أيام معدودة فصلت بين اتهامات والي ولاية شمال دارفور عثمان يوسف كبر للقوى السياسية التي فشلت في الانتخابات بتولي كبر أزمة المواسير ووقوفها وراء تدبير المظاهرة التي راح ضحيتها عدد من المواطنين، وبين نفي وزير العدل عبد الباسط سبدرات تورط أي من السياسيين في قضية سوق المواسير بمن فيهم كبر. الاتهامات التي وجهها الوالي وبعض مسؤولي حكومته ردت عليها القوى السياسية بنفي بارد مبدية استغرابها من الربط بين قضية مطلبية لمواطنين فقدوا أموالهم وبين التحريض. في حين أصرت الحكومة بالولاية على موقفها وقالت إن من ضمن المقبوض عليهم في المظاهرة عناصر سياسية وستكشف التحريات معهم ضلوع أحزابهم في الأمر، ثم ما لبثت أن أطلقت السلطات الموقوفين جميعهم والبالغ عددهم «104». وتمضي قضية سوق المواسير في سياقها القانوني بحسب ترتيبات الجهات العدلية والتي فصل فيها وزير العدل في وقت سابق بعيداً عما هو سياسي حيث لم يمثل أي من قيادات الأحزاب المذكورة حتى الآن أمام أي جهة رسمية لمساءلته عن مسؤوليته تجاه ما حدث. معتمد محلية الفاشر نصر الدين بقال يقول ل «الأهرام اليوم» إن البعد السياسي في الأزمة موجود وأن الأحزاب السياسية وراء ما حدث وأن الذين يثيرون الفتنة دائماً ما يتوارون ولا يظهرون في الواجهة. ويضيف بقال ..أعتقد جازماً بأن هناك أهدافا سياسية في هذا الأمر وليس بالضرورة وجود دليل مادي ولكن الدليل السياسي موجود. رئيس حزب الأمة القومي بولاية شمال دارفور إسماعيل كتر يرى أن زج حكومة الولاية بالأحزاب السياسية المعارضة في هذه القضية القصد منه إيجاد تبريرات للأخطاء. وذهب إلى أن هذا نهج مستمر فكلما فشلت الحكومة في مواجهة قضاياها اتجهت نحو أحزاب المعارضة لتعليق اخفاقاتها. ويصف كتر تصريحات والي الولاية بالتناقض ذلك أنه بدأ اتهاماته بالأحزاب التي فشلت في الانتخابات. ومع أن هذا حديث لا أساس له فنحن كقوى سياسية من واجبنا تنوير المواطنين بحقائق الأمر وإلا فنحن لا نستحق احترام مواطنينا. برغم ذلك عاد الوالي ليعلن عن معلومات بوجود أشخاص حضروا من دولة اسرائيل وأخذوا أموالاً وعادوا بها إلى إسرائيل مرة أخرى. ويقول كتر إن إدعاء الوالي لا يسنده منطق ولا دليل ومع ذلك فنحن فخورون بأن يتجه إلينا المتضررون. ويتساءل لماذا تركت الحكومة الشارع للأحزاب السياسية؟ ولماذا لم يخرج كبر للمتضررين ويبرئ ذمته وهو الذي يدير الحكومة وفي وجود أجهزة الحكومة الولائية والمركزية والتي تمده بالمعلومة عما يجري بالسوق قبل أن ينهار؟ ويرمي كتر باللائمة على حكومة الولاية والتي قال إنها كانت تتحصل الرسوم من سوق المواسير. الابتزاز من قبل مسؤولي السوق والاستفزاز من قبل مسؤولي الحكومة هما ما قادا المتضررين للخروج إلى الشارع بمختلف انتماءاتهم السياسية بما في ذلك منسوبو المؤتمر الوطني. ويدلل كتر على حديثه بوجود أزمة داخل حزب المؤتمر الوطني بالولاية بسبب وجود وجهتي نظر مختلفتين في التعاطي مع مسؤولية الحكومة تجاه ما حدث ويقول إن هناك فئة مؤثرة تتحدث عن مسؤولية الحكومة عن الفساد الذي أدار سوق المواسير وخاصة قيادات الحركة الإسلامية فيما يرى فريق آخر ضرورة غض النظر عن هذه المسؤولية. ويذهب كتر إلى أنه لن يستطيع أحد إلحاق تهمة التحريض بأحزاب المعارضة التي لا صلة لها بفقد أرواح المواطنين والأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية التي أوجدتها الأزمة. ويذهب كتر أبعد من ذلك ويحمل حزبه وأحزاب المعارضة الأخرى المسؤولية في قصورها عن المدافعة عن حقوق المواطنين التي ضاعت في سوق الربا ويقول إن واجب المعارضة دك حصون الفساد. القيادي بالمؤتمر الشعبي كمال عمر وفي إفادة منشورة يبرئ ساحة أحزاب المعارضة ويرى أن الأزمة تتعلق بمواطنين نهبت أموالهم وليس بقوى سياسية فشلت في الانتخابات كما يقول الوالي. ويحمل عمر كبر المسؤولية ويقول إن المال الذي تم نهبه مال للمواطنين الذين هم من أحزاب سياسية مختلفة. ويضيف «ولذلك فعلى الوالي أن يتحرى مواضع قدمه». المحامي نبيل أديب يذهب في إفاداته ل «الأهرام اليوم» إلى أن وجود سخط شعبي لدى المواطنين ليس مهماً فيه إن كان السبب من ورائه المعارضة أم غيرها وإن هذه النقطة ليست القضية وإنما القضية هي واجب الحكومة في حل المشكلات التي تقع على مواطنيها في حين أن واجب المعارضة هو تنبيه الحكومة لتلك المشكلات.. وليس كافياً للمواطنين المتضررين أن تعلن الحكومة ضلوع المعارضة في الأمر ولكن المفروض مواجهة المشكلة ذلك أن ما حدث كان من الطبيعي أن يثير غضب وسخط المواطنين، فهناك استيلاء ونهب لأموال الناس. كما أن الحديث عن دور المعارضة ليس أمراً سلبياً بإطلاقه. ففي ظل معارضة دستورية تكفل حرية التعبير يكون من المقبول أن تبدي المعارضة رأياً في مثل هذه القضايا. غير أن أديب يرى أنه من الخطأ تفريق المتظاهرين بالقوة ومن بعد ذلك رُمي المعارضة بالخطيئة، وهذه الخطوة محاولة لتعليق المشكلة على عاتق المعارضة. ويتساءل أديب عن الهدف من توريط الحكومة نفسها في التصدي بالقوة لمظاهرة سلمية وهو حق يكفله الدستور ومواجهتها بأسلوب عنيف مما يضطرها للتعليق على الأمر على أنه من أوزار المعارضة؟!.