أذكر جيداً لما جلست في تلك الظهيرة إلى الأخ الأستاذ الهندي رئيس التحرير، وقلت له (إن هذا الحي من الأنصار يجد في نفسه شيئاً) بعد الانتخابات، على أن حزب المؤتمر الوطني بدأ كما لو أنه اكتفى «بانتزاع مقعد برلماني» دون مراعاة لمخلّفات الجراح والصراع في الدائرة 26 بشرق النيل، ورأت الصحيفة ومن منظور مهني ووطني وأخلاقي أن تفتح هذا الملف لأجل المعالجة، وفتحنا ملف الدائرة وتداعياتها، وكنا نقف على مسافة واحدة بين جناحي الصراع، ولما أتهمنا بعدم الحياد ذهبنا لطي هذه الصفحات، لولا جاءنا الرد المتأخر جداً من (حزب المؤتمر)، وكان لابد من إتاحة الفرصة بوجهة نظر الحزب بالولاية، ولكن أحد الفريقين، فريق أبو الخليفة، رأى أنه قد تضرر من وجهة نظر الحزب وأن بها بعض المغالطات، فكان لزاماً علينا أن نتيح له الفرصة اليوم، على أن نغلق هذا الملف تماماً وهو أخذ حظه من الإضاءة، وإلى افادات (جناح أبو الخليفة) والتي جاءت بتوقيع الصديق حاج الطاهر: الأخ العزيز أبشر الماحي الصائم لك مني أسمى التحيات. لقد اطلعت صبيحة الأربعاء الماضية في رابعة صفحات قرائكم الرائعة (الأهرام اليوم) وعبر ملاذاتكم الآمنة على موضوع البطاحين الملاذات والحقيقة الغائبة؟ وأعتقد أو رحابة صدركم وصدق توجهكم وحياديتكم تسمح لي بنشر هذا التعقيب لتوضيح العديد من الحقائق المغلوطة التي وردت بالمقال والذي تفضل كاتبه بأنه المعني بملف الدائرة (26) وكان الأحرى به أن يستوثق من مصادره قبل النشر. فأنا أحد أفراد هذه الدائرة وابن من أبناء قبيلة البطاحين وعضو المؤتمر الوطني ومدير الحملة الانتخابية للمرشح المستقل عن الدائرة (26) قومي أبو دليق الشيخ أبو الخليفة الحسن محمد طلحة عم الناظر خالد. أولاً ليكن معلوم للجميع أنه قبل الشيخ أبو الخليفة لم يكن للمؤتمر الوطني وجود يذكر في المنطقة وفي هذه الدائرة تحديداً، فقد كان له الفضل في إقناعنا جميعاً بالدخول في حزب المؤتمر الوطني بل تعدانا لأهلنا في الجزيرة وسنار ومناطق مختلفة انضموا لهذا الحزب، كما أن له الفضل مع ابن عمه عبدالباقي الحسين مرشح الدائرة (35) تشريعي في إظهار التنمية الحقيقة في هذه المنطقة من عِد بابكر إلى أبو دليق والتي كانت بعيدة عن أعين الخدمات من قبلهم تماماً. أوافق كاتب المقال على أن الكليات الشورية قد انعقدت لهذه الدائرة واختارت الشيخ خالد للوطني والشيخ الحبر للتشريعي، إلا أنه بها من الخلل ما فاق جميع الكليات الشورية الأخرى من حيث ضعف المعيار وعدم التمثيل النسبي الحقيقي لعضوية الحزب بصورة مُخلة شهد بها القاصي والداني، وكان يمكن للحزب أن يعالج الأمر مبكراً لأنه في عشرات الدوائر بل حتى في اختيار الولاة لم يتقيد الحزب باختيار أوائل الكليات الشورية والحزب يعلم أن أبو الخليفة وعبد الباقي يقودان خطاً مغايراً لخط الشيخ خالد والحبر، اللهم إلا أن تكون هنالك شخصيات محددة تصر على إبعاد أبوالخليفة وعبدالباقي رغم تمسُّك أهلهم بهم ورغبتهم فيهم ثم من بعد ذلك جلس الشيخ أبو الخليفة مع معتمد المحلية ونائبه ووزير الزراعة بالولاية واتفق معهم على أن يسحب ترشيحه مقابل مجئ عبد الباقي كمرشح جغرافي والحبر مرشح بالقائمة، ويظل الشيخ خالد في موقعه. إلا أنهم عادوا بعد يومين فقط ليقولوا أن الأمر لم يعد ممكناً مما يدل على وجود تعنُّت من الذين تدافع عنهم وليس من طرف أبو الخليفة أو عبدالباقي الحسين بعدها جلس الشيخ أبو الخليفة مع د. مندور المهدي والذي اقتنع تماماً بأنه يجب أن ينسحب خالد أو الحبر لأبي الخليفة أو عبدالباقي الحسين ليتكافأ الأمر وجلس مع الشيخ خالد والحبر بحضور د. نافع الساعات الطوال وليس مع الشيخ أبو الخليفة فرفض أياً منهم الإنسحاب. أما د. عبدالرحمن الخضر فهو لم يجلس مع الشيخ أبو الخليفة قط حتى لحظته. ورجال الطرق الصوفية الذين ذكرتهم نُكنُّ لهم غاية التقدير فنحن منهم فلم يطلبوا من الشيخ أبو الخليفة أن يتنازل ولكنهم اقتنعوا بعدالة الطرح وذهبوا لإيجاد معالجة ولكن لعلهم لم يوفّقوا ولم يعودوا وهم الحمد لله أحياء أمد الله أعمارهم ويمكن الرجوع إليهم. نعم لقد خرجت المظاهرات بالآلاف عفوية وغاضبة على القرار غير المنصف بفصل أبوالخليفة وعبدالباقي من الحزب إلا أن أبو الخليفة كان متمسكاً ولم يشتم أحد ولم يهدد بحمل السلاح ولو أمرهم لحملوه ولكن هذا ليس من شيمه وفي قمة غضب الجماهير قالها مشهودة أن الرئيس عمر البشير ود. عبدالرحمن الخضر هم خيار المرحلة القادمة لنا وسنعود جميعاً منتصرين للمؤتمر الوطني أن شاء الله والشيخ أبو الخليفة تربطه علاقات طيبة بقيادات المؤتمر الوطني من المناطق وحتى المركز وأثناء حملته الانتخابية شارك في مسيرة ضخمة لاستقبال الرئيس عمر البشير بأم ضواًبان وبعد قرار فصله من الحزب لم يهتم بل شارك بمسيرة قوامها خمسمائة عربة بها أكثر من خمسة آلاف مواطن لاستقبال الأخ د. نافع ود الخضر بالحاج يوسف الشقلة لدعم مسيرة الحزب وبرنامجه ألا يدل كل ذلك على محبة متبادلة واحترام للمؤتمر الوطني؟ وأخيراً أقول أن الشيخ أبو الخليفة والأخ عبدالباقي الحسين حينما تقدما للترشيح كمستقلين لم يكن ذلك تفلتاً على مؤسسية ولا طمعاً في مصالح شخصية ولكنها إرادة قاعدة جماهيرية عريضة تعلم تماماً من هو الأصلح للمرحلة وهي التي ألزمتهم بذلك وظلت داعمة لهم بأكثر من أربعة عشر ألف حسب المفوضية ونحن نسحبهم أضعاف ذلك صوّتوا جميعهم للبشير وللخضر بتوجيه من أبي الخليفة وكان عشمهم علاج الأمر بموضوعية طالما أن بالمؤتمر الوطني قيادات على قدر المسؤولية لا أن يأتي من يتحدث باسم الحزب يهدد ويتوعد ويصب الزيت على النار في زمن نحن أحوج ما نكون فيه للم الشمل وتضميد الجراح. فيا ولاة الأمر هلا أبعدتم منا أمثال هذا الذي يسعى لإيقاظ الفتنة وتوسعة الشقاق ونحن أسرة واحدة وأرحامنا متحدة وهو عنا بعيد وعلينا غريب؟!.