الخرطوم - أحمد موسى بشاره - مشتهى معاوية رغم التمظهر الذي يبديه بعض الساسة في تشتيت العلائق الإنسانية أحياناً، إلا أن كل شعب ذي ديانات وطوائف عريقة متعددة محكوم بالتعايش والتآخي المشترك إذا ما نشد الاستقرار والتقدم والنهوض بين الأمم. ولا خيار له سوى ذلك آجلاً أم عاجلاً، وليس له سوى تفعيل وتعظيم المشتركات بين ثقافاته ودياناته ومذاهبه المتعددة والحوار العقلاني القائم على الإحترام المتبادل حول التباينات لتقريب وجهات النظر حولها أو صرف النظر عنها والتعايش المديد مع هذه الفروقات وتفهُّم حق كل مذهب في ممارستها من دون النفخ فيها وجعلها وسيلة لبث الفرقة والاحتراب. وما يحدث من تعايش ديني في بلدنا المترامي الأطراف والمختلف السحنات واللهجات يجعل أن ما يحدث ردة فعل طبيعي لمروِّجي الشائعات لما تبثه وسائل الإعلام المأجورة لخلق الفتن وبث سموم الفرقة. «الأهرام اليوم» جلست إلى أربعة من الأسر المسلمة والمسيحية عاشت حياتها ولازالت لأكثر من 20 عاماً في إخاء ومودة فجاءت إفاداتهم مليئة بالوضوح والمعاني التي يغزلها التعايش الديني العفوي. ٭ لم أشعر بأني غريب جوكندا ألير وأسرته بجبل أولياء كانوا مثالاً حياً، لماّ دخلنا عليه استقبلنا بشكل تحس أنك واحداً من أسرته. ولما سألناه جاءت إجاباته متوازنة ومتسقة، فردّ قائلاً: لا أرى ما يدعو إلى تفريق في الجوار بين مسلم أو مسيحي. وقائلاً أنا أسكن لأكثر من 20عاماً في هذا الحي ولم أشعر يوماً بأني غريب فأشارك جيراني أفراحهم وأحزانهم ومناسباتهم الدينية كالأعياد مستطرداً: أني لا أحس حرجاً بأن أقوم بكل هذا بل أني وسط أهلي تماماً. وأبانت زوجته ميري بأنها تتداخل مع جاراتها في كل المناسبات، وهن يشاركنني مناسباتي ولا أحس بحرج يجعلني لا أقوم بواجب الجيرة ونقوم بطقوسنا الدينية دون اعتراض من أحد أو التهجم علينا. وأشارت بل العلاقة تذهب أبعد من ذلك بحيث أننا في مناسبات الأعياد الدينية نتشارك الفرحة. من جهته قال سالم جار جوكندا وأسرته أن مفهوم التعايش الديني على أنه قيام تعاون بين الدول على أساس التفاهم وتبادل المصالح إلا أنه في الأديان نجد أن التعاليم الدينية بين المسلمين والمسيحيين تلتزم بالتعامل مع بقية أبناء الأديان الأخرى وأن المحبة هي الشعار الرئيس للدين المسيحي. والإسلام لا ينكر الأديان الأخرى مؤكداً على أن الإسلام يشجع التعايش معها في أمان وسلام. وقال إن في التاريخ الإسلامي هناك دليل واضح على ذلك فقد عقد النبي محمد صلى الله عليه وسلم العهود والمواثيق مع اليهود التي تضع أسس التعايش المشترك مع الاحتفاظ بدينهم وبشريعتهم التوراتية، وتعامل الصحابة والخلفاء مع المسيحيين واحترموا عقيدتهم السماوية التي جاء بها السيد يسوع المسيح عليه السلام. وألمح سالم إلى أن هذا التعايش ينطلق من الثقة والإحترام المتبادلين. في السياق التقت «الأهرام اليوم» بأسرة محمد يسن بأم درمان وتحدث عميدها محمد يسن مؤكداً بأنهم كأسرة مسلمة لهم صداقات جيدة خاصة في المناسبات والزيارات مشيراً بأنهم مع جيرانهم المسيحيين يتزاورن فيما بينهم في الأتراح والأفراح، وبينهم صلات طيبة، بجانب أنهم في حالهم ونحن في حالنا، ملمحاً بأنهم مهذبين في تعاملهم معنا ولم تحدث طيلة هذه المدة (مشاكل) والتعايش قائم وكل أسرة محتفظة بما تعتقد. «لكم دينكم ولي دين». أما (غ. س) أوضحت: نحن كالإخوة من زمن بعيد وجيرتنا للمسلمين أغنتنا عن جيرة ملل أخرى بل أنهم (أحن) من غيرهم. وأشارت أن هناك تبادل وتواصل في الزيارات العادية والمناسبات الدينية لكلٍ على حده، وقالت إن الإنجيل يدعوننا إلى الإحسان للجار والمحبة وأرى كما يقول البابا شنوده الثالث ألا فرق بين مسلم ومسيحي في المعاملات يمكن أن يعطي المسيحي دمه للمسلم وأبانت والدتها أنه في شهر رمضان يقيم الأنباصربامون إفطاراً جماعياً يدعو فيه كبار رجالات الدولة وهذا يؤكد التعايش الديني والذي يمتد حتى في المناسبات الدينية في صعيدها العميق من خلال هذه الأسر.وهناك أسر كثيرة تحذو نفس الحذو رغم اختلاف الدين.