القارئ الى الفصول الداخلية حيث ذكرت أن (بنات الخرطوم) إنما هي قصص واقعية عاشتها هي بذات نفسها لّما كانت في الخرطوم وتعمل بالصحافة. { وفي ذات العرض تقول: (الكتاب يشكل وقفة احتجاجية ضد تصرفات الفتيات والنساء السودانيات بالخارج غير المسؤولة من أجل الحفاظ على وجه السودان). { وهذا الخارج حدّدته الكاتبة ببعض الدول العربية والأوربية بجانب حديثها غير المرتَّب عن شبكات تعمل في مجال (الدعارة) والأفلام الجنسية داخل الخرطوم. { وقد نفكر بشكل جماعي كيف يستقيم ظل الرواية الساقط على الخرطوم بكامل بناتها في اعوجاج واضح لعود أحداث الرواية المغروس خارج حدود الوطن بأكمله؟؟؟ { وبشكل شخصي يفجئوني التفكير، وبحسب انتمائي الصحفي وفي مجالين فيها هما المتهمان بمثل هذه المشاكل ( الفني والاجتماعي)، وبدون أية محاولات دفاعية أقول إنه غريبة لم نصادف هذا العمل المنظّم من تجارة (الرق الأبيض) اللهم إلا النماذج الفردية التي تعمل في ذلك لنفسها وبنفسها وهي شأن شخصي لمن ترى فيه طريقاً سريعاً للثراء والشهرة و... إلخ. { ولأننا في السودان لم نمارس حتى الآن أسلوب التحقيق الصحفي الشخصي المعمول به في الصحافة الغربية لأسباب تتعلق بالأخلاق الاجتماعية والدينية والمهنية التي ندين بها؛ لذلك فإن التحقيق في الصحافة السودانية مازال في أطواره الأولى للمؤسسات بجانب وبحسب صحفيات كثيرات لا يمكن أن تعلن فتاة عن عملها الفاضح ما لم تصل الى مقاعد المحاكم ودكات الحراسات. { إذن كيف يمكن التقاط كل هذه النماذج المنظمة والمتعاقدة لمثل هذه التجارة وبدون أن تشهد محاكم الخرطوم بشهادتها القانونية فيها وتفوز الصحافة في برهان سلطتها الرابعة لنقاء وتنمية المجتمع؟ { والمجتمع قدّم نقده للرواية متمثلاً في جمهور المواقع الإلكترونية بالرفض القاطع أو المبطّن بجانب جمهور الفضائيات متمثلة في برنامج (كلام الناس) بقناة (زول) المثيرة للجدل أيضاً. { أمّا النقاد الحقيقيون والعارفون بطرق وطرقات تحليل القصص والروايات وتصنيفها من حيث الجودة فقد اكتفوا تماماً بالصمت المقروء، وإن سُمع من صمتهم مقولة: (هذا زمانك يا مهازل فامرحي). { المهزلة الحقيقية أن الكاتبة آثرت الحصول على بعض الإثارة من تسمية كتابها تيمُّناً بكتاب (بنات الرياض) للطبيبة السعودية (رجاء الصانع) الذي تدور فصوله في الرياض ويناقش الخطوط الحمراء في السعودية. يتبع..