وُلد الأمين العام لحركة التحرير والعدالة بحر إدريس أبو قردة بمنطقة الطينة بشمال دارفور.. ونال دبلوم التجارة من جامعة السودان في العام 1988م وبكالوريس إدارة الأعمال من جامعة النيلين 1993م ودبلوماً عالياً في العلاقات الدولية في جامعة الخرطوم 1998م، وأصبح رئيساً للجبهة المتحدة المقاومة، ومَثَل طوعاً أمام المحكمة الجنائية الدولية في 18/5/2009م لاشتباهها في ضلوعه في الهجوم على قاعدة الاتحاد الافريقي بحسكنيتة، ولكن محكمة لاهاي برّأته من التهم الموجه إليه في فبراير عام 2010م. وتُعتبر شخصية أبو قردة مثيرةً للجدل، حيث أنه من مؤسِّسي حركة العدل والمساواة بزعامة خليل إبراهيم في العام 2000 وكان أميناً عاماً لها منذ العام 2004 وحتى العام 2005، وصار نائباً لرئيسها ومسؤولاً عن إقليم دارفور منذ العام 2005 وحتى العام 2007 .. يمتلك الكثير من المعلومات والتفاصيل عن قصة الحرب في دارفور ويتمتع بمميزات عديدة وتجارب ثرة، وهو الآن في العاصمة القطرية الدوحة يفاوض الحكومة السودانية للوصول إلى سلام، سألته فكانت إجاباته التالية: { أزمة دارفور في طريقها للعام الثامن وسط معاناة إنسانية بالغة ووضع مزرٍ للنازحين واللاجئين، ليس هنالك أمل للحل أو بادرة تفاؤل تلوح بطي هذا الملف، لماذا ترفعون سقف التفاوض ولا تتوصلون لحل مع الحكومة ينهي هذه المعاناة؟ - ليس هنالك أي رفع لسقف التفاوض، بل نحن نتمسك بالقضايا الحقيقية لحل جذور المشكلة المتمثلة في المشاركة العامة في السلطة وتوزيع الثروة لإزالة التهميش المتعمّد طيلة العقود الماضية، بالإضافة إلى تعويض النازحين واللاجئين ومتضرّري الحرب تعويضاً فردياً وجماعياً مجزياً وعودتهم إلى مناطقهم الأصلية، ودمج قوات حركة التحرير والعدالة في الجيش الوطني بعد فترة انتقالية يُتفق عليها لإعداد هذه القوات ودمجها بصورة تعالج الخلل التاريخي في كافة الأجهزة النظامية، وإرجاع الأراضي والحواكير إلى وضعها الطبيعي قبل أن تعبث بها الحكومة، وعودة دارفور إلى إقليم ذي سلطة إدارية وسياسية ومالية وأمنية، ويكون حلقة وصل بين المركز والولايات، وهذه ليست سقوفات كبيرة بل هذه مطالب عادية، ومن دون هذه الحقوق كيف تُعالج أزمة النازحين واللاجئين حتى وإن عادوا؟ هل تريدوننا أن نعيد إنتاج «أبوجا» من جديد؟، ولماذا لم يُعُد النازحين واللاجئون بعد التوقيع على اتفاقية أبوجا؟ هذا السؤال يحتاج إلى إجابة واضحة؟ { مقاطعاً: ولكن حركة التحرير والعدالة لا وجود ميداني لها وتعتمد في تفاوضها مع الحكومة على ثقلها السياسي والإعلامي، بدليل أنها لم تقاتل الحكومة منذ تكوينها؟ - حركة التحرير والعدالة لديها وجود أكثر من أية حركة أخرى، وهي أكثر الحركات تنوعاً وشمولاً لكافة أهل دارفور، قاتلت الحكومة السودانية طيلة السنوات الماضية ابتداءً من معارك كلبس وأبو قمرة وأم سدر وحمرة الشيخ وكارياري وغيرها.. وقادت تلك المعارك قيادات عسكرية فذة، منها عبد الله بندة وجبريل تك وعلي كاربينو وعلي مختار وياسين يوسف، وهم من القيادات العسكرية للحركة، أما قتال الحكومة السودانية ووحدة الحركات المكوّنة لحركة التحرير فهي قد صادفت عملية التفاوض في الدوحة، ونتج عن ذلك توقيع اتفاق وقف إطلاق النار لثلاثة شهور، ثم تجديده قبل أسبوع، أما إذا فشلت المفاوضات سوف ترون ماذا تفعل حركة التحرير والعدالة. { أزمة دارفور صارت تجارة رابحة لبعض أبنائها الذين يستغلونها بصورة سيئة ولا يساهمون في حلها.. بحسب اتهامات الحكومة لهم؟ - لا أعرف من تقصدهم بهذا الحديث، ولكن أعلم أن غالب أبناء دارفور عملوا من أجل هذه القضية من مواقعهم المختلفة، سواء كانوا في الميدان وفي الداخل أو في المهجر، ولكن ربما أزمة دارفور أصبحت تجارة رابحة لأبناء دارفور في المؤتمر الوطني أسوةً بالمؤتمر الوطني نفسه.. { مقاطعاً: لكن الحركات المسلحة لديها مصالح الشخصية لقياداتها، بدليل أنها فشلت في تحقيق الوحدة الاندماجية الكاملة سياسياً وعسكرياً، وكأنكم لا تقاتلون من أجل قضية واحدة؟ - إذا كنا أصحاب مصالح شخصية لماذا تركنا أوضاعنا المريحة قبل التمرُّد، حيث أن معظم قيادات التمرد في دارفور كانوا في أوضاع مميزة قبل الثورة، ولكنهم فضّلوا ترك تلك الامتيازات لمصلحة قضية أهلهم الذين عانوا التهميش منذ استقلال البلاد وحتى الآن. أما الوحدة الاندماجية، فنموذج تأسيس حركة التحرير والعدالة يوضِّح ويثبت أن الوحدة قد تتحقّق حتى بعد عدّة محاولات فاشلة، حتى اختفى الآن من قاموس الصحف «تعدُّد الحركات» و«تشتُّت الحركات»، ونحن نعتقد أن ما تبقى من الحركات سواء كانت حركتين أو ثلاثاً فإنه لابد من وحدتها، وبكل ثقة أقول إن اندماج (18) حركة بوحدة اندماجية كاملة في حركة التحرير والعدالة أصبح نموذجاً للوحدة المرتجاة في السابق، والمعلوم أن غالب هذه الحركات التي توحّدت كانت فاعلة عسكرياً وسياسياً. { منبر الدوحة من دون وجود حركة العدل والمساواة بزعامة خليل إبراهيم لا قيمة له.. وما يخرج عنه من اتفاق لن يكون ذا قيمة أساسية في حل مشكلة دارفور؟ - هذا افتراض خاطئ، لماذا لم تنجح حركة العدل والمساواة عندما حاولت الانفراد بمنبر الدوحة، إذا كانت القضية مربوطة بالعدل والمساواة لماذا لم يتحقّق السلام.. و(الدوحة) هي الدوحة و(المنبر) هو المنبر و(الوسيط) هو الوسيط؟، الأمر لا يتعلق بحضور العدل والمساواة من عدمه، بالرغم من أن موقف حركة التحرير والعدالة يدعوها للالتحاق بالمنبر.. الأمر يتعلق بإرادة الحكومة السودانية لتقديم تنازلات حقيقية لمعالجة جذور المشكلة في القضايا المذكورة آنفاً، وبذلك سوف تتم معالجة القضية حتماً. { التجاني سيسي موظف كبير في الأممالمتحدة، فلماذا أُسندت له رئاسة حركة التحرير والعدالة؟ - د. التجاني سيسي برغم أنه موظف أممي كبير إلاّ أنه تمرد عن الإنقاذ قبل الكثيرين، أي منذ بداية الانقاذ، وكان معارضاً معروفاً ضمن قيادات التجمع في أسمرا والقاهرة، وحتى عندما وُظِّف في الأممالمتحدة، لم يكن بعيداً عن حركات التمرد بل كان على صلة دائمة بالحركات منذ البداية، وأنا شخصياً التقيت به في لندن في سبتمبر 2003م بخصوص جهوده لتوحيد حركة تحرير السودان والعدل والمساواة آنذاك، وكان مستشاراً للحركتين في جولات التفاوض بأبوجا، ونحن أسندنا إليه رئاسة حركة التحرير والعدالة لخبرته السياسية وقربه من الحركات طيلة السنوات الماضية وقَبوله وسط حركات التمرد. { لماذا ترك أبو قردة حركة العدل والمساواة بزعامة خليل إبراهيم وهو أحد مؤسِّسيها؟ - حقيقةً أنا لم أترك الحركة، ولكن سلوك رئيس الحركة وزمرته أدى إلى انشقاق تلقائي في الحركة في سبتمبر عام 2007، ولا بأس من ذلك الانشقاق، لأن حركة العدل والمساواة اسم على غير مسمى، وهي حركة توفّرت لها كل أسباب النجاح السياسي والعسكري والمالي، بالإضافة إلى الدعم المحلي والإقليمي والدولي، ولكنها فشلت، لأن قياداتها ليست لديها رؤية ثورية واضحة. { بصراحة، ما هو رأيك في شخصية الدكتور خليل إبراهيم.. هل يمكن أن يصنع حركة لها تأثير سياسي فاعل في مستقبل السودان؟ - لا أعتقد ذلك، وربما تجد الإجابة في إفادتي السابقة. { دارفور، هل يمكن أن تُحل مشكلتها؟ - كيف لدارفور أن تُحل مشكلتها وهي مصنوعة من المركز...؟ { مقاطعاً: إذن هل تثقون في الحكومة.. خاصة وأنتم تتفاوضون معها الآن بالدوحة؟ - بالنظر إلى تعامل هذه الحكومة مع الحركة الشعبية بعد توقيعها على اتفاقية نيفاشا، بالإضافة إلى اتفاقيتي أبوجا والشرق، نحن لا نطمئن أن تنفِّذ الاتفاق، حتى لو تم الوصول إلى أحسن بنوده في الدوحة، ويجب على الحكومة أن تتعلم من تلك الأخطاء التي وقعت وجرّت على البلاد كل هذه الويلات. عموماً نحن نريد الوصول إلى سلام شامل وعادل وحقيقي يعالج جذور المشكلة.. عندئذ إذا رفضت الحكومة تطبيق أو تنفيذ اتفاقنا فنحن لدينا وسائلنا الفاعلة، وأقول إن الدوحة مكان مناسب جداً للتفاوض، وقد لمسنا الجدية والإصرار لدعم دارفور وتنميتها بعد السلام. { هل تم تنفيذ بنود الاتفاق الإطاري؟ - ذلك الاتفاق إطار يتم التفاوض في التفاصيل على أساسه، ونحن الآن قد بدأنا التفاوض وفقاً لذلك. { ما هو مصير حركات دارفور في المستقبل بعد التوقيع على اتفاق سلام نهائي مع الحكومة؟ - أعتقد أن السودان الآن مهيّأ لبروز قوى وطنية بمفاهيم جديدة، ويمكن أن تكون حركات دارفور جزءاً من هذه القوى الوطنية الجديدة التي ستحكم البلاد خلال الفترة القادمة. { رسالة أخيرة؟ - على الحكومة أن تنتهز هذه الفرصة لصناعة السلام.. ولإنقاذ البلاد، وعلى أهل دارفور نبذ الخلافات والتوحُّد حول قضاياهم ومطالبهم لتحقيقها كاملة عبر الدوحة، أو التأكد أن الحكومة غير جادة إلى الآن، وعلينا التوحُّد والتفاوض معاً لتحقيق مطالب شعبنا العادلة، وعلى الأحزاب السياسية مساندة قضايا أهل دارفور العادلة بصورة واضحة وثابتة.