مفاهيم أخطاء التشخيص الطبي في السودان ..و..(الإنقاذ) في مصر !! نادية عثمان مختار [email protected] ( الطبيب السوداني كفاءة وشاطر لكن قلة الإمكانيات باقية ليهو مشكلة) بهذه الجملة التي كانت في السابق مفيدة كنتُ أبرر ، ويبرر كثير من الناس مشكلة )التشخيص( الطبي الخاطيء في بلادنا !! بحكم وجودي في مصر التقيت بكثير من المرضى، بعضهم لحمي ودمي، بعضهم أصدقاء ومعارف، وبعضهم لا أعرفهم معرفة شخصية، ولكنهم جميعهم حضروا لقاهرة المعز طلباً للاستشفاء من رب الشفاء العظيم على أيدي الأطباء المصريين ! معظم من يأتون للقاهرة في رحلة العلاج هذه يكون مجيئهم بعد رحلة مشابهة قضوها في السودان، وعندما لم يتحقق شفاؤهم، توكلوا على الحي الذي لا يموت وأتوا للعلاج في مصر، بينما يُفضل البعض الأردن ! ولكن المثير للعجب أن معظم هؤلاء المرضى يكتشف الطبيب المعالج لهم في مصر ومنذ الوهلة الأولى أن المشكلة في الأساس ما هي إلا (سوء تشخيص) ، أدى إلى المزيد من تدهور حالة المريض ، ودخوله منطقة الخطر الصحي ، وتهديد حياته ! تكرار هذه المشكلة دعاني لإجراء تحقيق صحفي استطلعت فيه عدداً من المرضى الذين تطابقت شكواهم، بانحصارها في مشكلة سوء التشخيص المؤدية لمزيد من تردي الحالة الصحية لهم !! جميع أولائك المرضى الذين استطلعتهم تم إجراء تحاليل جديدة لهم كشفت بشكل ( مخجل) عن سوء تشخيص المرض في بعض مستشفيات الخرطوم ، وبالتالي خطأ العلاج الذي أُعطي للمريض بناءاً على التشخيص الخاطيء ، ومن ثمّ الطامة الكبرى التي ربما دفع المريض حياته ثمناً لها !! تحدثت في ذلك التحقيق لطبيب مصري لديه كمية كبيرة من المرضى السودانيين ، وسألته عن ماهية أمراض معظم الحالات التي ترد إليه من السودان ؛ فقال لي الطبيب المصري : (معظمها أخطاء في التحاليل والتشخيص الدقيق للمرض وبالتالي أدوية غلط بتلخبط صحة المريض أكتر وأكتر ) !! سألته : وما هي الأسباب في رأيك التي تُحدث هذه الأخطاء في التحاليل والتشخيص هل لسوء أو عم كفاءة الآليات المستخدمة في الفحص وعدم مواكبتها للأجهزة الحديثة مثلاً ) ؟!! نظر الطبيب إلى أعلى السقف وكأنه يفكر في كيفية صياغة إجابة مقنعة ، وقال لي ( والله حضرتك السودان فيه أحدث الأجهزة وأكثرها تطور) و........ قاطعته بالقول المشكلة في من يقوم بالتحاليل إذن ( الفحيص) ؟!! أجاب الرجل سريعاً وكأنه أراد أن يتخارج من هذا السؤال ( لا .. لا ، اللي بيعمل التحاليل كويس) ! وأردف بالقول وكأنه يريد أن يخلص ذمته من الموضوع برمته فقال :( بصراحة أنا رحت السودان والطبيب السوداني شاطر وكفاءة أوي بس موش عارف المشكلة فين بالضبط ) !! لم يتسن لي اللقاء بأي طبيب سوداني ، و( فحيص) في القاهرة ، ليُجيب عن ما استعصى على الطبيب المصري الإجابة عليه ، وليقول لي : ( المشكلة شنو بالضبط في قصة أخطاء التشخيص الحايمة في السودان دي ) ؟! الحقيقة أن الأمر مؤسف ومحير للغاية ، وبالفعل فإن قصة الأخطاء الطبية والتشخيص الخاطيء (بلاء وعناء وشقاء ومرض) يدفع ثمنه المواطن من صحته وعافيته وحياته ! إذا كانت المسألة في رداءة الأجهزة الطبية لكانت الصورة واضحة ولكن ومع أحدث المستشفيات الاستثمارية الفخيمة التي تشبه في مبانيها أفخم الفنادق ذات النجوم الضواية خماساً وسباع ، ومع الأجهزة المتطورة والغاية في التقنيات الحديثة التي تمتليء بها عنابر وغرف هذه المستشفيات فلا يمكن القول أن الآليات الطبية هي السبب في سوء وأخطاء التشخيص الطبي القاتلة أحياناً !! هذا بالنسبة للمستشفيات الكبيرة والاستثمارية ( بتاعة ناس الراحات) ؛ أما بالنسبة للمستشفيات الحكومية فبعضها يعاني سوء حال ، و( بشتنة) أحوال ، وبعضها ( ماشي حاله) لكن على أي حال بها أجهزة فحص وأيضاً يعاني المريض فيها من سوء التشخيص !! ويبقى بين هذه وتلك السؤال مطروحاً للأطباء في بلادي ولوزير الصحة شخصياً ، أو من ينوب عنه : (( ما هي المشكلة الحقيقية وراء سوء وأخطاء التشخيص في السودان)) ؟! الصحة والعافية أحلى من مزرعة في كافوري .. أو بيت في الصافية !! و أموت في القصر العيني .. وتنقذني الطبيبة !! ( نقلاً عن أجراس الحرية).