مصر.. وفيات بغرق حافلة في الجيزة    قادة عالميون يخططون لاتفاق جديد بشأن الذكاء الاصطناعي    صلاح ينهي الجدل حول مستقبله.. هل قرر البقاء مع ليفربول أم اختار الدوري السعودي؟    لماذا يهاجم الإعلام المصري وجودهم؟ السودانيون يشترون عقارات في مصر بأكثر من 20 مليار دولار والحكومة تدعوهم للمزيد    رئيس لجنة المنتخبات الوطنية يشيد بزيارة الرئيس لمعسكر صقور الجديان    إجتماعٌ مُهمٌ لمجلس إدارة الاتّحاد السوداني اليوم بجدة برئاسة معتصم جعفر    معتصم جعفر:الاتحاد السعودي وافق على مشاركته الحكام السودانيين في إدارة منافساته ابتداءً من الموسم الجديد    عائشة الماجدي: (أغضب يالفريق البرهان)    رأفةً بجيشكم وقيادته    احاديث الحرب والخيانة.. محمد صديق وعقدة أولو!!    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    كباشي يزور جوبا ويلتقي بالرئيس سلفاكير    شاهد بالفيديو.. لاعب سوداني يستعرض مهاراته العالية في كرة القدم أمام إحدى إشارات المرور بالقاهرة ويجذب أنظار المارة وأصحاب السيارات    عبر تسجيل صوتي.. شاهد عيان بالدعم السريع يكشف التفاصيل الكاملة للحظة مقتل الشهيد محمد صديق بمصفاة الجيلي ويؤكد: (هذا ما حدث للشهيد بعد ضربه بالكف على يد أحد الجنود)    بالفيديو.. شاهد الفرحة العارمة لسكان حي الحاج يوسف بمدينة بحري بعودة التيار الكهربائي بعد فترة طويلة من الانقطاع    عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام الفريق أول ركن ياسر العطا يستقبل الأستاذ أبو عركي البخيت    سعر الدولار في السودان اليوم الإثنين 20 مايو 2024 .. السوق الموازي    سعر الجنيه المصري مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    موعد تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    البرهان ينعي وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي    علي باقري يتولى مهام وزير الخارجية في إيران    الحقيقة تُحزن    شاهد بالفيديو هدف الزمالك المصري "بطل الكونفدرالية" في مرمى نهضة بركان المغربي    مانشستر سيتي يدخل التاريخ بإحرازه لقب البريميرليغ للمرة الرابعة تواليا    الجنرال في ورطة    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    السودان ولبنان وسوريا.. صراعات وأزمات إنسانية مُهملة بسبب الحرب فى غزة    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ عبد الجليل النذير الكاروري في حوار الدين والسياسة (2-2)
نشر في الأهرام اليوم يوم 18 - 05 - 2010

نهار كل جمعة يتّجه الكثير من المصلين تلقاء مسجد الشهيد بالخرطوم، حيث خطيب وإمام المسجد الشيخ عبد الجليل النذير الكاروري، الذي تتَّسم خطبه عادةً بمواكبة الأحداث ومحاولة تأصيلها.
الكاروري الذي لا يظهر في الملمَّات السياسية بشكل معهود هو عضو المكتب القيادي للمؤتمر الوطني. والرجل موصوف من قبل الكثيرين بأنه على درجة عالية من الحضور والتفاعل مع قضايا المواطنين، لا يمل الحديث فيها.
في مبتدر هذا الحوار كان متحمَّساً للنقاش في كل شيء حتى في المواضيع التى ترتفع بالعمل إلى مقام العبادة وتنخرط بالدين في ركب السياسة، وتصل بين التقانة والتقوى.
وبما أنه ليس خطيباً لمسجد الشهيد بالخرطوم فقط الذي يحرص قادة المؤتمر الوطني على أداء الصلوات فيه وإنما هو أيضاً أحد الجنود المحاربين في صفوف الحركة الإسلامية، وصاحب التاريخ المعروف الذي ارتقى به لمقام الشاهد على أحداث العصر؛ فقد هرعنا للقياه فور تلقينا الموافقة على إجراء هذه المقابلة معه.
(الأهرام اليوم) جلست إلى الشيخ الكاروري بالمقرن، ودار الحديث معه في مختلف القضايا، تقرير المصير لشعب الجنوب، الانتخابات، أزمة سوق المواسير، تقسيم مياه النيل، أحاديث الترابي التجديدية، وغيرها من تفصيلات الراهن السياسي والاجتماعي مثار النقاش.. معاً ندلف لإفاداته:
ملاحظٌ أنك في كثير من خطبك لا توجه نقداً مباشراً لسياسات الحكومة، وإلا يكون نقداً ناعماً، هل لأن هذا المنبر غالب رواده من قادة المؤتمر الوطني؟
- هنالك سياسات كثيرة، أنا اعترضت عليها مباشرة، مثل قضية تحويل السكر إلى إيثانول، أنا اعترضت على ذلك؛ لأن بلداً فيه الحيوان، ينبغي أن تتحول فيه المواد العضوية إلى أعلاف. وما زلت معترضاً على ذلك، وكثيراًً ما اعترضتُ على التعديلات الجوهرية التى تحدث في الميزانية، وأذكر أن الرئيس كان حاضراً، وأحياناً نصوب النقد نحو نقاط معينة، ولكن غالباً في الخطب أحاول أن أكون أمام الحكومة، وليس بعدها؛ لأن المنابر يُفترض أن تعمل هدايةً عامة، وبالتالي أنا أسبق بالتعبير في القضايا قبل أن يحدث فيها قرار، وهذا هو السبب الذي يجعلني لست ميالاً للاعتراض على القرارات.
ولكنك لم تتناول الفساد كظاهرة، رغم أن الصحف وكثيراً من المراقبين تحدثوا عن أن السودان صُنِّف ضمن الدول الأكثر فساداً؟
- ليس هنالك تصنيف للسودان بأنه الأكثر فساداً، وحتى بعد الانتخابات الصحف الغربية قالت إنه أكثر ذكاءً في رسم السياسات، وعندما تقارن مع أفريقيا (نيجيريا والنيجر)كمثال ؛ هنالك باخرة بترول كاملة يستولي عليها فرد واحد، ونحن ليس لدينا فساد من هذا الباب، وأيضاً ليس هنالك اتهام لجهازنا التنفيذي والسياسي، بخلاف العهود التي قامت فيها انتفاضات، يجوز أن في الخدمة المدنية توجد اختلاسات، وأيضاً تُنسب لنسبة الأداء، وأتذكر وزيراً للمالية نسبها لجملة الأداء، هل هي نسبية؟ كبيرة أم محصورة؟ ذاك هو السؤال.
هناك تقريرٌ صادر عن منظمة (الشفافية العالمية) ومنظمات أخرى، صنَّف السودان ضمن أكثر الدول فساداً في العالم العربي، والدولة قبل الأخيرة؟
- لا، هذا غير صحيح، ولم يصنف السودان في المرتبة الأخيرة أو قبلها، والدليل على ذلك أن هناك نهضة في السودان، ولو كان هنالك فساد لما قامت نهضة بالمرة، ولو أن مال البترول لا يذهب إلى الخزينة العامة؛ لما وجدت الحياة، متغيرة كما هي الآن، متغيرة في كل الشُّعَب، وهنالك منظمات عندها هوى، ومسيَّسة، أما التقارير الصادرة عن البنك الدولي؛ فهى تقارير إيجابية.
حسناً، ولكن المنظمات العالمية الرسمية قالت إن الانتخابات صاحبتها عملية تزوير ممنهجة؟
- كارتر نفسه عندما كان في الخرطوم قال كلاماً إيجابياً، وعندما ذهب إلى بلاده تحدث عن ذلك، وهم أغلبهم يتحدثون بأكثر من لسان.
هذا الحديث يعني أنك تؤمن بنظرية المؤامرة؟
- نحن الآن في زمن المواجهة، ولو كانت مؤامرة لما جاء كارتر لنا، ما الذي يدخل أمريكياً في انتخابات السودان؟ هؤلاء يحشرون أنوفهم في كل شيء، والآن هم يواجهوننا، المؤامرة كانت في الماضي، عندما كانوا (من وراء)، والآن هم ظاهرون، ذاك كارتر من أمريكا، وجاء ليراقب الانتخابات.
قضية سوق المواسير التي تشغل الرأي العام هذه الأيام، هنالك اتهامات للبعض بأنهم وفروا لها غطاءً شرعياً، ولم يتناولها الأئمة بالنقد حتى طفت على السطح؟
- هذا الملف حتى الآن لم أتناوله، وليست عندي معلومات كافية، وأريد أن أتعرف عليه بتفاصيل، بعد ذلك يمكن أن أجيب، ويمكن أن أتناوله في الخطب، وأريد أن أعرف عن سوق المواسير وغسيل الأموال.
ولكن الصحف وفرت معلومات كافية بخصوص هذه القضية التي اعتبرها البعض بمثابة الكارثة؟
- لا، ليست معلومات كافية، فهنالك أناس معتقلون، والتحريات جارية معهم، ولم ينشر عنها شيء، وطبعاً هنالك أناس يوجهون الاتهامات مباشرة، كالفضائيات، ونحن لا نوجه الاتهامات من المنبر، وإلا لحدثت مفاجآت مثل قضية النفايات الإلكترونية التي شملت أشخاصاً تمت تبرئتهم بعد ذلك.
في نفس الاتجاه، هنالك أصوات تشير إلى أن معاملات بعض البنوك فيها ربا واضح، وهامش أرباح مشبوهة، وهو أمر متداول، في حين أن الربا معروف حكمه في الدين، كيف تعلقون؟
- الآن لا يوجد ربا مجاز، الربا جريمة يحاكم عليها القانون، والمعاملات الموجودة كلها غير ربوية، ومجازة من المرجعية الشرعية لهيئة الرقابة الشرعية، وإذا كان هنالك شخص عمل عقداً؛ فهو من وراء القانون، إلا مؤخراً عندما جاءت اتفاقية الجنوب، وطالبت الحركة الشعبية بنظامين مزدوجين، فأصبح هنالك نظام تقليدي في الجنوب، وإسلامي في الشمال.
بعض العلماء في الأيام الماضية حرموا تقرير المصير لشعب الجنوب، فهل مثل هذه القضايا خاضعة للتحليل والتحريم؟
- هذه الشؤون لا تخضع للحلال والحرام، هذه سياسة فرعية يمكن أن يكون فيها معيار الحق والباطل والمصلحة وعدمها، وأنا أرجو من العلماء ألا يقحموا الفتاوى في الشؤون السياسية، فهذه قضايا لا يقرر فيها بالفتوى، الفتوى أحكام شرعية تطبيقية، وأحياناً توظف الفتوى لموقف سياسي، وهذا استغلال غير جيد.
هنالك أصوات ومنابر في الشمال تدعو للانفصال، وأحيانا يستخدمون ذات الفتاوى ويحشدون البراهين والأسانيد الفقهية لدعم رؤيتهم، فبماذا ترد عليهم؟
- الانفصال يهزم مشروعنا الإسلامي نفسه، لأنه يثبت عدم قدرتنا على التعايش مع ملة أخرى، وعرق آخر، وعبقرية النظام الإسلامي هي التعايش مع الملل والنحل، ونحن كحركة إسلامية أصدرنا منفستو منذ ربع قرن اسمه (أمان السودان)، وعبر عن وحدة السودان في ظل التباين والتعدد العرقي، منطلقين من دستور المدينة النبوية بأن المدينة النبوية هي المدينة الفاضلة التي جمعت الملل والنحل، ونحن ليست عندنا نظرية اسمها النقاء العرقي والديني، وإنما نتعايش رغم التباين، والفصل مؤجل ليوم الفصل، زيادة على أننا كمؤتمر وطني، شعارنا هو خريطة السودان نفسها، وبذلك نهزم حتى شعارنا من ناحية شكلية.
ولكن الدولة الفاضلة هي نفسها قد تكون حلماً مشروعاً لهؤلاء الانفصاليين على طريقتهم؟
- حدث أن المسلمين كانوا يحلموا بدولة فاضلة هي باكستان، وفي النهاية باعدوا الهند من الإسلام، ولم يصلوا للدولة الفاضلة، وباكستان نفسها انقسمت إلى بنغلادش وباكستان، والتجارب نفسها، حتى أبو الحسن الندوي كان يأخذ على المودودي أنه أيَّد (جناح) لفصل باكستان وكان الندوي أكثر حكمة من المودودي في هذا الموقف.
ولكن الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم طرح معادلة جديدة وهي الوحدة مقابل العلمانية، أليست معادلة مستفزة؟
- هذه مزايدة سياسية، ونحن نقبل بالمدنية، فهنالك من طرحها ونحن قلنا نعم، الإسلام دولة مدنية، ولو كان عندنا النظام الثيوقراطي بشيوخ دينيين أو نظام الملالي كما في إيران ليحكمهم، ولكن الدولة حتى الآن غير مشترطة الإسلام في الترشيح للمناصب القيادية، والآن في إطار دولة مدنية يمكن للجنوبي غير المسلم أن يصل لرئاسة الجمهورية، إلا أن يكونوا (عايزين من العلمانية اللادينية) وهي غير مقبولة حتى في المسيحية.
ولكن العلمانية التي يتحدثون عنها ليست فصل الدين عن الحياة، ولكن فصل الدين عن السياسة، حتى لا يعتبر الحاكم نفسه مفوضاً من السماء يفعل ما يريد دون حساب؟
- هذه دولة مدنية نرحب بها، وليس هنالك حاكم يقول إنه مفوض من السماء، ولا الرئيس البشير، فهو مسؤول لدى الشعب، وخاضع للشريعة، فكونهم يجعلوننا لا نخضع للشريعة، وهي أمر الله سبحانه وتعالى؛ بالنسبة لنا خروج من الدين، وهذا يرجعنا للجهاد مرة أخرى، (هذه نجاهد ونموت فيها عديل، ما في طريقة أخرى).
نعود للانتخابات، فقد ذكرت في كثير من خطبك قبل السباق أنكم من دعاة اللعبة الحلوة، فهل الذي جرى هو لعبة حلوة؟
- لا، أنا لم أقل إننا من دعاة اللعبة الحلوة، بل قلت نحن من دعاة اللعبة نفسها، بمعنى أن تستمر، وكنا نرى أن الجهات الدولية تريد أن تعرقل الانتخابات، وتأتي بسنة (11) قبل سنة (10)، فنحن دعونا الأحزاب لأن تتمسك بالانتخابات في وقتها، ودافعنا عن ذلك حتى النهاية من داخل منبر المسجد، وفعلاً في النهاية خذلتنا بعض الأحزاب، ولا أدري مثلاً لماذا انسحب الصادق المهدي، ما هى مصلحته وأي قوى دولية قالت له انسحب؟ وعندما انسحب لماذا لم تؤيده (عشان الانتخابات تطرشق)، فهو الآن شرب (المقلب)، وكان أفضل له لو سمع نصيحة منبرنا على الأقل كان حصل على نواب في البرلمان، يتحدثون باسمه، وكان يمكن أن يكون زعيماً للمعارضة.
(مقاطعة) ولكن الذين شاركوا ولهم سند جماهيري لم يحصلوا على مقاعد في البرلمان، وفقدوا حتى دوائرهم الأصيلة، والترابي خسر في القائمة النسبية؟
- صحيح، ولكن الترابي حزبه ضعيف وجديد، والصادق كان يمكن أن يحقق ما فشل فيه هؤلاء.
طيب، بالنسبة للميرغني؟
- (الميرغني لم يصرف على الانتخابات).
الآن الحديث يدور عن تشكيل الحكومة الجديدة، فما هي نصيحتكم للمؤتمر الوطني ليخلق توليفة فيها خير لعامة الناس؟
- صحيح، حسب الأمانة يفترض أن تكون حكومة البرنامج، لأن البرنامج الذي قدم من المؤتمر هو برنامج إسلامي وطني، ولأول مرة حزب في السودان يجد تفويضاً ليحكم بالأغلبية، وحتى لو كان النظام برلمانياً كان (حا يجيب رئيس الوزراء من داخل البرلمان)، وبالتالي عليه مسؤولية كبيرة، ثانياً الناس في ذمة المؤتمر الوطني، وهم يريدون خدمات وتنمية، وهذا تحد كبير، الآن هل نعمل حكومة عريضة حتى نستقطب الأحزاب ونرضيها؟ أم حكومة قوية تنفذ البرنامج؟ هذا هو النقاش الذي يدور داخل الحزب، والراجح فيه أن تكون حكومة قوية أكثر من حكومة عريضة تراعي التمثيل، ولكنها أيضاً تراعي القوة.
بالنسبة لقضية مياه النيل، إلى أي مدى يأخذ هذا الملف أهميته بالنسبة لكم؟ وما الذي على السودان أن يفعله حتى لا يُظلم؟
- الحقيقة أنني تكلمت كثيراً في هذا المجال وما لم أقله إننا مع الحق التاريخي، ولسنا مع الاتفاقيات التاريخية، ونحن ندعو مصر لأن تتمسك بالحق التاريخي، وألا تتمسك بالضرورة بالاتفاقيات التاريخية، فالآن هناك تحريض تمّ لدول المنبع، ودول المنبع عندها احتياجات تنموية من الممكن أن نسهم فيها، ومصر متهمة بأنها لم تسهم تنموياً، أيضاً حوض النيل بما فيه من موارد كافية لدوله ال(9)، ولكنها تضيع في البحيرات وفي التبخر، فالمطلوب معالجات، كما هو مقترح في جونقلي، حتى تصب كثير من الروافد في النيل إيجابياً، ومعالجات في المصب حتى يتغير نظام الري نفسه، وأيضاً أن يعفوا النيل من أن يكون مقلباً للقمامة فهنالك تصرفات سيئة كثيرة تحدث.
بالنسبة لمصر تحديداً، ما هي مصلحتها في أن تنحرف بهذه القضية للتهديد بإشعال الحرب؟ وما هو المطلوب منها؟
- نصيحتي لمصر أن إسرائيل هي التي تحرض دول المنبع، ومطلوب منها موقف آخر غير مسالمة إسرائيل، وأنا قلت إذا كانت اتفاقية النيل غير مقدسة؛ فلماذا تكون اتفاقية كامب ديفيد مقدسة؟ وإذا كان - بالنسبة لمصر - النيل خطاً أحمر؛ فإسرائيل بالنسبة لها الاتفاقيات العربية خط أحمر، ولماذا نحن لا نؤثر في خطهم الأحمر حتى نعفي أنفسنا؟ وعموماً إسرائيل ظلت تتمدد في مصر للوصول إلى النيل ومنابعه؛ ولأنها وصلت الفرات عن طريق غزو العراق، وتبقى لها النيل. ونذكِّر بأن المقترح الأول لإسرائيل قبل فلسطين كان يوغندا، لأن منابع النيل بالنسبة لهم مقدسة، وحالياً هناك أزمة في بلاد الشام بخصوص المياه، وإسرائيل جزء من هذه الأزمة، وتريد أن تحول عبر النقب جزءاً من مياه النيل، ومصر لأنها عارضت هذا الطلب التاريخي، لذلك هي تُعاقب بتحريض دول المنبع، والآن هم قسمونا لدول منبع ومصب، والسودان هو من دول (المنبر) فنحن منبع وممر في وقت واحد، وحرب المياه هذه شعار أجنبي مُصدر من الكيان الصهيوني.
طيب، نحن لماذا نقاتل بالإنابة عن العرب، ونعادي إسرائيل حتى نتضرر بالانفصال، في حين كان يمكن بناء علاقات قائمة على المصالح المشتركة؟
- نحن لم نحارب، ولكن وزير الحربية الإسرائيلي هو الذي قال إن السودان لو ظل قوياً وموحداً فسيكون سنداً للقضية العربية، وهم خربوا باكستان بسبب القضية العربية، وهم وعدوا بتقسيم السعودية ومصر، اليهود لديهم دين لم يكتمل بعد، ويريدون أن يهدموا تماماً بيت المقدس ويبنوا هيكل سليمان، في ذلك الوقت لو كانت هنالك دولة قوية مثل باكستان النووية، والسودان القاري؛ فسيتصدى بالجهاد للقضية، وهم يعرفون العمق، ولذلك يريدون أن يخربوا دول العمق، من ضعفها.
ألا يمكن أن يكون الضعف فينا نحن المسلمين؟ لماذا دائماً هناك عدو افتراضي نتحفز له باستمرار ونعلق عليه خيباتنا؟
- هذه المعادلة تذكرني بكلام شيخنا محمد الغزالي: إنهم يتمددون في فراغاتنا. فلولا الخلخلة التي عندنا؛ لما جاء الضغط المرتفع من أوروبا، ونحن الآن ما تحاورنا فيه في إطار الخلاف داخل البيت، على العقائد والأفكار، وهذه بلاد حسمت عقائدها، وأصبح خلافها في برامج الأحزاب ونحن كل مرة نعمل جمعية تأسيسية وحتى الآن لم نتأسس.
ما هي الدعوة أو الفكرة التي ترغب في ترجمتها عبر هذا المنبر في قادم الأيام؟
- أنا أدعو في هذا المسجد لمزيد من الوعي، فبقدر ما أصبحنا واعين؛ بقدر ما اتخذنا قراراً أرشد. وكثير من القيادات للأسف معلوماتهم ناقصة، ولذلك قراراتهم ظنية، والظن لا يغني من الحق شيئاً، أيضاً مواقفهم متذبذبة، وهذه مشكلة، فالذي يؤخر الموكب هو تأخر القيادات، وهذه الجماهير يمكن أن تعطيك أنفسها، كما أعطتنا في الجهاد، واستشهد الناس بالملايين، فاللون الرمادي لا يحدد الاتجاه، ولا بد من رؤية واضحة، فالذي نفع البشير أن القراءة بالنسبة له واضحة، (وبعدين هو رجل ثابت وشجاع) والناس أكبروا فيه ثبات البرنامج، وثبات الشخصية، وهذا الذي جعله يحصل على أغلبية لم يحصل عليها رئيس منتخب في السودان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.