اختتمت محكمة جنايات وسط الخرطوم أمس الاثنين فصول قضية اختطاف وقتل رجل الأعمال السوداني بابكر محمد بابكر التي وقعت احداثها في اواخر يوليو الماضي. وقد وقعت المحكمة وسط إجراءات أمنية مشددة وحضور كثيف من أولياء المرحوم عقوبة الإعدام شنقاً حتى الموت على المستثمر الفلسطيني (أياد هاني الجغفري) الذي وجهت له النيابة اتهامات باختطاف وقتل ونهب المرحوم من خلال خطة وضعها لاستدراجه إلى منزله بمنطقة الجريف غرب حيث تم تنفيذ الجريمة. وبحسب قضية الاتهام التي مثلها المستشار محمد الفاتح عبد الله وكيل نيابة الخرطوم فأن القضية بدأت ببلاغ فقدان المرحوم تقدم به شقيقه «سفيان» لشرطة الخرطوم وسط، موضحاً فيه بأن «المجنى عليه» قد خرج من منزلهم صباحاً من منطقة العشرة بوسط الخرطوم متوجهاً لمقر عمله بسوق السجانة بيد أنه لم يعد ثانياً وأن هاتفه الجوال مغلق على غير عادته مما أدخل في نفوسهم الخوف من أن مكروهاً ألم به. وبعد الانتهاء من إجراءات البلاغ بدأت رحلة البحث عن رجل الأعمال الذي تولى أعمال والده بعد وفاته حيث تفاجأ الباحثون بوجود عربته متوقفة بمنطقة الأزهري وكانت مغلقة بإحكام مما اضطر السلطات لتكثيف جهودها، وقامت المباحث الجنائية بولاية الخرطوم بتخصيص فريق من افرادها للتحقيق حول اختفاء المجنى عليه وتوصل الفريق بمساعدة النيابة إلى معلومات في غاية الأهمية تشير إلى أن المرحوم كان متوجهاً لمقابلة مستثمر فلسطيني اتصل عليه لاستلام مبلغ مالي نظير مواد بناء وتشييد استلمها الفلسطيني من المرحوم بشيكات لإكمال أعماله في إنشاء بناية بشارع ال«60» تنفذها شركة المتهم مما جعل شكوك المباحث تتجه نحو تلك الشركة، وقامت بالقبض على عدد من الفلسطينيين يعملون بالشركة ويقيمون في منزل «المتهم» بمنطقة الجريف غرب وباشرت معهم تحريات أولية توصلت من خلالها إلى أن المتهم «أياد» قد سأل عن بئر السايفون والطريقة التي يفتح بها كما أنه طلب في يوم الحادثة من أحد المقيمين معه عدم اغلاق كل غرف المنزل. وقد مثل شاهدان من اولئك الاشخاص قدمهما الاتهام شهوداً له للإدلاء بهذه الإفادة أمام المحكمة وكانت تلك الإفادات هي الخيط الذي قاد المباحث لاكتشاف الجريمة خاصة بعد أن توصلت إلى أن «المتهم» قد غادر لولاية الجزيرة في محاولة للهروب فبعثت المباحث بمأمورية قامت بإلقاء القبض عليه ومواجهته بتلك الأدلة وبالشهود مما جعله ينهار ويعترف بارتكابه للجريمة لتخليص نفسه من ديون قدرها (36.750) جنيه، وقعها المتهم على شيكات لصالح المرحوم وأخذ يطالبه بسدادها وأرشد على مكان الجثة التي رماها داخل بئر السايفون قبل أسبوع من اعترافه فاستعانت المباحث برجال الدفاع المدني الذي قاموا بانتشال الجثة ووجدوا معها جهاز اللاب توب الخاص بالقتيل وكذا اوراق ثبوتية خاصة به. وواصل المتهم اعترافه بأنه خطط لاستدراج المرحوم إلى منزله لقتله فقام بالاتصال به بحجة أن لديه أموالا سوف يقوم منها بسداد ما عليه لذا اتجه المرحوم لمقابلته بمكان العمل ثم ترافقا سوياً للمنزل وقام فيه بغدره من الخلف وإطباق كلتا يديه على عنق المرحوم إلى أن توفي ثم أجرى اختبار لمعرفة وفاته بوضع ملاءة عليه تأكد من خلالها أن أنفاسه قد توقفت ليقوم بعدها بسحب جثته والقائها داخل بئر السايفون ثم عاد لمقر عمله كأن شيئاً لم يكن. وقد أكد ذلك الطبيب الشرعي الذي أشار إلى أن سبب الوفاة (أسفسكيا الخنق) حيث وجهت له النيابة أربعة اتهامات تتعلق بالخطف والنهب والقتل والاتلاف الجنائي بيد أنها استبعدت منه الاتهام بالخطف والنهب واستندت على أن المرحوم قد ذهب لاستلام حقوقه المالية من المتهم وأن ذلك لا يعتبر خطفا ولم يثبت الاتهام أن الشيكات التي كانت بحوزة «المتهم» أخذها من المرحوم قبل الجريمة أو بعد تنفيذها واكتفت المحكمة بإدانة المتهم في القتل العمد واتلاف جهاز الحاسوب المحمول وأشياء أخرى تخص المرحوم، وقالت المحكمة لدى تلاوة قرارها إن الاتهام قدم قضيته كاملة ومدعومة بالمرافعات الختامية غير أن المتهم ورغم إنكار اقواله التي تلاها المتحري لم يتقدم بأي شاهد للدفاع عنه ولم يقدم مرافعة ختامية. وناقشت المحكمة موانع المسؤولية الجنائىة لصالح المتهم وتوصلت الى أنه لا يستفيد من أي مانع فلم تكن مطالبة المرحوم بحقوقه استفزازاً له ولا وجود لعنصر معركة مفاجئة وقعت بين المتهم والمجنى عليه واسترسل بأن الذي تفاجأ في هذه المعركة هو المرحوم نفسه لأن المتهم خطط ودبر لارتكاب تلك الجريمة. وعرضت المحكمة على أولياء الدم بين العفو والقصاص والدية فاختاروا إجماعاً القصاص عبر وكيلهم شقيق المرحوم فأصدرت المحكمة حكمها بإعدام المتهم شنق حتى الموت. وعقب إنتهاء جلسة المحاكمة قال شقيق المرحوم سفيان محمد بابكر ل(الأهرام اليوم) إن الحكم كان مرضياً للأسرة باعتبار أن الجريمة كانت أشد بشاعة وشكر الأجهزة الأمنية والإعلامية والعدلية على تفاعلهم مع القضية منذ وقوعها وقدم شكره لكل الذين كانوا يواسونهم أيام الجلسات.