(أما المبادرة الثانية فكانت عبر لجنة الجهود الخيّرة التي ضمت عدداً من الشخصيات القومية برئاسة (ب . سليمان صالح فضيل) وعضوية (ب . حسين سليمان أبو صالح) وزير الخارجية الأسبق ورئيس حزب وحدة وادي النيل، و(ب. الطيب حاج عطيّة( الأستاذ بجامعة الخرطوم، و(ب. عبد الله إدريس) عميد كلية القانون بجامعة النيلين، و(ب. علي شمّو) الإعلامي المعروف، و(أ. محجوب محمد صالح) الصحفي المعروف صاحب الأيام، وقد توصلنا معها في لجنة الإضراب إلى أتفاق قضي برفع الإضراب ورفع ما ترتب عليه من كل العقوبات، ثم إجازة مذكرة تحسين شروط خدمة العاملين بالحقل الصحي على مستوى الوزارة فوراً ورفعها لمجلس الوزراء للإجازة النهائية على أن تطبق بأسرع ما يتيسر. وكذلك تناولت المبادرة موضوع علاج الأطباء وأسرهم وحماية الأطباء وتأهيل وصيانة الميزات وتهيئة بيئة العمل والتدريب، ومتابعة تنفيذ اتفاق وزارة الصحة السابق مع النواب، ووضع تصور للوظيفة الدائمة للطبيب أُسوة بزملائه من فروع الخدمة المدنية الأخرى، ومتابعة وضع الأطباء بالتعليم العالي والاهتمام بالتدريب الداخلي والخارجي. بناءً على هاتين المبادرتين قررت لجنة إضراب أطباء السودان رفع الإضراب فوراً وكان ذلك في مساء الأربعاء 31 مارس 2010م في مشهد تاريخي غير مسبوق قديماً ولا حديثاً بحضور من معظم أعضاء المبادرتين وبشهود معظم الأطباء والرأي العام. وبعد رفع الإضراب اجتمعت لجنة تحسين شروط الخدمة للعاملين بالحقل الصحي برئاسة ب . حسن أبو عائشة بتاريخ 4 أبريل 2010م وأجازت المذكرة في أجواء ودّية بعد حذف البنود التي تمت إجازتها سلفاً ضمن اتفاق اتحاد نقابات العمال واتحاد الأطباء منعاً للتكرار الذي قد يؤدي للالتباس لدى الجهات المختصة، وكان يفترض بعدها أن ترفع الوزيرة المذكرة لمجلس الوزراء. ومضي شهر ابريل 2010م ووزارة الصحة تؤكد على أنها ملتزمة بالاتفاقين، بل وذهب وكيل الوزارة إلى أن التزام اتحاد العمال كان في مكتبه وأنه هو الذي كتبه، وامتلأت الصحف بالبشارة باتفاق لم نكن راضين عنه إلاّ أننا رأينا فيه بداية لتصحيح أوضاعنا كأطباء إلى حين أن تجاز مذكرة تحسين شروط خدمة العاملين بالحقل الصحي التي أجازها (ب . أبو عائشة) ولجنته ولكن..!! أتى شهر مايو 2010م موعد تنفيذ الاتفاق الأول مع اتحاد العمال واتحاد الأطباء بالأرقام المذكورة آنفاً، وللأسف لم يتصل بنا أحد ليوضح لنا لماذا لم ينزل المرتب كما ذكروا. وللعلم فإن الأرقام الواردة في اتفاق اتحاد العمال هم الذين كتبوها وأقروها ولسنا نحن في لجنة الإضراب، ونظراً لإحساسنا بمسؤوليتنا تجاه الأطباء وتجنباً لأية مواجهة أو تصعيد قد يؤدي لأضرار بالغة في الحقل الصحي فقد بادرنا بالاتصال بهم سواء في اتحاد الأطباء أو اتحاد العمال، وحتى لجنة الجهود الخيرة، وكان اتحاد الأطباء والعمال يؤكدون أن المسألة مسألة زمن وأنهم ملتزمون بالاتفاق، واطلعنا على مكاتبات بين وكيل الصحة والمالية ومجلس الوزراء بنفس الأرقام التي وردت في الاتفاق. فوجئنا كما فوجئ الكثيرين في منتصف مايو برئيس اتحاد الأطباء يعطي بشارات بمكاسب كبيرة للأطباء على صفحات الجرائد، وأخطرونا بعدها بيوم باجتماع يضم رئيس اتحاد نقابات عمال السودان ورئيس اتحاد الأطباء وأعضاء آخرين من الاتحاد. فوجئنا بالأرقام التي ذكروها وقالوا إن المالية رفضت أن تعطيهم ما اتفقوا معنا عليه، علماً بأن حديثهم السابق كان عن أنهم أخذوا ضوءاً أخضر في كل البنود والأرقام التي أتونا بها من قبل، والأرقام التي أتونا بها في الاجتماع كانت الآتي: الأخصائي: 150 جنيها عبارة عن بدل وجبة، أما علاوة المؤهل فلم تصادق وزارة المالية عليها حسب ما قالوا وأن الوكيل سيعطيها لهم كحافز بالمستشفي. النائب: 150 جنيها بدل وجبة، 300 جنيه منحة دراسية، ليصبح مجموع ما يتقاضاه النائب 450 جنيه. العمومي: 150 جنيها بدل وجبة، 500 جنيه خدمة ريفية للأطباء العاملين بالريف فقط، رغم أن الاتفاق كان أن تشمل هذه العلاوة كل الأطباء العموميين. الامتياز: 150 جنيها بدل وجبة، 250 جنيها مكافأة تدريب أي المجموع 400 جنيه وهنا وضح التنصل التام عن الاتفاق الذي شهد عليه الرأي العام وكل الأطباء والمواطنين. ولم تنته القصة فقد نشر السيد رئيس اتحاد الأطباء أرقاماً مغايرة في صبيحة اليوم التالي للقائنا معه فأعلن عن أن الزيادة هي للامتياز 300 جنيه وللعمومي 310 جنيهات ولنائب الأخصائي 402 جنيه وللأخصائي 500 جنيه - عبارة عن حافز يصرف من المستشفي - وفي هذا خداع واضح للاختصاصيين فمبلغ 500 جنيه ورد بعد اتفاق الوزارة السابق مع النواب وحينها حددت الوزارة الحد الأدنى لحافز الأخصائي بالمستشفي 500 جنيه، وحتى هذه لم تصرفها المستشفيات للاختصاصيين وكررتها الوزارة الآن كأنها أتت بجديد، وهذه عادة الوزارة في خداع وتضليل الرأي العام، بل وتضليل الأطباء وخاصة الاختصاصيين. وبعد يوم آخر أعلن رئيس اتحاد الأطباء أن بدل الوجبة هو 60 جنيها فقط رغم من أنه ذكر قبل يومين أنه 150 جنيها. وهكذا أصبحت زيادات الأطباء مقدارها ألعوبة في أيديهم بل الحقيقة في يد من ورائهم لأنه اتضح تماماً أن (د. كبلو) لا يملك شيئاً. وكما أسلفنا فقد كان الاتفاق يقضي بأن يتم تنفيذ المرتب الجديد اعتباراً من أبريل 2010م، لكنهم قالوا إنه سيتم اعتباراً من مايو 2010م وأن المالية رفضت طلبهم في هذا الخصوص. وكأن المالية أصبحت هي الكلمة الأعلى في السودان !! أو أن وزيرها هوالمتحدث باسم هذا العصر !! أما مذكرة (د. أبو عائشة) فلا يُعرف مصيرها، فإن كان هذا مصير الاتفاق الصغير الضئيل الذي لا يتجاوز 20% من مطالب الأطباء فيا ترى ماذا سيكون مصير مذكرة تحسين شروط خدمة العاملين بالحقل الصحي ؟. ولهذا فقد اتجه الأطباء واجتهدوا في أن يوصلوا هذه الحقائق كاملة غير منقوصة للسيد رئيس الجمهورية ولقادة المجتمع ورموزه ولعموم المواطنين أملاً في الوصول إلي وضع يحقق العدل والإنصاف لهذه الفئة التي أعطت وما استبقت شيئاً. وستسلك قبيلة الأطباء كل المسالك التي من شأنها أن تعيد الحق لأهله بكل ما يمكن أن تعنيه تلك المسالك. (سأضرب في طول البلاد وعرضها أنال مرادي أو أموت غريباً وإن تلفت نفسي فلله درها وأن سلمت كان الوصول قريبا) ومن الغرائب التي نهديها لهم ما علمناه عبر الصحف أن نقابة العاملين بوزارة التخطيط العمراني والبني التحتية قد افتتحت مستشفي لعلاج العاملين في الوزارة وأسرهم يسمي (مستشفى التروية) لا أدري إن كان (د. كبلو) قد سمع بتلكم النقابة ومستشفاها.! نسيت أن أشير إلى المفارقات في أجور الأطباء التابعين لوزارة الصحة مقارنة برصفائهم الأطباء مستشفيات القوات النظامية وليس خارج البلاد يا سيادة الوالي (عبد الرحمن الخضر) مخصصات الطبيب في السلاح الطبي: تتراوح من 2000 جنيه - 5000 جنيه. في الشرطة: 2000 جنيه - 5000 جنيه، في مستشفي الأمل الوطني: 2000 جنيه - 6000 جنيه. إضافة للامتيازات الأخرى من السكن والمواد التموينية وغيرها. أما في وزارة الصحة - أخرجها الله من وهدتها - فيتراوح بين 570 -900 جنيه. أي أن يوم الطبيب في وزارة الصحة يتراوح ما بين 15 - 30 جنيه.. الخادمة في المنزل لا ترضي بمرتب الطبيب على قول (د. كمال عبد القادر) وكيل وزارة الصحة. أخيراً، أشير إلى أن هذه هي حكايتنا معهم من الألف إلي الهاء وليس الياء، ولبقية الأحرف حكاية نرويها قريباً إن شاء الله، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. وليحقنّ الله الحق ولو بعد حين. د. أحمد عبد الله خلف الله