لست في حاجة لأن أذكر أخواتنا وإخواننا المذيعين أن تقبل النقد هو واحد من أهم عوامل النجاح، خاصة النقد البناء الذي يوجه الأصبع مباشرة نحو العلة، ويرفق الإشارة بروشتة الدواء. ورغم اقتناعي أن العمل التلفزيوني تحديداً هو عمل جماعي ترتكز أبجديات نجاحه على أضلع متعددة، بدءاً من المعد، وانتهاءً بالمخرج والمصوِّر والمذيع، لكن «بتجي فى وش» المذيع أو مقدم البرنامج، باعتبار أنه الضلع الظاهر للمشاهد، أو ربما هو معني باختزال كل عمل «الجروب» ليقدمه بصورة جميلة وجاذبة، وبالتالى إن لم يكن هذا المذيع أو المقدم على درجة عالية من الاحترافية والإبداع؛ انفرط عقد العمل، وتشتت حبة حبة. .. لكن وللأسف، أن بعض من يوجه نحوهم النقد؛ يتخيلون أنفسهم فوق مستوى النقد، أو أنهم منطقة محظورة، ممنوع الاقتراب منها أو التعليق، ولا أدري على أي أساس ارتكز هؤلاء في عنجهيتهم أو عنجهيتهن، وما يقدمونه ويقدمنه من أداء مهزوز، ووجبات نيئة ومنتهية الصلاحية لا يحتاج إلى كثير عناء فى إثباته؛ لإنه يبث على الملأ، وأي مشاهد لو اشترى تلفزيوناً «أمبارح» وكان حديث عهد بالمشاهدة؛ لقال «إيه الأنا شايفه ده»، لكن أسوأ ما يزعجني شخصياً، هو أن يقول أحدهم «والله فلان دا بنتقدني لأنو قاصدني»، وتكون أنت أساساً لا تعرفه، وليست بينك وبينه صلة، ولا مصلحة لك في انتقاده سوى مصلحة العمل العام، ومصلحته هو شخصياً، باعتبار أنك تقدم له خدمة العمر، وأنت توجهه نحو الطريق الصحيح، وتعكس له الصورة الحقيقية دون تزييف أو تجميل. لكن الأسوأ من ذلك أن يقال إنك تمتدح فلاناً لأنه صاحبك، وأن فلانة صاحبة فلانة؛ لذلك تكيل لها المديح والإطراء، وتكون هذه الفلانة صاحبة أداء مميز وحضور راق، وتلفت الأنظار صوتاً وشكلاً وروحاً، ولا يختلف عليها اثنان. إذن، وطالما أننا نعيش نظرية المؤامرة، سنظل ندور في فلك الانشغال بحرب «الشخصنة» دون أن يفكر هؤلاء وأولئك في تطوير أدائهم أو تغيير الصورة الباهتة التي يظهرون بها. بالمناسبة، المشاهد السوداني ذكي ولماح وناقد بدرجة امتياز، ولا تمر عليه بعض الملاحظات التي نلتقطها من أفواه قائليها لنعكسها لمن يهمه الأمر، ولكن لا حياة لمن تنادي، وواحدة من هذه الملاحظات المهمة، هي المظهر الذي تبدو عليه قارئات الأخبار في الفضائية السودانية، وأقول تحديداً قارئات الأخبار لأنهن دائماً يطللن بمظهر «أوفر» لا يليق بجدية الأخبار نفسها، شكلاً وموضوعاً، وبعضهن يضعن المساحيق ويتزين بالحلي وينقشن الحناء وكأنهن في «صبحية» وليس في نشرة إخبارية تحوي ما تحوي من «بلاوي» ومآسٍ وجدية في المعنى والمضمون. بالمناسبة، هذا المظهر والمشهد يجعل صاحبته وكأنها خارج «التون» تعزف نغمة نشاز، وهي في واد والناس في «وادي تاني خالص». .. في كل الأحوال، أقول إن النقد الذي نوجهه بكل شجاعة ينبغي على من يوجه إليهم أن يقابلوه بذات الشجاعة؛ لأن مواجهته تعني مواجهتهم للحقيقة، حتى لو كانت مرة وقاسية، لأن الأمر والأقسى أن يظهر أحدهم أو إحداهن على الشاشة ليشاهده آخر هو أفضل منه مائة مرة!! كلمة عزيزة .. كعادتها دائماً، كانت النيل الأزرق مع الحدث، وهي تقدم سهرتين على التوالي عن الراحل العظيم عثمان حسين، فجعلت معجبيه ومحبيه مع الاحتفالية من داخل قاعة الصداقة، في ليلة الاحتفال الختامية، بنقل حي زينه حضور رفيق دربه الرائع حسين بازرعة، وكانت النيل الأزرق قد قدمت سهرة توثيقية عن «أبو عفان» جعلتنا لا نغادر مقاعدنا حتى ظهور «تتر» الختام. على فكرة، تيم الإعداد لهذه السهرة كان ذكياً بأن منح التعليق صوتاً في سهرة العملاق، للعملاقة هنادي سليمان «الفاتت الكبار والقدرها»! كلمة أعز .. إطلاقاً لم يكن الفنان محمود تاور موفقاً في أداء أغنية يا ربيع الدنيا، ولكن ما يشفع له فقط أنه غنى لعثمان حسين «ودي براها بالدنيا».