في مذكراته بالرأي العام قال السيد حامد محمد حامد قبل أيام «إن الذي أعاد جعفر نميري إلى الخدمة بالقوات المسلحة هو رئيس الوزراء السيد الصادق المهدي». والحقيقة أن السيد الصادق كان رئيساً لمجلس الوزراء لأول مرة في الفترة من يوليو 66 إلى مايو 1967م.. وخلال هذه الفترة اكتشفت محاولة خالد الكد الإنقلابية وقد اختار أولئك الإنقلابيون الضابط نميري رئيساً لمجلس قيادة الثورة ومؤكد أنهم اختاروه لجسارته وشعبيته داخل الجيش ولسوابقه الانقلابية. وقد حوكم نميري وكان يرأس المحكمة العميد عمر الحاج موسى وكان الحكم بالبراءة فأعيد نميري ضابطاً بالقوات المسلحة.. وهذا يعني أن البراءة هي التي أعادت نميري للجيش، وقبلها أعتقل نميري بعد ليلة المتاريس أيام ثورة أكتوبر 64 بعدما سرت إشاعة فحواها أن هناك محاولة إنقلابية عسكرية ثم أفرج عنه بالضغط الشعبي الأكتوبري الذي كان من أهم مكوناته الحزب الشيوعي السوداني فقد أصدر بياناً طالب فيه بالإفراج عن الضباط المعتقلين جعفر نميري والرشيد نور الدين وفاروق عثمان حمد الله. وكان النقيب نميري أحيل للإستبداع بعد «إنقلاب» كبيدة عام 1957 متهماً بالاشتراك فيه ثم أعيد للخدمة وكان الذين أعادوه هم اللواءات المقبول الأمين الحاج وعوض عبدالرحمن صغير ومحمد إدريس عبدالله. وكان هذان الأخيران من أقرب وأعز أصدقاء أحمد الطيب عبدون. فقد دعاهما إلى العشاء في بيته بحي المغاربة بأم درمان محطة مكي ود عروسة وقال لهما «كيف تفصلون من الجيش إنصارياً ابن أنصار»؟ ويظهر أنه كان هناك في ذلك الوقت من خمسينيات القرن الماضي حرص في القوات المسلحة على مستوى الضباط تحديداً على وجود شيء من التوازن الأنصاري الختمي. وعندما تولى العقيد نميري الحكم في مايو 69 كان الوزير الوحيد الذي اختاره هو شخصياً أحمد الطيب عبدون أما بقية الوزراء فقد اختارهم رئيس الوزراء بابكر عوض الله ولم يختره نميري رداً على ذلك الموقف وإنما اختاره لكفاءته. ومن المؤسف أن العلاقة بينهما ساءت في ما بعد إلى درجة أن الرئيس نميري لم يذهب إلى بيت العزاء عند وفاة أحمد الطيب عبدون عام 1985م وكان في نفس يوم (رفع الفراش) يمضي النهار في بيت عديله الوزير مبارك سناده الذي ارتحل حديثاً إلى بيته الجديد بمدينة النيل.