شابة كانت تنتظر طائرتها في مطار دولي كبير، ولأنها كانت ستنتظر طويلاً؛ اشترت كتاباً لتقرأه تجنباً للملل، واشترت كذلك علبة بسكويت لتتسلى «بقرمشتها». جلست وبدأت تقرأ كتابها أثناء انتظارها طائرتها، وكان يجلس بجانبها رجل يقرأ كتاباً أيضاً، وعندما بدأت في قضم أول قطعة بسكويت من العلبة الموضوعة على المقعد بينها وبين الرجل؛ فوجئت به يمد يده ليأخذ بدوره قطعة ويبدأ في «قرمشتها»، استغربت الأمر جداً، ولكنها كتمت دهشتها من باب الذوق والقدرة على الاحتمال، ولكن بعد ذلك استمر الأمر طويلاً، وكانت كلما تناولت قطعة من العلبة تناول هو بدوره واحدة بهدوء ودون أي مبالاة أو استئذان، ودون حتى أن يعيرها نظرة، وكأنه لا يشعر بوجودها. شعرت الفتاة بحنق عظيم، وكادت تلكمه في وجهه لولا أنها كبحت جماح غضبها أخيراً. وظلت على هذا الحال من الضيق والاحتمال تتابع بغضب الرجل وهو يشاركها قضم البسكويت أولاً بأول، حتى لم يتبق في علبة البسكويت سوى قطعة واحدة نظرت إليها هي بترقب وهي تتساءل عما سيفعله الرجل العجيب الآن، ولدهشتها قام الرجل بكسر البسكويتة إلى نصفين ثم أكل النصف وترك لها النصف وجمع حاجياته ومضى بهدوء. أرغت هي وأزبدت، وقالت في نفسها.. «يا لهذا الرجل الغريب المتطفل الذي بلا ذوق ولا إحساس» ثم كظمت غيظها وأخذت كتابها ولملمت أشيائها بدورها ومضت نحو الطائرة حيث بدأت بالصعود حتى جلست إلى مقعدها، وفتحت حقيبتها اليدوية لتخرج نظارتها الشمسية، لتفاجأ بوجود علبة البسكويت الخاصة بها كما هي بالحقيبة!!! صدمت وبهتت وشعرت بالخجل الشديد، وأدركت أن علبتها كانت بحقيبتها وأنها ظلت طوال الوقت تأكل البسكويت من علبة الرجل اللطيف!! وأدركت متأخرة جداً أن الرجل كان كريماً ومهذباً معها وتقاسم معها البسكويت الخاص به دون أن يتذمر أو يضيق بها أو يصرخ في وجهها أو يشتكي من تطفلها. ولكنها لم تجد أي كلمات مناسبة لتعتذر لرجل غادر المكان بهدوء. تلويح: أربعة أشياء لا يمكن إصلاحها: 1 - لا يمكنك استرجاع الحجر بعد إلقائه. 2 - لا يمكن استرجاع الكلمات بعد نطقها. 3 - لا يمكن استرجاع الفرصة بعد ضياعها. 4 - لا يمكن استرجاع الشباب أو الوقت بعد هدره. لذلك اعرف كيف تتصرف بحكمة ولا تتسرع في إصدار القرارات والأحكام، وهذا الحديث خصوصاً يتعلق بمعشر النساء المتسرعات المتهورات الانطباعيات. ودمتم