{ كانت رحلتي الأخيرة لمدينة سنار، تجولت داخل سوقها وأحيائها المتعددة، فهالني ما رأيت من تردٍ كأنها تعيش خارج دائرة التطور والتحديث، رأيت النفايات وهي تحاصر ردهات وأزقة السوق مما يعطي انطباعاً بأنه ليس هناك صحة بيئة يمكن أن تفعِّل دورها لتشمل كل الولاية وليس دائرة السوق والمجرى الرئيسي بشمال السوق وما يحمل من مياه آسنة ظلت راكدة سنوات عديدة حتى أضحت عبارة عن طبقة سميكة سوداء أشبه ما يكون بالخلطة الأسمنتية التي تفوح رائحتها التي تزكم الأنوف وقد تساقطت عليها أكياس النايلون وورق الصحف القديمة، علماً بأن هذا المجرى هو جزء من السوق ولم تعالج المحلية مسألته هذه كأن تجد حلاً ناجعاً لعدم تصريف المياه التي ظلت بداخله عدة أعوام، وهو مفضٍ مباشر لنهر النيل الأزرق جنوب غرب الخزان. كما أن شرق السوق وعلى مقربة من النهر ظل لتواريخ طويلة مكباً للنفايات ومكاناً لقضاء الحاجة والاستحمام المكشوف (وعلى الهواء مباشرةً) بكل تلقائية والكل بهذا السوق يمارس تلك العادة غير الحضارية بشكل يومي ومتكرر، حتى تحول المكان الى منطقة لا يمكن السير فيها دونما توتر أو ضغط نفسي!! أما بداخل السوق حيث ضوضاء الناس وضجيجهم ترى العربات والركشات وعربات الكارو تزحم تلك الشوارع الضيقة حتى يخيل اليك وأنت بعمق المكان بأنك بميدان سباق عشوائي فالكل يلهث باتجاه دكاكين الإجمالي، فترى البضائع وقد احتلت جزءاً واسعاً من الشارع الذي صُمم على خارطة قديمة لا يطالها التغيير مهما تمدد السوق وتوسعت محاله التجارية كأنما شكل السوق أضحى مثل العلامة التجارية المسجلة التي لا يمكن أن يطالها التغيير؛ إذ ظللتُ منذ طفولتي الأولى ألحظ هذا السوق لم يتغير في خارطته إلا ما يشبه طلاء السطح، أو الحوائط الخارجية. هذا ينطبق على سنار فمهما بعدت عنها بسنوات فإن يوماً أتيتها ستجدها أيضاً عند النقطة التي تركتها عندها. أما الأحياء فحدث ولا حرج كأنما محلية سنار لا علاقة لها مطلقاً بسفلتة الشوارع الداخلية، أو دعم تأهيل المدارس والمراكز الصحية وأبسط مقومات الحياة بهذه المدينة العريقة كالماء والكهرباء تتخللها دائماً القطوعات حيث تعيش كل المدينة ظلاماً دامساً وتظل فترات طويلة دون معالجات. وبداخل السوق تجد التجار يشكون لطوب الأرض من الركود التجاري والمستهلكين يعانون من غلاء الأسعار والمرضى لا يحصلون على بعض عناية من مستشفاهم الوحيد العريق، والدائرة الجهنمية مكتملة الحلقات تدور الى ما لا نهاية، ولكن كيف تضع ولاية سنار حداً لكل هذه المعاناة؟ والسؤال آنف الذكر لا يزال مطروحاً ونأمل أن نجد له إجابة من خلال خطة طموحة لتطوير هذه المدينة المغلوبة على أمرها والتي ظُلمت.. يا والي ولاية سنار.. إن مدينة سنار أمانة في عنقك والتاريخ شاهد. النيل مكي قنديل - أربعة محششين خطفوا شابة وقاموا وقفوا تاكسي.. سواق التاكسي قال ليهم: التاكسي دا أربعة راكب بس.. قاموا ركبوا.. وخلو الشابة.