{ يستصعب العلاج لحالات مرضية كثيرة ويتذبذب التشخيص فيها بين طبيب وآخر فيجعلك تعتقد أن السابق مخطئ وأن الفتح لعلاج أزمتك هو عنده وأن صعب الحل لديه يحملك إلى الاعتقاد أن التشخيص يحتمل أن يكون ملغما بالأورام الخبيثة. { فتستجمع المدخرات التي بحوزة أهل المريض وبقايا الحلي الذهبية في أيدي النساء وما يجمعه الإخوان والأصدقاء لمحاولة التسفير إلي الخارج والخارج يعني المملكة الأردنية الهاشمية في معظم الأحوال ليأتي أول اتصال من المرافق للمريض بأن (دكاترة هنا قالوا التشخيص غلط). { والخطأ المستمر في تشخيص الحالات المفضي بدوره إلى خطأ العلاج مما قد يتسبب في كارثة صحية أو موت، بجانب الأخطاء الطبية المعروفة والدائمة في العمليات التي نسمع ونقرأ ونعرف عنها لكن للأسف يختفي بعد ذلك التحقيق فيها ناهيك عن العقوبة. { والتدهور الحاد في الخدمات الصحية والمعدات ومعينات العمل الصحي، كل هذه الأمور أدت إلى فقدان الثقة في التطبيب داخل السودان بل والتشهير بالطبيب السوداني لدى العالم الخارجي. { الغريب، بل والمدهش، أن معظم الأطباء الذين يتولون ملفات العلاج بالخارج وفي جميع المستشفيات الملكية والعمومية هم سودانيو الهوية والملامح مع أن بعضهم يحمل جنسيات مختلفة!. { والاختلاف الكبير الذي يلاحظه المرافقون والمرضى هناك هو في الأجهزة الطبية المرافقة لعملية التشخيص، إن كانت في التحليل الأوليّ للمرض أو التي تعين على عملية الاستشفاء. أما الفحص السريري يكاد يكون متوافقاً إلى حد كبير مع الفحص داخل السودان إن لم يكن متفوقاً عليه. { وعلى هذا فإن الدعوة التي أطلقتها (د. تابيتا بطرس) وزيرة الصحة السابقة بتوطين العلاج بالداخل لم تكن من باب الثرثرة السياسية إنما هي ضرورة اقتصادية في البدء لتوفير كل تلك العملات الصعبة الخارجة من البلد والداخلة إلى خارجه أياً كانت البلد التي من شأنها أن ترفع المستوى التقني للأجهزة الطبية وبالتالي ضمان دقة التشخيص والتخصصية في فحص الكثير من الأمراض.. حيث أن العقلية الطبية السودانية لا جدال حولها والأسماء اللامعة لأطباء سودانيين ملكوا ناصية الطب خارج السودان وداخله لا نقاش فيها. { لكن يبقى الجدل والجدال حول المعينات التي تُمنح لهذا الطبيب كي يخرج عبقريته المداوية لمستعصي الأمراض. ولأن المعني من كل تلك المصلحة هو المواطن السوداني الذي لا يجد تكلفة العلاج بالداخل فما بالك بالخارج. { فمن يستطيع صرف الملايين للتداوي خارج البلد يستطيع، إذا توفرت كل تلك المعينات ومن قبلها الحس الوطني تجاه مصلحة البلد، أن يصرف أقلّ من ذلك داخلها. وبضمان توفير كافة حاجاته من السرير وحتى الطبيب المختص الموجود طوال الحاجة إليه. { فإذا كانت حاجة الدولة إلى العملة الصعبة قيراطاً فحاجة المواطن العادي إلى العلاج الصعب غير المتوفر داخلياً أربعة وعشرون قيراطاً، لكن يبقى التحدي في أن توفيره هو مسؤوليتها الكاملة بدءاً من البنيات التحتية للمستشفيات والمراكز وانتهاءً بالمحاسبة العادلة لكل من تسوِّل له نفسه أن يمارس مهنة الطب باستهتار وعدم مسؤولية إنسانية ليهمل ما استطاع العناية بالمريض ثمّ يتنصل من العقاب المهني اللازم لردع غيره. { وما غير ذلك يبقى للمواطن السوداني الذي يتباهى بسفريات علاجه الخارجي حتى وإن كان لفحص روتيني أو عملية بسيطة ما لم يكن من أصحاب السيادة المعروف عن تداويهم خارج بلدانهم وفي كل بلدان العالم للضرورات الأمنية بأن المساهمة في بناء وطن كامل العافية لا تكون بالتبختر خارجه ونثر الدولارات على أرضية المراكز الخارجية مادامت الفرص هنا متاحة في المستشفيات (خمس نجوم) وبأطباء ذوي طائرات خاصة تجوب العالم الثالث بحثاً عن أثريائه المرضى. { إنما تكون بالإيمان بأن الطبيب السوداني كامل الذكاء والعافية الأخلاقية وأعني الغالبية فهنا الخير يعم والشر يخص والدليل الاستعانة به في كافة المستشفيات الخارجية وشهادة الطبيب الأجنبي الذي نثق به ويبقى كذلك أن يعترف بعض المرضى الذين يتم تشخيصهم داخلياً ويسافرون ليكتشفون أنه ذاته خارجياً أن يقولوا لنا: (دكتوري الخواجة كشف وقال ما في حاجة) لنسجل نجمة في كراسة الطب والعلاج بالداخل.