تتسرع الطرق المؤدية إليه لتزهق العديد من الأرواح تحت الإطارات بسبب القيادة بإهمال. الحوادث المرورية فاق عدد ضحاياها ضحايا المجاعات والكوارث الطبيعية، وإشارات الاتهام تتوجه هنا في اتجاهات ثلاثة لا رابع لها: السائق، العربة، والطريق. تقارير وإحصاءات الإدارة العامة للمرور حول الحوادث المرورية وضعت السودان في المرتبة رقم (13) على قائمة الدول الأعلى في معدلات الحوادث المرورية، الإدارة العامة للمرور زودت «الأهرام اليوم» بإحصاءات تؤكد حدوث ثلاث حالات وفاة كل 24 ساعة، ومخالفة كل دقيقة. ٭ إضاءة أرجع السائقون الذين استطلعتهم «الأهرام اليوم» أسباب الحوادث المرورية إلى التخطي الخاطئ، وتجاوز الإشارات المرورية، والانحراف عن المسارات. وتحدث البعض عن تجاوزات رجال المرور عن بعض الأخطاء التي تصدر عن السائقين أنفسهم، وأرجعها البعض إلى الطريقة التي تستخرج بها الرخص المرورية، ووصفها البعض بالإكرامية، إذ يلعب فيها جانب المجاملة دوراً كبيراً، الشيء الذي يدفع ثمنه المواطن خسائر في الأرواح، وخسائر مادية ومعنوية، كما شكا البعض من بطء تحرك شرطة المرور في حالة وقوع الحوادث، وأرجعوا أسباب ازدياد الحوادث إلى الزحام وانتشار العربات الخاصة والسائقين صغار السن. وأكد سائقون ل«الأهرام اليوم» أن الركاب أنفسهم أحد الأسباب الرئيسية للحوادث. أشارت تقارير عالمية تحصلت عليها «الأهرام اليوم» من إدارة المرور إلى أن السودان احتل المرتبة ال13 في قائمة الدول التي شهدت أعلى معدلات الحوادث المرورية، وأكدت تقارير الإدارة العامة للمرور موت (1500) شخص كل شهر بسبب الحوادث المرورية، بينما بلغت حالات الوفاة في العام 2009 (1827) حالة، وبلغ عدد المصابين (3) آلاف إصابة متفاوتة، وسجلت على صفحات التقرير مخالفة كل دقيقة، وثلاث حالات وفاة كل 24 ساعة، و10 إصابات جسيمة لكل عشرة آلاف مركبة. ذكرت تقارير الشرطة حول أسباب حوادث المرور أن أعلى معدل حوادث السير من السيارات الواردة، بسبب عدم مراعاة متطلبات السلامة واستعمال الإطارات المستعملة، وأشارت إلى أن أكثر من (70 %) من الحوادث سببها الإطارات القديمة، والتخطي الخاطئ، والقيادة بإهمال، والسرعة الزائدة، وعدم الالتزام بالإشارات الضوئية. بينما دونت سجلات الشرطة عدداً كبيراً من مخالفات تعدي الإشارة، وكذلك سوء تصريف المياه، وأشارت إلى أن 75% من المركبات غير مرخصة، وذكرت الإحصاءات أن هنالك شخص يموت كل 9 ساعات، بينما أكد بعض مستخدمي الطريق ل«الأهرام اليوم» أن هنالك عدم تدقيق في إجراءات الرخصة، إذ يمكن أن تستخرج بصورة إكرامية دون اجتياز الامتحان. وقالوا إن الهجرة السكانية الكبيرة للخرطوم ساعدت على مضاعفة المركبات التي وصلت إلى نحو 400 ألف مركبة، مع عدم مطابقة الطرق للمواصفات لمقابلة تلك الزيادة في أعداد المركبات، وذكر أن 85 % من حوادث الطرق من مستخدمي الطريق (سائقين ومشاة)، وأشار إلى أن (3 % 10 %) من الوفيات سببها استهتار سائقي الحافلات السفرية والداخلية، الذين غالبيتهم من الشباب، ووصفهم بالطائشين. وأكدت الدراسات أن 25% من الحوادث سببها الركوب الخاطئ والسقوط من أعلى المركبة أثناء سيرها أو العبور الخاطئ، وسجل عدم الالتزام بقواعد المرور ما نسبته (41 %) من نسبة الوفيات. سائقو عربات النيسان أكدوا ل«الأهرام اليوم» أن انتشار شركات التأمين أدى إلى ازدياد وتيرة الحوادث لأن السائق يضمن صيانة عربته في حال إصابتها بالضرر. تقارير رسمية أكدت أن عربات الملاكي تسببت في (277) حالة وفاة، والحافلات (125)، واللواري (127)، والميكروبص (15)، والركشات والمواتر تسببت في (31) حالة وفاة. وأشارت إلى أن العربات التي تحمل لوحة دبلوماسية تسببت في حالة وفاة واحدة. ٭ اعتقاد إيجابي وذكر خبراء في السلوك البشري أن تسمية الشوارع «بشارع الموت» كما ينطبق الحال على شارع مدني الذي يشهد تزايداً في أعداد الحوادث التي تصل إلى (276)، قد يسهم في زيادة الحوادث، في ذات السياق قال الدكتور عبد المنعم العميري ل«الأهرام اليوم» إن إطلاق الأسماء غير الإيجابية على الشوارع مثل «شارع الموت» تنمي في نفس السائق المعتقد بأن هذا الطريق هو طريق الموت. وأوضح أن المعتقدات هي نبوءات تصدق في ما بعد، وأيضاً هنالك قانون الجذب الذي ينص على «ما تفكر فيه كثيراً تحصل على المزيد منه»، عندما يكون السائق على الطريق، يفكر في الموت والحوادث، بسبب ما تناهى لذهنه أن الحوادث واقعة لا محالة، وهذا ما يحدث، وبما أن الإنسان هو العنصر البشري الوحيد والواعي في عملية السلامة المرورية؛ لا بد من تثقيفه وتعويده على التفكير الإيجابي في نفس الوقت، والمسؤولية هنا لا يتحملها السائقون فقط، فالمسؤولية هنا مشتركة، ويجب تضافر جهود عدة جهات مثل الإعلاميين، وصناع الرأي، فيجب أن ينأوا عن تلك المسميات. قال العميري إن العقوبة والغرامة يجب أن تكون مزدوجة بين الدفع الآجل والعاجل، وكذلك الحوافز، ذلك لاختلاف «البشر»، فالبعض يستجيب بالترهيب، والآخر بالترغيب، بالإضافة إلى ذلك على الشرطة أن تبسط هيبتها على طول الطرقات والشوارع، بنشر اللافتات الإرشادية والتحذيرية. د. أزهري السنوسي مدير الطرق قال في حديثه ل«الأهرام اليوم» إن أسباب الحوادث التي تقع خارج المدينة تتعلق بالسائق، وعموماً لوحظ أن تلك الحوادث ترجع إلى أسباب مرورية، لكن ما يلينا في إدارة الطرق والجسور، هو مطابقة الشوارع للمواصفات، أو قد تكون هنالك حركة كثيفة تتطلب وضع مطبات في الطريق لأطفال المدارس. وقال السنوسي إن الخدمات العشوائية وإدارة الطريق ليست مسؤوليتنا، في حال تخطيط شارع ضيق، وانتشار المحلات التجارية. وأكد مدير الطرق أن استعمال تلك المحال لعدة أغراض تمتد إلى الشوارع الرئيسية هي ظواهر غير صحيحة، والمخالفات الرئيسية في المدن الثلاث مثل شارع الحرية شارع واسع جداً، المعروضات في الشارع تجعل مجال الحركة ضيقاً جداً. وأشار إلى أن الشوارع ليست للتجارة، وليست لعرض البضاعة. وأرجع مسؤولية إدارة الشارع إلى إدارة المرور، وتشمل أيضاً المواقف والمركبات العامة. مدير التراخيص بالإدارة العامة للمرور ولاية الخرطوم المقدم أبو بكر علي يونس ، قال ل«الأهرام اليوم» إن الإنسان هو العنصر الأساسي في العلاقة المرورية، لذلك جاء اهتمام الإدارة العامة للمرور بهذا العنصر، بالعمل على التوعية والإرشادات المرورية، من خلال الأجهزة الإعلامية المسموعة والمرئية، وكذلك الصحف والملصقات بمختلف أنواعها، وهنالك برنامج ثابت في إذاعة ساهرون لتوعية المواطنين وتبصيرهم بالحقوق واللوائح المرورية، وأكد المقدم أبو بكر أن العقوبات هي الوسيلة الوحيدة بعد التوعية المرورية لردع السائقين في تجاوزاتهم، والحد من الكوارث المرورية. وأضاف أن قانون المرور لسنة 2010م وصف بعض المخالفات المرورية الكبيرة في القوانين السابقة بالنص عليها كجرائم في هذا القانون، مثل القيادة الخطيرة، واستحدث القانون جرائم جديدة مثل تخطي الإشارة المرورية، والهروب بعد حادث المرور. ولفت إلى إن أهداف العقوبة هي تحقيق الردع المطلوب للحد من الجرائم والمخالفات المرورية. وأكد يونس أن إجراءات استخراج رخص القيادة في قانون المرور لسنة 2010م هي من المسائل التي تحكمها المعايير القومية، نافياً وجود تسهيلات في الاختبارات للرخصة ببعض الولايات.