{ بدأت مؤشرات موقف الولاياتالمتحدة الأمريكيّة من وحدة السودان تتكشّف رويداً.. رويدا.. ويبدو واضحاً أن صقور الإدارة الأمريكية القدامى والجُدد مثل «سوزان رايس»، و«دونالد بين» و«روجر وينتر»، ولوبيات «الصهاينة»، والنواب (السود) في الكونغرس، وغيرهم، قد رجّحت خيار دعم (انفصال) جنوب السودان عبر استفتاء (مزوَّر) لتقرير مصير شعب الجنوب في يناير القادم. { وتصريحات المبعوث الأمريكي «غرايشن» قبل وأثناء الانتخابات العامة كانت تدور حول فلك واحد مركزه (إن الولاياتالمتحدة حريصة على قيام الانتخابات في موعدها حتى لا يتأثر موعد الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب)!! وأحاديث أخرى مشابهة نُسبت إليه في لقاء مع أبناء جنوب السودان المقيمين في أمريكا تشير إلى أن «واشنطن» تريد تمرير نتيجة الانتخابات في الشمال رغم تأكيدات الأحزاب بتزويرها، لأن الإدارة الأمريكيّة تريد أن تبلغ محطة الاستفتاء دون إبطاء..!! أو كما قال. { وتعهدات نائب الرئيس الأمريكي «جوزف بايدن» لرئيس الحركة الشعبيّة رئيس حكومة الجنوب الفريق أول «سلفاكير ميارديت» خلال لقائهما نهاية الأسبوع المنصرم في «نيروبي» تؤكد دعم الولاياتالمتحدة لخيار (الانفصال)، وتحفيز «الحركة الشعبية» على المضي قدماً في هذا الاتجاه، مع رفض أيّة محاولة لتأجيل الاستفتاء، رغم أن اتفاقيّة السلام الشامل شهدت عدة تأجيلات في مسار تنفيذ الكثير من بنودها، فقد تأجلت الانتخابات - نفسها - ثلاث مرات، كما تأجّل إجراء الإحصاء السكاني مرتين..!! { وللذين لا يعلمون الكثير عن نائب الرئيس الأمريكي السناتور «بايدن»، فإنه من أقدم أعضاء (مجلس الشيوخ)، فقد ظلّ عضواً فيه منذ يناير 1973م، حتى العام 2008م، ليختاره «باراك أوباما» نائباً له قبل انطلاقة حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية التي فاز فيها «أوباما» وتسلم مقاليد الحكم في أكبر بلاد الدنيا في يناير 2009م. { السناتور «بايدن» عمل رئيساً للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ لفترة طويلة. ولهذا السبب اختاره «أوباما» نائباً له، وخلال عمله باللجنة كان «بايدن» من الداعمين للحرب على أفغانستان عام 2001م، والحرب على العراق عام 2003م، وهو من دعاة - لاحظوا - تقسيم العراق إلى (ثلاث) دويلات (سنيّة، كرديّة، وشيعيّة)..!! { ولهذا، فإنه ليس غريباً على «بايدن» أن يدعم خيار تقسيم السودان إلى دولتيْن: شماليّة وجنوبيّة.. { ومن مواقف السناتور المحترم، أنه كان من المطالبين بإرسال قوات أمريكية إلى إقليم دارفور السوداني..!! { إذن، تعمل الإدارة الأمريكية - التي تستقبل الأمين العام للحركة «باقان أموم» هذا الأسبوع في واشنطون - على تنفيذ خطة تقسيم السودان، وليس كما يتوهّم رئيس (منبر السلام غير العادل) بأنها تسعى لوحدة السودان من أجل قيام دولة (علمانيّة) واحدة موحَّدة..!! { لقد تجاوزنا مرحلة الجدل حول (العلمانيّة) بتوقيع وتنفيذ اتفاقية السلام وإجازة دستور السودان الانتقالي الذي أباح ل (غير المسلم) أن يترشّح ويفوز برئاسة الجمهورية (الولاية الكبرى عند المسلمين). { نحن الآن في مرحلة تمزيق دولة السودان الكبرى وتقزيمها وقص أجنحتها حتى لا تكون (مزعجة) ذات يوم للإمبريالية والصهيونية العالمية، فمتى يفهم السادة (الانفصاليُّون) الانفعاليون؟!