{ لا أنسى، ما نسيت، جارتنا في الحي الحاجة (فضيلة) تلك السيدة السمراء المشلخة (مطارق)، ولأولاد الليلة الذين لا يعرفون الشلوخ خليك من المطارق أقول لهم إن المطارق هي الشلوخ التي تأخذ الخط الرأسي فتقف منتصبة على الخدود الندية، ويا سبحان الله ورغم أنها فعل جراحي بدائي التنفيذ إلا أنها كانت تُكسب الحاجة فضيله نضاراً وجمالاً ووقاراً محيّراً. { والحاجة فضيلة كانت من أفراد الطبقة الوسطى المستورة جداً وهي الطبقة ما بين الأغنياء والفقراء التي أحسب أنها قد اندثرت أو لعلها فقدت خصوصيتها وتفاصيلها الخاصة باعتبار أن المجتمع انقسم في أكثره إلى طبقتين: طبقة غنية جداً وطبقة فقيرة جداً ثم جداً. { وللحاجة فضيلة مكانة عظيمة في نفسي؛ إذ أنها كانت مستودع للحكمة وبحر من المفردات والعبارات التي تطلقها في شكل أمثال كلما كان الموقف يستدعي أن تدلل عليه بمثل أو حتى حكاية. { على فكرة، أنا بطبيعتي بحب كلام النسوان الكبار وتجدني منذ أن كنت في المدرسة لا أصادق من هن في سني بل دائماً أشعر أن أفكاري تسابق عمري وأن نديداتي لا يستوعبن ما أقول ولا أجد عندهن ما أنتظر، لذلك وحتى الآن استمتع جداً بكلام الحبوبات وأبحث عنهن في أية مناسبة لأندس وسطهن استمع لقفشاتهن وأستمتع (بنرفزتهن) عليَّ إن قلت ما لا يعجبهن. { أعود للحاجة فضيلة التي كانت واحدة من أمثالها المأثورة (الصِّيت ولا الغِنَى) وتفسيره أن الشخص أفضل له أن يكون معروفاً ومشهوراً بين الناس من أن يكون غنياً وجيبه مليان قروش ومافي زول بعرفه. { وللأمانة كنت حتى وقت قريب مؤمنة بهذا المثل للحد البعيد بل كنت أضربه لأبنائي حينما أركب (ماكينة حبوبة) وأستدعى ما لدي من حكمة وأمثال. { لكن أعذروني ولتعذرني الخالة فضيلة إن أعلنت لكم أني كفرت بهذا المثل بل تصرفت فيه قلباً وتبديلاً لأجعله (الغِنَى ولا الصِّيت) وقولوا لي ليه؟ لأنه يا سادة يا كرام المال هو الآن من يتحكم فينا وربما يتحكم في مصائرنا وبعض من أقدارنا. { المال يا سادة وقف يوماً حجر عثرة في علاج صاحب صِيت مابعده صِيت، أستاذنا الشاعر محمد علي ابوقطاطي.. والمال عطّل علاج شاعر العيون عبد الله النجيب. { والمال الآن لعدمه وقلّته جعل رجلاً هو صوت وصِيت وقامة وقمة، أستاذنا محمد ميرغني طريح الفراش ولو أنه كان ثرياً وموسراً لركب طائرته الخاصة وغادر إلى منتجع صحي في باريس ليتعافى من وعكته الأخيرة. { والمال هو الآن ما سيحدد خارطة الطريق لعلاج الأستاذ الصحفي المخضرم، أستاذي أحمد العمرابي، الذي أصابت قلبه الأبيض علة وهو في طريقه غداً للاستشفاء خارجاً والرجل يقطع من لحمه الحي ليسافر مستشفياً ولو أنه كان يملك المال لما تأخر لحظة ليتحمل آلام ضيق الشرايين ووجع القلب؛ إذ ربما أنه كان سيستدعي جراح القلب المشهور مجدي يعقوب لأنه مافي أحلى ولا أغلى من (الرويحه دي). { قولوا لي بالله عليكم ماذا يفعل هؤلاء بالصِّيت وهم من عاشوا دوماً بكرامة وكبرياء وتعفف لم يطلبوا لقمة ولم يسألوا بدلة لكنه المرض الغدار هو من يجعل دموع الرجال الغالية تتحجر في أطراف المآقي. { صدقوني، الكثيرون جداً ممن هم عند الناس أشهر من علم على نار هم ناس على باب الله رزق اليوم عندهم باليوم لا يعرفون للادخار دروباً لأنه أساساً ليس لديهم ما يدخرونه من مال لأن ما عندهم لا يفيض ولا يعرفون للثروة حسابات أخرى لأن ما يحسبونه قد لا يتعدى أصابع اليد العشرة لكنهم رغم ذلك شموخهم كأشجار النيل وفي رسوخهم كجبال التاكا وفي حلاوتهم زي موية النيل. { لكن حتى متى يظل المبدع لا مجير ولا مغيث له يوم أن يقع؟ وحتى متى نظل نبحث عن الجهة المسؤولة عن سند وحماية من كانوا سنداً لغيرهم بإقلامهم وحمايةً للكثيرين بكتاباتهم ومواقفهم؟ { وكم كم هو مخجل ومحبط أن تنام المدينة قريرة العين لتصحو على أحاديث السمر، وربما النميمة، ومن كان يتابع أخبارها وحكاويها عبر صفحته (حديث المدينة) لا أحد يهتم بالحديث عن قلبه المثقل بالجراح. ويا أستاذنا عمرابي أمدّ الله في أيامك وأبعد عنك كل شر. { هاأنا أسجل أول (فيتو) على حكاية (الصِّيت ولا الغنى). كلمة عزيزة { أجمل تصريحين جعلاني أتفاءل إلى حد ما بالوزارة الجديدة هو تصريح الوزير أسامة عبد الله وزير الكهرباء والسدود بتطبيق التخفيضات في قيمة الكهرباء التي وعد بها السيد الرئيس. والتصريح التاني كان للسيدة وزيرة الدولة بالتربية والتعليم التي قالت للصحيفة إن الوزارة هي ابتلاء ترجو أن يعينها الله عليه. أهدي هذين التصريحين لمن يظن أن الوزارة نوم وترطيب أو أنها سيل من التهاني والتبريكات. كلمة أعز { أجمل مافي فيديو كليب سلطان الطرب كمال ترباس على قناة هارموني لأغنية «أنت المهم» هو ظهور السلطان وخلفه نهر النيل وبناية برج الفاتح الفخم! «وتلاقت قمم يا مرحي»!