إن كان الشعب الروسي قد كتب أسماء قادته ومفكريه وفنانيه بماء الذهب، من جهة ثانية فإن غورباتشوف سجل اسمه في الكرملين بماء «السجم والرماد» إذ أتهم بأنه عميل أمريكي لأنه باع هيبة روسيا إلى أمراء وتجار الحرب والشعارات الرأسمالية، مبتدعاً للبريسترويكا بعد توليه حكم البلاد عام 1985م، بست سنوات. لقد انتهجت أمريكا في تلك الفترة سياسة الاحتواء للاتحاد السوفيتي تطويقاً له وإحباطاً لنزعاته التوسعية وتحطيماً لنفوذه الواسع في شرق أوربا.. ونفذت أمريكا نظام الأحلاف .. حلف شمال الأطلسي وحلف جنوب شرقي آسيا وحلف بغداد. لقد حرص النفوذ السوفيتي على ابتلاع دول شرقي أوربا من خلال السيطرة العسكرية والأيديولوجية واتخاذ أسلوب الحلف الجماعي الكبير ونعني بذلك حلف وارسو. لقد حدثت في عهد غورباتشوف تحولات اقتصادية عرفت ب «البريسترويكا»للخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي كان يعاني منها الاتحاد السوفيتي. انتهج غورباتشوف فلسفة البيرسترويكا لإعادة البناء الاقتصادي والانفتاح على الغرب وهذا كان يعني «حتمية التعاون الدولي وضرورة السعي إلى تحقيق الكفاءة الاقتصادية والعمل على اضفاء مزيد من الديمقراطية» إن كانت إعادة البناء ضرورة ملحة لإنقاذ الاتحاد السوفيتي من أزماته الثلاث : السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بيد أن برويسترويكا غورباتشوف أطلقت شياطين أعراف الشعوب السوفيتية من معقلها، فهبت رياح المطالب الانفصالية لعدد من الجمهوريات هناك وهي جمهوريات البلطيق وآسيا الوسطى والسلافية بجانب كازخستان وأرمينيا مما زاد غليان القوميات. إن الأب الروحي لسياسة «الجلاسنوست» هو يوري اندروبوف وقد شدد فيها على ضرورة «التغيير وضرب الفساد وحماية ملكية الدولة وتقوية الدولة وشمولية المركزية» إلا أن ذلك المنهج لم يستطع الصمود أمام الأزمات التي تفجرت، فانهار الاتحاد السوفيتي في ديسمبر 1991م وتكونت رابطة الدول المستقلة من عدد من الجمهوريات موقعة على ثلاث اتفاقيات، وشكلت قواتها العسكرية المنفصلة من ثم أعلن زوال الاتحاد السوفيتي من الخريطة السياسية للعالم. لقد قصم غورباتشوف ظهر بعير الدولة التي كانت عظمى، ويكتب ابراهيم قاعود «الامبراطوريات دائماً-والدول - تتآكل من الداخل حيث عوامل الهدم تكمن في نسيجها الداخلي، وتأتي عوامل الخارج لتكمل منظومة الانهيار..والاتحاد السوفيتي أحدث الامبراطوريات التي طواها الزمن انهارت من الداخل». لم يتبق من غورباتشوف سوى ذلك الدم المحتقن - على شكل خريطة - واضحاً على منتصف رأسه الأصلع وأصبح علامة دامغة له، شاهدت قبل فترة بإحدى المجلات صورة لأوباما ولكن بملامح «غورباتشوفية» ..رأس أصلع ودم محتقن!! فهل هي نبوءة جديدة بأن أوباما يسير على خطى غورباتشوف حذو النعل بالنعل؟! { واحدة بتقول لزوجها المسطول: أطرد السواق ..كان ماشي يموتني في حادثة للمرة الثانية .. قال ليها: خلينا نديهو فرصة تالتة!!